«الأعلى للإعلام»: حجب المنصات غير المرخصة    محافظ سوهاج يلتقي المواطنين لبحث مطالبهم خلال اللقاء الجماهيري    «الزراعة»: قوافل للتوعية بتأثير الحرارة على المحاصيل والثروة الحيوانية    هبوط أسعار الذهب الآن في الصاغة المصرية.. اعرف بكام عيار 21    يحيى السنوار يتوعد الإسرائيليين: «أنتم حيث نريد.. ولدينا إمكانات لقتالكم»    الرئيس البولندي يدعو للبدء بسرعة في إجراءات انضمام أوكرانيا إلى الناتو    كورة لايف.. اتفرج آلحين (0-0) مباراة المغرب ضد الكونغو بث مباشر اليوم    من رونالدو إلى كروس.. أساطير قد تظهر لأخر مرة في اليورو    «مياه القليوبية» تطلق حملة للتوعية بعدم إلقاء مخلفات الأضاحي في شبكات الصرف    سر تفوق «حبيبة» الأولى على الشهادة الإعدادية بسوهاج.. «حققت أمنيتها»    التحقيق فى إلقاء خراف نافقة بالبحر الأحمر    سبب غياب أحمد الفيشاوي عن الجزء الثالث من «ولاد رزق 3».. تفاصيل    عروس الشرقية صاحبة فيديو سحلها للكوشة: «زوجي تاج راسي وهنقضي سنة عسل مش شهر»| خاص    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    خالد الجندي يعدد 4 مغانم في يوم عرفة: مغفرة ذنوب عامين كاملين    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الأضحية لا تجزئ عن الأسرة كلها في حالة واحدة    نقابة الصيادلة: الدواء المصري هو الأرخص على مستوى العالم.. لازم نخلص من عقدة الخواجة    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    «طه»: الاستثمار في العنصر البشري والتعاون الدولي ركيزتان لمواجهة الأزمات الصحية بفعالية    لطلاب الثانوية العامة.. أكلات تحتوي على الأوميجا 3 وتساعد على التركيز    «ناسا» تكشف عن المكان الأكثر حرارة على الأرض.. لن تصدق كم بلغت؟    عبدالقادر علام: التفرد والتميز ضمن معايير اختيار الأعمال فى المعرض العام 44    الانتهاء من 34 مشروعًا أثريًا.. ننشر تفاصيل اجتماع وزير الآثار بالأمين العام    مدرب بلجيكا: دي بروين يتلقى إشارات في الملعب من طائرة دون طيار    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال رصف طريق الحصفة بالرياض    "التنظيم والإدارة" يتيح الاستعلام عن القبول المبدئي للمتقدمين في 3 مسابقات    «الدفاع الروسية» تكشف أسباب تحطم طائرة "سو-34" خلال طلعة تدريبية    قبل أولى جلسات المحاكمة.. مفاجأة بشأن قضية اتهام عصام صاصا مطرب المهرجانات    «بابا قالي رحمة اتجننت».. ابن سفاح التجمع يكشف تفاصيل خطيرة أمام جهات التحقيق    5 أعمال ثوابها يعادل أجر الحج والعمرة.. تعرف عليها    عيد الأضحى في المغرب.. عادات وتقاليد    إنييستا: تعاقد برشلونة مع صلاح كان ليكون مميزا    يورو 2024 - الإصابة تحرم ليفاندوفسكي من مواجهة هولندا    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    مصرع 39 شخصا في غرق مركب تقل مهاجرين قبالة سواحل اليمن    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    رئيس مدينة الشهداء يناقش تجهيز المجزر ومراقبة الأسواق ومحلات الجزارة    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    نجم الزمالك السابق يفتح النار على حسام حسن.. «إنت جاي تعلمنا الأدب»    تطوير مستشفى مطروح العام بتكلفة مليار جنيه وإنشاء أخرى للصحة النفسية    المجلس الوطني الفلسطيني: عمليات القتل والإعدامات بالضفة الغربية امتداد للإبادة الجماعية بغزة    الأزهر الشريف يهدي 114 مجلدا لمكتبة مصر العامة بدمنهور    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    رضا البحراوي يُحرر محضرًا ضد شقيق كهرباء بقسم المعادي    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    حازم خميس يكشف كواليس التحقيق مع رمضان صبحي في منظمة مكافحة المنشطات    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ذكرى مرور 223 عاما على اكتشافه.. حجر رشيد مفتاح اللغة.. والناطق باسم الحضارة المصرية

لم يكن مجرد قطعة حجرية صماء تعتريها نقوش لثلاث كتابات مختلفة ولغتين مختلفتين، لكنه كان بداية انطلاق اللغة المصرية القديمة وخروجها من محبسها الصامت.
