بدأت في 2017.. القصة الكاملة ل رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    وظائف في القليوبية برواتب مجزية.. اعرف التفاصيل    وزير التعليم لأولياء أمور ذوي الهمم: «أخرجوهم للمجتمع وافتخروا بهم»    جولد بيليون: 2.3% زيادة في أسعار الذهب العالمية خلال الأسبوع المنقضي    «القباج» تستقبل وزير التمويلات الصغرى والاقتصاد التضامني بدولة السنغال    رئيس الوزراء: نستهدف فى 2030 الوصول لقيمة صادرات تتجاوز ال145 مليار دولار    إسرائيل تعلن اغتيال قائد لواء رفح في حركة الجهاد جنوب غزة    إحصاء أسبوعين، جيش الاحتلال يدمر 1400 مبنى ومنشأة برفح الفلسطينية    مدرب نهضة بركان يوجه رسالة خاصة ل«جوميز»: احترم منافسك وانظر لترتيبك في الدوري    المؤبد لعاطلين في اتهامهما بقتل «سمر دربكة» وحرق جثتها بالخانكة    سقوط 3 تشكيلات عصابية تخصصت فى سرقة السيارات والدراجات النارية والكابلات بالقاهرة    مصرع شخصين وإصابة 6 آخرين في حادث تصادم بالشرقية    إصابة المخرج محمد العدل بجلطة في القلب    الأحجار نقلت من أسوان للجيزة.. اكتشاف مفاجأة عن طريقة بناء الأهرامات    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة النجيلة البحرية الإثنين    أستاذ الطب الوقائي: الإسهال يقتل 1.5 مليون شخص بالعالم سنويا    توريد 189 ألف طن قمح بكفر الشيخ    وزير النقل يتفقد «محطة مصر»: لا وجود لمتقاعس.. وإثابة المجتهدين    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    غرة ذي الحجة تحدد موعد عيد الأضحى 2024    ضباط وطلاب أكاديمية الشرطة يزورون مستشفى «أهل مصر»    جامعة كفر الشيخ الثالث محليًا فى تصنيف التايمز للجامعات الناشئة    ب5.5 مليار دولار.. وثيقة تكشف تكلفة إعادة الحكم العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة (تفاصيل)    نانسي صلاح تهنئ ريم سامي بحفل زفافها .. ماذا قالت؟    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة الحرب العدوانية على غزة إلى 35386 شهيداً    «الري»: بحث تعزيز التعاون بين مصر وبيرو في مجال المياه    معهد القلب: تقديم الخدمة الطبية ل 232 ألف و341 مواطنا خلال عام 2024    قمة كلام كالعادة!    وزارة الدفاع الروسية: الجيش الروسي يواصل تقدمه ويسيطر على قرية ستاريتسا في خاركيف شمال شرقي أوكرانيا    صحة غزة: استشهاد 35386 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر الماضي    "النواب" يناقش تعديل اتفاقية "الأعمال الزراعية" غدا الأحد    اليوم.. 3 مصريين ينافسون على لقب بطولة «CIB» العالم للإسكواش بمتحف الحضارة    بعد تخفيض الأسعار.. إم جي 6 في مواجهه GAC إمباو –جراف    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    تشكيل الشباب أمام التعاون في دوري روشن السعودي    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    متاحف مصر تستعد لاستقبال الزائرين في اليوم العالمي لها.. إقبال كثيف من الجمهور    فيلم شقو يحقق إيرادات 614 ألف جنيه في دور العرض أمس    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    محمد صلاح: "تواصلي مع كلوب سيبقى مدى الحياة.. وسأطلب رأيه في هذه الحالة"    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    "الصحة" تعلق على متحور كورونا الجديد "FLiRT"- هل يستعدعي القلق؟    