وزيرة الهجرة: «اكتشف مصر» وسيلة لربط الأجيال الجديدة بالخارج وبين بلدهم    النواب يبدأ مناقشة قانون بربط حساب ختامي الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2022/ 2023    محافظ أسيوط: التدريب العملي يُصقل مهارات الطلاب ويؤهلهم لسوق العمل    رئيس النواب: التزام المرافق العامة بشأن المنشآت الصحية لا يحتاج مشروع قانون    «اقتصاديات الصحة».. مجال أكاديمي جديد لإنجاح منظومة «التأمين الصحى الشامل»    رانيا المشاط: البنوك الاوروبية تستثمر في مصر 12.9 مليار دولار    تراجع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين    لليوم ال20.. «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    فيفا يعلن إيقاف قيد جديد للزمالك 3 فترات بسبب مستحقات أحد مساعدى البرتغالي فيريرا.. والنادى يرد: سيتم حل الأزمة في أسرع وقت    من هو «محمد مخبر» المُكلف بمهام الرئيس الإيرانى؟    إيطاليا تقدم تعازيها لإيران فى وفاة رئيسها إبراهيم رئيسى    جراحة ناجحة لمعلول في وتر أكيلس.. ويبدأ التأهيل بعد أسبوعين    مصر تواجه بوروندي في بطولة أمم أفريقيا للساق الواحدة    طلاب الشهادة الإعدادية بالقليوبية يعبرون عن فرحتهم بسهولة امتحان اللغة الإنجليزية    دافع عن نفسه.. مصرع عامل بطلقات نارية على يد مدمن فى قنا    المشدد 5 سنوات لعامل بالشرقية لاتهامه بخطف طالبة وهتك عرضها    بعد قليل.. محاكمة طبيب نساء شهير لاتهامه بإجراء عمليات إجهاض بالجيزة    ضبط 82 مخالفة في المخابز والأسواق بمحافظة الدقهلية    ضبطهم الأمن العام.. كواليس جريمة التنقيب عن الذهب بأسوان    مهرجان المسرح المصري يفتح باب المشاركة في مسابقة العروض المسرحية بدورته ال17    فيلم شقو يحصد 291 ألف جنيه إيرادات في ليلة أمس الأحد    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    عمر الشناوي: فخور بالعمل في مسلسل "الاختيار" وهذه علاقتي بالسوشيال ميديا    محمد ثروت يوجه رسالة رثاء ل سمير غانم في ذكرى وفاته    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    محافظ كفر الشيخ: تقديم خدمات طبية ل 1528 مواطنا قافلة طبية مجانية بقلين    مجلس النواب يوافق نهائيًّا على مشروع قانون المنشآت الصحية -تفاصيل    موجة الحر.. اعرف العلامات الشائعة لضربة الشمس وطرق الوقاية منها    ضبط 6 أشخاص سرقوا مبلغ مالى من داخل سيارة وخزينة اموال في الجيزة    حسين لبيب: الزمالك معتاد على البطولات.. ونسعى لإعادة العلاقات الطيبة مع المنافسين    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    لمواليد برج العقرب والسرطان والحوت.. الأبراج المائية على الصعيد المالي والوظيفي    من هو وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي توفي مع الرئيس الإيراني؟    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    معرض لتوزيع الملابس الجديدة مجانًا بقرى يوسف الصديق بالفيوم    قائمة البرازيل - استدعاء 3 لاعبين جدد.. واستبدال إيدرسون    عاجل.. كواليس اجتماع تشافي ولابورتا| هل يتم إقالة زرقاء اليمامة؟    