استجابة ل«هويدا الجبالي».. إدراج صحة الطفل والإعاقات في نقابة الأطباء    بنك مصر يشارك في 26 عملية تمويلية ب246.7 مليار جنيه خلال 2023    الاتحاد من أجل المتوسط: مؤتمر الاستجابة لغزة عكس مواقف مصر نحو القضية الفلسطينية    وزير الخارجية الأمريكي: لن نسمح لحماس بتقرير مصير غزة بعد انتهاء الحرب    بعد غياب 34 يوما| الأهلي جاهز لعودة الدوري بمواجهة فاركو غداً    رغم أزمته مع لجنة الحكام، قمر الدولة يحكم مباراة الحدود ومنتخب السويس    اتحاد الكرة يرد على تصريحات رئيس إنبي    "يورو 2024".. بطولة تحطيم الأرقام القياسية    أخبار مصر.. تأجيل محاكمة سفاح التجمع الخامس ل16 يوليو فى جلسة سرية    تسلل ليلًا إلى شقتها.. ضبط المتهم بقتل عجوز شبرا لسرقة ذهبها وأموالها    سفير مصر بالكويت: حالة المصاب المصرى جراء حريق عقار مستقرة    محمد الشرنوبي يطرح أغنيته الجديدة "استغنينا" (فيديو)    وزارة الصحة تتابع مشروع تطوير مستشفى معهد ناصر وتوجه بتسريع وتيرة العمل    جامعة بنها ضمن أفضل 10 جامعات على مستوى العالم    البنك الأهلي يحصل على شهادة ISO 9001 في الامداد اللوجيستي من المواصفات البريطانية    يورو 2024| ألمانيا يبدأ المغامرة وصراع ثلاثي لخطف وصافة المجموعة الأولى.. فيديوجراف    إجازة المشاهير| «وفاء» هتحضر أكلة شهية و«نبيلة» هتفرق العيدية    السبت أم الأحد..الإفتاء تحدد موعد وقفة عرفة رسميًا    بلغت السن المحدد وخالية من العيوب.. الإفتاء توضح شروط أضحية العيد    ندوة مركز بحوث الشرطة لمواجهة الأفكار الهدامة توصى بنشر الوعي والتصدي بقوة للشائعات    مجدي البدوي: «التنسيقية» نجحت في وضع قواعد جديدة للعمل السياسي    بلينكن: نعمل مع شركائنا فى مصر وقطر للتوصل لاتفاق بشأن الصفقة الجديدة    المدارس المصرية اليابانية: تحديد موعد المقابلات الشخصية خلال أيام    أبو الغيط: استمرار الصراع فى السودان سيؤدى إلى انهيار الدولة    حملات مكثفة بالإسكندرية لمنع إقامة شوادر لذبح الأضاحي في الشوارع    7 نصائح للوقاية من مشاكل الهضم في الطقس الحار    محافظ المنيا يشدد على تكثيف المرور ومتابعة الوحدات الصحية    القوات المسلحة توزع كميات كبيرة من الحصص الغذائية بنصف الثمن بمختلف محافظات    بالأسعار.. طرح سيارات XPENG الكهربائية لأول مرة رسميًا في مصر    مبابي: أحلم بالكرة الذهبية مع ريال مدريد    "سيبوني أشوف حالي".. شوبير يكشف قرارا صادما ضد محترف الأهلي    10 آلاف طن يوميًا.. ملياردير أسترالي يقترح خطة لإدخال المساعدات إلى غزة (فيديو)    مراسل القاهرة الإخبارية من معبر رفح: إسرائيل تواصل تعنتها وتمنع دخول المساعدات لغزة    جامعة سوهاج: مكافأة 1000 جنيه بمناسبة عيد الأضحى لجميع العاملين بالجامعة    أسماء جلال تتألق بفستان «سماوي قصير» في العرض الخاص ل«ولاد رزق 3»    وفاة الطفل يحي: قصة ونصائح للوقاية    القوات المسلحة تنظم مراسم تسليم الأطراف التعويضية لعدد من ضحايا الألغام ومخلفات الحروب السابقة    إصابة 3 طلاب في الثانوية العامة بكفرالشيخ بارتفاع في درجة الحرارة والإغماء    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    الجلسة الثالثة من منتدى البنك الأول