مسئول أمريكي يشيد بجهود مصر لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة وإعادة تأهيلهم    البابا تواضروس الثاني يهنئ شيخ الأزهر بقرب حلول عيد الأضحى المبارك    الوفد: تنسيقية شباب الأحزاب نموذج ملهم للممارسة السياسية المتوازنة    القايم ب200 جنيه.. ارتفاع أسعار الخرفان والماعز في بني سويف (فيديو)    بوليتيكو: الإدارة الأمريكية تخطط لإنشاء قوة متعددة الجنسيات في غزة بعد الحرب    بلينكن: نؤكد استمرار العمل على وقف إطلاق النار في قطاع غزة    بافلوفيتش يغيب رسمياً عن ألمانيا فى يورو 2024 وإيمرى تشان بدلاً منه    مصدر ببيراميدز ليلا كورة: ننتظر قرار الاستئناف بشأن شكوى النجوم في قضية محمود صابر    أخبار الأهلي : أفشة يبحث عن عرض سعودي للرحيل عن الأهلي    الاتحاد السعودي يرصد رقمًا فلكيًا للتعاقد مع محمد صلاح    حدث في اليورو.. كتيبة "قصار القامة" تبدأ رحلة المجد بلقب 2008    طقس العيد حر نار..ذروة الموجة الحارة يومي الجمعة والسبت    عامل يتسبب فى حرق زوجته خلال مشاجرة بكرداسة    وزارة الثقافة: افتتاح 6 عروض جديدة على مسارح الدولة في عيد الأضحى    بلينكن: نعمل مع شركائنا فى مصر وقطر للتوصل لاتفاق بشأن الصفقة الجديدة    عاجل.. حقيقة وفاة طفل صغير أثناء فريضة الحج    أُعيد البناء 12 مرة.. كيف تغير شكل الكعبة عبر التاريخ؟    برنامج تدريبي توعوي لقيادات وزارة قطاع الأعمال العام والشركات التابعة لها    بدون زيادة.. «التعليم» تحدد المصروفات الدراسية بالمدارس الحكومية للعام الدراسي الجديد    مصرع طالب تمريض صدمه قطار عند مزلقان كفر المنصورة القديم بالمنيا    البورصة تستقبل أوراق قيد شركة بالسوق الرئيسى تعمل بقطاع الاستثمار الزراعى    مراسل القاهرة الإخبارية من معبر رفح: إسرائيل تواصل تعنتها وتمنع دخول المساعدات لغزة    أيمن الشريعي: نعمل على حفظ حقوق إنبي وتنظيم اللوائح الرياضية    ل برج الأسد والحمل والقوس.. ماذا يخبئ شهر يونيو 2024 لمواليد الأبراج الترابية؟    الرئيس السيسى يهنئ الملك تشارلز الثالث بذكرى العيد القومى    محافظ المنيا يشدد على تكثيف المرور ومتابعة الوحدات الصحية بالمراكز لضبط منظومة العمل وتحسين الأداء    رئيس الأركان يشهد مشروع مراكز القيادة الاستراتيجى التعبوي بالمنطقة الشمالية    أبرزهم راقصي السامبا.. مواعيد مباريات اليوم الأربعاء    ارتفاع درجات الحرارة ورفع الرايات الخضراء على شواطئ الإسكندرية    جهود لضبط المتهمين بقتل سيدة مسنة بشبرا الخيمة    ما هي أسعار أضاحي الجمال في عيد الأضحى ومواصفات اختيارها؟ (فيديو)    «الصحة» تنظم ورشة عمل لتعزيز قدرات الإتصال المعنية باللوائح الصحية الدولية    الاستخبارات الداخلية الألمانية ترصد تزايدا في عدد المنتمين لليمين المتطرف    عاشور يشارك في اجتماع وزراء التعليم لدول البريكس بروسيا    بتوجيهات رئاسية.. القوات المسلحة توزع عددا كبيرا من الحصص الغذائية بنصف الثمن    في ذكرى ميلاد شرارة الكوميديا.. محطات في حياة محمد عوض الفنية والأسرية    عزيز الشافعي: أغاني الهضبة سبب من أسباب نجاحي و"الطعامة" تحد جديد    "لا أفوت أي مباراة".. تريزيجية يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي    بيان الأولوية بين شعيرة الأضحية