حفل لتوقيع النسخة العربية «من إسطنبول إلى بغداد» «الاشتباك بالواقع» شعار الأسبوع.. والتشيك وبولندا وهولندا ضمن المشاركين يستمتع الجميع بفن «الكوميكس» أو القصص المصورة، فهو نوع من الفنون القادرة على مخاطبة الصغار والكبار على حد سواء، واستطاع هذا الفن عبر سنوات طويلة أن يناقش بالرسم والسخرية كافة القضايا المطروحة على الساحة فى العالم، وهناك العديد من الكتب والمجلات المصورة التى نالت شهرة عالمية تجاوزت حواجز الحدود واللغة. وبعد عمل استغرق عدة أشهر، كان متواصلا أحيانًا ومتقطعا فى أحيان أخرى، استضاف درب 17/18 بمصر القديمة مساء الإثنين الماضى حفل انطلاق فعاليات الدورة الرابعة من «أسبوع الكوميكس فى مصر»، وهى فعالية سنوية انتظمت فى القاهرة، وتهتم بتعميق مشهد فن الكوميكس والقصص المصورة، وتعزيز تبادل الخبرات والمعارف بين الفنانين المصريين وفنانين من دول أخرى لها صيت فى هذا المجال؛ للتعرف عن قرب على ثقافات مختلفة، والمساهمة فى مهرجان فريد من نوعه يضم فعاليات مختلفة، ورش عمل، معارض فنية وندوات ويأتى أسبوع هذا العام تحت شعار «اشتباك الكوميكس مع الواقع». وشمل حفل الافتتاح تقديم الناشر محمد البعلي، المدير التنفيذى لمؤسسة «صفصافة» القائمة على تنظيم الأسبوع، عن المهرجان وتطور علاقة فن الكوميكس بالواقع فى مصر، ومحاضرة قصيرة عن الكوميكس السياسى فى بولندا قدمته الفنانتان بيتا سونوسكا وأجنسيكا شيشوكا؛ إضافة إلى قيام الفنان الكبير محمد عبلة بعرض اكتشاف هام قام به «متحف الكاريكاتير» الذى يديره، والذى - وفق رؤيته- سيغير طريقة كتابة تاريخ مجال الكوميكس فى مصر، حيث عرض عبلة مجموعة من أعمال الفنان المصرى على رضا، الذى بدأ فى نشر رسومه عام 1925، ورسم العديد من القصص المصورة ونشرها فى حقبة الأربعينيات من القرن العشرين. يحاول القائمون على أسبوع الكوميكس فى مصر دومًا اختيار موضوعات خارج الصندوق، تتناسب ورؤية الحدث الذى انتظم سنويًا وصار له مُتابعوه، وأن يتماشى الموضوع مع التحديات والظروف الراهنة التى تواجهها الإنسانية وليس فقط شعبا أو منطقة بعينها، حيث يُشارك الكثير من الفنانين والمتطوعين فى هذا الحدث. ومثلما كانت تيمة دورة العام الماضى هى «الهجرة واللجوء»، حيث كانت قصص اللاجئين -خاصة من سوريا- تشغل انتباه العالم كله، وفى العام الذى سبقه كانت التيمة هى «حرية التعبير» بعد الهجمات الإرهابية التى قامت بها المجموعات المسلحة فى أوروبا ضد فنانى الكوميكس؛ فإن هذا العام اختار المنظمون تيمة مغايرة عن الأعوام السابقة وهى «اشتباك الكوميكس بالواقع»، فى محاولة لتوضيح المجالات المتعددة التى يختارها فنانو الكوميكس فى أعمالهم، والابتعاد عن الصورة الذهنية التى تربط رسوم الكوميكس دومًا بالأبطال الخارقين والمغامرات؛ وهى الصورة التى رسّختها بشدة شركة مارفل وأبطالها، والذين تحولوا فيما بعد لأبطال عشرات من أفلام المغامرات التى انتشرت فى العالم أجمع، لتترسخ صورة قاصرة يُحاول الأسبوع فى فعاليته الرابعة أن يجلعها أكثر اتساعًا أمام الجمهور ومحبى هذا الفن. مؤسسة ودار