للتنمية تناقش جهود مصر لتصبح مركزا لوجيستيا عالميا    أيمن عاشور: مصر تسعى لتعزيز التعاون مع دول البريكس في مجال التعليم العالي والبحث العلمي    مساعد وزير الصحة لشئون الطب الوقائي يعقد اجتماعا موسعا بقيادات مطروح    «أوقاف شمال سيناء» تقيم نموذج محاكاه لتعليم الأطفال مناسك الحج    وزير الإسكان يوجه بدفع العمل في مشروعات تنمية المدن الجديدة    عفو رئاسي عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى 2024    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق بالكامل لشركة «أرامكو» بقيمة 11 مليار دولار في سوق الأسهم السعودية    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    الأرصاد تكشف عن طقس أول أيام عيد الأضحي المبارك    رئيس الحكومة يدعو كاتبات «صباح الخير» لزيارته الحلقة السابعة    "مقام إبراهيم"... آية بينة ومصلى للطائفين والعاكفين والركع السجود    اليونيسف: مقتل 6 أطفال فى الفاشر السودانية.. والآلاف محاصرون وسط القتال    نصائح لمرضى الكوليسترول المرتفع عند تناول اللحوم خلال عيد الأضحى    وزير الدفاع الألماني يعتزم الكشف عن مقترح للخدمة العسكرية الإلزامية    حبس شقيق كهربا في واقعة التعدي علي رضا البحراوي    النمسا تجري الانتخابات البرلمانية في 29 سبتمبر المقبل    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    «اتحاد الكرة»: «محدش باع» حازم إمام وهو حزين لهذا السبب    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 12-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا تلاميذ غزة.. علمونا بعض ما عندكم
نشر في البوابة يوم 19 - 07 - 2014


إعداد: محمد حافظ
إشراف: سامح قاسم
لم يقبل الشعر العربي الانحناء؛ كما انحنى العرب، أو التهاون؛ كما تهاون أصحاب القضية في الحقوق العربية الفلسطينية، ولم يقف مكتوف الأيدي تجاه ما يحدث في غزة منذ عشرات السنين وإلى الآن؛ من مجازر وكوارث وموبقات ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني.
بل كان في الصدارة، وكان أكثر وأسرع الألوان الفنية والأدبية اشتباكا مع الواقع الأليم في غزة، وكانت قضية الصراع ملهمة لمئات من الشعراء، على مدى تاريخ القضية، تقرع ضمائر العالم الميت، وتوقظ سبات العقول الخربة من الأفكار التي سيطرت عليها.
فالقضية قديمة والصراع أزلي والقضية متشابكة، وحتى في الأديان السماوية والكتب المقدسة لم تغب القضية وظلت حاضرة، ففي القرآن الكريم قال المولى عز وجل في محكم التنزيل: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله، لنريه من آياتنا أنه هو السميع البصير".
وفي الإصحاح الثالث من سفر نشيد الإنشاد في العهد القديم جاء فيه: "في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي طلبته فما وجدته، إني اقوم واطوف في المدينة في الأسواق وفي الشوارع اطلب من تحبه نفسي طلبته فما وجدته، وجدني الحرس الطائف في المدينة فقلت أرايتم من تحبه نفسي، فما جاوزتهم إلا قليلا حتى وجدت من تحبه نفسي فامسكته ولم أرخه حتى أدخلته بيت أمي وحجرة من حبلت بي، احلفكن يا بنات أورشليم بالظباء وبايائل الحقل إلا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى يشاء".
