مع حلول ذكري ثورة يوليو يأتي معها نسمات الاحتفالات والأغاني الوطنية الخاصة بالثورة وغيرها التي انفرد بكتابتها المبدعون ووضع موسيقاها عظماء الملحنين وتغني بها عمالقة الفن الجميل في ذلك العصر الذين صنعوا مشاعر واحاسيس وطن مستلهمة من روح الثورة والصمود وبكلمات تعبر عن معاني الحب والوفاء للوطن وللأرض والكرامة وللشعب التي مازالت في الوجدان والقلوب أكثر من نصف قرن من الزمان لتبقي شاهدة علي زمن الفن الأصيل والألحان العذبة ذات الأفكار الموسيقية المتميزة التي تعكس الصدق والتوهج الفني والعطاء والموهبة بروح وايقاعات والأحوال السائدة في المجتمع سواء السياسية أو الثقافية أو الاجتماعية بأغان تصور المجتمع خلال أعوام الثورة وحتي نكسة 1967 ومنها علي «باب مصر» وصوت بلدنا وشوف وحبنا الكبير وحق بلادك لأم كلثوم وبلدي احببتك لمحمد فوزي وع الدوار لمحمد قنديل وأغنية وطني وصبايا وأحلامي لنجاة ورائعة نجاح سلام مع الموجي بأغنية يا أحلي اسم في الوجود ويا بلدي لشادية وغيرها من الأغاني التي تذكرنا بروح الوطنية وشكلت تراثا في مكتبة الفن الأصيل والذي نذكره في الذكري 58 لثورة يوليو خلال هذا التقرير في السطور القادمة. بداية كان المبدع صلاح جاهين وكمال الطويل وعبدالحليم حافظ ثلاثي رموز عصر الثورة ومبدعيها فعبروا عن أهداف الثورة ومبادئها وأحلامها كما خطط لها أصحاب الضباط الأحرار وكانت كلمات تلك الأغاني تدور في فلك التنمية والوحدة العربية والقومية باعتبارها من أهداف الثورة ولمعت مع صلاح جاهين في هذا اللون كوكبة من مبدعي وعظماء الكلمة ومن بينهم أحمد شفيق كامل ومرسي جميل عزيز وحسين السيد وعبدالفتاح مصطفي وعبدالرحمن الأبنودي ومن مبدعي الألحان كمال الطويل ومحمد الموجي وبليغ حمدي ومن المطربين وعمالقة الغناء الذين تغنوا بها حليم وأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وشادية وليلي مراد ونجاح سلام وفايزة وغيرهم فكان العندليب عبدالحليم حافظ نبض الثورة وخير معبر عن عصرها بل واعتبر مطرب الثورة لأنه جاء متزامنا مع بداية الثورة وكان من أحد أبناء الطبقات الفقيرة فأصبح صوته هو صوت الثورة الحقيقي في كل عام وكانت أغنية «احنا الشعب» أول أغنية تغني بها حليم للرئيس جمال عبدالناصر عام 1956 بعد انتخابه رئيسا للجمهورية وكان أول لقاء وطني بين حليم وجاهين. حكاية شعب بصوت حليم وغني العندليب الأسمر أيضا أغاني عديدة منها يا جمال يا حبيب الملايين كما غني لإنجازات الثورة ومشروعاتها ومنها أغنية «حكاية شعب» عندما خاضت الثورة معركة السد العالي التي رددها الناس عقب العدوان الثلاثي فكتب كلماتها الشاعر أحمد كمال شفيق ولحنها كمال الطويل في حفل أضواء المدينة بأسوان ووضع حجر الأساس لبناء السد العالي. وفي مطلع الستينات غني حليم «المسئولية وبستان الاشتراكية وثورتنا المصرية وصورة وبالأحضان والله الله يا بلدنا. عمالقة ونجوم الثورة ومن أشهر العمالقة الذين تغنوا للثورة كوكب الشرق أم كلثوم، حيث غنت «والله زمان يا سلاحي» عام 1956 أثناء حرب السويس التي أصبحت نشيدا علي لسان الشعب العربي وبعدها قرر عبدالناصر أن يكون هذا النشيد هو السلام الجمهوري لمصر حتي 1979 الذي استبدله السادات بنشيد بلادي لسيد درويش عقب اتفاقية السلام مع إسرائيل وغنت كوكب الشرق أيضا للثورة «محلاك يا مصري» و«ثوار» كلمات بيرم التونسي وألحان رياض السنباطي وبعدها غنت أغنيتي صوت السلام وفرحة القتال من ألحان الموجي وللسد العالي غنت كان حلما وخاطرا وحولنا مجري النيل. ولا ننسي أوبريت الوطن الأكبر لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب وشاركت فيه مجموعة من المطربين منهم حليم وشادية وصباح وفادية كامل ووردة وكان لعبدالوهاب نشيد «الحرية» وقدم مجموعة من الأغاني النادرة التي جاءت مع الوحدة المصرية السورية ومن هذه الأغاني أغنية عربية والله ثالثنا ويا الهي ونشيد الوحدة لأم كلثوم ومن الموسكي لسوق الحميدية لصباح ووحدة ما يغلبها غلاب لمحمد قنديل وغلبها ألف غلاب كل هذه الأغاني أصبحت رصيدا في تاريخ الغناء الوطني. نبض وحس الوطن وفي هذا السياق هناك أغنيات عكست وصورت المجتمع المصري وأوضاعه السائدة خلال أعوام الثورة وحتي عام النكسة وأشهرها «علي باب مصر» و«طوف وشوف» وحبنا الكبير وحق بلادك وصوت بلدنا لكوكب الشرق أم كلثوم وبلدي احببتك لمحمد فوزي وعلي الدوار لمحمد قنديل وأغنية وطني وصباي لنجاة الصغيرة «واحلم يا شعب» ونهضة جديدة لفادية كامل وراية العرب لفايزة أحمد إلي جانب مجموعة أخري من الأغنيات الجماعية ومنها صوت الجماهير وقولو لمصر كأصوات غنت بقلبها ونبض الشعب. وأخيراً لمعت في هذه الأجواء الوطنية والحس الشعبي الأغنيات التي برعت فيها شادية التي كان من أبرزها يابنت بلدي عندما اعطت الثورة للمرأة حقها السياسي في الانتخاب والترشيح في البرلمان وأن تحصل علي حقوقها السياسية مثل الرجل تماما وكان ذلك في دستور 56 ولها أيضا أغنية عربي في كلامه التي تتحدث عن أحلام الثورة وأحلام الرئيس جمال عبدالناصر في قيام الوحدة العربية من خلال تحديد نضال الشخصية العربية والطابع القومي وأغنية ضربة معلم كلمات مأمون الشناوي وتلحين منير مراد ويا حبيبتي يا مصر كلمات محمد حمزة ويا أم الصابرين وأغنيتها الرائعة يا طريقنا يا صديق التي غنتها شادية في سنوات حرب الاستنزاف وغيرها من الأغاني الوطنية الخالدة في وجداننا وتحيا بذكري الثورة كل عام من تراث مكتبة أغاني الزمن الجميل.