سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التحرش.. صفعة على وجه الإنسانية تعكس تدني الأخلاق.. محمد كساب يطالب بتغليظ العقوبة.. وعاطف مخاليف: الحل يعتمد على البحث الاجتماعي.. رحاب العوضي: تحكم الإنسان في غرائزه أساس التربية الصحيحة
موجة من الغضب العارم والجدل الواسع اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام داخل الشارع المصرى على مدى الفترة الماضية، مع انتشار العديد من حالات التحرش التى فرضت نفسها على الواقع وبرزت العديد من التساؤلات حول من يتحمل المسئولية هل الرجل أم المرأة؟ ولماذا قد يلجأ البعض إلى تبرير مثل ذلك السلوك المشين. ما الإجراءات التى تؤدى للقضاء على التحرش في الأماكن العامة؟ وهل الأمن يقوم بالدور اللازم لمنع التحرش خلال الأعياد والمناسبات المختلفة؟ وما التشخيص النفسى للذى يقوم بالتحرش جنسيا وسط التجمعات والحشود وما خطوات العلاج لمثل هذه الحالات؟ وكذلك ما تأثير تداول مثل هذه القضايا على السوشيال ميديا وطرحها للنقاش المجتمعى هل يحل ذلك المشكلة أم يزيد من تفاقمها؟ وما دور المجتمع والإعلام والتربية والتعليم في مواجهة التحرش؟ وكيف تواجه المؤسسات الدينية في الدولة هذا الفعل؟ أصدرت النيابة العامة المصرية الاثنين الماضى، بيانا حول واقعة حبس المتهم أحمد بسام زكى، أربعة أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، جراء اتهامه بالشروع في مواقعة فتاتين بغير رضاهما، وهتكه عرضهما وفتاة أخرى بالقوة والتهديد. وأشارت النيابة في سياق بيانها إلى ضرورة حِرص الآباء على مشاركة أبنائهم في مواجهة أزماتهم، بصراحة متبادلة بينهم، يشملها حنان وعطف الوالدين عليهم، وطمأنتهم بأن لكل عقبة مخرجًا، ولكل ابتلاء وخطأ اقترفوه توبةً وإصلاحًا وصُلحًا، وتوعيتهم بأن تقديس الحرمات وصونها أمر متبادل، فمن لم يَصن عِرض غيرِه لن يُصانَ عِرضه، ومَن نبذَ الرذائل كفلَ الحماية لنفسه وأهله، حيث أضافت النيابة حول ذلك الأمر: "يا أيها المواطنون عاونوا مؤسسات وطنكم في القيام بواجباتها، وحماية حقوقكم وصيانة أعراضكم، أدوا بذلك واجبكم أمام رَبِّكم ووطنكم وضمائركم ويا أيها الشباب اعلموا أن انشغال البعض منكم بغير علم نافع أو نشاط صالح، وانعزالهم عن آبائهم وأهليهم، قد أوقعهم فرائس لشهوات أودت بهم ومستقبلهم مع حداثة أعمارهم فمن لم ينشغل بالحق انشغل بالباطل". وأهابت «النيابة العامة» بالكافة الالتزام بآداب التعامل في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، والتى من أولى أولوياتها عدم ترويج ونقل الأخبار والبيانات تحت مصطلح «التشيير» -المستحدث- دون تثبت منها، أو تدقيق في صحتها أو مصادرها، فضلًا عن أن سعى البعض الحثيث وراء السبق في تداول تلك الأخبار وترويجها بين الناس دون تثبت يُجهض محاولات حقيقية لمباغتة الجناة باتهاماتهم، وضبط وقائعهم، والحفاظ على الأدلة ضدهم، ويُرهب المجنى عليهم من التشهير بهم، بما يضر حتمًا بتحقيق