فتح باب التقدم لجوائز جامعة القاهرة لأعضاء هيئة التدريس حتى نهاية يوليو المقبل    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    العمل: ندوة تثقيفية حول أهداف وتشريعات السلامة والصحة المهنية وخطط الطوارئ بأسيوط    التضامن: توزيع 100 طن لحوم على الأسر الأولى بالرعاية    رئيس الشيوخ: نحتاج تشريعا مرنا لمواكبة تطور الذكاء الاصطناعي    محافظ كفر الشيخ يتابع جهود حملات إزالة الإشغالات بدسوق    رئيس جامعة مصر للمعلوماتية تتابع سير امتحانات نهاية العام    قصف صاروخي من لبنان يستهدف الجليل والجولان المحتل    الرئيس النمساوي يدلي بصوته في انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي    شؤون الأسرى الفلسطينية تكشف حصيلة الاعتقالات منذ 7 أكتوبر في غزة    يورو 2024، أبرز الأرقام في تاريخ كأس أمم أوروبا    إندريك يقود البرازيل لفوز قاتل على المكسيك وديًا.. فيديوأهداف المباراة    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    تشاهدون اليوم.. تونس فى ضيافة ناميبيا بتصفيات إفريقيا للمونديال وفرنسا تستعد لليورو بمواجهة كندا    عاجل.. إعلامي شهير يعلن أولى صفقات الأهلي الصيفية    رابط جديد، نتيجة الشهادة الابتدائية الأزهرية برقم الجلوس عبر البوابة الإلكترونية    غداً.. فتح باب حجز التذاكر علي قطارات العيد الإضافية    حملات مكثفة لإزالة الإشغالات أمام لجان الثانوية العامة بالمنيا    الأمن العام يداهم بؤرة إجرامية شديدة الخطورة في البحيرة    صدمة لجمهور أفلام عيد الأضحى.. الأطفال لن تشاهد تلك الأفلام (التفاصيل كاملة)    قصور الثقافة تنظم عروضا مجانية بمهرجان فرق الأقاليم المسرحية    عمرو محمود يس وياسمين عبدالعزيز في رمضان 2025 من جديد.. ماذا قدما سويا؟    فى ذكرى رحيله.. عبدالله محمود شارك عمالقة الفن خلال رحلة فنية قصيرة    الصحة توقع خطاب نوايا مع "استيلاس فارما" لرفع الوعي بالكشف المبكر عن الأورام السرطانية    بالصور.. محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية بأبو حماد والزقازيق    «معلومات الوزراء» يلقي الضوء على ماهية علم الجينوم وقيمته في المجالات البشرية المختلفة    مع ارتفاع درجات الحرارة.. نصائح للحماية من ضربات الشمس    الصحة: الانتهاء من قوائم الانتظار لعمليات قسطرة القلب بمستشفى السويس العام    الملامح النهائية للتشكيل الحكومي الجديد 2024    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    أوقفوا الدعم العسكرى لإسرائيل.. آلاف المتظاهرين فى محيط البيت الأبيض يدعمون فلسطين بحمل لافتات تصف بايدن بالكذاب    برقم الجلوس.. الموقع الرسمي لنتيجة الصف الثالث الإعدادى 2024 الترم الثاني للمحافظات (رابط مباشر)    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    "عاشر الأم وابنتها".. اعترافات صادمة ل"أم شهد" المتهمة بإحضار الفتيات لسفاح التجمع    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    «البحرية البريطانية» تعلن وقوع حادث على بعد 70 ميلا جنوب غربي عدن اليمنية    وزيرة البيئة: إطلاق مركز التميز الأفريقي للمرونة والتكيف بالقاهرة خلال 2024    عرض حلول تحديد الهوية بمؤتمر الأمن السيبراني .. تفاصيل    حنان ترك تتصدر التريند بسبب ابنتها.. ما القصة؟    