مع اكتشاف حجر رشيد بدأ الغموض ينجلى عن الحضارة المصرية وأخذ علم المصريات يشق طريقه بقوة بين العلوم الأخرى. و بدأت حكاية حجر رشيد من قلعة رشيد، وهو الأثر رقم 44، ويقع على الشاطئ الغربى لفرع رشيد شمال المدينة بحوالى 6 كم، التى أنشأها السلطان المملوكى الأشرف أبوالنصر قايتباى أحد المماليك الجراكسة عام 886ه/ 1482م عقب انتهائه من بناء قلعته الشهيرة بالإسكندرية وكان الغرض من بناء القلعة هو صد الغارات الصليبية التى كانت تهاجم سواحل الدولة المملوكية فى مصر والشام، وكذلك حماية الدولة المملوكية من أطماع الدولة العثمانية الناشئة فى الأناضول والتى تمكنت بالفعل من الاستيلاء على الدولة المملوكية 923ه - 1517م. ورصد خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة، لجنة التاريخ والآثار فى ذكرى مرور 223 عاما على اكتشاف حجر رشيد.
كما نشرت مكتبة الإسكندرية دراسة حول حجر رشيد تشمل وصفا تفصيليا للنقوش واللغات المكتوبة بها وجهود العلماء فى فك الرموز وكيف ساهمت فى وضع اللبنات الأولى لعلم المصريات الذى ازدان بصبغة عالمية. بدأ العلماء فى دراسة الحجر منذ عام 1805 عندما بدأ العالم الفرنسى شامبليون فى مصاحبته 17 عامًا حتى أعلن للعالم نجاحه فى فك رموزه فى 27 سبتمبر 1822، ولم يخرج بعد ذلك من المتحف البريطانى إلا مرة واحدة ولمدة شهر فى أكتوبر عام 1972 حيث انتقل إلى متحف اللوفر بباريس بمناسبة مرور 150 عامًا على فك رموزه.
«الحجر».. من مرسوم كهنوتى إلى إعلان «تنويرى» عن أعرق الحضارات العالمية
من حسن حظ الحضارة المصرية الكشف عن حجر رشيد عام 1799م، ذلك الحجر الذى ضم مفاتيح اللغة المصرية القديمة، والذى لولاه لظلت الحضارة المصرية غامضة لا ندرى عن أمرها شيئًا، لأننا لا نستطيع أن نقرأ الكتابات التى دونها المصريون القدماء على آثارهم، وذلك وفقا للدراسة التى نشرتها مكتبة الإسكندرية.
وحصل الشاب الفرنسى «چان-فرانسوا شامبليون» على نسخة من الحجر، كما حصل عليها غيره من الباحثين، وعكف على دراسته مبدياً اهتماماً شديداً بالخط الهيروغليفى، ومعتمداً على خبرته الطويلة فى اللغة اليونانية القديمة، وفى اللغات القديمة بوجه عام.
وحجر رشيد، المحفوظ حاليًّا فى المتحف البريطانى، مصنع من حجر الجرانوديوريت غير منتظم الشكل، ارتفاعه 113 سم وعرضه 75 سم وسمكه 27،5 سم. وقد فُقدت أجزاء منه فى أعلاه وأسفله.