العدالة وإرسائها. الدكتورة عزيزة الصيفى تقول الدكتورة رحاب العوضى، خبيرة علم النفس والاجتماع: إن ظاهرة التحرش تم تناولها على مدى سنوات طويلة دون الوصول إلى حلول فعلية للحد من انتشارها بين فئات المجتمع، فلم يعد التناول الإعلامى ذا تأثير إيجابى في حل الأزمة، ومن هنا أصبح من الحتمى تدخل القانون وسن التشريعات الصارمة التى من شأنها ردع المتحرش بكل قوة، فما الجدوى من حبسه 3 سنوات فقط كأقصى عقوبة؟ بل ينبغى أن تصل العقوبة إلى الإعدام شنقًا عن فعل هتك العرض، لأننا حاليا لا نرى عقوبات مغلظة جراء هذا الفعل، وهذا من شأنه استسهال التحرش وانتهاك جسد المرأة لأن من أمن العقاب أساء الأدب، وإذا تم تطبيق القانون بصرامة وتغليظ العقوبات وقتها سيفكر الشاب ألف مرة قبل أن يتجرأ على الإقدام لارتكاب هذا الفعل المهين لحق المرأة. وعن سقوط أحمد بسام زكى، المتحرش بالفتيات في قبضة الأمن، أشارت خبيرة علم النفس إلى أن عقوبته يجب أن تكون مغلظة لكى يكون عبرة لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل ذلك الجرم، لتضيف أن الخطورة تتمثل في مشاهدة الأطفال لما يتم بثه عبر وسائل الإعلام من أعمال درامية تحرض على التحرش فيقوم الطفل بشكل تلقائى بتقليد هذه الأفعال، فيجب على المجتمع ككل محاربة مثل هذه الجرائم الشائعة في مجتمعنا، وأن يقوم الآباء والمؤسسات التربوية والدينية بدورها في رفع توعية وثقافة الأبناء للحفاظ على حقوقهم واحترام إنسانيتهم دون السماح لأى شخص بالاقتراب منهم أو انتهاك حرية الآخرين تحت أى سبب وفى أى ظرف. وتنتقد بعض الروايات التى تناقلها عدد من رجال الدين بتحميل المسئولية إلى الفتيات، وهذا يعتبر إساءة إلى الدين، فبدلا من التفرغ إلى مخاطبة الناس وحثهم على الرجوع إلى الأخلاقيات الحميدة، نرى أن البعض يبرر للمتحرشين فعلتهم، من منطلق السعى وراء الشهرة فقط لا غير، فالمؤسسات الدينية يجب أن تفسح المجال لنفسها لإرشاد الناس وليس لحثهم على ارتكاب الفواحش وتبريرها لهم، مختتمة حديثها بضرورة تكاتف وزارة العدل مع أعضاء مجلس النواب بالاشتراك مع متخصصى علم النفس السلوكى، للنظر في عقوبة المتحرش وتغليظها في أقرب وقت ممكن. النائب عاطف مخاليف ويطالب النائب عاطف مخاليف بتغليظ عقوبة المتحرش وقال: يجب أن تزداد عن الحبس لمدة 3 سنوات للتصدى لهذه الآفة المجتمعية، موضحا أن اعتبارات اقتصادية عديدة تعود إلى انتشار التحرش. واعتبر مخاليف أن حل ظاهرة التحرش يجب أن يقوم على البحث الاجتماعي من خلال متخصصين في علم النفس والفلسفة لتقديم "روشتة" لحل الأزمة سواء كان العلاج اجتماعي أو ثقافى أو اقتصادى، ولا ينفصل عن ذلك ضرورة تطوير الخطاب الديني. وفيما يخص المطالبات العديدة بتغليظ عقوبة المتحرش قال مخاليف: إن الحل لا يتمثل في إعدام المتحرش بقدر التوصل إلى مكمن المشكلة والعمل على حلها، وبحث الأسباب وعلاجها لأن المتجمع هو المتسبب في هذه الظاهرة بسبب الوضع الاقتصادى