الموت يفجع الفنان محمد نجاتي    «مع بدء طرح أفلام العيد».. 4 أفلام مهددة بالسحب من السينمات    عالم أزهري يوضح فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة وكيفية اغتنامها    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    شركة فولفو تنقل إنتاج السيارات الكهربائية من الصين إلى بلجيكا    الشركة القابضة المصرية الكويتية تعلن عودة الغاز إلى مصانع الأسمدة التابعة    إلغاء الأدبي والعلمي.. تفاصيل نظام الثانوية الجديد وموعد تطبيقه    عدلي القيعي يكشف شعبية الأهلي في مصر ب إحصائية رقمية    اليوم.. "إسكان الشيوخ" تعقد 7 اجتماعات بشأن مشروعات طرق    نجم الزمالك السابق يرد.. هل أخطأ حسام حسن بمشاركة الشناوي؟    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد عكاشة يكتب: سيناريو التأخير: مستقبل عملية رفح بين تهديدات إسرائيل وضغوط أمريكية
نشر في المصري اليوم يوم 11 - 04 - 2024

بصدور قرار من مجلس الأمن الدولى رقم 2728، فى الخامس والعشرين من مارس 2024، يدعو إلى وقف فورى لإطلاق النار فى قطاع غزة، تزايدت الآمال بإمكانية إنهاء الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس منذ السابع من أكتوبر الماضى، أو على الأقل احتمالية أن يردع هذا القرار إسرائيل عن المُضى قُدمًا فى تنفيذ عملية برية واسعة النطاق فى مدينة رفح جنوب غزة. وعلى الفور، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، قرار مجلس الأمن، معتبرًا أن صدوره سيعوق المفاوضات الجارية مع حماس للتوصل إلى هدنة تتخللها عملية تبادل للرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين.
■ تأثير وقف إطلاق النار:
قبل صدور القرار 2728، وبالتحديد منذ الأسبوع الأول من شهر فبراير الماضى، ظلت تل أبيب تردد على لسان نتنياهو وعضو مجلس الحرب، بينى جانتس، ووزير الدفاع، يوآف جالانت، بأنها تستعد لشن عملية برية فى رفح للقضاء على ما تبقى من عناصر حماس فى غزة.
وعلى الرغم من أن قرار مجلس الأمن المُشار إليه ينص على وقف فورى لإطلاق النار فى غزة خلال شهر رمضان المبارك، بما يؤدى إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن، وامتثال الأطراف لالتزاماتهم بموجب القانون الدولى، وتوسيع نطاق تدفق المساعدات الإنسانية للمدنيين فى القطاع بأكمله وتعزيز حمايتهم؛ يسود اعتقاد بأن صدور هذا القرار جاء فقط من أجل منع إسرائيل من تنفيذ عملية رفح خلال ما تبقى من أيام شهر رمضان، وأن امتناع الولايات المتحدة عن استخدام «الفيتو» ضده، مع تأكيدها أنه قرار غير ملزم (القرار الملزم هو ما تصوت لصالحه تسع دول من الخمسة عشر عضوًا، على أن يكون الخمسة الكبار بين التسعة أصوات الموافقة)، ربما يوضح طبيعة الهدف المحدود من صدور القرار، وهو الضغط على تل أبيب لثنيها عن عملية رفح واستبدالها بعمليات نوعية واستخباراتية قد تحقق هدف القضاء على حماس، أو على الأقل تأخير تنفيذ هذه العملية إلى ما بعد نهاية شهر رمضان لتفادى استفزاز مشاعر المسلمين فى العالم، والالتزام بعدم تعريض السكان المدنيين للخطر فى نفس الوقت.