مرسوم الكهنة
ويتضمن الحجر مرسوماً من الكهنة المجتمعين فى مدينة منف (ميت رهينة- مركز البدرشين- محافظة الجيزة) يشكرون فيه الملك بطليموس الخامس (إبيفانس 204 ق.م - 180 ق.م) حوالى عام 196 ق.م لقيامه بوقف الأوقاف على المعابد وإعفاء الكهنة من بعض الالتزامات، وسجل هذا المرسوم بخطوط ثلاثة هى حسب ترتيب كتابتها من أعلى إلى أسفل: الهيروغليفية، الديموطيقية، اليونانية، وقد فقد الجزء الأكبر من الخط الهيروغليفى وجزء بسيط من النص اليونانى، وقد أراد الكهنة أن يسجلوا هذا العرفان بالفضل للملك البطلمى بالخط الرسمى وهو الخط الهيروغليفى، وخط الحياة اليومية السائد فى هذه الفترة وهو الخط الديموطيقى، ثم بالخط اليونانى وهو الخط الذى تكتب به لغة البطالمة الذين كانوا يحتلون مصر.
وكان المكتشفون للحجر قد اقترحوا أن الحجر يتضمن نصًّا واحدًا بخطوط ثلاثة مختلفة، واتضح فيما بعد أن اقتراحهم كان صائباً.
وبعد نقل الحجر إلى القاهرة أمر «نابليون بونابرت»، قائد الحملة الفرنسية، بإعداد عدة نسخ منه لتكون فى متناول المهتمين بالحضارة المصرية فى أوروبا بوجه عام وفى فرنسا بوجه خاص. وكان الحجر قد وصل إلى بريطانيا عام 1802 بمقتضى اتفاقية العريش التى أُبرمت بين إنجلترا بقيادة القائد «نيلسون» وفرنسا بقيادة القائد «مينو»، تسلمت إنجلترا بمقتضاها الحجر وآثارًا أخرى، وبدأ الباحثون بترجمة النص اليونانى، وأبدى الباحثان «سلفستر دى ساسى» و«أكربلاد» اهتماماً خاصًّا بالخط الديموطيقى.
يونج وشامبليون
وجاءت أولى الخطوات الهامة فى مجال الخط الهيروغليفى على يد العالم الإنجليزى «توماس يونج»، الذى حصل على نسخة من حجر رشيد عام 1814، والذى افترض أن الخراطيش الموجودة فى النص الهيروغليفى تحتوى على أسماء ملكية. واعتمد على نصوص أخرى مشابهة كالمسلة التى عثر عليها فى فيلة عام 1815م والتى تتضمن نصًّا باليونانية والآخر بالهيروغليفية. ورغم كل الجهود السابقة فى فك رموز حجر رشيد، إلا أن الفضل الأكبر يرجع للعالم الفرنسى «جان فرانسوا شامبليون» (1790-1832).
كان على شامبليون أن يواجه مجموعة من الافتراضات: أولها: هل الخطوط الثلاثة (الهيروغليفية - الديموطيقية - اليونانية) تمثل ثلاثة نصوص مختلفة من حيث المضمون، أم أنها تمثل موضوعاً واحداً ولكنه كتب بالخط الرسمى (الهيروغليفى)، وخط الحياة اليومية السائدة فى هذه الفترة (الديموطيقى)، ثم بلغة اليونانيين الذين كانوا يحكمون مصر. ثانيها: فيما يتعلق ببنية اللغة المصرية هل تقوم على أبجدية أى مجموعة من الحروف كاللغات الحية مثلاً؟، أم أنها كتبت بعلامات تراوحت قيمتها الصوتية بين حرف وحرفين أو ثلاثة أو ربما أكثر؟. ثالثها: هل عرفت هذه الكتابة حروف الحركة؟، وهل العلامات تصويرية أم صوتية؟، وما هى الأدوات التى استخدمها المصرى لتحديد معنى المفردات؟، وهل استخدمت المخصصات والعلامات التفسيرية؟.