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    فانتازي يلا كورة.. تحدي الجولة 38 من لعبة الدوري الإنجليزي الجديدة.. وأفضل الاختيارات    "الصحة": معهد القلب قدم الخدمة الطبية ل 232 ألفا و341 مواطنا خلال 4 أشهر    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    «طائرة درون تراقبنا».. بيبو يشكو سوء التنظيم في ملعب رادس قبل مواجهة الترجي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    أسعار الدواجن اليوم السبت 18 مايو 2024.. 83 جنيهًا للفراخ البيضاء    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"البوابة" تكشف: فوضى صناعة الطاقة في مصر
نشر في البوابة يوم 23 - 12 - 2015

%80 من إنتاج الطاقة الكهربائية يعتمد على الغاز.. والمحطات تحرق مليارين و846 مليون قدم مكعب يوميًا
القاهرة تستورد غازًا مسُالًا ب 27 مليار جنيه سنويًا يخدم 43 محطة كهرباء و946 مصنعًا و3 آلاف مخبز
الاقتراب من «ملف الطاقة» في مصر يشبه الخوض في بحر الظلمات، فالمعلن في هذا الملف والمعروف أقل كثيرا من المجهول، ومحاولة التفتيش للوقوف على الأسباب الحقيقية لأزمات الطاقة التي عانتها مصر في فترات سابقة وكيفية حلها من قبل الدولة تشبه عمليات فك الطلاسم والألغاز، اقتربنا من هذا الملف وسعينا لاختراق ما يشوبه من غموض لما يمثله هذا الملف من نقطة انطلاق لعمليات التنمية ودخول مصر عصر التكنولوجيا واقتحام المجالات المتعددة في الصناعة، اعتمادا على مصادر الطاقة الأحفورية «الغاز والبترول».
قبل أيام تسربت معلومات تشير إلى إجراء الحكومة مفاوضات مع إسرائيل لاستيراد الغاز سبقها خبر آخر عن حصول إسرائيل على حكم يلزم مصر بسداد 1.7 مليار دولار كتعويض عن خسائر وقف تصدير الغاز المصرى إلى إسرائيل، يأتى هذا في الوقت الذي سبق فيه أن أعلنت شركة إينى الإيطالية عن اكتشافات جديدة للغاز في البحر المتوسط، غير أن معلومات أخرى غير رسمية تقول إن المفاوضات بشأن استيراد الغاز الإسرائيلى توقفت لأسباب سياسية.
في ضوء المعلومات المتناثرة هنا وهناك، أشارت عدة تقارير إلى اتجاه الحكومة لاستخدام الغاز الطبيعى بديلًا للطاقة الكهربائية لتشغيل المصانع، وإحياء مشروع تحويل المصانع التي تعمل بالسولار والزيت إلى العمل بالغاز الطبيعى، بما يؤكد حقيقة تفاقم الأزمة، الأمر الذي سيلقى بتبعاته على معدل استهلاك مصر من الغاز، وهو العنصر الذي تعانى مصر حتى الآن نقصًا في إنتاجه والحصول عليه، وهذا النقص هو الذي دفعها إلى التفكير في الاستيراد من دول أجنبية على رأسها إسرائيل وقبرص.
تحاول الحكومة علاج فشلها في إدارة ملف الثروات الطبيعية من خلال حلول سهلة وغير مبتكرة، حيث بلغت فاتورة استيراد الغاز المُسال قرابة 3 مليارات دولار وهذا بدوره يمثل عبئا ثقيلا على الدولة من ناحية العملات الصعبة والاحتياطي النقدى، فضلًا عن فاتورة استيراد الفحم التي قدرها الخبراء بأكثر من 27 مليار جنيه، في حال تشغيل مصانع الأسمنت وبعض محطات الكهرباء.
إهدار متعمد للطاقة
قرار الحكومة يُفقد الغاز الطبيعى قيمته الحقيقية، حيث يؤكد خبراء البترول أن الغاز يدخل ضمن مكونات الإنتاج في عملية التصنيع داخل صناعات الأسمدة والحديد والصلب والأسمنت، وهى الصناعات الإستراتيجية، وتبلغ قيمته في حال استخدامه كمكون للصناعات أكثر من 15 دولارا للوحدة الحرارية، مقارنة بحرقه داخل محطات الوقود أو المصانع إذ لا تتعدى قيمة الوحدة الحرارية أكثر من 3 دولارات.