وبغض النظر عن الجدل الدائر حول أثر صدور قرار وقف إطلاق النار على تطورات الحرب فى غزة وخاصةً معركة رفح المنتظرة، فإن حسابات تلك المعركة ستحدّدها الإجابات الممكنة عن التساؤلات التالية: إذا كانت إسرائيل ستستجيب للضغوط الأمريكية جزئيًا بنقل سكان رفح (نحو مليون وأربعمائة ألف شخص) قبل شن تلك العملية، فكم ستحتاج من وقت لتحقيق ذلك؟ وهل ستضمن عملية نقل السكان لمواقع بعيدة عن رفح عدم تعرضهم لمخاطر أثناء رحيلهم، كما حدث فى السابق عندما تسببت الغارات الإسرائيلية على المواقع القريبة من الممرات الآمنة، التى سمحت بها القوات الإسرائيلية أثناء نقل سكان شمال غزة إلى وسط وجنوب القطاع، فى مقتل عدة آلاف منهم؟ وأخيرًا ما خطة إسرائيل لما بعد الانتهاء من عملية رفح المحتملة؟ هل ستبقى قواتها هناك إلى مدى زمنى غير محدد؟ وكيف يمكن لها إدارة القطاع إذا ما رفضت الحلول المطروحة عليها من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وعديد من الدول العربية، وعلى رأسها إعادة القطاع إلى حكم السلطة الفلسطينية؟
وحسم إجابات كل هذه التساؤلات، يمر عبر بحث تأثير الضغوط الداخلية فى إسرائيل التى تدفع فى اتجاه تنفيذ عملية رفح بشكل عاجل، والتأثير المعاكس المتمثل فى الضغوط الخارجية لمنع تنفيذها، أو على الأقل تنفيذ عمليات نوعية تحقق هدف إسرائيل بالقضاء على قادة حركة حماس وما تبقى لها من قوة عسكرية، دون التسبب فى «مذبحة ضخمة» يذهب ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء.
■ شكوك إسرائيلية:
ثمة اعتقاد سائد فى أوساط الرأى العام الإسرائيلى بأن نتنياهو وقادة مجلس الحرب غير جادين بالفعل فى تنفيذ عملية رفح، وأنهم يهددون بها فقط من أجل الضغط على الجهات التى تتوسط بين إسرائيل وحماس لعقد هدنة مؤقتة، تتضمن تبادل الرهائن والسجناء بين الطرفين، لكنها لا تُلزم إسرائيل بوقف الحرب بشكل نهائى. إذ يعتقد نتنياهو ومعه الوزير فى مجلس الحرب، جانتس، ووزير الدفاع، جالانت، أن الوسطاء (الولايات المتحدة ومصر وقطر) يمكنهم أن يضغطوا على حماس للقبول بالهدنة المؤقتة، لأنهم يخشون من التعقيدات التى ستتسبب فيها عملية رفح - حال تنفيذها- إقليميًا ودوليًا.
وترجع الشكوك فى مدى جدية الحكومة الإسرائيلية فى تنفيذ عملية رفح إلى الأسباب التالية:
1- عدم وفاء القادة العسكريين الإسرائيليين بموعد تنفيذ عملية رفح، والذى تم تحديده من جانب كل من جانتس وجالانت؛ إذ صرح كلاهما فى 18 فبراير الماضى بأن هذه العملية لا رجعة عنها، ويجب تنفيذها قبل حلول شهر رمضان (الحادى عشر من مارس 2024) إذا ما فشلت مفاوضات عقد الهدنة مع حماس واستعادة المختطفين.
2- صعوبة قبول الحكومة الإسرائيلية للشروط التى تطالب بها حماس لتبادل الرهائن والسجناء، والتى تتمثل فى وقف الحرب بصورة نهائية، وانسحاب الجيش الإسرائيلى من غزة بشكل كامل، وضمان مرور المساعدات الإنسانية من دون قيود. وبالتالى فإن الاستمرار فى التفاوض الذى لا طائل من ورائه، يشير إلى استخدامه كوسيلة لتبرير عدم تنفيذ عملية رفح.
3- عدم وجود استعدادات عسكرية فعلية لتنفيذ العملية قريبًا، فقد لاحظ الخبير العسكرى الإسرائيلى، عاموس هرئيل، فى مقال نشره فى صحيفة «هآرتس»، يوم 21 مارس 2024، أن العملية العسكرية فى رفح تتعرض لمشكلات عدة ويبدو أنها ستؤثر فى تنفيذها؛ إذ لا يوجد سوى قوة إسرائيلية صغيرة فى غزة حاليًا، وهى القوة الأصغر منذ بداية الحرب وتتكون من ثلاثة ألوية ونصف، كما تم تقليص العمليات فى خان يونس بشكل كبير بعد سحب معظم القوات منها، ومنحها فترة استراحة خارج القطاع.
