لا يخفى على كل متابع تلك الأزمة الحادة التي تمر بها صناعة السينما المصرية منذ سنوات وللأسف فقد لحقت بها أيضا صناعة الدراما التلفزيونية التي تشهد تراجعا ملحوظاً في أوضاعها باستثناء موسم "شهر رمضان " الذي يتميز بكثافة في الإنتاج تساوى ما يتم تقديمه على مدار العام تقريبا. وتتعدد أسباب الأزمة التي تعانيها صناعة الدراما فى السينما والتليفزيون، لكن المؤكد أن أزمة الإنتاج هي الملمح الأكثر تأثيرا على واقع ومستقبل الصناعة التي يوجد بها أزمة نصوص أو قلة وضعف الكوادر الفنية كما يردد البعض. أدت أزمة الإنتاج إلى تراجع غير مسبوق في أعداد الأفلام التي تقدمها السينما المصرية وضعف في المستوى الفني للكثير من الأعمال المقدمة مما أصبح يهدد مكانة مصر في المهرجانات الدولية باستثناء بعض التجارب المستقلة التي حافظت على ماء وجه الصناعة العريقة مثل ( يوم الدين – ريش ) وهى أعمال يمكن وصفها بأنها "خارج السرب " سواء في مصادر الإنتاج أو التناول والمعالجة الفنية مما يجعلها هدفا دائما للهجوم بدوافع فنية أحيانا وسياسية في معظم الأحيان . في ذلك السياق المأزوم للصناعة خرجت علينا لائحة منسوبة إلى إحدى الجهات الفنية تكشف عن أجور الفنانين والمخرجين والكتاب في مصر المحروسة، وفى البداية لابد أن أوضح أنى لست ضد أن يحصل كل فنان على أجر يساوى قيمته التسويقية وحجم تأثيره ونجاحه في تحقيق إيرادات فالأجور تحددها قاعدة اقتصادية معترف بها هي العرض والطلب وبعيدا عن ذلك وبغض النظر عن مدى صحة تلك الوثيقة وعن ذلك الجدل الذى صاحب تداولها فقد كشفت اللائحة المتداولة والتي نفت عدد من الجهات صحتها أن ( أجر الفئة الأعلى بحد أقصى 25 مليون جنيه في المسلسلات المكونة من 30 حلقة، وضمت النجوم كريم عبد العزيز، وأحمد عز، وأحمد مكي، وأحمد حلمي، وأحمد السقا، وتامر حسني، ومحمد رمضان، بينما لا يزيد أجر خالد النبوي، ومصطفى شعبان، وعمرو سعد، ودنيا سمير غانم، ومنى زكي، وياسمين عبد العزيز، ومنة شلبي، وهند صبري، ويسرا، ونيللي كريم، عن 15 مليون جنيه. وتضم الفئة الثالثة كل من آسر ياسين، وعمرو يوسف، ومحمد فراج، ومحمد ممدوح، وهشام ماجد، وشيكو، وأحمد فهمي، وأكرم حسني، وأحمد أمين، حيث لا تزيد أجورهم على 10 ملايين جنيه ويحصل كل ممثل، على نسبة 65% من قيمة هذا الأجر، حال تقديمه مسلسل مكون من 15 حلقة، فيما تنخفض النسبة إلى 50%، إذ كان المسلسل مكون من 10 حلقات فقط . وبالنسبة للمخرجين، جاء محمد شاكر خضير، ومحمد سامي، وكاملة أبو ذكري، وبيتر ميمي، وتامر محسن، ومحمد ياسين، وأحمد الجندي، وأحمد علاء، وأحمد نادر جلال، في المرتبة الأولى حيث تتراوح أجورهم من 6 إلى 8 ملايين جنيه. وتضم الفئة الثانية، التي تتراوح ما بين 3 إلى 5 ملايين جنيه، كل من حسين المنباوي، وسامح عبد العزيز، ومحمد سلامة، وإسلام خيري، وخالد الحلفاوي، ومعتز التوني، وماندو العدل، وكريم الشناوي، وأحمد مدحت، وياسر سامي، وعمرو عرفة، ومحمد بكير، وشيرين عادل، وهاني