الوحدة الحرارية البريطانية (BTU) وهى وحدة معهودة للطاقة تبلغ نحو 1055 جول، وتعرف بأنها كمية الطاقة اللازمة لتسخين 1 باوند (1 رطل) من الماء درجة واحدة فهرنهايت، وهى تستخدم في محطات توليد الطاقة الكهربائية، وفى مولدات البحار، وفى صناعة التسخين، وصناعة تكييف الهواء.
وبحسب الدكتور رمضان أبو العلا، نائب رئيس جامعة فاروس وأستاذ هندسة البترول بجامعة قناة السويس، فإن استخدام الغاز الطبيعى كمادة خام في صناعات الأسمدة والسيراميك، يمثل قيمة مُضافة كبيرة، واستثمارا طويل الأمد، ويعد ميزة لمصر، كما أن حرقه لتوليد الكهرباء، أو في المصانع هو «هدر لا قيمة له».
ويسُتخدم الغاز الطبيعى كعامل مساعد في مصانع البتروكيماويات والأسمدة والأسمنت وصناعة الحديد والصلب، بمعنى أنه يدخل كمادة خام في العملية الإنتاجية باعتباره أحد المكونات، ويصل استهلاك قطاعات الأسمدة إلى 104 مليارات قدم مكعب سنويًا، والحديد والصلب 45 مليار قدم مكعب سنويا، وبلغ استهلاك مصانع الأسمنت 31 مليار قدم مكعب في السنة، واستهلاك الصناعة مليار قدم مكعب، ووصل إجمالى المصانع التي تعمل بالغاز ل 946.
وعن إستراتيجية الحكومة في تحويل المصانع التي تعمل بالسولار أو بالكهرباء لتعمل بالغاز الطبيعى، يضيف رمضان أبو العلا، أنها «إهدار للطاقة» ولحق الأجيال القادمة في ثروات الأرض، مشددًا على ضرورة اتباع خطة ترشيد استهلاك الطاقة والاعتماد على مصادر متجددة، وعدم الاعتماد على الوقود الأحفورى «الغاز - البترول»، لأن مصر تعانى من عدم قدرتها على توفير احتياجاتها سواء من الغاز أو البترول.
ووثق التقرير السنوى ل«إيجاس» حجم متوسط إنتاج الغاز الطبيعى خلال العام المالى 2015، إلى 4.526 مليار قدم مكعب من الغاز يوميًا، هذا مقابل 5.050 مليار قدم مكعب خلال العام الماضى، وهذا يعنى انخفاض نحو 10.7٪؛ ساهمت فيه حقول البحر المتوسط ب 59٪ من إجمالى إنتاج الغاز، ووصل إجمالى ما أنتجته حقول الصحراء الغربية 30٪، هذا في حين بلغت فاتورة الغاز المُسال من الخارج خلال العام الحالى 3.55 مليار دولار، نحو 27.52 مليار جنيه، هذا في حين أن وزارة المالية رصدت خلال الموازنة العامة «2014/2015» 5 مليارات جنيه فقط لاستيراد الغاز.
ويتساءل رمضان أبو العلا، كيف تريد الحكومة تشغيل كل المصانع بالغاز الطبيعى، في الوقت الذي بلغت فيه زيادة استهلاك السوق المحلية من الغاز الطبيعى نحو 25٪، مقارنة بحجم استهلاك العام الماضى، إذ وصل حجم الاستهلاك في السوق المحلية هذا العام 5.7٪ مليار قدم مكعب يوميًا، مقابل 4.1 مليار قدم مكعب يوميًا خلال العام الماضى.
