خلال خمسة أيام بدأت في الثامن من فبراير قدمت فرقة "كومبلكشنز" الأمريكية علي مسارح دار الأوبرا بالقاهرة والأسكندرية عدة حفلات لاقت نجاحا ملموسًا. وقد تكونت الفرقة لتقديم مايعرف بالباليه المعاصرعلي يد "دوايت رودن، وريتشارد سون" الراقصين السابقين عام 1994م، والفرقة تعتمد علي المزج بين الأساليب، والثقافات والرؤية المشوقة المصحوبة بالابهار الحركي. وتنطلق ابتكارات الفرقة من فكرة أن الرقص يجب أن يكون أداة لإزالة الحدود والحواجز بين الثقافات، وبناء علي ذلك تحاول الفرقة تجاوز الأساليب التقليدية التي تتحدد بالزمان والمكان والثقافة، وابتكار شكل حر دائم التطور للرقص يتلاءم مع التغيرات العالمية المتلاحقة . لقد جعل "دوايت رودن، وريتشارد سون" من فرقة كومبلكشنز مؤسسة متخصصة في الباليه المعاصر يقدم من خلالها الموهوبين في مجال الرقص لبناء مستقبلهم الفني بعد ذلك. الباليه المعاصر الباليه المعاصر مصطلح شاع استخدامه في نهاية العقد الأول من النصف الثاني من القرن العشرين، وهو نوع من الرقص المتأثر بكل من فن الباليه الكلاسيكي والرقص الحديث، ويعتبر "جورج بلانشاين" الرائد الأول للباليه المعاصر. وتبرز الفروقات بين الباليه الكلاسيكي والمعاصر في جوانب شتي أهمها: أن الباليه الكلاسيكي يتقيد بقصة أو حدوتة "ليبرتو"، أما المعاصر فيعتمد علي ابراز الحركة . الباليه الكلاسيكي يهتم بالتوازن والتناظر في الحركة والتشكيلات علي خشبة المسرح، اما المعاصر لا يرتكز علي هذا التوازن أو التناظر في الحركات الراقصة فمن الممكن أن يقوم كل راقص بحركة مختلفة عن الراقصين الآخرين في آن واحد. الباليه الكلاسيكي قد يشتمل علي فن التمثيل الايمائي للتعبير عن حالة انفعالية محددة داخل القصة، بينما المعاصر يهتم بالتفسير المادي للموضوع الذي تدور حوله الرقصة. الباليه الكلاسيكي تؤلف له مؤلفات موسيقية خاصة، أما المعاصر فيعتمد في الغالب علي الاعداد الموسيقي، فموسيقاه متنوعة من أي زمن وعصر ولون، وليس من الضروري أن تكون مؤلفات موسيقية أوركسترالية. برنامج الحفل قدمت الفرقة ستة رقصات وهي مقتطفات من أعمال الفرقة علي مدي تاريخها الفني. الرقصة الأولي بعنوان "نوبات غضب" قدمتها الفرقة عام 2006، علي موسيقي "باخ" بأداء من آلة التشيللو، ملابس دي إم ديزاين وكانت بدرجات من الألوان الترابية المتجانسة مع لون البشرة الطبيعي. واعتمدت هذه الرقصة علي الأداء الثنائي بين راقص وراقصة تخللها بعض التشكيلات، وانتهاء الرقصة مثل بدايتها بأداء راقص جماعي . الرقصة الثانية بعنوان "رحيل" وقدمتها الفرقة عام2000، علي موسيقي "فيراهول" غناء أوديتا (ألبوم تراديشن ماسترز) وهو عبارة عن غناء يصحبه ايقاع فقط دون أية آلات موسيقية، وطغي علي هذه الرقصة الشكل المثلثي في تشكيل الراقصين والراقصات وتخللها الرقص الفردي، والأداء فيها اتسم بالعنف نوعا عن الرقصات الأخري. الرقصة الثالثة بعنوان "مودي بلوز" قدمتها الفرقة عام 2006، موسيقي "روي بوتشانان، عندما يعزف الجيتار موسيقي البلوز"، وهذه الرقصة بدأت براقص واحد ومع دخول الايقاع يدخل راقص ثان ثم ثالث وتتوحد حركاتهم الراقصة، بعدها تدخل راقصتين، وقدم من خلال هذه الرقصة الرقص الفردي والثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي، وقد راعي المصمم في هذه الرقصة التوازن والتناظر في الحركات الراقصة وتوزيع الراقصين علي الخشبة. الرقصة الرابعة بعنوان "لحظات الي الأبد" وقدمتها الفرقة عام 2007، علي موسيقي "جورج هاندل، وجون كدج" عزفتها آلات الهاربسكورد، البيانو، الماريمبا، وهي رقصة ثنائية كانت أميل إلي الباليه الكلاسيكي بدءاً من فستان الراقصة الذي كان عبارة عن تنويع علي الفستان الكلاسيكي للباليه والمعروف باسم «توتيوtutu » ولكن بدلا من استدارته الكاملة، صممتها "كرستين دارش" علي شكل ورقة شجرة والثوب بأكمله برتقالي اللون، انتهاء بالأداء الراقص والخطوات، وقد طغت علي الرقصة اضاءة صفراء برتقالية، وهي أهدأ الرقصات في البرنامج. الرقصة الخامسة بعنوان "رحمة" وقدمتها الفرقة عام 2009، علي موسيقي ُمعدة لمؤلفين متنوعين، وقدمها جميع أعضاء الفرقة، وفي الواقع هي ليست رقصة وانما صورة راقصة حيث تستشعر منذ بدء الرقصة أنك في أجواء روحانية مرتبطة بالعبادة والتورع وتقديم القرابين وأعطي هذا الانطباع تصميم الملابس البيضاء الشفافة الشبيهة بالسراويل ذات الطابع العربي وهي من تصميم "كرستين دارش" أيضا، مرورا بالموسيقي التي اشتملت علي غناء لكورال الرجال مصحوبة بإيقاعات، وأصوات الأجراس المتقطعة والتي رقص عليها ثنائي دون أية موسيقي أو إيقاع حديث والجدير بالذكر أن الرقص دون ناظم زمني من أصعب مايكون ولذلك التقدير لهذا الثنائي ولمصمم الرقصات واجب. الرقصة السادسة والتي كانت في الفاصل الثاني من البرنامج بعنوان "الشروق"، علي موسيقي فريق "يوتو"، وقد استعرضت الرقصات من خلالها رحلة الحياة بتعقيداتها وأفراحها وفي النهاية الرحلة ينتصر الخيال والحب، وقد عبرعن كل ذلك الجسد من خلال الحركات والتشكيلات المتنوعة المفعمة بالحيوية والسرعة والتمكن، استخدمت تقنية "السلويت" في العرض حيث يبدو الراقصون والراقصات كأنهم ظلال، والتنوع في الرقص الفردي والثنائي والثلاثي والجماعي. صمم جميع الرقصات والصور الراقصة "دوايت رودن"، أما الإضاءة التي كانت عنصرا ضمن عناصر الابهار في جميع الرقصات صممها "مايكل كورش" باستثناء رقصة مودي بلوز والتي صممت اضاءتها "نيت مكجاها"، تصميم الملابس كانت ل "دي ام ديزاين، وكريستين دارش". وقد قدم الرقصات ثمانية عشر راقصاً وراقصة من بلاد وقارات متنوعة فمنهم الأسباني، والأمريكي، والياباني، والأرجنتيني، والكندي، وجميعهم يتقنون مايفعلون ويجمعهم فقط حبهم للرقص.