والعقيقة    آيفون يساعد على الخيانة.. موجة سخرية من نظام التشغيل iOS 18    وزير الدفاع الألماني يعتزم الكشف عن مقترح للخدمة العسكرية الإلزامية    5 نصائح من «الصحة» لتقوية مناعة الطلاب خلال فترة امتحانات الثانوية العامة    «متحدث الصحة» يكشف تفاصيل نجاح العمليات الجراحية الأخيرة ضمن «قوائم الانتظار»    شبانة: حسام حسن عليه تقديم خطة عمله إلى اتحاد الكرة    «أوقاف شمال سيناء» تقيم نموذج محاكاه لتعليم الأطفال مناسك الحج    وزيرة الهجرة تستقبل سفير الاتحاد الأوروبي لدى مصر لبحث التعاون في ملف التدريب من أجل التوظيف    "مواجهة الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع" ندوة بأكاديمية الشرطة    «الإسكان» تتابع الموقف التنفيذي لمشروعات المرافق والطرق في العبور الجديدة    أفضل أدعية يوم عرفة.. تغفر ذنوب عامين    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح العام الأولي لشركة «ألف للتعليم القابضة» بقيمة 515 مليون دولار في سوق أبو ظبي للأوراق المالية    يونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الموت    السكة الحديد: إجراء بعض التعديلات على القطارات الإضافية خلال عيد الأضحى    الجنائية الدولية تطلق حملة لتقديم معلومات حول جرائم الحرب فى دارفور    بطل ولاد رزق 3.. ماذا قال أحمد عز عن الأفلام المتنافسة معه في موسم عيد الأضحى؟    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    نصائح لمرضى الكوليسترول المرتفع عند تناول اللحوم خلال عيد الأضحى    أول تعليق من حسام حبيب على خطوبة شيرين عبد الوهاب (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«إنب حدج» أولى عواصم مصر الموحدة
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 03 - 2021

عرفت مصر القديمة العمران منذ أقدم العصور. وكانت مدينة «إنب حدج» أو (الجدار الأبيض) هى أولى عواصم مصر القديمة الموحدة فى بداية عصر الأسرات وبداية التاريخ فى مصر فى أواخر الألف الرابعة قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام.
وحدثت وحدة مصر بالتدريج من الجنوب إلى الشمال، إذ تم توحيد أجزاء مصر حضاريًا، ثم سياسيًا تحت راية المعبود الأزلى حورس، الذى قُدس فى مدينة الكاب (بالقرب من مدينة إدفو فى محافظة أسوان الحالية). ولعب التجار الجنوبيون دورًا كبيرًا فى نقل ثقافتهم ونشرها فى الشمال. وكان الصعيد قد اتحد تحت حكم واحد ولواء واحد وراية واحدة، بعد سلسلة من الحروب، وبفضل عدد من التحالفات السلمية. ثم اتحد الشمال والجنوب سياسيًا معًا إلى أن أعلن ملك مصر العليا والسفلى، الملك المؤسس مينا، أخيرًا الوحدة السياسية والأبدية للبلاد المصرية.
وقد أسّس هذه المدينة الجديدة، إنب حدج، الملك الموحد «حور عحا» أى (حورس المحارب)، الذى حمل لقب «مِنِى» بمعنى «المُثبت» أو «المُدعم» لأركان وحدة مصر الجديدة، والذى يعرف فى زمننا الحالى باللفظ الشائع «مينا»، ذلك الملك الذى نظر إليه المصريون فى كل العصور التالية بعين الإجلال والإكبار نظرًا لكونه أول ملوك مصر الموحدة، والملك الوحيد الذى نجح فى توحيد البلاد بعد محاولات عديدة من قبل ملوك كثيرين والقضاء على الصراع السياسى والتناوش العسكرى، اللذين استمرا فترة طويلة من الزمن قبل عهده المجيد.