فاتورة استيراد الغاز
بطبيعة الحال، فإن كميات الغاز المُستخرجة لا تكفى لكل الأنشطة الاقتصادية، كما أنه كان من المخطط زيادة الإنتاج من الغاز الطبيعى من خلال دخول نحو 1.4 مليار قدم مكعب يوميًا حيز الإنتاج منذ عام 2014، يسُتخدم منها نحو مليار قدم مكعب غاز يوميًا لتعويض التناقص الطبيعى للإنتاج من الحقول، إلا أنه ونظرًا لحاجات محطات الكهرباء للغاز، تم التفاوض مع 6 شركات عالمية لاستيراد كميات من الغاز المُسال، واستلمت مصر أولى شحنات الغاز في أغسطس 2014، بواقع 250 مليون قدم مكعب.
واستوردت مصر من خلال شركة إيجاس 14.62 ألف متر مكعب من الغاز المُسال، من خلال 10 شحنات، كما وقعت إيجاس عقدا مع شركة هوج النرويجية لتزويدها بأول مركب «محطة تغييز عائمة» لاستقبال الغاز المُسال وتحويله إلى غاز طبيعى، ووصلت هذه المحطة في شهر إبريل الماضى، وقامت محطة التغييز الأولى بضخ 30 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعى للشبكة القومية للغاز.. بحسب تقرير إيجاس.
هذا إضافة إلى مفاوضة بعض الشركات المصرية والتي عقدت تحالفا فيما بينها سُمى ب «شركة دولفينوس هولدينجز» من أجل استيراد الغاز من إسرائيل، وتم توقيع مذكرات تفاهم مع شركتى «نوبل وديليك» الشريكتين في حقل لوثيان الإسرائيلى، ولكن توقفت هذه المفاوضات والتي أعُلن عنها قبل 8 أشهر، وكان من المتوقع أنه سيجرى نقل الغاز المستورد من إسرائيل عن طريق أنابيب شركة غاز شرق المتوسط.
لا تمثل حصة مصر في إنتاج مجمعى التصدير «دمياط وإدكو» أكثر من الثلث، حيث تمتلك الحكومة 20٪ من مجمع الغاز والبتروكيماويات في دمياط، و24٪ من الشركة المصرية لإسالة وتصدير الغاز في إدكو، ولتغطية العجز في السوق المحلية، تحصل شركة غاز مصر إيجاس على حصة الشركاء الأجانب.
الحرق في محطات الكهرباء
من جانب آخر، استعرض الدكتور إبراهيم العسيرى خبير الشئون النووية بوزارة الكهرباء، خريطة إنتاج الطاقة في مصر، لافتًا إلى أن قرار الحكومة باستعمال الغاز الطبيعى بدلًا من الكهرباء يأتى من أجل توفير كميات أكبر للصناعة، ومن أجل جذب استثمارات في مصر، ويقول العسيرى، إن الصناعة لا يمكن أن تستغنى عن 5 أنواع من الوقود وهى «الفحم – الكهرباء – الغاز – البترول – الطاقة النووية» وهى أنواع لا يمكن الاستغناء عنها أو وجود بدائل لها.
ويوثق تقرير الشركة القابضة للغاز «إيجاس» أن قطاع الكهرباء يستهلك ما قيمته 63٪ من إجمالى استهلاك مصر من الغاز الطبيعى سنويا، بواقع 2 مليار و846 مليون قدم مكعب يوميًا، حيث بلغ عدد المحطات التي تعمل بالغاز 43 محطة، تمثل 80٪ من إجمالى احتياجات مصر من الطاقة الكهربائية، وتستهلك هذه 21.216 ألف طن مترى من الغاز، لتوليد 241844 جيجا وات/ ساعة.
ويضيف العسيرى، أن قدرة الشبكة الكهربائية في مصر مجتمعة أقل من 30 ألف ميجا وات سنويًا، مشيرًا إلى أن نسبة استخدام الوقود الأحفورى «الغاز – البترول» في توليد الطاقة الكهربائية تتجاوز ال 92٪، يتم استهلاك نحو 80٪ منها عن طريق حرق الغاز الطبيعى.