نشر «صفصافة» هى القائمة على تنظيم الأسبوع وفعالياته، بالتعاون مع مجموعة من الشركاء منهم «درب17/18» بمصر القديمة و«مركز الصورة المعاصرة»، واللذان يستضيفان أغلب فعاليات الأسبوع بالقاهرة، بالتعاون مع بعض السفارات الأجنبية بالقاهرة وهى سفارة كندا، السفارة الهولندية، سفارة التشيك، سفارة بولندا؛ وأصدرت العام الماضى الترجمة العربية لواحد من أهم وأشهر كتب الكوميكس التى تحدثت عن مآسى المهاجرين فى البحر الأبيض المتوسط وهو «معبر حدودي» لمجموعة من رسامى الكاريكاتير الأوروبيين، ونقلت نصوصه إلى العربية منى صادق، وكذلك الرواية المصورة «الأيدى الخفية» للرسام والمؤلف الفنلندى فيلا تيتافاينين، والتى حصلت على جائزة أحسن كتاب فنلندى فى عام 2016 وتدور حول معاناة مهاجر عربى من شمال أفريقيا فى أوروبا، وقصته فى عشوائيات بلاده وتتابع هجرته لأوروبا وعمله فى الحقول وحتى وصوله لنقطة اليأس من الحلم الأوروبي؛ تستمر فى نشاطها هذا العام وتقيم هذا الأسبوع كذلك بمشاركة «متحف الكاركاتير» بالفيوم، والذى حمل مفاجأة لعشاق القصص المصورة على يد مؤسسه الفنان محمد عبلة، حيث يعرض لأول مرة أعمال من تراث الفنان على رضا، أحد آباء فن الكاريكاتير فى مصر، وهو ما قد يؤدى لكتابة تاريخ فنون الرسوم المصورة فى مصر من جديد بشكل مُغاير، خاصة أن الفنان محمد عبلة يسعى خلال الفترة المُقبلة للكشف عن المزيد من آباء هذا الفن المجهولين، والذين يزخر بهم وأعمالهم النصف الأول من القرن العشرين. وأشار الناشر محمد البعلي، المدير التنفيذى لمؤسسة «صفصافة» إلى أن الأسبوع يحمل مشاركات وضيوفا وفنانين من مصر، والتشيك، وبولندا، وهولندا؛ وكذلك تُقام ضمن فعاليات الأسبوع ورشتان لفن الكوميكس بالقاهرة والإسكندرية ومعارض وإطلاق أكثر من مطبوعة متخصصة فى مجال القصص المصورة، منها حفل توقيع النسخة العربية من الرواية المصورة «من إسطنبول إلى بغداد» بحضور المؤلف الهولندى أرنون جرونبرج والمترجمة تينا لافنت، وكذلك إطلاق النسخة العربية من الكتاب المصور «رايكالى شو» بالتعاون مع السفارة الكندية بالقاهرة. وأضاف البعلى أن الأسبوع، الذى صار حدثًا سنويًا، يهدف إلى تعميق مشهد الكوميكس والقصص المصورة وتعزيز التبادل الثقافى مع العالم، يقوم إضافة إلى الفنانين الكبار المشاركين بأعمالهم ومجهوداتهم سواء من مصر أو بقية الدول المشاركة، على أكتاف الكثير من الشباب المتطوعين، الذين تفرغ أغلبهم منذ أكثر من شهرين لتنظيم هذا الحدث، لافتًا إلى أنه بمجرد الإعلان عن استقبال مشاركات المتطوعين عند الاستعداد لبدء تنظيم الدورة الرابعة، فوجئ بعشرات الطلبات لراغبى المشاركة من الكثير من المحافظات، وأنه تم تنظيم مجهودات من وقع عليهم الاختيار فى القاهرة والإسكندرية ليخرج الأسبوع بما يليق بمكانة مصر وفن الكوميكس؛ وأكد أن الجهات المُشاركة فى هذا الحدث، الذى يطوف العالم على مدار العام ويتوقف فى مصر فى الثلث الأول من شهر ديسمبر، تقدم جميع ما يُمكن أن تفعله لدعم هذا الأسبوع، خاصة مع موضوعاته التى تتناول نقاطا جريئة وموضوعات تختلف من عام لآخر.