4- تعهد نتنياهو للرئيس الأمريكى، جو بايدن، بأن الجيش الإسرائيلى لن يبدأ فى تنفيذ عملية رفح قبل نقل السكان المدنيين إلى مناطق آمنة، ولا توجد أية مؤشرات حتى الآن على بدء عملية الترحيل تلك.
5- تقديم بعض الخبراء الإسرائيليين بدائل لعملية واسعة فى رفح لتفادى التبعات التى قد تؤثر فى قدرة إسرائيل على حكم القطاع عسكريًا بعد هذه المعركة المحتملة. فعلى سبيل المثال، كتب جيورا إيلاند، مستشار الأمن القومى الإسرائيلى الأسبق، فى صحيفة «يديعوت أحرنوت»، يوم 21 مارس 2024، قائلًا: «إذا ما فشلت مفاوضات تبادل الأسرى، سيتعين على إسرائيل التفاهم مع الولايات المتحدة على ضرورة تنفيذ عملية كبيرة فى رفح، مقابل تعهد إسرائيل بالموافقة على إنهاء الحرب بعدها فورًا، بشروط ثلاثة: إعادة كل الرهائن، وعدم السماح بخطط إعادة الإعمار إلا بعد استبعاد حماس من حكم القطاع، ودخول قوات أخرى إلى غزة سواء قوات السلطة الفلسطينية أم قوات من الدول العربية أو الغربية بالتنسيق مع إسرائيل». ويبدو أن تعبير «عملية كبيرة» الذى استخدمه إيلاند يشير إلى تحويل العملية من غزو برى شامل إلى عملية محدودة لا تستدعى سوى نقل جزئى للسكان المدنيين من رفح، وتنفيذ عمليات نوعية كبيرة لتدمير الأنفاق فى رفح وقتل أكبر عدد ممكن من قادة وعناصر حماس، ثم التوقف عن القتال، وممارسة الضغوط على الوسطاء للقبول بشروط إسرائيل للانسحاب من القطاع، والتى أوردها إيلاند فى مقاله.
6- التحذيرات من جانب بعض الخبراء الأمنيين السابقين فى إسرائيل من خوض معركة رفح دون التحسب للتطورات التى يمكن أن تقع على جبهة الشمال مع حزب الله. فعلى سبيل المثال، صرح الجنرال إسحاق بريك، العضو السابق فى هيئة أركان الجيش الإسرائيلى، فى حوار له مع صحيفة «هآرتس» يوم 21 فبراير الماضى، قائلًا: «متخذو القرارات لدينا لم يأخذوا فى الحسبان حقيقة أن تفاقم القتال مع حزب الله فى لبنان بسبب الدخول إلى رفح، سيقتضى نقل المزيد من القوات من القطاع إلى المنطقة الشمالية. إن إخراج القوات من مدينة غزة أدى إلى عودة حماس واللاجئين إليها، وهذا ما سيحدث أيضًا فى خان يونس وفى مخيمات وسط القطاع لأنه لن توجد أعداد كافية من الجنود لمنع حدوث ذلك، بسبب التخفيضات الكبيرة التى حدثت فى الجيش فى السنوات العشرين الأخيرة. وعندما نُعزز قطاعًا معينًا فنحن نُضعف قطاعًا آخر».