أما درة ما كتب من الأشعار في غزة وما يحدث بها فقد نظمه الشاعر العربي الكبير نزار قباني في ثلاثيته الشهيرة "أطفال الحجارة" والتي جاء بها:
يا تلاميذ غزة
علمونا
بعض ما عندكم
فنحن نسينا
علمونا
بأن نكون رجالا
فلدينا الرجال
صاروا عجينا
علمونا
كيف الحجارة تغدو
بين أيدي الأطفال
ماسا ثمينا
كيف تغدو
دراجة الطفل لغما
وشريط الحرير
يغدو كمينا
كيف مصاصة الحليب
إذا ما اعتقلوها
تحولت سكينا
يا تلاميذ غزة
لا تبالوا
بإذاعاتنا
ولا تسمعونا
اضربوا
اضربوا
بكل قواكم
واحزموا أمركم
ولا تسألونا
نحن أهل الحساب
والجمع
والطرح
فخوضوا حروبكم
واتركونا
إننا الهاربون
من خدمة الجيش
فهاتوا حبالكم
واشنقونا
نحن موتى
لا يملكون ضريحا
ويتامى
لا يملكون عيونا
قد لزمنا جحورنا
وطلبنا منكم
أن تقاتلوا التنينا
قد صغرنا أمامكم
ألف قرن
وكبرتم
خلال شهر قرونا
يا تلاميذ غزة
لا تعودوا
لكتاباتنا ولا تقرأونا
نحن آباؤكم
فلا تشبهونا
نحن أصنامكم
فلا تعبدونا
نتعاطى
القات السياسي
والقمع
ونبني مقابرا
وسجونا
حررونا
من عقدة الخوف فينا
واطردوا
من رؤوسنا الافيونا
علمونا
فن التشبث بالأرض
ولا تتركوا
المسيح حزينا
يا أحباءنا الصغار
سلاما
جعل الله يومكم
ياسمينا
من شقوق الأرض الخراب
طلعتم
وزرعتم جراحنا
نسرينا
هذه ثورة الدفاتر
والحبر
فكونوا على الشفاه
لحونا
أمطرونا
بطولة وشموخا
واغسلونا من قبحنا
اغسلونا
لا تخافوا موسى
ولا سحر موسى
واستعدوا
لتقطفوا الزيتونا
إن هذا العصر اليهودي
وهم
سوف ينهار
لو ملكنا اليقينا
يا مجانين غزة
ألف أهلا
بالمجانين
إن هم حررونا
إن عصر العقل السياسي
ولى من زمان
فعلمونا الجنونا
يرمي حجرا
أو حجرين
يقطع افعى إسرائيل إلى نصفين
يمضغ لحم الدبابات
ويأتينا
من غير يدين
في لحظات
تظهر ارض فوق الغيم
ويولد وطن في العينين
في لحظات
تظهر حيفا
تظهر يافا
تأتي غزة في أمواج البحر
تضيء القدس
كمئذنة بين الشفتين
يرسم فرسا
من ياقوت الفجر
ويدخل
كالاسكندر ذي القرنين
يخلع أبواب التاريخ
وينهي عصر الحشاشين
ويقفل سوق القوادين
ويقطع أيدي المرتزقين
ويلقي تركة اهل الكهف
عن الكتفين
في لحظات
تحبل أشجار الزيتون
يدر حليب في الثديين
يرسم أرضا في طبريا
يزرع فيها سنبلتين
يرسم بيتا فوق الكرمل
يرسم أما تطحن عند الباب
وفنجانين
في لحظات تهجم رائحة الليمون
ويولد وطن في العينين
يرمي قمرا من عينيه السوداوين
وقد يرمي قمرين
يرمي قلما
يرمي كتبا
يرمي حبرا
يرمي صمغا
يرمي كرأسات الرسم
وفرشاة الألوان
تصرخ مريم يا ولداه
وتأخذه بين الأحضان
يسقط ولد
في لحظات
يولد آلاف الصبيان
يكسف قمر غزاوي
في لحظات
يطلع قمر من بيسان
يدخل وطن للزنزانة
يولد وطن في العينين
ينفض عن نعليه الرمل
ويدخل في مملكة الماء
يفتح أفقا آخر
يبدع زمنا آخر
يكتب نصا آخر
يكسر ذاكرة الصحراء
يقتل لغة مستهلكة
منذ الهمزة حتى الياء
يفتح ثقبا في القاموس
ويعلن موت النحو
وموت قصائدنا العصماء
يرمي حجرا
يبدأ وجه فلسطين
يتشكل مثل قصيدة شعر
يرمي الحجر الثاني
تطفو عكا فوق الماء قصيدة شعر