وقام الملك مينا بإنجازات عديدة، كان أهمها توحيد مصر وتأسيس هذه العاصمة الجديدة للبلاد إنب حدج. ويقول أبوالتاريخ، هيرودوت، إن كهنة العاصمة حدثوه بأن مينا كان أول من حكم مصر من البشر، وبنى ذلك الملك «القلعة البيضاء» أو «الدار البيضاء» (يعنى مدينة «إنب حدج») عند رأس الدلتا لتكون عاصمة للمملكة المتحدة، وأوجد جسرًا لحماية العاصمة، إذ كان النهر كله يجرى بحذاء الهضبة الرملية من جانب الصحراء، وجفف المجرى القديم، وحول مجرى النهر لينساب بين الهضبتين. وتقع هذه العاصمة الجديدة على البر الغربى للنيل، وتبعد حوالى أربعة وعشرين كيلومترًا إلى الجنوب من عاصمة مصر الحالية، مدينة القاهرة. وهى فى موقع استراتيجى بين وادى النيل والدلتا، وفيه يلتقى الصعيد بالدلتا، وكذلك طرق التجارة. ويشير الدليل الأثرى إلى أن موقع هذه العاصمة المختارة كان موجودًا منذ عصر ما قبل الأسرات. وكان من أبرز ملامح هذه العاصمة المبانى الإدارية مثل المبنى الأبيض، الذى احتوى على المقر الملكى ومكاتب الحكومة. ومثلت هذه المدينة مركز الوحدة وميزان الأرضين، أرض مصر السفلى وأرض مصر العليا، واختار الملك بذكاء ذلك المكان المتوسط، الذى سوف يكون أغلب الوقت المكان الأبدى الذى سوف تُحكم منه مصر، باستثناء مدينة الإسكندرية، التى اتخذها البطالمة والرومان من بعدهم عاصمة لمصر حتى تكون قريبة من بلادهم الأصلية. وأول ملوك مصر المحاربين هو الفرعون حور عحا، أى (الصقر المحارب)، الذى يظهر اسمه طبيعة الفترة التى عاش فيها. وأطلق عليه اسم «مِنِىِ» أو «مينا»، بمعنى «المثبِّت»، أى الذى ثبَّت أركان الوحدة المصرية، كما سلف القول.
وشهد هذا الملك فى فترة حكم والده، الملك «نعرمر» (أو نارمر آخر ملوك عصر الأسرة صفر)، عصرًا طويلاً من الصراعات السياسية والعسكرية عبر الأرض المصرية ككل. ومن الجدير بالذكر أنه تم توحيد الأرض المصرية حضاريًا ودينيًا تحت راية المعبود حورس، الذى حارب تحت رايته أتباعه إلى أن تم استكمال الوحدة السياسية من الجنوب إلى الشمال على مراحل، وصلت نهايتها إلى أعماق الدلتا المصرية، كما أشرنا من قبل.
والملك حور عحا أو مينا هو أول ملوك مصر، وهو الذى وحّد القطرين، وأنشأ الدولة المركزية فى حوالى عام 3200 قبل الميلاد، كما سلف الذكر. وكانت القوة العسكرية فى عهد هذا الملك المؤِّسس تقوم على توحيد أرض مصر تحت قوة واحدة وتحت راية واحدة، والدفاع عن الحدود المصرية ضد أى عدوان خارجى، مع بسط نفوذ مصر فى الجنوب فى بلاد النوبة وفى الشمال الشرقى فى بلاد الشام.
ويشير نقش على بطاقة مصنوعة من العاج من منطقة أبيدوس فى محافظة سوهاج فى صعيد مصر إلى حملة عسكرية قام بها الملك حور عحا ضد بلاد النوبة. وتمت تسمية هذا العام «عام السيطرة على إقليم تا- ستى، (أى بلاد النوبة)». وتوضح بقايا آنية من منطقة عين باصور فى جنوب فلسطين المحتلة أن هذه المنطقة كانت مركزًا نشيطًا فى فترة حكم هذا الملك، وأنه كانت هناك مراكز عسكرية وإدارية مصرية فى هذا الجزء من جنوب فلسطين لحماية وتأمين طرق التجارة المصرية. وامتد الملك حور عحا بحدود وسيطرة ونفوذ مصر إلى منطقة جبيل فى جبل لبنان على الساحل الفينيقى. وأمدتنا مقبرة الملك حور عحا، ضمن مقابر ملوك الأسرة الأولى بأبيدوس، ببقايا أوانٍ من جنوب بلاد الشام. هذا فرعون قاتل من أجل نشأة أمة وتأسيس دولة. وتلك هى مصر المحاربة، التى علمّت العالم مبادئ العدل والحق والقوة وعدم العدوان والدفاع عن الأوطان منذ فجر التاريخ. وهذا هو الملك الذى أسس مدينة إنب حدج، أو «الجدار الأبيض»، لتكون واحدة من أبرز ثمراته وإنجازاته، والتى سوف تكون فى أغلب الأوقات مقر وعاصمة حكم مصر الأبدى بسبب توسط موقعها الجفرافى المميز، مما يؤكد حسن اختيار هذا الملك لهذا المكان الممتاز كى يكون عاصمة متميزة وأبدية للبلاد.
* مدير متحف الآثار- مكتبة الإسكندرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.