استخدام الأقمار الصناعية.. وزير الري يتابع إجراءات تطوير منظومة توزيع المياه في مصر    محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى المبارك    «الزراعة» تشدد الرقابة على الأسواق وشوادر بيع اللحوم والأضاحي    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    3 جنيهات، ارتفاع أسعار البيض اليوم الثلاثاء 11 يونيو 2024    وزيرة البيئة تستعرض إنجازات مشروع دمج صون التنوع البيولوجي في السياحة    خطة السكة الحديد لتحقيق السلامة والأمان في القطارات.. منها إنشاء ورش جديدة    بث مباشر| كلمة رئيس الوزراء أمام ملتقى بنك بنك التنمية الجديد    تداول 73 ألف طن و953 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    التحليل الفني لمؤشرات البورصة صباح اليوم الثلاثاء 11 يونيو 2024    وضعنا إسرائيل حيث نريد، صحيفة أمريكية: تكشف عن رسائل السنوار    انطلاق فعاليات الملتقى الأول لبنك التنمية الجديد بحضور رئيس الوزراء    روسيا تبدأ المرحلة الثانية من مناورات القوات النووية    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    تصفيات المونديال، منتخب جنوب أفريقيا يسعى لتصحيح مساره أمام زيمبابوي    عاجل| صدمة ل مصطفى شوبير في الأهلي بسبب كولر    منتخب هولندا يكشف بديل دي يونج في يورو 2024    موعد مباراة الأهلي والاتحاد في نهائي دوري السوبر لكرة السلة والقناة الناقلة    خبير تحكيمي يوضح هل استحق منتخب مصر ركلة جزاء أمام غينيا بيساو    إصابة 10 أشخاص في حادث تصادم مروع على الطريق الإقليمي    تعليم الشرقية: بدء تلقي التظلمات على نتائج الشهادة الإعدادية    إصابة 8 في تصادم تريلا وميكروباص بالدقهلية    تحرير 502 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    سفير الكونغو بالقاهرة يزور مكتبة الإسكندرية    وزيرة الثقافة: المعرض العام من أهم الأحداث الفنية المُعبرة عن روح الحركة التشكيلية    «لا يكتفي بامرأة واحدة».. احذري رجال هذه الأبراج    في ذكرى ميلاد نجاح الموجي أسطورة السينما المصرية.. كيف كان يتعامل مع بناته؟    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    متى يكون طواف الوداع وهل تركه يبطل الحج.. الإفتاء توضح    أدعية مستحبة فى اليوم الخامس من ذى الحجة    محافظ بني سويف يوافق على تجهيز وحدة عناية مركزة للأطفال بمستشفى الصدر    "الصحة" تنظم ورشة عمل على تطبيق نظام الترصد للأمراض المعدية بالمستشفيات الجامعية    محافظ بني سويف يوافق على تجهيز وحدة عناية مركزة للأطفال بمستشفى الصدر    الخارجية الروسية: مشاكل إيرانية وراء تعليق اتفاق التعاون الشامل    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    مباريات اليوم.. تصفيات كأس العالم.. ودية منتخب مصر الأولمبي.. وظهور رونالدو    وصول آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية إلى مكة المكرمة    للحجاج، نصائح مهمة تحمي من التعب والإجهاد أثناء أداء المناسك    محافظ الأقصر يبحث التعاون المشترك مع الهيئة العامة للرقابة الصحية    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    فلسطين.. إضراب شامل في محافظة رام الله والبيرة حدادا على أرواح الشهداء    وزيرة التنمية الألمانية: هناك تحالف قوي خلف أوكرانيا    انتشال عدد من الشهداء من تحت أنقاض منازل استهدفها الاحتلال بمدينة غزة    حكم الشرع في ارتكاب محظور من محظورات الإحرام.. الإفتاء توضح    شغل في القاهرة.. بحوافز وتأمينات ورواتب مجزية| اعرف التفاصيل    ذاكرة الكتب.. كيف تخطت مصر النكسة وبدأت حرب استنزاف محت آثار الهزيمة سريعًا؟    عيد الأضحى 2024.. الإفتاء توضح مستحبات الذبح    صلاح لحسام حسن: شيلنا من دماغك.. محدش جه جنبك    عيد الأضحى في تونس..عادات وتقاليد    إيلون ماسك يهدد بحظر استخدام أجهزة "أبل" في شركاته    ضياء السيد: تصريحات حسام حسن أثارت حالة من الجدل.. وأمامه وقتًا طويلًا للاستعداد للمرحلة المقبلة    احتفالا بعيد الأضحى، جامعة بنها تنظم معرضا للسلع والمنتجات    التحقيق في إصابة 4 أشخاص في حريق مبنى على طريق إسكندرية مطروح الساحلي    قصواء الخلالي: وزير الإسكان مُستمتع بالتعنت ضد الإعلام والصحافة    وفد من وزراء التعليم الأفارقة يزور جامعة عين شمس .. تفاصيل وصور    هل تحلف اليمين اليوم؟ الديهي يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة (فيديو)    عالم موسوعي جمع بين الطب والأدب والتاريخ ..نشطاء يحييون الذكرى الأولى لوفاة " الجوادي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة الكتب.. الرئيس نجيب يكتب عن أسباب المحاولات التاريخية للاستعمار لإبعاد السودان عن مصر
نشر في المصري اليوم يوم 02 - 05 - 2023

كم نشعر بالأسى والمرارة ونحن نكتب عن السودان الشقيق في هذه الظروف التي يعيشها أهلنا هناك بسبب الصراع الدائر الآن، والذى نتمنى أن ينتهى قريبا وينعم أهل السودان بالأمن والسلام.. ونحن إذ نتابع هذه الأحداث استحضرنى كتاب عن السودان الشقيق كتبه الرئيس الراحل محمد نجيب في العام 1954، وهو ليس رسالة عن السودان، لكنها مجموعة من الرسائل وضعها محمد نجيب.