المتراجع، بجانب الحالة الإعلامية التى لم تؤدى إلى ترسيخ الثقافة الصائبة بين الرجل والمرأة، ولا يستثنى عن ذلك تقصير أعضاء مجلس النواب في تقديم ندوات ثقافية للشباب والبنات والتقرب من الطريقة التى يفكرون بها، ونوه مخاليف بأنه لا بد من القيام ببحث مجتمعى تتخصص فيه وزارة الشئون الاجتماعية من خلال مندوبين على قدر من العلم لتوضيح السبب في انتشار التحرش وتقديم حلول جذرية لاحتواء الأزمة، فكل آفة لها علاجها من خلال التكاتف المجتمعى خلال هذه المرحلة. وقال الخبير القانونى محمد كساب: إن عقوبة المتحرش أحمد بسام زكى، تتحدد من خلال تحقيقات النيابة حول إثبات إدانته التى قد تقوم على شهادة الشهود والرسائل بينهم، وأيضا تحريات المباحث حول الأمر، وفى هذه الحالة تكون أقصى عقوبة التحرش هى الحبس لمدة 3 سنوات وقد تُغلظ مع توجيه الاتهام بالاغتصاب أو هتك العرض وهذا كله خاضع للسلطة التقديرية للقاضى، قائلا إن عقوبة التحرش في صورتها الحالية ضعيفة وتستوجب التدخل من جانب الجهة التشريعية المختصة لإقرار القوانين الرادعة. وقالت الدكتورة عزيزة الصيفى، رئيس قسم البلاغة والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، إن شيخ الأزهر عندما أصدر البيان باجتماع هيئة كبار العلماء، أوضحوا فيه تجريم فعل التحرش أيا كانت الأسباب المؤدية لذلك وأيا كانت ثياب البنت فلا يوجد أى عذر أو مبرر لارتكاب هذه الجريمة، فليس لأن البنت ترتدى ملابس تبرز أنوثتها يكون هذا دعوة للتحرش بها، كما أكد البيان على توصية ونصح البنات بالاعتدال في ملابسهن، مع التأكيد على أن مظهر البنت ولبسها لا يمكن أن يكون سببا أو عذرا للشاب للتحرش فلا يوجد ما يبيح هذا الفعل بأى حال. وأوضحت أنه فيما يخص أن البنت هى التى تدفع الشاب للتحرش بها، فالأصل في الشاب أن يكون على معرفة ودراية بتعاليم دينه والتى منها الأمر بغض البصر وحفظ الفرج، وألا يمشى الإنسان وراء شهوته وغريزته، فنحن لا نعيش في عالم الحيوانات كى تقودنا غرائزنا للأفعال القبيحة دون رادع أو واعظ من دين وأخلاق وإنسانية. وأكدت الدكتورة عزيزة الصيفى، هذا المتحرش إذا سافر إلى أوروبا لا يجرؤ أن يتحرش بفتاة، فهناك رغم وجود شواطئ مخصصة للعراة ومع ذلك لا يجرؤ شاب على التحرش بفتاة رغما عنها، لأن هناك يوجد عقاب رادع واحترام للقانون. الدكتورة آمنة نصير وأبدت الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب وأستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، استنكارها من حدوث موقف مخز وسخيف في مدينة متحضرة مثل المنصورة وكيف وصل الأمر إلى كل هذا الانحدار. وقالت: "أنا كمواطنة مصرية أطالب بأن يسود الأمان والحياء والأدب بيننا في المجتمع، فمثل هذه التصرفات هى فجة ومخجلة وحقيرة لا تصدر عن مجتمعات متحضرة راقية، وهو يحتاج إلى مزيد من الزجر والردع، وقبل أن يناقش البرلمان المسألة فيوجد عقوبة مغلظة أرجو أن يتم تطبيقه لنتخلص من هذه الفوضى الأخلاقية".