■ شروط التنفيذ:
على الرغم من وجاهة هذه الأسباب التى تشكك فى إمكانية تنفيذ إسرائيل عملية برية فى رفح، فإن ذلك لا يعنى بالضرورة أن تصرف إسرائيل النظر عن تنفيذها فعلًا، فما يصرح به نتنياهو والقادة الأمنيون والعسكريون فى تل أبيب من أن عدم تنفيذ العملية سيعنى تورط بلادهم فى حرب استنزاف طويلة مع حماس، ولن يضمن استعادة الرهائن، ولن يسمح أيضًا بعودة سكان المدن الإسرائيلية فى غلاف غزة إلى أماكنهم؛ ربما سيدفع إسرائيل إلى تنفيذها مهما كانت التبعات المترتبة عليها. لكن يمكن توقع أن بدء الاستعدادات لتنفيذ تلك العملية المحتملة سيراعى عدة شروط، هى كالتالى:
1- تقليل المعارضة الأمريكية للعملية، بإطالة المدة الزمنية لنقل سكان رفح أو أغلبهم من مناطق العمليات العسكرية المنتظرة إلى مناطق أكثر أمنًا، وهو ما سيزيد بشكل تلقائى من الضغوط على حماس التى ستدرك حينها أن إسرائيل تنوى اجتياح المدينة فى نهاية المطاف، وأن المعارضة الأمريكية للعملية لن تكون مجدية، وبالتالى قد تتحول حماس نحو القبول بصفقة التهدئة وتبادل الرهائن والسجناء بالشروط الإسرائيلية.
2- تأجيل عملية نقل سكان رفح بعيدًا عن مناطق القتال المنتظرة إلى ما بعد نهاية شهر رمضان وعيد الفطر، كضمان لعدم إشعال العواطف الدينية فى الضفة الغربية بشكل خاص، وهو ما يمكن أن يفتح جبهة واسعة مع الفلسطينيين هناك، كانت إسرائيل تحرص ولا تزال على عدم اشتعالها.
3- إمكانية سماح إسرائيل بإعادة جزء كبير من سكان شمال ووسط غزة، الذين تم تهجيرهم بعد بداية العملية البرية الإسرائيلية فى القطاع فى شهر نوفمبر الماضى إلى مناطقهم، وهو ما يمكن أن يقلل الكثافة السكانية الكبيرة فى رفح، ويمنح القوات الإسرائيلية حرية أوسع فى الحرب البرية هناك حال بدئها. وبالرغم من أن نقل هذه الأعداد سيقتضى وقتًا طويلًا، فإنه سيؤكد تصميم إسرائيل على القضاء على حماس (وهو ما تريده الأغلبية من مواطنى إسرائيل) من جهة، وتخفيف الاعتراضات الأمريكية على العملية من الجهة الأخرى.
■ ضغوط أمريكية:
إذا كانت الضغوط الداخلية فى إسرائيل تذهب نحو التروى فى تنفيذ العملية البرية فى رفح وليس التخلى عنها كليةً، فإن الضغوط الخارجية تبدو أكثر ميلًا لإيقاف حرب غزة، والبحث عن حلول سياسية لإنهاء الصراع الفلسطينى الإسرائيلى من جذوره، وذلك عبر تنفيذ حل الدولتين، ووضع ضمانات قوية لأمن إسرائيل. وسنركز هنا على الموقف الأمريكى من العملية الإسرائيلية المحتملة فى رفح، لأن هذا الموقف هو الأكثر تأثيرًا فى القرارات الإسرائيلية.
فمنذ بداية الإعلان الإسرائيلى عن الاستعداد لعملية رفح، اتخذت إدارة بايدن موقفًا وسطًا بين مطالب أوروبية وعربية بوقف القتال نهائيًا ومنع العملية البرية، وبين موقف إسرائيلى يتمحور حول حتمية تنفيذ العملية التى من دونها إما أن تتورط إسرائيل فى حرب استنزاف طويلة، أو الأسوأ أن تضطر إلى الانسحاب من قطاع غزة وهو ما سيعنى هزيمتها فى الحرب ضد حماس. وبالتالى حاولت إدارة بايدن اتباع سياسة متوازنة، فمن جانب لم تؤيد المطالب الدولية بوقف الحرب، ومن جانب آخر ضغطت على إسرائيل لتقليل استهداف المدنيين، وأسهمت فى إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بصورة أو بأخرى.