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    تشاهدون اليوم.. بولونيا يستضيف يوفنتوس والمصري يواجه إنبى    تداول 146 ألف طن بضائع استراتيجية بميناء الإسكندرية    «الرعاية الصحية» تعلن حصول مستشفى الرمد ببورسعيد على الاعتراف الدولي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    تركيا: مسيرة «أكينجي» رصدت مصدر حرارة يعتقد أنه حطام مروحية رئيسي    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    إجراءات قانونية تجاه 6 من لاعبي نادي الزمالك لإلقاء شماريخ على مدرجات الجماهير    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    استقبال حافل ل حسين لبيب فور وصوله إلى نادي الزمالك (فيديو وصور)    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روسيا وتركيا ..سر العلاقة الجدلية
نشر في الأهالي يوم 11 - 01 - 2023

تحولت تركيا إلى أكبر مركز لتصدير القمح للعالم والغاز لأوروبا
أنقرة الأقرب للعب دور الوسيط في أي مفاوضات قادمة
يحاول الكثير من المراقبين تفسير العلاقة بين تركيا وروسيا على أى نحو وأي مقياس، لكن هذه العلاقة لا تخضع لأي مقاييس وفى كثير من الأحيان لل تخضع لأى منطق. تركيا عضو فى الناتو الذى أشعل النزاع الروسى – الأوكرانى بمحاولة ضم أوكرانيا للحلف واعتراض روسيا على ذلك، تركيا أسقطت مقاتلة روسية من طراز سو- 24 والتى تعتبر فخر الصناعة العسكرية الروسية، إردوغان ساعد أذربيجان على أن تستعيد ناجورنوكاراباخ من أرمينيا حليفة روسيا، والتى بها قاعدة عسكرية فيها ولم تحرك موسكو ساكناً رغم عضوية الأخيرة فى اتفاق الأمن الجماعى. تركيا تقصف قوات المشير حفتر على أبواب طرابلس وتطارده حتى مدينة سرت، رغم تأييد روسيا لحفتر، هذا ليس كل سجل الرئيس إردوغان، ولا ننس دخول سفن بأعلام تركية لنقل الغلال من البحر الأسود عندما أرادت روسيا وقف اتفاق نقلها بدعوى أن أوكرانيا تستخدم السفن المحملة بالغلال فى نقل أسلحة وذخيرة للجيش الأوكرانى، مما دفع روسيا لتمديد الاتفاق، وبالطبع أخيراً وليس آخراً تنظيم موسكو لاجتماع وزراء دفاع روسيا وسوريا وتركيا فى موسكو لبحث مشكلة اللاجئين السوريين فى تركيا وتهيئة المناخ لعودتهم إلى ديارهم، وهنا أيضاً موسكو تمد اليد لتركيا فى قضية تعتبر حيوية للرئيس إردوغان لأنه مقدم على استحقاق انتخابي العام المقبل.
وإذا عدنا بالتاريخ للوراء قليلاً، نجد أن لروسيا وتركيا تاريخًا طويلًا من العداء والتناقض وتقاطع المصالح يصل إلى ما يقرب من 500 عام من الحروب، منذ نشوء الإمبراطوريتين الروسية والعثمانية عقب سقوط الدولة البيزنطية، حيث كانت الإمبراطوريتان تعتقدان أنهما ورثا إرث بيزنطة، واستمر التنافس بينهما لفترة طويلة ومن ثم استمرت الحروب بينهما لفترة طويلة.
المثير للاهتمام فى كل هذه الحروب أن روسيا لم تستول على أى أراض تركية، بينما حاول السلاطين الأتراك الاستيلاء على وسط وشرق أوروبا والنمسا ومنطقة الفولجا فى روسيا، وما زالت آثارهم موجودة حتى الآن من خلال مسلمى تتارستان وبشكورتشتان الروسيتين، ولتركيا تأثير ثقافى كبير فى هاتين الجمهوريتين اللتين تتمتعان بالحكم الذاتى داخل الاتحاد الروسى، وبالفعل كانت هاتان الجمهوريتان معرضتين لأن تقعا تحت الاحتلال التركى، لكن مقاومة الروس والمدعومين منهم من قوازق منطقة الدون وزابوروجيا أنقذت وسط أوروبا من الاحتلال التركى، لكن الآثار التركية ما زالت موجودة فى البلقان حتى الآن وكانت أحد أسباب الحرب فى يوغسلافيا السابقة، كما أنقذ الأمراء الروس أوروبا من غزو التتار فى القرن الثالث عشر.
