عندما كنت حاملا، لم تكف الأمهات المتمرسات من نصحي بالعناية بالمولود وتوقعات الولادة وحلول العناية بالطفل، لكن لم تتطرق أي البتة إلى مدى سوء اكتئاب ما بعد الولادة وكيف ستتغير حياتي وكيف يمكن لإنسان واحد أن يجلب لي كل هذا. والآن أود أن أشارك مع الحوامل والأمهات لأول مرة حقيقة اكتئاب ما بعد الولادة، لأنه موضوع مقلق وعواقبه لا يمكن تجاهلها. تبدأ الحكاية عندما تلدين الطفل الجميل وكل من حولك سعيد، الكل سعيد عدا أنتي. لو إن هذه اللحظة من المفترض أن تكون أسعد لحظات حياتك، فلما تشعرين بكل هذا الإحباط؟ في الواقع، مهما كانت سعادتك بالمولود، فإن الإحساس بالقلق والضغط النفسي لا يقل عن الإثارة التي تتوقعيها. إذا، فإنك لست وحدك، يشعر نساء عديدات بأحاسيس متضاربة في هذا الوقت، قد يحدث اكتئاب ما بعد الولادة بتغير الهرمونات الذي يحدث بعد الولادة نتيجة ضغط التغير الجذري. يعمل جسدك وقت زائد لتغذية الطفل، مما يجعلك مجهدة وأحيانا مستنفذة. أذا كنت تمرين بتقلبات مزاجية المعروفة بمنغصات الولادة "baby blues" فستجدي إنك قلقة، غير قادرة على النوم وقد تنهمرين في البكاء من أشياء لم تكن تضايقك من قبل. ولكي تفرقين بين منغصات الولادة واكتئاب ما بعد الولادة، فإن منغصات الولادة تحدث لمدة أيام قليلة بعد الولادة قد تصل إلى شهر وتصيب من 70- إلى 85 % من الأمهات حديثي الولادة، وتتحسن الأمور بمرور الوقت. ومن ناحية أخرى تجدي إن اكتئاب ما بعد الولادة يبدأ في الشهرين أو الثلاث أشهر الأخيرة بعد أية ولادة وحوالي 10% يعانين من اكتئاب ما بعد الولادة، وقد يستمر إلى سنة ونصف، والشفاء منه يتطلب العلاج والعناية الشخصية. *تشمل أعراض اكتئاب ما بعد الولادة: حزن شديد إرهاق شديد فقدان الشهية إحساس بالربكة قلق حاد قلة النوم البكاء المستمر تركيز ضعيف – أفكار انتحارية الإحساس بإنك غير جذابة على الإطلاق – فقدان الرغبة في الحياة اليومية حاسيس الذعر والأعراض الجسدية التي لا تُعالج مثل اضطرابات الهضم والصداع. *عوامل مؤثرة: والآن قد تتسآلين إن كنت في خطر! إذا كان الاكتئاب أو المرض العقلي في تاريخ العائلة أو تاريخك المرضي، فتكوني أكثر عرضة لاكتئاب ما بعد الولادة. المشاكل المادية حمل غير مرغوب فيه مخاض صعب أو معقد الافتقار إلى الدعم الاجتماعي موت المقربين حدوث تغيير حياتي جذري كنقلة كبيرة أو فقدان وظيفة. تذكري إن بعض النساء يعاصرن بعض هذه العوامل الخطيرة لكن لا يكتئبن، والبعض الآخر يعاصرن أحد هذه العوامل أو بدون أي منها على الإطلاق لكن يدخلون في اكتئاب حاد. ماذا عن عائلتك؟ فلتعرفي إنك إذا أُصبت باكتئاب ما بعد الولادة، فإن كل عائلتك تصاب به كذلك، وبعض الآباء يتأثرون به كذلك، فقد يصاب به الآباء نتيجة تغير الظروف، مثال: القلق بشأن ماديات الأسرة والمسؤولية المهولة. الافتقار لوقت الفراغ الخطر يزيد إذا كانت الزوجة مصابة باكتئاب ما بعد الولادة. لا تنسين طفلك، لأن مواليد الأمهات المصابة باكتئاب ما بعد الولادة يكون في مواجهة خطر المشاكل السلوكية والمصاعب النفسية وتأخر النمو والتطور اللغوي. يجب اتخاذ الخطوات التالية لتجنب اكتئاب ما بعد الولادة: يجب أن تكون الراحة من أولوياتك إذا كنت مجهدة، وإلا سيزداد الاكتئاب والقلق، نامي عندما ينام طفلك، استعيني بأحد ليساعدك في العناية بالطفل والمنزل. *قللي الضغط النفسي لو رغبت في القيام ببعض المهام، وحددي لنفسك أغراض بسيطة لانجازها. *تناولي الطعام جيدا لو كنت مفتقدة للشهية، وجهزي وجبات خفيفة صغيرة ومغذية خلال اليوم، تجنبي الكافيين والمُسَكَرات، وتناولي كميات أكبر من الفاكهة والخضروات. *تمرني يومياً، مارسي التمشية أو نوع آخر من التمارين الخفيفة على الأقل 30 دقيقة يوميا، 3 أيام أسبوعياً. *تعرضي لشعاع الشمس على الأقل 30 دقيقة يوميا، الافتقار للشمس قد يسيء من حالة الاكتئاب. *اهتمي بمظهرك يوميا مهما كانت الظروف، لأن المظهر الجميل يٌحسِن احساسك بنفسك. *دللي نفسك بعدة وسائل مثل حمام صابون الفقاعات، قراءة كتاب، ممارسة هوايتك المفضلة بانتظام. *انغمسي في العالم الخارجي وابذلي جهداً في قضاء بعض الوقت مع الكبار. *اكتبي يومياتك للتعبير عن احساس الإكتئاب لديك مما قد يساعدك في التعامل معهم. *الجأي لزوجك، فكلما عبرتما أنتما الأثنين عن مشاعركما لبعض كلما فهمتما بعضكما أكثر. *حافظي على روتين يومي للتخلص من الاكتئاب مثل الضحك بانتظام وبعمق، صلي، استمعي لموسيقى مرحة، وتحدثي لصديقة مؤازرة وفكري في الأمومة كنوع من التغيير للمستقبل المهني. وأخيرا فلتعلمي إن الحمل يعني الكثير أكثر من مجرد التغيرات الجسدية، فأنك بالطبع ستشعرين بتغير عاطفي جذري كذلك، فثقي إنها فترة مؤقتة وقريبا ما سوف يستقر كل شيء وتجدي الأفضل في انتظارك.