خليفة، ووائل إحسان، وعمرو سلامة، وخالد مرعي، وأحمد خالد موسى. وبخصوص المؤلفين، تضم المرتبة الأولى، كل من عبد الرحيم كمال، ومريم نعوم، وتامر حبيب، حيث يتراوح أجرهم بين 3 إلى 5 ملايين جنيه، أما المرتبة الثانية لا تزيد الأجور فيها على 3 ملايين جنيه، وتضم محمد أمين راضي، وأيمن وتار، وأيمن سلامة، وهاني سرحان، ومحمد سليمان عبد المالك، ومصطفى صقر، ومحمد عز الدين، وباهر دويدار، وهاني كمال، ومحمد هشام عبية، وعمرو الدالي، وعمرو محمود ياسين، وصلاح الجهيني ) … هذا ما تضمنته الوثيقة – الأزمة – وبعيدا عن صحة هذا التسريب من عدمه إلا أنه يبقى كاشفا وليس بعيدا عن الواقع بنسبة كبيرة خاصة وأن عددا كبيرا من المنتجين كانوا قد أعلنوا في أوقات سابقة عن ضرورة وضع سقف لأجور "نجوم الصف الأول " في ظل أزمة إنتاجية عنيفة تزايدت مع أزمة اقتصادية شامله تمر بها البلاد مما أدى – بالإضافة إلى أسباب أخرى تتعلق بحرية المنافسة في سوق الصناعة – أدت إلى خروج شركات عديدة والتوقف عن الإنتاج وانتظار ما سوف تنتهى عليه الأوضاع . والملاحظ أن ما يطلق عليهم " نجوم الصف الأول " يغيبون تماما عن الإقدام عن دعم الصناعة من خلال إنتاج بعض الأعمال خاصة وأن تاريخ الفن المصري قد عرف " الفنان الصانع أو المنتج " مثل أنور وجدى وفريد شوقي والفنانة الكبيرة ماجدة الصباحى التي قدمت ما يقرب من 12 عملا من أهم الأعمال الفنية التي تمثل قيمة ومعنى منها "النَّدَّاهَة" و"أنف وثلاث عيون" والعمر لحظة" كما قدمت فيلم "جميلة" الذي يروي حياة المناضلة الجزائرية "جميلة بُوحِيْرِد" عام 1960، وفيلم "هجرة الرسول" عام 1964. كما كان للراحل الكبير "فريد شوقي" دور بارز في دعم الصناعة من خلال شركة الإنتاج الفني التي أنشأها، وقدَّمت أعمالا عظيمة مثل "رصيف نمرة 5" كما قدَّم من إنتاجه ملحمة بورسعيد من خلال عمل وطني هو "بورسعيد الوطنية" وقدم فيلم "الفتوة" واستمرت رحلته مع الإنتاج حتى عام 1991، عندما قدَّم فيلم "شاويش نص الليل " ومن أهم نجوم الفن الذين ساهوا في دعم الصناعة كان الفنان"نور الشريف" الذى قام بتأسيس شركة "بى إن" للإنتاج الفني وحملت أول حرف من اسمه "نور" واسم زوجته الفنانة "بوسي" وقدَّمت الشركة ثلاثة أعمال هي: "دائرة الانتقام" و"ضربة شمس" وكان "ناجى العلى" كما أقدم الراحل وحيد حامد على الإنتاج الفني وقدم للسينما المصرية سبعة أعمال مميزة من بينها " اضحك الصورة تطلع حلوة " ومن بين النجوم المعاصرين قام الفنان "محمود حميدة" بتأسيس شركة "البطريق" للإنتاج الفني وقدَّم من خلالها عددا من أهم أفلام السينما من بينها "جنة الشياطين" و"ملك وكتابة" وأخيرا فإن الفنانة "إلهام شاهين" هي آخر نجوم الفن الذين انشغلوا بدعم الصناعة وقدمت أعمالا عديدة منها "يوم للستات" و"خلطة فوزية" و"هز وسط البلد . في المقابل فإن نجوم الجيل الحالي بحثوا عن استثمار أموالهم في مجالات بعيدة تماما عن الفن مثل "الكافيهات " و" المطاعم " وصالات " الجيم " .