سادت حالة من الغضب الإسرائيلى الأمريكى عقب إعلان قرار المحكمة الجنائية الدولية عزمها فتح تحقيق بجرائم الاحتلال الإسرائيلى فى أرض دولة فلسطينالمحتلة، فيما رحبت جامعة الدول العربية بالقرار. وقالت رئيسة الادعاء فى المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، إنها ستفتح تحقيقا كاملا فى اتهامات ارتكاب جرائم حرب فى الأراضى الفلسطينية فور تحديد نطاق السلطة القضائية للمحكمة فى هذا الشأن. ويفتح الإعلان الباب لاحتمال توجيه اتهامات لإسرائيليين أو لفلسطينيين. وقالت بنسودا إن الفحص الأولى لجرائم الحرب، والذى فُتح فى عام 2015، أسفر عن معلومات كافية تفى بجميع متطلبات فتح التحقيق. وأضافت فى بيان: «لدىّ قناعة بأن جرائم حرب ارتُكبت أو تُرتكب فى الضفة الغربية بما يشمل القدسالشرقية وقطاع غزة». وقالت إنها قدمت طلبا لقضاة المحكمة لإصدار حكم بشأن ولايتها القضائية فى هذه القضية بسبب التنازع على الوضع القانونى للأراضى الفلسطينية. وأضافت أن تحديد المناطق التى تستطيع إجراء التحقيق فيها يجب أن يتم قبل الشروع فيه بدلا من «الاستقرار عليه لاحقا من القضاة بعد استكمال التحقيق». ولم يتضح بعد متى سيتم اتخاذ قرار، لكن بنسودا قالت إنها طلبت من المحكمة أن «تبت على وجه السرعة»، وأن تسمح للضحايا المحتملين بالمشاركة فى الإجراءات. ورحبت وزارة الخارجية الفلسطينية بالإعلان عن التحقيق المزمع، قائلة إن التحقيق «طال انتظاره فى الجرائم التى ارتُكبت وتُرتكب فى أرض دولة فلسطينالمحتلة بعد ما يقرب من 5 سنوات من بدء الدراسة الأولية فى الحالة». وقال وزير الخارجية الفلسطينى، رياض المالكى، على «تويتر»: «نعم هذا يوم أسود فى تاريخ إسرائيل، قرار المدعية العامة فى المحكمة الجنائية الدولية هو انتصار للعدالة وللحق الفلسطينى». فى المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إن «هذا يوم أسود للحقيقة والعدل»، معتبرا القرار «باطلا». ووصف المحكمة بأنها «أداة سياسية» موجهة ضد إسرائيل، متهما بنسودا بأنها «تجاهلت الحجج الجدية التى قدمناها». واعتبر نتنياهو أنه ليس من اختصاص المحكمة أن تنظر فى هذه القضية، وأن «المحكمة لديها اختصاص بدعاوى مقدمة من قبل دول ذات سيادة، فيما لم تكن هناك دولة فلسطينية أبدا». وانتقد يائير لابيد، الرئيس المشترك لتحالف «أزرق أبيض»، أكبر منافس سياسى لنتنياهو فى إسرائيل، قرار بنسودا، واصفا إياه ب«الاستسلام أمام الدعاية الكاذبة والمشهرة للإرهاب الفلسطينى». وحمّل تسفى هاوزر، عضو الكنيست عن «أزرق أبيض»، نتنياهو المسؤولية عن وصول الأمور إلى هذا الحد، مذكرا بأن نتنياهو لم يتمكن من منع فلسطين من الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية عام 2015. وقال هاوزر على «تويتر»: «اليوم بدأنا نعانى آثار الفشل التاريخى فى 2015. تحمّل المسؤولية يا نتنياهو». وقال المدعى العام الإسرائيلى، أفيخاى ماندلبليت، إن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها اختصاص للنظر فى هذه القضية، مشيرا إلى أن الفلسطينيين يسعون لجعل المحكمة تحسم القضايا السياسية التى يجب حلها عبر مفاوضات، وليس من خلال مرافعات جنائية. وانتقد المستشار القانونى للخارجية الإسرائيلية، تال بيكر، القرار قائلا إن «هناك جهدا فلسطينيا لتحويل النزاع إلى قضية جنائية، حيث الإسرائيليون الجهة الوحيدة التى لها التزامات قانونية، والفلسطينيون الجهة الوحيدة التى لها حقوق»، مضيفا أن ذلك سيزيد من ابتعاد الطرفين عن بعضهما البعض. وفى الولاياتالمتحدة، قال وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو، فى بيان، إن الولاياتالمتحدة لا تعتقد أن الفلسطينيين مؤهلون كدولة ذات سيادة. وأضاف: «نعارض بكل قوة هذا الإجراء وأى إجراء آخر يحاول استهداف إسرائيل دون وجه حق». من جانبها، رحبت الجامعة العربية بقرار المحكمة الجنائية الدولية، وأكد الدكتور سعيد أبوعلى، الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضى العربية المحتلة بالجامعة، أمس، أن القرار يشكل خطوة نوعية مهمة تعبر عن إرادة المجتمع الدولى الذى طالما أدان هذه الجرائم وطالب بوقفها والتحقيق فيها ومساءلة سلطة الاحتلال عنها وتقديم مرتكبيها للعدالة الدولية، بما يشمل توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطينى على طريق إنهاء الاحتلال الإسرائيلى، مضيفا أن ذلك ما دعت إليه بإلحاح دول الجامعة العربية فى عديد من القرارات الصادرة عن مجالس الجامعة. ووصف أبوعلى القرار بأنه «الأكثر إلحاحا فى ظل ما تتعرض له فلسطين من جرائم حرب بما فيها الاستيطانية غير المسبوقة»، مشيرا إلى أن ذلك يدعو الجميع، خاصة محكمة الجنايات، للعمل على استكمال هذه الخطوة ومتابعة تنفيذ القرار المهم بالإيجابية والسرعة والفاعلية اللازمة لتحقيق المقاصد المرجوة لنظام العدالة وإنصاف وحماية الشعب الفلسطينى. ويدخل فى سلطة المحكمة الجنائية الدولية نظر قضايا جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، التى تُرتكب فى أراضى الدول الموقعة على اتفاق قيامها وعددها 123 دولة. ولم تنضم إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية لكن السلطة الفلسطينية، وهى هيئة حكم ذاتى محدود فى الضفة الغربية التى تحتلها إسرائيل، انضمت إلى المحكمة.