يرمي الحجر الثالث
تطلع رام الله بنفسجة من ليل القهر
يرمي الحجر العاشر
حتى يظهر وجه الله
ويظهر نور الفجر
يرمي حجر الثورة
حتى يسقط آخر فاشستي
من فاشست العصر
يرمي
يرمي
يرمي
حتى يقلع نجمة داوود
بيديه
ويرميها في البحر
تسأل عن الصحف الكبرى
أي نبي هذا القادم من كنعان ؟
أي صبي
هذا الخارج من رحم الأحزان ؟
أي نبات أسطوري
هذا الطالع من بين الجدران ؟
أي نهور من ياقوت
فاضت من ورق القران ؟
يسأل عنه العرافون
ويسأل عنه الصوفيون
ويسأل عنه البوذيون
ويسأل عنه ملوك الجان
من هو الولد الطالع
مثل الخوخ الأحمر
من شجر النسيان ؟
من هو هذا الولد الطافش
من صور الأجداد
ومن كذب الأحفاد
ومن سروال بني قحطان ؟
من هو هذا الباحث
عن أزهار الحب
وعن شمس الإنسان ؟
ومن هو هذا الولد المشتعل العينين
كآلهة اليونان ؟
يسأل عنه المضطهدون
ويسأل عنه المقموعون
ويسأل عنه المنفيون
وتسأل عنه عصافير خلف القضبان
من هو هذا آلاتي
من أوجاع الشمع
ومن كتب الرهبان ؟
من هو هذا الولد
التبدأ في عينيه
بدايات الأكوان ؟
من هو
هذا الولد الزارع
قمح الثورة
في كل مكان ؟؟
يكتب عنه القصصيون
ويروي قصته الركبان
من هو هذا الطفل الهارب من شلل الأطفال
ومن سوس الكلمات ؟
من هو ؟
هذا الطافش من مزبلة الصبر
ومن لغة الأموات ؟
تسأل صحف العالم
كيف صبي مثل الوردة
يمحو العالم بالممحاة ؟
تسأل صحف في أمريكا
كيف صبي غزاوي
حيفاوي
عكاوي
نابلسي
يقلب شاحنة التاريخ
ويكسر بللور التوراة ؟؟
وكذلك قال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش في قصيدته الشهيرة "صمت من أجل غزة":
تحيط خاصرتها بالألغام.. وتنفجر.. لا هو موت.. ولا هو انتحار
إنه أسلوب غزة في إعلان جدارتها بالحياة
منذ أربع سنوات ولحم غزة يتطاير شظايا قذائف
لا هو سحر ولا هو أعجوبة، إنه سلاح غزة في الدفاع عن بقائها وفي استنزاف العدو
ومنذ أربع سنوات والعدو مبتهج بأحلامه.. مفتون بمغازلة الزمن.. إلا في غزة
لأن غزة بعيدة عن أقاربها ولصيقة بالأعداء.. لأن غزة جزيرة كلما انفجرت وهي لا تكف عن الانفجار خدشت وجه العدو وكسرت أحلامه وصدته عن الرضا بالزمن.
لأن الزمن في غزة شيئ آخر.. لأن الزمن في غزة ليس عنصرًا محايدًا إنه لا يدفع الناس إلى برودة التأمل. ولكنه يدفعهم إلى الانفجار والارتطام بالحقيقة. الزمن هناكلا يأخذ الأطفال من الطفولة إلى الشيخوخة ولكنه يجعلهم رجالًا في أول لقاء مع العدو.. ليس الزمن في غزة استرخاء ولكنه اقتحام الظهيرة المشتعلة.. لأن القيم في غزة تختلف.. تختلف.. تختلف.. القيمة الوحيدة للإنسان المحتل هي مدى مقاومته للاحتلال هذه هي المنافسة الوحيدة هناك.
أما الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم فنظم قائلا:
ناح الحمام في الدوح
دمع البنفسج سال
والورد مال مجروح
من شكة الموال
قال الحمام.. ياليل
ويا عيني ع اللي إنقال
مين يشتري الفيروز؟
غزه.. مع الدلاّل!
من فين يا شابة النسب
وبنت مين في الناس ؟
ومين في ناسك حسب
وعطاكي.. للنخاس!