افتراضات
لابد أن هذه الافتراضات والتساؤلات وغيرها كانت تدور فى ذهن «شامبليون» وهو يتعامل مع الحجر، ولابد أنه قد استرعى انتباهه أن هناك أكثر من خط للغة المصرية القديمة، فضلاً عن تساؤلات منها: هل هناك علاقة خطية بين الهيروغليفية والهيراطيقية والديموطيقية؟. وهل هناك من علاقة لغوية فى مجال القواعد والصرف؟. ثم هذه العلامات الأسطوانية فى النص الهيروغليفى، والتى تحيط ببعض العلامات الهيروغليفية- والتى عرفناها فيما بعد باسم الخرطوش- ماذا تعنى؟.
فك الشفرات
قرأ شامبليون النص اليونانى وفهم مضمونه وقرأ اسم الملك بطليموس، والواضح أنه سلك منهج الاعتماد على أسماء الأعلام غير القابلة للتغيير، وتحرك من فرضية أن هذا المرسوم الذى صدر فى عهد الملك بطليموس الخامس عام 196 ق.م، لابد أنه قد كتب إلى جانب اليونانية بخطين من خطوط اللغة الوطنية. ولابد أن اسم بطليموس باليونانية سوف يتكرر فى الخطين الهيروغليفى والديموطيقى. وفى ظل إدراك «شامبليون» بأن الحروف الساكنة لأسماء الأعلام لا تتغير مهما تعددت اللغات التى كتبت بها، ففى العربية نجد اسماً مثل «مجدى» لا يمكن للحروف الأولى الثلاثة أن تسقط، وكذلك «حسن» وإن خفت بعض الحروف أو انقلبت أو أُبدلت، إلا أن الصعوبة سوف تتمثل فى حروف الحركة التى تحدد نطق السواكن بالفتحة أو بالضمة أو بالكسرة. ولخلو اللغة المصرية القديمة من حروف الحركة يجىء الاختلاف فى نطق السواكن، إلا أن القبطية التى ظهرت فيها حروف الحركة حسمت الأمر إلى حد كبير.
ضمن حجر رشيد خرطوشاً واحداً تكرر ست مرات، ضم اسم الملك «بطليموس»، وهو الاسم الذى ورد على مسلة «فيلة»، بالإضافة إلى اسم «كيلوباترا».
سجل «شامبليون» العلامات الواردة فى خرطوش «بطليموس» ورقمها وفعل نفس الشىء بالنسبة لخرطوش «كيلوباترا» الوارد على مسلة فيلة، نظراً لاشتراك الاسمين فى القيمة الصوتية لبعض العلامات كالباء والتاء واللام. وسجل نفس الاسمين باليونانية، ورقم كل حرف منها، وقابل العلامة الأولى من اسم «بطليموس» بالهيروغليفية وما يقابلها فى اسمه باليونانية، وتمكن «شامبليون» من أن يتعرف على القيمة الصوتية لبعض العلامات الهيروغليفية، اعتمادًا على قيمتها الصوتية فى اليونانية.
وبمزيد من الدراسات المقارنة أمكن ل«شامبليون» أن يتعرف على القيمة الصوتية لكثير من العلامات، وفى عام 1822 أعلن «شامبليون» على العالم أنه تمكن من فك رموز اللغة المصرية القديمة، وأن بنية الكلمة فى اللغة المصرية لا تقوم على أبجدية فقط، وإنما تقوم على علامات تعطى القيمة لحرف واحد وأخرى لاثنين وثالثة لثلاثة، وأكد استخدام المخصصات فى نهاية المفردات لتحديد معنى الكلمة.
وهكذا وضع «شامبليون» اللبنات الأولى فى صرح اللغة المصرية القديمة.
وجاء من بعده المئات من الباحثين الذين أسهموا فى استكمال بناء هذا الصرح الشامخ.