وفيما يتعلق بنيات إسرائيل لشن عملية برية فى رفح؛ اشترطت إدارة بايدن ألا تبدأ العملية قبل ضمان نقل سكان المدينة إلى مناطق آمنة، وحاولت أيضًا جعل هذا الشرط مستحيلًا عندما أكد بايدن أن الخطة الإسرائيلية فى هذا الشأن لم تف بالمعايير التى تطلبها واشنطن؛ ومن ثم أوضحت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكى، فى حديث لها يوم 24 مارس 2024، التغير الواضح فى الموقف الأمريكى، بقولها: «يمكن أن تكون هناك عواقب بالنسبة لإسرائيل إذا مضت قدمًا فى اقتحام رفح خلال ملاحقتها لمقاتلى حماس، وقد كنا واضحين فى محادثات متعددة وأبلغناهم بكل الطرق أن أية عملية عسكرية كبيرة فى رفح ستكون خطأً فادحًا، لقد درسنا خريطة القطاع، وأدركنا أنه لا يوجد مكان آمن هناك ليتم نقل السكان إليه».
ويمكن تفسير هذا الموقف الأمريكى من عملية رفح، بعدة أسباب، هى كالتالى:
1- انقسام الرأى العام الأمريكى حيال حرب غزة، فالبعض يريد وقف الحرب بسبب ما ارتكبته إسرائيل بحق السكان المدنيين من قتل وتدمير وتجويع، فيما يتعاطف آخرون مع حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، وبالتالى يؤيدون استمرار الحرب من أجل استعادة المواطنيين الإسرائيليين لشعورهم المفقود بالأمن منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023، على حد ذكرهم. ويخشى بايدن وحزبه الديمقراطى (الذى يوجد به جناح يسارى معادٍ لاستمرار الحرب ولسياسة بايدن تجاه إسرائيل) من تأثير هذا الانقسام فى فرص فوزه فى الانتخابات الرئاسية المقررة فى 5 نوفمبر المقبل؛ إذ يمكن أن يخسر بايدن السباق بسبب احتمال فقدانه لأصوات انتخابية معتبرة من جانب المؤيدين لتل أبيب من جهة، والمعارضين لاستمرار الحرب من الجهة الأخرى.
2- خشية إدارة بايدن من أن يؤدى احتمال نجاح إسرائيل - عبر عملية رفح- فى القضاء على حركة حماس، إلى تقوية موقف تل أبيب الرافض لتطبيق حل الدولتين، والذى ترى الإدارة الأمريكية أن تطبيقه سيصب فى صالح استراتيجيتها الأوسع التى تستهدف تقوية النظام الليبرالى الدولى الذى تقوده حاليًا، فى مواجهة محاولات روسيا والصين وإيران لإنشاء نظام بديل يقلص النفوذ الدولى الأمريكى ويهدد مصالحها فى الشرق الأوسط، بل فى العالم كله.
3- تبنى إدارة بايدن منذ بدء حرب غزة موقفًا يدعو إلى عدم توسع نطاق الحرب، وهى تخشى أن يؤدى إصرار إسرائيل على تنفيذ عملية رفح إلى اتساع جبهات الحرب بدخول حزب الله اللبنانى بكامل قوته إليها، وحينها سيكون على إدارة بايدن أن تفى بالتزام أمريكى ثابت بحماية أمن إسرائيل، بما قد يعنى تورطها المباشر فى تلك الحرب.
ختامًا، لكل هذه الأسباب يبدو أن حسم مصير معركة رفح ليس أمرًا سهلًا، فإما أن تنفتح نافذة الفرص أمام تحقيق هدنة بين إسرائيل وحماس لمدة قد تمتد إلى ستة أشهر مقبلة أو أكثر، بما يمنح الإدارة الأمريكية المجال للتركيز على معركتها الانتخابية فى نوفمبر المقبل، وتخفيف الضغوط الدولية عليها بسبب تهاونها مع الحرب الإسرائيلية، وإما أن تبادر تل أبيب إلى تنفيذ العملية بعد إجلاء معظم سكان رفح، لتضع المنطقة كلها على شفا حرب واسعة النطاق ستزيد حتمًا من تعقيدات الأوضاع الإقليمية، وقد تسمح بعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مجددًا فى الانتخابات المقبلة.
*خبير فى الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
ينشر بالتعاون مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.