رغم بعض نماذج الفشل فإن الصينيين يتوغلون بنجاح في القارة الأفريقية.. وتقول مجلة "نيوزويك" إن مشروع خط السكك الحديدية الذي كان مقررا أن يربط قلب أفريقيا بميناء لوبيتو علي المحيط الأطلنطي هو أبرز مظاهر هذا الفشل، فالمشروع كان مقررا أن يتكلف ملياري دولار وبدأ الصينيون العمل فيه بالفعل ولكنه توقف فجأة بعد خلافات نشبت بين الحكومة الأنجولية والصين.. ومن نماذج الفشل أيضا عقد بناء معمل لتكرير البترول في ميناء لوبيتو كانت الصين قد فازت به ولكن الخلافات أدت إلي فسخه.. وتقول مصادر السفارة الأمريكية في أنجولا إنه من المحتمل أن تتولي شركة بكتل الأمريكية إقامة هذا المعمل الذي يتكلف هو أيضا ملياري دولار. وإذ كانت تلك هي نماذج الفشل فإن الأعمال الصينية الناجحة في أفريقيا بلا حصر.. وهذه هي شركات الصين تستخرج البترول من السودان وتأخذ الأخشاب من غينيا وتقوم بتعدين النحاس والزنك من أراضي الكونغو.. أكثر من ذلك فقد قامت بكين أخيرا بشراء حصة كبيرة في بنك ستاندارد بجنوب أفريقيا لاستخدامه في تمويل مشروعات البنية الأساسية في مختلف أرجاء القارة. وقد سبقت الصين منافسيها الغربيين حتي في إقامة السفارات مع البلدان الأفريقية فسفاراتها في القارة أكبر عددا من السفارات الأمريكية، كذلك تقوم الصين باستثمار الكثير في بلاد مثل رواندا.. وفي العام الماضي بلغ حجم التجارة بين الصين وأفريقيا 50 مليار دولار وينتظر أن يتضاعف هذا الرقم ليصبح 100 مليار دولار مع حلول عام 2010. ورغم كل ما تنفقه الصين من أموال فإن شركاتها لم تسلم من القلاقل الأفريقية وقد نعرف أن الصين أقرضت أنجولا وحدها 11 مليار دولار أي أكثر من البنك الدولي ومع ذلك فالصينيون في أنجولا وغيرها يتعرضون لحوادث اختطاف وعمليات قتل أو تهديد بالقتل من دلتا نهر النيجر غربا حتي الأراضي الأثيوبية في شرق أفريقيا حيث قام المتمردون باختطاف 17 عاملا صينيا وذبحهم. وتعتبر أنجولا الاَن أكبر مورد بترول للصين، كما أن الأموال الصينية بالنسبة للعمال الصينيين مكان موبوء بالخطر.. ففي أنجولا اَلاف وربما ملايين الألغام المتبقية من سنوات الحرب الأهلية ويوجد في هذا البلد 100 ألف عامل صيني منتشرون في المدن والقري وهم كثيرا ما يتعرضون لانفجارات هذه الألغام أثناء عملهم في مختلف المشروعات ويسقط منهم القتلي والجرحي بكثرة. وتقول مجلة "نيوزويك" إن الشركات الحكومية الصينية تحرم أي تزاوج بين العمال الصينيين والفتيات الأفارقة وتقوم بترحيل أي عامل يتورط في علاقة مع أية فتاة أفريقية.. كذلك توجد أحيانا مشاعر عنصرية ضد الوجود الصيني في أفريقيا بل ومشاعر اضطهاد طبقي أيضا.. فالعالم الأفريقي الذي يعمل في أي مشروع تقوم به شركة صينية عليه أن يكدح طوال اليوم دون طعام لكي يحصل في النهاية علي 5 دولارات يوميا كأجر.. وهكذا فإن التوتر في أنجولا كمثال ليس مقصورا علي المسئولين في كل من الصين وأنجولا وإنما له أيضا امتداداته بين الأفراد العاديين.. وهناك من يشير بأصبع الاتهام إلي الفساد الحكومي الأنجولي باعتباره المسئول عن توقف مشروع خط سكة حديد لوبيتو الذي تحدثنا عنه. وعلي الرغم من هذه المتاعب فإن الصين تنظر إلي استثماراتها في أفريقيا باعتبارها عربون صداقة من أجل المستقبل ولكن كل بلد ساعدته الصين أصبح هدفا للشركات العالمية المنافسة للشركات الصينية، فالشركات الأمريكية مثل KBR.