مضايق البحر الأسود
كان كل ما تطمح له روسيا هو المرور الحر لسفنها التجارية والحربية عبر مضايق البحر الأسود (البوسفور والدردنيل) وضمان عدم مرور سفن حربية لدول معادية عبر هذه المضايق تحت أى ظرف من الظروف، وهذا كان برنامج الحد الأقصى للإمبراطورية الروسية ومن بعدها الاتحاد السوفيتى، والمتمثل فى امتلاك قاعدة فى منطقة المضايق لتأمين مرور السفن وضمان عدم وصول أى قوات بحرية من الغرب للبحر الأسود، وكأنه بحيرة قاصرة على الدول الواقعة عليه فى ذلك الوقت، وكانت معظمها تابعة للاتحاد السوفيتى مثل رومانيا وبلغاريا، باستثناء تركيا، وعندما أرادت تركيا ذات مرة إزعاج الاتحاد السوفيتى فيما يتعلق بالمرور عبر المضايق، يقول جروميكو كان يكفى حديث ودى وغير رسمى مع بعض الصحفيين الغربيين حول تصرف الاتحاد السوفيتى كرد فعل على ذلك عندما قال لهم إنه من الممكن قيام الاتحاد السوفيتى بشق طريق للمرور عبر المضايق، لكن للأسف حينها لن تكون إسطنبول موجودة، الرسالة وصلت لأنقرة، بعد ذلك لم تفكر تركيا فى هذا الأمر مرة أخرى.
حلفاء ولكن
لكن هل كانت تركيا وروسيا حلفاء على مدى تاريخهما؟ نعم كانتا كذلك، مرتين فى تاريخهما. الأولى خلال الفترة من 1798 – 1805، حين ساعدت الإمبراطورية الروسية تركيا فى الدفاع عن نفسها لصد عدوان نابليون. وفى الفترة من 1920 – 1922، قدمت روسيا السوفيتية مساعدات كبيرة للجنرال مصطفى كمال أتاتورك فى استعادة استقلال الدولة التركية وطرد قوات ما كان يعرف "بالوفاق" من أراضيها، وكما نرى روسيا سواء القيصرية أو السوفيتية كانت مهتمة بالحفاظ على الدولة التركية، وكانت على استعداد للحرب من أجل ألا تسمح بوقوع جارتها الجنوبية لقمة سائغة للغرب، لكن للأسف أصبحت هذه الجارة عضوًا فى حلف الناتو الذى ناصب الاتحاد السوفيتى العداء على مدى تاريخه، وما زالت حرب تدور فى أوكرانيا أحد أسبابها الرئيسية هو انضمام دولة سوفيتية سابقة لهذا الحلف، حيث إنه فى حال انضمامها سيتحول البحر الأسود إلى بحيرة للناتو تقريباً. على أى حال هذه مقدمة تاريخية كان لا بد منها، تبين أنه لا العداء دائم ولا الصداقة دائمة والدائم الوحيد هى المصالح المشتركة.
علاقات معقدة
فى التاريخ الحديث تعتبر العلاقات التركية – الروسية بالغة التعقيد، خلال فترة الحرب الباردة كانت العلاقات بين الاتحاد السوفيتى وتركيا متوترة، لأن تركيا كانت تنظر للاتحاد السوفيتى على أنه دولة شيوعية تمثل تهديداً للأمن القومى التركى، فى حين كان ينظر السوفيت لتركيا باعتبارها دولة فى حلف الناتو تتجسس على الاتحاد السوفيتى وتمثل تهديداً مباشراً له. وهذا كان سبباً فى انعدام الثقة بين الطرفين، خاصة فى فترات الأزمات الشديدة، وذلك نتيجة تصورات سلبية قادمة من ماضى العلاقات والحروب القديمة. والطريف والغريب أن العلاقات بين روسيا وتركيا حتى فى أيام الاتحاد السوفيتى، لم تشهد تطوراً كبيراً حتى فى عهد الحكومات العلمانية المتعاقبة فى تركيا، نتيجة عدم الثقة الضارب بجذوره فى تاريخ العلاقات بينهما، لكن لسخرية الأقدار شهدت هذه العلاقات التطور الكبير