وعلى الرغم من الفواتير الباهظة التي يتكبدها الاقتصاد المصرى، والغاز الطبيعى تحديدًا، من أجل توليد الطاقة الكهربائية إلا أن خريطة استهلاك الطاقة الكهربائية في مصر «معيبة» – وفقا لإحصائية وزارة الكهرباء- حيث يستحوذ القطاع المنزلى على 43٪ من إنتاج الكهرباء في مصر، فيما وصل استهلاك الصناعة إلى 27٪، بينما بلغ حجم استهلاك المحال والإنارة إلى 12٪، فيما تستهلك المرافق الحكومية نسبة 8٪، فيما بلغ حجم استهلاك الزراعة 5٪.
يورد خبير الطاقة، مجموعة من المشاكل التي يعانى منها قطاع الكهرباء، أهمها أن 20٪ من محطات توليد الكهرباء، عمرها أقل من 22 سنة، 20٪ عمرها يتراوح بين 2 و22 سنة، 10٪ من المحطات يبلغ عمرها أكثر من 20٪، ومن المعلوم أنه كلما زاد عمر المحطة، قلت كفاءتها الإنتاجية، كما أن استخدام المازوت في عمليات التشغيل يجعل المحطات تخرج للصيانة في فترات متقاربة، إضافة إلى مشاكل خطوط الشبكة الناقلة للكهرباء، وانخفاض ضغط الغاز إلى محطات التوليد، ومحدودية الطاقة المُولدة من المحطات الجديدة.
وتعانى شبكة الكهرباء المصرية من إشكاليات أخرى، تتمثل في فواقد قطاعى النقل والتوزيع، والتي تصل في خطوط النقل إلى 6781 مليون كيلو وات/ساعة سنويًا بنسبة 4.04٪، في حين تبلغ فواقد شركات التوزيع 12023 بنسبة 7.4٪ من قيمة إجمالى الطاقة الكهربائية، وفقًا لإحصائية وزارة الكهرباء.
ورصد تقرير وزارة الكهرباء السنوى، مشكلات اعتماد المحطات على الوقود الأحفورى، حيث إنه على الرغم من مضاعفة إنتاج الكهرباء خلال ال 10 أعوام الماضية والتي وصلت خلال عام 2014/ 2015 إلى 180 مليار كيلو وات/ساعة، إلا أن معظم المحطات التي تم إنشاؤها تعتمد بشكل أساسى على الوقود الأحفورى، كما أنه ورغم الزيادة المذكورة، إلا أن نسبة احتياج مصر من الطاقة الكهربائية تزيد بمعدل 1٪ كل عام.
مصانع الطوب.. استعمال الغاز "غير وارد"
يقول المهندس داكر عبد اللاه عضو مجلس إدارة الاتحاد المصرى لمقاولى البناء والتشييد، إن تحويل مصانع الطوب للعمل بالغاز الطبيعى بدلًا من المازوت والسولار سيؤدى لاستهلاك كميات كبيرة من الغاز الطبيعى، وهذا ما لا يتحمله الاقتصاد المصرى، كما لا توجد احتياطات كافية من الغاز الطبيعى.
يوجد في مصر نحو 6 آلاف مصنع، وفقا لآخر إحصائية رسمية، ولكن لا توجد إحصائية بعدد قمائن الطوب، وإن كانت منتشرة بعشرات الآلاف في أنحاء الجمهورية، منها نحو 700 مصنع طوب بمنطقة عرب أبو ساعد، أصحابها يشتكون من ارتفاع سعر الغاز ل 6 دولارات للمليون وحدة حرارية، وفقا ل عبداللاه.
ويضيف داكر، أن هناك نقصا في كميات الغاز الموجه للمصانع التي تعمل بالغاز الطبيعى بنسبة 25٪، مشيرًا إلى أن هذه المصانع تم تحويلها للعمل بالغاز خلال خطة الدولة التي تم تفعيلها خلال 2009 – 2010.