بحرين عيونك أسى
ساقيين.. قلوب الناس
من فين يا شابه النسب
وبنت مين في الناس !؟
قالت بلهجة عرب
غزة.. في قلب العرب
حرة.. وأهلي عرب
خالص وبنت حلال
ألا-أونا بنت العرب
للبيع
ومين قال كام ؟
سنيورة شبه القمر
مصنوعة.. للأحلام
يا حلال
على المقتدر
وع الغلابة حرام
دق الجرس بالعدد
واحد
ومين قال كام ؟
البنت من بدعها
ضحكت
ومن قلبها
عشقت
ومن وجدها
سمع الوجود زلزال
وفي قصيدة "مقدمة لتاريخ ملوك الطوائف" لم يتجاهل الشاعر الكبير أدونيس ما يحدث في غزة فقال:
وجه يافا طفلٌ هل الشجَرُ الذابل يزهو؟ هل
دخل الأرض في صورة عذراء؟ من هناك يرجّ
الشرق؟ جاء العصف الجميلُ ولم يأتِ الخرابُ
الجميلُ صوتٌ شريدٌ...
كان رأسٌ يهذي يهرّجُ محمولًا ينادي أنا الخليفةُ)،
هاموا حفروا حفرةً لوجهِ عليٍّ
كان طفلًا وكان أبيضَ
أو أسودَ، يافا أشجارُه وأغانيه ويافا.
تكدّسوا، مزّقوا وجهَ عليٍّ
دمُ الذبيحة في الأقداحِ، قولوا: جبّانةٌ،
لا تقولوا: كان شعريَ وردًا وصار دماءً،
ليس بين الدماءِ
والورد إلا خيط شمسٍ، قولوا: رماديَ بيتُ
وابنُ عبّادَ يشحذ السّيفَ بين الرأس والرأسِ
وابنُ جَهْورَ ميْتُ.
لم يكن في البدايهْ
وأضاف في مقطع آخر:
كان فدائيٌّ يخطّ اسمه نارًا وفي الحناجر البارده
يموتُ
والقدسُ تخطّ اسمها:
لم تزل الدولةُ موجودةً
لم تزل الدولةُ موجودةً.
غيرَ أنَّ النّهَرَ المذبوحَ يجري:
كلّ ماءٍ وجه يافا
كل جرحٍ وجه يافا
والملايين التي تصرخُ: كلاّ، وجه يافا
والأحبّاء على الشُّرفة، أو في القيد، أو في القَبْر يافا
والدَّمُ النّازِفُ من خاصرةِ العالم يافا
سمِّني قيسًا وسَمِّ الأرض ليلى
باسْم يافا
باسم شعبٍ يرفع الشمس تَحيّهْ
سمِّني قنبلةً أو بندقيّهْ...
هذا أنا: لا، لستُ من عصر الأفولْ
أنا ساعةُ الهتْك العظيم أتت وخلخلةُ العقولْ
هذا أنا - عبرَتْ سحابه
حبلى بزوبعة الجنونْ
والتّيهُ يمرق تحت نافذتي، يقول الآخرونْ:
ماذا يقول الآخرون؟
يرعى قطيع جفونهِ
يصل الغرابةَ بالغرابهْ).
هذا أنا أصلُ الغرابةَ بالغرابهْ
أرّخْتُ: فوق المئذنهْ
قمرٌ يسوس الأحصنَهْ
وينام بين يدَيْ تميمه
وذكرتُ: بقّعتِ الهزيمه
جَسدَ العصورْ
وَهْرانُ مثل الكاظميَهْ
ودمشق بيروت العجوز
صحراءُ تزدردُ الفصولَ، دمٌ تعفّنَ - لم تعد نارُ الرموزْ
تلِد المدائنَ والفضاء، ذكرتُ لم تكن البقيّهْ
إلاّ دمًا هَرمًا يموتُ يموتُ بقّعتِ الهزيمَهْ
جسدَ العصورْ.
... في خريطةٍ تمتدّ إلخ، حيث تتحول الكلمة إلى نسيجٍ تعبرُ في مسامّه رؤوسٌ
كالقطن المنفوش، أيامٌ تحمل أفخاذًا مثقوبةً تدخل في تاريخٍ فارغ إلاّ من
الأظافر، مثلَّثاتٌ بأشكال النساء تضطجع بين الورقة والورقة; كلّ شيء يدخل
إلى الأرض من سُمّ الكلمة، الحشرةُ (... ) الشاعر.
بالوَخْز والأرق وحرارةِ الصّوت،
بالرّصاص والضوء، بالقمر ونملة سليمان،
بحقولٍ تثمر لافتاتٍ كتب عليها
(البحث عن رغيف)
أو
(البحث عن عجيزة لكن استتروا) أو (هل الحركة في الخطوة أم في الطريق؟)
والطريقُ رملٌ يتقوّس فوقه الهواء والخطوة زمنٌ أملس كالحصاة...