والكتاب يتكون من ثلاث رسائل الأولى بعنوان «ماذا يجرى في السودان؟» يرصد فيها ما يحدث في السودان في 1943 من حرص كبير للإنجليز على الاستيلاء على السودان، وما يراد من إبعاد مصر عنها، ويحلل سياسة الاستعمار، وفى نهاية الفصل يقدم بعض وسائل العلاج والتى يرى أهمها تطبيق المبدأ الذي يصرح به الزعماء بأنه لا فارق بين مصرى وسودانى، وأن للسودانى ما للمصرى من حقوق وعليه ما عليه من واجبات.
وفى الرسالة الثانية «يد الاستعمار على حدود السودان» يشير إلى الاتفاقيات التي كانت تدار على حدود السودان في هذه الفترة، وفى الرسالة الثالثة يشير إلى اللغة والأدب التي تجمع بين أبناء جنوب وادى النيل. ويعرض الكتاب كلمات محمد نجيب عن السودان في فترة رئاسته، كما يعرض لنشأته بها منذ ميلاده في 1901 وقضائه الشطر الأول من حياته بها وتعيينه، حتى عودته إلى مصر في إبريل 1922، وكان ذلك آخر عهده بها حتى عاد في مهمة سياسية بعد ذلك ب15 سنة.
ويبدأ محمد نجيب بالحديث عن مطامع الإنجليز للاستيلاء على السودان؟ ويعدد أسباب ذلك وهى: أولا: للتحكم في حياة مصر عن طريق التحكم في مياه النيل، فنحن حتى لو تحولنا إلى الصناعة فإن ما لدينا من وقود لا يكفى، فلا بد لنا الخامات المحلية لاستخراج القوى الكهربائية من مساقط الخزانات، وهى في ذلك خاضعة للتحكم في مياه النيل، وحتى لو نجحنا في مشروع القطارة أو غيره لاستخدام القوى المائية فلا بد لنا من القطن ومن زراعة أراضينا الخصبة، كما أنى لا أستبعد أن يكون من نتائج مؤتمر الصلح تقسيم العالم إلى مناطق يختص كل منها بنوع معين من الإنتاج ونختص نحن بزراعة القطن والقمح وغيرهما من الحاصلات الزراعية، وقد نمنع من الصناعة إلى حد ما، لكى تتخصص كل دولة أو منطقة بنوع من أنواع الإنتاج.
ثانيا: السودان بلاد بكر غنية بتربتها الخصبة ومراعيها الواسعة، كما أن بها ثروة معدنية لا يستهان بها كالذهب وغيره، فضلا عن حاصلات الغابات وحيواناتها.
ثالثا: لمنع انتشار الإسلام إلى ممتلكاتهم الإفريقية جنوبا.
رابعا: للانتفاع بتجنيد أبناء جنوب السودان، وليجعلوا من ضم الجنوب إلى ما يجاوره من مستعمراتهم بلادا مسيحية، وجامعة زنجية يستعينون بها على إخضاع الشماليين عند اللزوم.
خامسا: لأن وحدة وادى النيل تجعل منه قوة هائلة تقع على طريق الإمبراطورية، ويصبح السلسلة الفقرية للبلاد العربية والإسلامية الممتدة من المحيط الأطلنطى غربا إلى الملايو والصين شرقا، ومن شمال البحر الأبيض المتوسط وآسيا الوسطى شمالا إلى جنوب إفريقيا وجزر الهند الشرقية جنوبا.