نقص الطاقة.. شبح يواجه الصناعة
من جانبه، ألقى المهندس هانى المنشاوى رئيس جمعية رجال الأعمال للصناعات الصغيرة، الضوء على أزمات توقف عدد من المصانع بسبب أزمة انقطاع ونقص الطاقة، حيث بلغ عدد المصانع المتوقفة نحو 231 مصنعا -بحسب إحصائية وزير الصناعة- من بينها نحو 200 مصنع متوقفة في مدينة برج العرب بالإسكندرية.
ويقول المنشاوى، إن هناك مصانع متعثرة ومِدينة للبنوك بسبب عدم قدرتها على السداد، ذلك بسبب انخفاض ربحية المصانع، حيث إن أغلب هذه المصانع أصبحت مدينة للبنوك بسبب زيادة أسعار الطاقة ونقصها الذي أدى إلى تشغيل المصانع لعدد ساعات معينة يوميًا.
ويضيف رئيس جمعية رجال الأعمال، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى قال خلال لقائه برجال الأعمال إنه تم تخصيص مبلغ 3 مليارات جنيه لإنقاذ المصانع من عثرتها، وذلك بتأسيس شركة لإدارة هذه الأزمة، إلا أن الخطة لم يتم تنفيذها حتى الآن.
الطاقة الشمسية.. البديل المطلوب
على جانب آخر، يوضح المهندس عمرو محسن المدير التنفيذى لشركة لوتس للتكنولوجيات الشمسية، أن حل أزمات الطاقة التي تعانى منها مصر يتمثل في تنفيذ خطة الاستخدام الأمثل للطاقة، وإعداد خطة لاستخدام الطاقة المتجددة في موازنة الطاقة المصرية خلال 5 سنوات بحيث تصل نسبة استخدام الطاقة المتجددة ل 25 -30٪ من إجمالى الطاقة المُستخدم في مصر.
يقول محسن، إنه يمتلك مشروعا لاستخدام الطاقة المتجددة «الرياح والشمس» حيث سيتم بناء عدد من المحطات العملاقة لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة الشمسية على مساحة 10 آلاف كيلو متر، على مدى 50 عاما، وهذه المحطات سوف تنتج طاقة كهربائية بقدرة 500 جيجا وات (نحو 240 ضعف الطاقة المُولدة من السد العالي).
كما يقوم المشروع على اجتذاب مليون شاب من الفنيين تدريجيًا على مدى 10 سنوات، للتوطن المستدام، وإعمار مواقع المحطات الشمسية ومزارع الرياح العملاقة لتوليد الطاقة الكهربائية، وتحلية مياه البحر للاستزراع، وسوف يتم تقسيمهم على مجموعة من الأفواج يكون عدد كل فوج 10 آلاف شخص، مع عمل تجمعات سكنية بتخطيط عمرانى سليم.. يتابع المدير التنفيذى لشركة لوتس.
ويضيف محسن، أن هذه المحطات قادرة على تحلية 108 مليارات متر مكعب من مياه البحر سنويًا باستخدام الطاقة الحرارية في المحطات، وذلك لأن كل المحطات الحرارية لتوليد الطاقة الكهربائية تحتاج إلى التخلص من بعض الحرارة في جزء محدد من الدائرة الحرارية، مشيرًا إلى أن هذا سيتم من خلال تبريده بالمياه في أبراج التبريد العملاقة والمخروطية بغرض تحليتها، وهذا يزيد من كفاءة عمل المحطة، لافتًا إلى أن هذا يسير بالتوازى مع إنتاج المحطات للكهرباء.
ويبّين خبير الطاقة، أنه يمكن التغلب على مشاكل عدم ديمومة الطاقة المتجددة باستخدامها في إنارة المنازل والمرافق العامة والمبانى الحكومية، وغيرها، وتوفير الوقود الأحفورى اللازم للصناعة والتي هي لا غنى لها عن هذه المواد.