خبير آثار يكشف أسرارًا مذهلة وأحقية مصر فى عودة حجر رشيد
أرسل نابليون فرقة من حملته على مصر عام 1798 إلى قلعة قايتباى، نجحت فى دخولها واستمرت بها حتى عام 1800، وأطلق الفرنسيون عليها اسما جديدا هو «حصن سان جوليان»، ولقد أحدثت الحملة الفرنسية الكثير من المتغيرات على القلعة طمست الكثير من معالمها القديمة، فقد سدت الحملة الفرنسية منافذ المزاغل الثلاثة فى كل من البرجين الشمالى الغربى والجنوبى الغربى، ثم أقامت فى كل برج مزغلين صغيرين لاستخدام البنادق، فى كل مزغل ست فتحات للبنادق، يعلوها فى السقف فتحتان للتهوية باستخدام الطوب الأحمر، وأغلقت الممرات الموجودة فى المزاغل، بحيث أصبحت صماء وأضيف حمام للقائد بوشار فى البرج الكبير الذى كان مخصصًا لإقامة الجنود ودعمت الأبراج فى الدور الأرضى بالطوب الأحمر.
قصة الاكتشاف
وعن قصة الاكتشاف، أوضح الدكتور ريحان أنه فى عام 1799، حيث كان القائد الفرنسى بوشار مكلفًا بالعمل فى ترميم قلعة قايتباى، عثر على حجر مبنى فى جدار قديم كان لابد من هدمه لوضع أساس «قلعة سان جوليان» وسرعان ما علم قنصل الإسكندرية المستر هاريس بذلك، إلا أن الجنرال مينو قد أمر بإحضار الحجر إلى منزله بالإسكندرية بعد أن نظفوه واعتنوا به ونقلوه إلى القاهرة، وألقى عليه نابليون نظرة إعجاب وسرعان ما أذيع خبره فى العالم، ثم نقل إلى لندن فى فبراير 1802، وبدأ علماء العالم يفسرون نقوشه ومن ثم عرف باسم «حجر رشيد» ومحفوظ الآن بالمتحف البريطانى بلندن.
وصف الحجر
حجر رشيد طوله 115 سم وعرضه 73 سم، وقمته العليا وزواياه من الشمال واليمين مفقود منها بعض الأجزاء، ويرجح بعض العلماء أنه كان مستديرًا فى أعلاه على نحو ما هو معروف عن «حجر كانوب» فى عصر البطالمة، وهو حجر من البازلت الأسود، ويشمل ثلاث كتابات من أعلى إلى أسفل الهيروغليفية والديموطيقية واليونانية، ويرجع تاريخه إلى عام 196 ق.م فى أيام الملك بطليموس الخامس الذى حكم مصر ما بين 203 و181 ق. م.
وبعد وفاة بطليموس الثالث 221 ق.م بدأت دولة البطالمة تتحدث عما ارتكبه بطليموس الرابع من الفظائع، ولما توفى عام 204 ق.م قامت فتن داخلية أدت إلى إبادة الكثير من رجال الحاشية حتى تدخل الرومان وثبتوا دعائم بطليموس الخامس، وقضى على الفتنة 198 ق.م وأعادوا إلى الكهنة امتيازاتهم التى فقدوها فى عهد أبيه، وأجزل لهم العطايا، وأصدر عفوًا عن جميع من قاموا ضده من المصريين، ورد إليهم ممتلكاتهم، فأقيم احتفال كبير فى ممفيس لشكر ومبايعة الملك بالطاعة، ونقش محضر بذلك على الحجر بحضور رؤساء الكهنة والكتّاب، وكان من الضرورى وضعه فى المعابد من الدرجة الأولى حتى الثالثة بجوار تمثال الملك.
قصة الخروج
ونوه ريحان إلى قصة الخروج من مصر إلى لندن، فمع مغادرة نابليون بونابرت مصر أصبحت قوات الحملة الفرنسية تحت ضربات العثمانيين والإنجليز، وفى مارس 1801 نزلت القوات الإنجليزية فى خليج أبى قير، فأخذ الجنرال مينو قواته إلى شمال مصر وأخذ معه كل الآثار التى حصل عليها علماء الحملة الفرنسية، ولكنه هزم فى معركة أبى قير البحرية، وتقهقرت القوات الفرنسية إلى الإسكندرية حاملين معهم الآثار المصرية.
