بثت فضائية أبوظبى الوثائقية «ناشيونال جيوجرافيك» فيلمًا تحت عنوان «حوض نهر النيل المائي» ضمن سلسلة الحياة البرية التى تقدمها القناة، عن كل ما يخص الحياة البرية، وما يحيطها من مخاطر وغموض، ويبدأ الفيلم باستعراض تاريخ حوض نهر النيل المائى القديم، فى إشارة إلى كونه مهدًا لأولى الحضارات، موضحًا أن هذا المهد يُمكن أن يُصبح مقبرة أيضًا، وأنه عاشق سييء لجميع الحيوانات التى تعتاش عليه، وأنه يفيض بدروس حياتية، كما أنه يُعلم دروس القسوة والضياع، فى إشارة لما قد تتعرض له الحيوانات البرية على طول ضفاف نهر النيل من جهة المنبع. وخلال رحلة لأربع وعشرين ساعة، على ضفاف هذا المجرى الأسطوري، تتكشف إحدى حقائق الحياة المطلقة، والتى تقول إن كل الأشياء تندمج لتشكل شكلًا واحدًا، وأن ثمة نهرًا يتدفق عبر ذلك الكيان، ومن خلال بعض المناظر الطبيعية الخلابة على ضفاف النهر التاريخى يصطحبنا «الفيلم الوثائقي» لنشاهد عن كثب جموح نهر النيل، فى فترة يزداد فيها مستوى التوتر، حيث الأعداد الكثيفة لأفراس النهر، وانحسار الأمطار الموسمية التى لم تهطل بعد، حيث يرصد طبيعة الذكور المهيمنة لهذه الأفراس التى اعتادت أن تحدد مناطق نفوذها، والتى باتت مجبرة على العيش فى المياه الضحلة للنهر، فمن مصر وباتجاه الجنوب، الحيوانات التى تقطن نهر النيل تنتظر الأمطار التى ستهطل قريبًا هناك وراء بحيرة فيكتوريا. وعلى الرغم من ضخامة النهر الذى يغطى عُشر القارة الأفريقية بأكملها والذى يبلغ طوله 6 آلاف وخمسمائة كيلومتر، ويعد أحد أطول أنهار الأرض، فإنه يعبر بعضًا من أكثر أراضى أفريقيا جفافًا، وبالكاد يروى أراضيها، وهو فى فترة من الفترات ينحسر بشدة. يصف الفيلم الوثائقى نهر النيل بالقاسى اليائس، مشيرًا إلى أنه إن لم تزدد غزارته فى هذه الفترة المحددة من العام فثمة كارثة بيئية ستحصل، فحيوانات فرس النهر التى تُدعى «Hippopotamus»، والتى تعتاش على ضفاف النيل فى أقاصى الجنوب حيث المنابع، تحتاج إلى الحصول على المياه دائمًا لتحيا، وفى وقت الفيضان من كل عام، تتواقف الأمطار التى تغمر النيل مع أول غيوم رعدية تتخطى غابات سافانا، إلا أن انهمار الأمطار يُعدّل من الحرارة الإستوائية، ويروى كل ما يعيش هناك، هذه هى الأمطار التى تدفع إلى هجرة الحيوانات البرية الكُبرى. وهى نفسها الأمطار التى تسبب أكبر العوائق والتحديات، حيث تتجمع قطعان الحيوانات البرية على الضفاف، لكن أحدًا من أفرادها لا يرغب فى الخطوة الأولى والإقتراب من مياه النهر، وهذا الأمر لسبب وجيه، وهو وجود أكبر تماسيح نهر النيل والذى يتجاوز طوله الستة أمتار، لقد شهد هذا التمساح الكثير من هجرات الحيوانات البرية، وهو يعرف المسار المعتاد، وعلى هذه الحيوانات الوصول إلى المرعى الواقع على الضفة الأخرى، لذلك يقوم التمساح بنصب الفخ الذى سيحين وقته فى القريب، وفى هذا التوقيت تتدفق الأمطار فى نهر النيل مغرية الحيوانات البرية بالتقدم، حيث تزيد الأمطار منسوب النهر وتعلن بداية نهاية موسم الجفاف. ويعرض «الفيلم» تدفق نهر النيل فى أكثر الأراضى الرطبة فى العالم على امتداد أكثر من 800 كيلو متر، حيث سد جنوب السودان، ويمتد النهر ويكاد يضيع فى محيط لا متناهى من قصب البردة، مشكلًا مأوى لأعداد هائلة من الأسماك، وعندما يرتفع منسوب مياه النهر فإنه يحرر آسرى استثنائيين، مثل السمكة الرئوية التى تغطت بالوحل الجاف واللزج لأشهر، والتى تتيح لها رئتها البدائية تنفس الهواء أثناء بحثها عن أقرب بركة، لكن الوصول إلى المياه لا يعنى الأمان بالنسبة لها فطائر اللقلاق يعد عملاق المستنقعات والذى يتجاوز طوله المتر، ويزيد منقاره الضخم من فرص نجاحه فى تناول السمكة كوجبة دسمة.