أما فؤاد حداد فلم ينس القضية الفلسطينية في قصيدة "شريان فلسطيني" حيث أنشد قائلا:
المسحراتى
(2)
مقطع
شريان فلسطينى
اصحى يانايم
وحد الدايم
وقول نويت
بكره أن حييت
الشهر صايم
والفجر قايم
أصحى يانايم
وحد الرزاق
رمضان كريم
مسحراتى من جنود الأرض
منقراتى كل دقه بفرض
أطلب غنايا زى أب ضناه
القدس لاحت في الطريق حضناه
يارب علمنى العطش والجوع
واجعل لعينى دموع
وأجعل لقلبى ضلوع
واجعلنى صوت الشهيد
في النبض والتنهيد
شريان فلسطينى شجر مزروع
في الارض جدر وفى الليالى فروع
يسمعنى خال في كل بلده وعم
جرح الملاجئ عمره ما يتلم
تفنى الليالى ولا يبور الدم
ولا طيارات الأمريكان تمنع
النور من المصنع
ولا كل ريف تحت السما يسمع
طير الحمام يسجع
ولا ابن إنسان الامل يرضع
ولا ليل شجاع يولد نهار أشجع
ولابد يوم أرجع
ويمد في كل العرب حبلى
المشى طاب لى
والدق على طبلى
ناس كانوا قبلى
قالوا في الامثال:
الرجل تدب مطرح ما تحب
وانا صنعت مسحراتى في البلد جوال
حبيت ودبيت كما العاشق ليالى طوال
وكل شبر وحته من بلدى
حته من كبدى
حته من موال:
شيلينى يا دنيا
قبل النور وحطينى
بالراحه بالقوه
في الريح الفلسطينى
خلينى قبل الصباح
أعرف صلاح دينى
اصحى يانايم
وحد الدايم
وكأن الشاعر الراحل أمل دنقل يرى بأم عينيه ما يحدث في الوقت الحالي عندما نظم في قصيدته الأشهر "لا تصالح" هذا المقطع:
لا تصالح
ولو ناشدتك القبيلة
باسم حزن "الجليلة"
أن تسوق الدهاءَ
وتُبدي -لمن قصدوك- القبول
سيقولون:
ها أنت تطلب ثأرًا يطول
فخذ -الآن- ما تستطيع:
قليلًا من الحق..
في هذه السنوات القليلة
إنه ليس ثأرك وحدك،
لكنه ثأر جيلٍ فجيل
وغدًا..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل
لا تصالح
ولو قيل إن التصالح حيلة
إنه الثأرُ
تبهتُ شعلته في الضلوع..
إذا ما توالت عليها الفصول..
ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
فوق الجباهِ الذليلة!
على جانب آخر، نظم الشاعر البريطاني شين أوبرين قصيدة اسمها "كاتيوشا"، وقال لصحيفة الجارديان عن مناسبة هذه القصيدة "هي إيماءة لصواريخ الكاتيوشا حين متابعتي للأحداث المرعبة في غزة أثناء فترة عطلة الكريسمس"!
Katyusha، Katyusha،
Arrow of fire
Kingdom Come، is it
Below or above
Choked in a tunnel
With morphine and bread
Or charred in the wreck
Of an olive grove
Katyusha، Katyusha
Spear of desire
Are there green pastures
A brave desert rose
Or must it be prison
With pillars of flame
Katyusha، Katyusha
A grave، or a rose
Katyusha، Katyusha
God only knows.
إلى غزة
كاتيوشا، كاتيوشا،
يا سهم النار:
ليأت ملكوتك، أليس كذلك
للأسفل أم للأعلى ؟
مخنوق أنت في نفق
مع المورفين والخبز،
أو متفحم في حطام
بستان الزيتون ؟
كاتيوشا،كاتيوشا،
يا رمح الرغبة،
هل هناك مراع خضراء،
وردة البرية الشجاعة،
أم لابد أنه سجن
بأعمدة من لهب ؟
كاتيوشا،كاتيوشا،
أقبر أنت أم وردة؟
كاتيوشا، كاتيوشا،
وحده الله يعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.