سادسا: لأهمية السودان من الناحية الاستراتيجية، وذلك لسيطرته على المواصلات الجوية والحربية خصوصا إذا ربط بالسكة الحديد بجنوب إفريقيا، كما أنه في حد ذاته مركز عظيم للتجنيد والتموين وغيرهما من الاعتبارات الحربية والتجارية، ومع تقدم الطيران زادت أهميته في البحر الأحمر.
سابعا: لمنع انتشار الشيوعية وغيرها من المذاهب التي قد تجىء إلى مصر من الشرق أو الشمال فلا تنتقل إلى ممتلكاتهم في الجنوب وفى غرب إفريقيا.
وعن العوامل التي تربط شعبى وادى النيل يقول الرئيس نجيب: لكل من شطرى وادى النيل بالآخر علاقات طبيعية وقومية واقتصادية وغيرها، وقد وجدت هذه العلاقات منذ أقدم العصور وستبقى قائمة مادام النيل يجرى في واديه.
لكن مع هذا يجهل الكثيرون للأسف هذه الحقائق، ناسين أن الروابط القومية بين شمال الوادى وجنوبه هي أقوى الروابط وأمتنها، وهى روابط الدم والعادات واللغة والدين، لذا أردت نشر هذه الكلمة الموجزة لإزالة ما يعلق ببعض الأذهان عن سكان السودان وعن لغتهم التي يظن البعض أنها غير العربية.
ويضيف: لكن لو أمعن هؤلاء النظر قليلا لوجدوا أن نفس الشىء موجود في مصر وفى غيرها من الأمم، فإن سكانها الأصليين هم قدماء المصريين الذين حكموا مصر والسودان منذ أقدم عصور التاريخ، بل يقطنها الآن بين أسوان وحدود السودان نفس النوبة من سكان السودان، كما أن اللغة العربية هي لغة الوادى والأغلبية العظمى من أهل السودان عرب نزح نحو تسعين في المائة منهم عن طريق وادى النيل إلى الجنوب، أما العشرة في المائة الباقية فقد دخلت السودان، بعضها عبر البحر الأحمر، وبعضها من الغرب، ومازال لمعظم هذه القبائل بطون في مصر تحمل نفس الاسم والعادات والتقاليد مثل قبائل الهوارة وبنى هلبا وجهينة وبنى عدى والعبابدة وغيرهم، تتشابه لهجاتهم وعاداتهم وطرق معيشتهم إلى الآن.
وقد امتزج العرب في السودان بسكانه من غير العرب، فتألف شعب واحد وسادت السودان اللغة العربية كما حصل في مصر. ولكن نظرا لأن السودانيين لم يختلطوا بغيرهم من الأجانب لبعدهم عن أوروبا كما اختلط إخوانهم في مصر، ونظرا لتفرق القبائل السودانية في مساحات واسعة فقد احتفظوا بلغتهم العربية الدارجة صحيحة إلى حد بعيد فلم يدخلها من الألفاظ الأعجمية ما دخل عليها في مصر أو غيرها من البلاد العربية، كما نشر العرب في السودان عاداتهم وصفاتهم وتقاليدهم المحمودة كالشجاعة والكرم والمروءة والشمم، وأخذوا عن قبائل النوبة والبجا والزنوج ما امتاز به هؤلاء من صفات طيبة هي المحور الذي تدور حوله أغانيهم وأشعارهم.
ويختم الكتاب بالحديث عن نشأة الكاتب وهو الرئيس نجيب في السودان، حيث نشأ وترعرع في السودان، وقضى طفولته وصباه وشبابه الأول في السودان، وطاف بين أنحاه وهو بعد دون السادسة عشرة من عمره، فعرف الخرطوم وأم درمان وحلفا ودلقو وسنجا وأبونعامة بجوار الرصيرص وواد مدنى وغيرها من مدن السودان، فاكتسب من ذلك تجربة وخبرة بالسودان وأهله تفوق خبرة السودانى الأصيل، الذي عاش في رقعة واحدة من أنحاء هذا القطر الفسيح. ولم تكن صلة الفتى محمد نجيب بالسودان صلة عابرة، صلة الابن الذي عاش في كنف والده الضابط بالجيش والموظف المصرى بالسودان فترة من الزمن طالت أو قصرت، ولكنها كانت صلة بعيدة الغور، تمتد إلى أجداده، وترد إلى نحو قرن من الزمان، فصلة الدم من ناحية، وصلة النشأة من ناحية أخرى، تعاونتا في تكوين شخصية هذا الفتى، وتصوير عواطفه نحو الوادى وأهله شماله وجنوبه، لأن أهله وذوى قرباه، قد توزعت بيوتهم بين شمال الوادى وجنوبه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.