وقد نصت خطة وزارة الكهرباء للعام الحالى، على زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة لتصل إلى نسبة 30٪ من إجمالى الطاقة المستخدمة في مصر خلال عام 2030، وذلك من خلال تنفيذ وتوسعة مشروعات توليد الكهرباء من طاقة الرياح في مناطق البحر الأحمر في منطقة جبال الزيت وخليج السويس ومشروعات شرق وغرب النيل.
ويضمن هذا المشروع استيعاب أكثر من 10 ملايين نسمة خلال أعوامه ال 50، ويسير مع هذا الخروج من المناطق العشوائية، وإعمار الصحراء واستزراع مساحات منها، وهذا يوفر لمصر بعضا من استهلاكها من الغذاء، ويتيح لها آفاقا جديدة.
من جانبه يرى الدكتور يسرى أبو شادى عالم التكنولوجيا النووية الكبير، وكبير مفتشى الطاقة الذرية السابق، أن أزمة مصر تتلخص في الاعتماد على الوقود الأحفورى «الغاز – البترول» في الصناعة توليد الطاقة الكهربائية، وهى مصادر غير دائمة، كما أن مصر لا تملك رفاهية استخدامها دون حساب.
ويقول أبو شادى، إنه يجب استخدام «الطاقة الجديدة والمتجددة» لاحتواء الأزمة التي قد تضغط على الاقتصاد المصرى خلال وقت ليس بالبعيد، لافتًا إلى أهمية اتفاق الرئيس السيسى مع الشركة الروسية على بناء 4 مفاعلات نووية.
كما أن عدم الاعتماد على مصارد الطاقة المتجددة التي تمتلك منها مصر الكثير، حيث تمتلك مصر إمكانيات فريدة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، حيث يصل الإشعاع الشمسى في 2/3 من مساحة مصر إلى 6.4 كيلو وات ساعة/ م2، في اليوم، فيما تصل سرعة الرياح إلى 10 م/ ثانية على ساحل البحر الأحمر، وفقا لكبير مفتشى الطاقة الذرية.
وفقًا لإحصائيات وزارة الكهرباء للعام الحالى، فإن طاقة الرياح تسهم بنسبة 2٪ في توليد الطاقة الكهربائية، هذا على الرغم من وفرة مصادر الرياح في مصر، ويوجد في مصر محطة رياح بقدرة تصل إلى 550 ميجا وات في منطقة الزعفرانة، وقد تم تسجيل المحطة كمشروع تابع لآلية (CDM)، كما تنوى الحكومة إنشاء محطات أخرى بقدرة 1120 ميجا وات في منطقة خليج الزيت.
كما تصل نسبة الإشعاع الشمسى في مصر إلى 3 آلاف كيلو وات ساعة/ م2 في السنة، فضلًا عن أن توافر الأراضى لإقامة محطات بالطاقة الشمسية لأن نسبة الصحارى بمصر تبلغ 96٪، إلا أن مصر لم تستغل تلك الإمكانيات، فالمحطة الوحيدة التي أنشأتها مصر كانت محطة الكريمات بقدرة 140 ميجا وات، وفقا لإحصائيات وزارة الكهرباء.
إضافة إلى نسبة إسهام المحطات المائية في توليد الكهرباء تصل إلى 11.2٪، وتبلغ قدرة محطة السد العالى 2.1 جيجا وات، ومحطة سد أسوان ومحطة إسنا ومحطة نجع حمادى، إضافة إلى محطة الجبل الأصفر بقدرة 23 ميجا وات.
واعترض أبو شادى على استخدام الفحم كحل لأزمات الطاقة التي تعانى منها مصر، مشيرًا إلى أن إجمالى تكاليف محطة توليد الكهرباء تعمل بالغاز بقدرة 1000 ميجا وات يصل لنحو مليار دولار سنويًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.