وعقب ذلك تم نقل الحجر إلى الإسكندرية ووضع فى مخزن باعتباره من ممتلكات القائد الفرنسى مينو وحوصرت القوات الفرنسية فى الإسكندرية، وأعلن مينو الهزيمة فى 30 أغسطس 1801، وتم توقيع معاهدة الاستسلام، وبموجب المادة 16 من الاتفاقية تم تسليم الآثار التى فى حوزة الفرنسيين إلى الجانب البريطانى، وبالتالى فلا يوجد سندات ملكية لفرنسا للآثار المصرية التى تنازلت عنها للجانب البريطانى باعتبارها آثارًا تم الاستيلاء عليها بقوة السلاح وليس لها حق فى التنازل عنها لأحد، وهو نفس مبدأ من لا يملك تنازل لمن لا يستحق وقبول الجانب البريطانى للتنازل باطل، فما أسس على باطل فهو باطل، وبالتالى فإن اقتناء إنجلترا حاليًا للحجر باطل.
وأكد ريحان أن خروج حجر رشيد من مصر غير شرعى، فلم يهد من أى مصرى ولم يخرج بإذن تصدير وفق قانون معين كان يبيح تصدير الآثار، وهى المادة 24 من القانون المشؤوم 215 لسنة، وبالتالى فلا يوجد أى سندات شرعية تثبت ملكية بريطانيا للحجر، فقد تم الاستيلاء عليه بواسطة الجيش البريطانى عام 1801، وتم إهداؤه بواسطة الملك جورج الثالث ليستقر بالمتحف البريطانى منذ يونيو عام 1802، وفى نهاية الحرب العالمية خشيت إدارة المتحف على القطع الأثرية، فوضعوها فى قاعة أسفل محطة قطارات تبعد 16 مترا عن سطح الأرض فى ماونت بلزانت فى هلبورن.
حجج واهية
ويشير الدكتور ريحان إلى حجج واهية عن أسباب رفض بريطانيا لعودة حجر رشيد أشارت إليها الصحف البريطانية، ومنها أن المتحف البريطانى يلعب دورًا هامًا كمستودع للإنجازات الثقافية للجنس البشرى، كما أن إعادة الحجر إلى مصر سيفتح الباب أمام فيضان من المطالبات المماثلة التى من شأنها أن تفرغ قاعات العرض فى المتحف، هذا إلى جانب المخاوف من أن تتعرض القطع الأثرية التى لا تقدر بثمن لخطر تلف فى المتاحف المصرية حال عودتها. ويرد الدكتور ريحان على ذلك بأنها حجج واهية، فهل الإنجازات الثقافية لأى شعب تقاس باستغلال حضارة الآخرين والاستفادة منها دون وجه حق ودون حقوق ملكية فكرية لأصحاب هذه الحضارة لحين عودة الحقوق لأصحابها؟، وكيف يسمحون لأنفسهم بمصادرة حقوق الشعوب فى المطالبة بآثارها التى نهبت وتقف الاتفاقيات الدولية حائلًا دون عودتها مثل اتفاقية الويبو الاتفاقية الدولية لحماية الملكية الفكرية التى تتجاهل الآثار تمامًا فى تعريفها للملكية الفكرية، وكذلك اتفاقية اليونسكو لعام 1970 والتى تحرم الدول من استرداد آثارها التى نهبت قبل عام 1970 تاريخ الاتفاقية، كما أن حجتها بأن مصر لا تحافظ على آثارها، فإن أبلغ رد عليهم الإنجازات الرهيبة التى تتحقق اليوم فى مجال الآثار من اكتشافات وافتتاحات وأعمال تطوير فى كل متاحف مصر وإنشاء متاحف جديدة ستعد من أكبر وأهم متاحف العالم، مثل المتحف المصرى الكبير هو أكبر رد على أن مصر حريصة على آثارها قادرة على حمايتها وتطويرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.