حالة من القلق تسود الطرق الصوفية لتقرير مصير الموكب الصوفي للاحتفال بهلال شهر رمضان لعام 1442 هجريًا المعروف عند الصوفية بموكب الرؤية، والذي يعد أهم الطقوس في المجتمع الصوفي. المواكب الصوفية هو أرث يحافظ عليه المتصوفة منذ العهد الفاطمي وزاد الاهتمام به في عهد أسرة محمد على، فكان ملوك الأسرة يحضرون بأنفسهم الموكب مثل السلطان حسين كامل والملك أحمد فؤاد الأول والملك فاروق، أو يتم إنابة رئيس الديوان للحضور وكان مسيرة تنظم من مسجد السيدة زينب إلى مسجد الحسين أي من الأخت إلى الأخ. موكب الصوفية فى القاهرة - صورة أرشيفية ويقوم شيخ مشايخ الطرق الصوفية بإرسال خطاب لدعوة ملوك ورؤساء مصر لحضور الاحتفال وكان حكام مصر في حال عدم حضورهم يرسلون شخصية هامة لتمثيلهم، ومن أبرز الممثلين الذي حضروا نيابة عن رئيس الجمهورية حسني مبارك وكان وقتها يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية في عهد الرئيس السادات. وتسبب الموكب الصوفي أزمة بين الطرق الصوفية ورئاسة الجمهورية في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي بإرسال الصوفية خطاب لمرسي لحضور الموكب الصوفي لكن تم تجاهل الدعوة وهو ما تسبب في غضب المجتمع الصوفي الذي عانى من فتاوى الإخوان والسلفية في تكفير الصوفية وتحريم أتباعهم رغم انتماء حسن البنا مؤسس الإخوان في بداية حياته للطريقة الحصافية الصوفية. لكن مع الزحام وزيادة الوافدين على القاهرة والكثافة السكنية خاصة جعلت الطرق الصوفية تتخذ قرارا تاريخياً لتقصير المسافة، فأصبح الموكب ينطلق من مسجد صالح الجعفري، مؤسس الطريقة الجعفرية، بدلا من السيدة زينب. لدي الطرق الصوفية 3 مواكب صوفية رؤية هلال شهر رمضان المبارك، وتنطلق في ليلة الرؤية لاستطلاع هلال الشهر بالعين المجردة، والثاني للاحتفال بالمولد النبوي الشريف في شهر ربيع الأول، والثالث احتفالا برأس السنة الهجرية. وفي شهر شعبان من كل عام تبدأ خلية نحل داخل المجلس الأعلى للطرق الصوفية في الترتيب لميلاد شهر رمضان، وله أجندة خاصة جدًا فهو شهر صوفي بامتياز تنظم فيه المشيخة العامة خيمة رمضانية بجوار مسجد سيدنا الحسين وتحصل كل طريقة صوفية الخيمة يوم لحشد رموزها واتباعها لتنظيم حلقة الذكر (الحضرة الصوفية) وندوة للتحدث عن الطريقة ومنهجها وشيخها المؤسس وهي فرصة لجذب زوار مسجد الحسين للتعرف على طريقتهم، لكن يظل الموكب الرؤية وتنظيمه أولوية من أولويات الجهاز الإداري المنظم للطرق الصوفية. والموكب الصوفي هو مسيرات ينظمها الطرق الصوفية في جميع المحافظات التي بها مقامات آل البيت من نسل الرسول (صلى الله وعليه وسلم) ويعد موكب القاهرة الأهم فيهم لوجود كبار مشايخ الطرق الصوفية وعلى رأسهم شيخ مشايخ الطرق الصوفية ورئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، والذي يجدد فيه الجميع البيعة والعهد له باعتبار الرمز الصوفي الذي يمثلهم أمام الدولة. وينطلق موكب الرؤية في القاهرة من أمام مسجد سيدي صالح الجعفري، بالدراسة وحتى مسجد سيدنا الحسين بالجمالية، والذي ينطلق في يوم إعلان مفتي الجمهورية رؤية هلال رمضان وتحديد أول الشهر المبارك. ويحشد كل شيخ طريقة صوفية مريديه وأتباعه داخل المسيرة الصوفية واستعراض كثرة أتباعهم ومحاولة إظهار بمظهر لائق كدليل على قوة تنظيم المسيرة وطاعتهم لتعليمات شيخهم، وتقوم الأجهزة الأمنية التابعة لمديرية أمن القاهرة بغلق كافة الطرق المرورية في الشوارع التي يسير فيها الموكب الصوفي، فيما يستقبل أهالي حي الجمالية الموكب بالزغاريد ورش العطور في الهواء. فيما يردد المريدين الأناشيد الدينية وقراءة الأوراد عبر مكبرات الصوت ويحضر الأطفال المسيرة مع أباءهم للتعلق بعادات وطقوس الصوفية في السير على الأقدام تقربا لله والالتزام بتعاليم شيوخهم. لكن مع إجراءات الاحترازية التي أصدرها مجلس الوزراء لمواجهة انتشار فيروس كورونا في العام الماضي قرر المجلس الأعلى للطرق الصوفية الالتزام بتعليمات الدولة وإلغاء الموكب الصوفي خوفا على المريدين وطالبت بغلق الأضرحة والمثول لإجراءات الوقاية من كورونا. وقال الشيخ محمد علاء الدين ماضي أبو العزائم، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، شيخ الطريقة العزمية، إن المجلس الأعلى لم يقرر بعض تحديد مصير موكب الرؤية للاحتفال بهلال شهر رمضان. وأضاف أن اجتماع المجلس الأعلى سيتم يوم السبت المقبل لتحديد الموقف من أجندة الفعاليات الرمضانية والتي تعد أبرزها الخيمة الرمضانية التي تقام بجوار مسجد الحسين بالجمالية. وأكد أن الصوفية متعاونون من شيوخهم إلى المريدين مع الدولة للوقاية من كورونا، وفي حال إقامة الفعاليات سيتم وضع ضوابط شديدة للتباعد الاجتماعي.
