قال له الرئيس الراحل محمد أنور السادات «كأنى لأول مرة أسمع فيها هذه الآيات رغم سماعى لها دوما، لقد جعلتنى أشعر بمذاق مختلف للقرآن»، وبعدها صار القارئ الدكتور أحمد نعينع قارئ الرئاسة لمدة ثلاثة أعوام مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عاش فيها معاصرا له، وحالفه الحظ بأن يقرأ بجوار الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك 30 عاما، ولا يزال يتلو آيات القرآن الكريم أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى، يروى لنا ضمن سلسلة «أهل المدد»، محطات رحلته مع القرآن الكريم والطب البشرى. عن نشأته فى البداية وأولى خطواته مع قراءة القرآن الكريم، قال «نعينع»: «كنت محبا لسماع القرآن قبل قراءته، وتفسيره بعد الانتهاء من سماعه وترديده باستمرار، ورغم أخطائى، كان أبى ووالدتى يشجعوننى، إلى أن أكرمنى الله بحفظه كاملا ولم أكمل التاسعة من عمرى، وجعل الله جمالا فى صوتى وقوة فتعلق بى المصلون بالمسجد، فخصصوا لى فترة ما بين أذان العصر وإقامة الصلاة للقراءة، وبعد أتمام المرحلة الابتدائية اتجهت لكُتاب القرية الذى له الفضل الكبير فى تعلمى وتعلقى بالقرآن الكريم، كما كان أحد أساتذتى من العلماء، قد تطوع لشرح الدروس مجانا لنا قبل موعد الدراسة، وهى أسباب كانت كفيلة بخلق نوابغ فى العلم». وعن اعتماده قارئا فى الإذاعة قدرًا، يضيف القارئ أحمد نعينع: «يرجع الفضل للشيخ الراحل عبدالحليم محمود، وكنت ضابطا احتياطيا فى سلاح البحرية بالإسكندرية، ومن الطبيعى أن أقرأ القرآن أينما حللت وتواجدت وبخاصة فى المناسبات، وذات مرة كان الاحتفال بالمولد النبوى، وجاءت الإذاعة لنقل الحدث فى حضور الشيخ عبدالحليم محمود، وعندما قدمنى الحضور لقراءة القرآن، كان الرفض من المذيع، لأننى لست معتمدا بالإذاعة ولن يتحمل مسئولية القراءة على الهواء، فإذا بالشيخ الجليل، يقول له اتركه يقرأ، وبعد انتهاء الحفل، فوجئت بالجميع منبهرا من أدائى، معتبرين ذلك اختبارا غير مقصود، ولكنى صمت ولم أفهم شيئا، وتقدمت للاختبار بالإذاعة المصرية عام 1979، وفوجئت وأنا أمام اللجنة، أن الشيخ رزق خليل حبة، وهو شيخ المقارئ المصرية، يقول لى نحن جميعا نعرفك جيدا لأنك قرأت من قبل فى الإذاعة، وقد استمعنا إليك فى مكتب الشيخ الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر، وهو ما كرره الشيخ مرسى عامر، وكان وقتها رئيسا للجنة، وبحمد الله تم اعتمادى فى الإذاعة وأصبحت قارئا بها منذ ذلك التاريخ». علاقته بالسادات كان «نعينع»على علاقة وطيدة بالرئيس الراحل أنور السادات، وشهد الجميع من حوله بمحبة السادات له فيتحدث عن بداية علاقتهم ببعض قائلا: كنت ضابط احتياط أقضى مدة التجنيد، وجلست لكى أقرأ القرآن على الرصيف رقم 9، خلف يخت المحروسة، وكان الرئيس السادات موجودا فى ذلك المكان، وبعد أن انتهيت من القراءة منعنى الحرس من الانصراف، ووجدت يدا على كتفى، ففوجئت بالرئيس يقول لى «برافو»، وتعددت المواقف إلى أن جاء هذا الموقف الذى يعتبر بمثابة بداية عملى إلى جواره، وكان ذلك من خلال الاحتفال بيوم الطبيب عام 1979، وأخبرنى الدكتور حمدى السيد، نقيب الأطباء حينذاك، أن الاحتفال سيتم فى حضرة الرئيس السادات، وقرأت القرآن أمامه، وبعد انتهائى من التلاوة، وجدته أمامى يسألنى أنت اللى اخترت الآيات دى؟ فأجبته: نعم اختيارى أنا، فرد قائلا: كأنها المرة الأولى التى أسمع فيها هذه الآيات، وتابع جعلتنى أشعر بمذاق مختلف للقرآن، مُرحبًا بى قائلا: يا دكتور أنا حابب أسمعك كثيرا، فأعربت له عن سعادتى البالغة، فقال: خلاص إنت معانا، ولم أدرك وقتها ماذا يعنى بكلمة معانا، لكن بعدها بأيام قلائل صدرت أوامر لكى أنضم للسكرتارية الخاصة بالرئيس، وتحديدا الطبيب الخاص به، كما أصبحت منذ ذلك اليوم القارئ الرسمى للرئاسة فى جميع المناسبات الرسمية. سكرتارية الرئاسة عن طبيعة عمله فى موقع سكرتارية الرئاسة ودوره تحديدا، يتابع «نعينع»: «أنا كنت طبيبا خاصا للرئيس من ضمن السكرتارية الخاصة، فكنا نرافقه فى كل مكان، وكان عددنا ثلاثة أطباء، كل طبيب يعمل يومين فى الأسبوع، ونطمئن يوميا على صحته، ولنا مكان خاص، سواء فى فيلا الجيزة أو القناطر أو الإسماعيلية، أو أى مكان يحل به الرئيس». مع مبارك أما الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فكان للدكتور نعينع علاقة قوية به، بعد أن كان نائبا للسادات فيوضح: «كانت علاقتى جيدة بكل الناس، فما بالك بالرئيس الأسبق مبارك، فمنذ دخولى سكرتارية الرئيس السادات، كنت فى كل مرة أراه يجمعنا سلام غال جدا، وكان لطيفا مع الجميع، وأتذكر أن كل من تواجدوا حول الرئيس السادات كانوا يكنون له كل تقدير واحترام فى فترة وجوده نائبا للرئيس، وفى حقيقة الأمر هو شخص رغم ما عليه فيشهد الجميع بما له من إنسانية عالية، وعندما تسلم مقاليد الحكم، بعد وفاة السادات، لم أمكث فى السكرتارية كطبيب خاص، لكنه أبقى على وجودى كقارئ رسمى للرئاسة وكنت بمفردى حتى ما بعد ثورة يناير». مع السيسى فى فترة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فيقول الطبيب القارئ: «الحمد لله بالفعل ما زلت أقرأ مع مجموعة من الزملاء، وكثيرا ما قرأت فى حضرة الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولم يتغير شىء إلى الآن بل التغير للأفضل فقط». وعن الأكثر قربا لقلب «نعينع» من قراء القرآن الكريم، يقول القارئ الطبيب: «الشيخ مصطفى إسماعيل، رحمة الله عليه، حيث كنت مولعا بصوته وأكرمنى الله بالتعرف إليه فى الإسكندرية، حيث قدمنى له أحد المعارف بعد انتهائه من التلاوة وقربنى منه بعد أن علم بأن صوتى قريب منه، وهناك عمالقة من القراء ملأوا الدنيا بأصواتهم الجميلة، مثل: محمد رفعت، وعبدالباسط عبدالصمد، وشعيشع، وغيرهم كثيرون، ولكل منهم مذاق مختلف عن الآخر».