«عمار يا اسكندرية يا جميلة يا ماريّا، وعد ومكتوب عليّا ومسطّر ع الجبين»، هل كان يقصد شاعر العامية سيد حجاب، عندما كتب هذه الكلمات التى غناها الفنان محمد الحلو، «معمار» الإسكندرية، وهل كانت «ماريّته» هى مدينة ماريّا البيزنطية الأثرية، وربما الوعد الذى كتب عنه «حجاب» كان ذلك الذى قطعته كل حضارة مرت على المدينة، بأن تترك بصمة واضحة ومعلماً بارزاً، يشكل واقعها الكوزموبوليتانى، وينعكس على تخطيط شوارعها ومعمارها وتراثها العمرانى. باباً فتحه الإسكندر الأكبر للحضارات والثقافات المتنوعة، عندما أعجبه هذا الشريط الممتد بين البحر وبحيرة مريوط وقرر أن يبنيها مدينة تحمل اسمه، ولم يُغلق إلا برحيل آخر الجاليات الأجنبية التى استوطنت المدينة، وأثروا الطراز المعمارى للثغر، بدءاً بالفرنسيين ووصولاً لليهود. لم يكن بالمدينة عندما أتت الحملة الفرنسية إلى مصر سوى بعض الشوارع المتعرجة وبيوت الصيادين المتلاصقة، ولم يتمكن الفرنسيون من القيام بأعمال مهمة، نظراً لقصر المدة التى قضوها بالمدينة، إلا إنهم قاموا بتحصين القلاع القديمة وبناء قلعة «كريتان» بكوم الدكة وقلعة «كفاريللى» بكوم الناضورة، وثالثة بالعجمى، إلا أن من تبقى منهم بعد جلاء الحملة كان لهم أثر كبير فى إثراء الطراز المعمارى للمدينة بعد عدة سنوات، خاصة من خلال مؤسساتهم التعليمية، مثل: مدرسة «الليسيه» و«الراهبات» ومدارس «الفرير»، مثل: «سان مارك» و«سان جوزيف» و«سان جبيريل»، وكان من ضمن مهندسيهم «أوجست» الذى صمم فيللا «أجيون»، والمهندس «كلوزييه» الذى صمم حى سموحة، ومستشفى «كوتسيكا» ل«جين والتر». «عندما تولّى الأتراك شؤون الحكم عام 1805، أقاموا القصور وبنوا الميادين والحدائق والقنصليات والفنادق والمستشفيات متتبعين التخطيط الأوروبى»، هكذا عبر الدكتور عباس يحيى نائب رئيس لجنة الحفاظ على التراث المعمارى بالمحافظة، عن تأثير الأتراك على المعمار فى الثغر. «ترسانة السفن الحربية وميدان القناصل- المنشية فيما بعد- وميدان عرابى أو الحدائق الفرنسية، وميدان محطة مصر والخط الحديدى بين القاهرةوالإسكندرية «بعض ما أنجزه الأجانب فى عهد الأتراك»، حسبما قال «يحيى»، موضحاً أن أفراد العائلة الخديوية والشوام أقاموا العديد من العمارات التى أطلق عليها «وكالات»، بالإضافة إلى «السرايات» التى أقيمت حول قنال المحمودية وأحاطتها الحدائق مثل حديقة «باستريه» أو النزهة وحديقة «أنطونيادس». «شوتس وبولكلى ومصطفى كامل وزيزنيا وستانلى وغيرها»، كلها أحياء سميت بأسماء أصحابها الأوروبيين، الذين اهتموا من خلال مجلس «الأورناطو» بتخطيط الشوارع والميادين والحدائق والأسواق وإنشاء الحمامات والمسارح، حتى قام الأسطول الإنجليزى بضرب المدينة عام1882، وتهدمت معظم المبانى جراء القصف المدفعى. «اليونانيون».. كانوا يمثلون أكبر جالية واستقروا بمصر فى عهد محمد على، وبنوا مبانيهم على الطراز «الكلاسيكى الحديث»، وظهر من بينهم معماريون كبار، مثل «بارسكيفاس» الذى صمم مدرسة البنات فى العطارين، و«جريباريس» الذى صمم البنك الأهلى المصرى. 2-6