أو الطفرة الحالية فى عهد حكومة حزب "العدالة والتنمية" ذى التوجه الإسلامى، لكن فى نفس الوقت كانت روسيا قد تخلت عن الإرث الشيوعى، وتركيا بتوجهها الإسلامى تريد أن يكون لها تأثير ثقافى بعد انهيار الإيديولوجية، وربما كانت تمنى نفسها باستعادة الماضى فى منطقة الفولجا، والقرم الذى أصبح فى عهدة أوكرانيا ثم روسيا ومن ينظر للعلاقات التركية – الروسية يجد أنها تتراوح بين التنافس والعداء أحياناً، والشراكة الاقتصادية أحياناً أكثر، والأخيرة تحكمها الجغرافيا، وعدم قبول الاتحاد الأوروبى لتركيا، ومن السهل رؤية هذا التناقض فى موضوعات مختلفة، تتراوح مثلاً من اختلاف وجهات النظر بين تركيا وروسيا من "حزب العمال الكردستانى" وكذلك موقف البلدين من النظام فى سوريا، فبينما تنتقد أنقرة النظام فى دمشق وتمد يد العون للمعارضة السورية، نجد أن روسيا حليف وثيق لدمشق، مما جعل العلاقات بين أنقرة وموسكو دوماً على جدول أعمال أى فعاليات تتعلق بسوريا. حيث تستخدم روسيا حق الفيتو ضد أى قرار يدين دمشق فى أى عمل بصرف النظر عن مشروعيته أم عدمها. ورغم أن الناتو ضم تركيا فى فترة بداية تأسيس حلف الناتو عام 1949، وكان الهدف هو حصار الاتحاد السوفيتى بالطبع، ولأن دول البحر الأسود الأخرى مثل رومانيا كانت شيوعية حتى أن بلغاريا كانت تلقب بالجمهورية السوفيتية السادسة عشرة وأعضاء فى حلف وارسو، الآن تغيرت الأحوال للعكس تقريباً فقد انهار حلف وارسو ودخلت رومانيا وبلغاريا حلف الناتو وأوكرانيا تناضل وتقاتل من أجل الانضمام للناتو ليصبح البحر الأسود بحيرة داخلية للناتو حقيقة واقعة فى حال قبول جورجيا المطلة كذلك على البحر الأسود، إذا تحقق انتصار أوكرانيا أو تخلت روسيا عن القرم بعد ذلك.
حافة الهاوية
فى الوقت الحالى تبدو العلاقات التركية – الروسية قوية ومتينة، لكن عند أول خلاف نجد أنها تجنح إلى حافة الهاوية وتسرع أنقرة إلى الغرب، كما حدث أثناء مشكلة تصدير الغلال والمواد الغذائية وعند إسقاط الطائرة الروسية. فى واقع الأمر الصداقة التركية – الروسية هشة للغاية، إن جاز التعبير، ورغم ذلك عند محاولات الغرب متمثلاً فى الولايات المتحدة وبريطانيا زرع بذور الخلاف بين أنقرة وموسكو، فإن العلاقة من الممكن أن تتشوه لبعض الوقت ولكنها تعود كما كانت وكأنها تتمتع بمرونة غير عادية.
أهم ما فى العلاقة الروسية – التركية، أن الأخيرة تفعل ما فيه مصلحتها، وإذا استغرقنا فى التفكير بعض الشيء وتساءلنا هل الرئيس التركى صديق لروسيا أم عدو؟ وهل من الممكن أن نعتبره حليفًا؟ لكى نجيب عن هذين السؤالين يجب أن نتتبع علاقات موسكو وأنقرة خلال الفترة منذ عام 2014 فقط، عام استرجاع روسيا للقرم، وبداية النزاع فى الدونباس، تركيا فى ذلك الوقت لم تستسلم لضغوط الغرب، تركيا لم تعترف بالقرم جزءاً من روسيا وأعلنت أنها مع وحدة وسلامة الأراضى الأوكرانية، وفى نفس الوقت لم تنصع للعقوبات الغربية على روسيا رغم موقفها الداعم لأوكرانيا ولم تقطع التعاون الاقتصادى مع موسكو، لأن هذا ليس فى صالح أنقرة، القيادة التركية تفعل ما هو فى صالحها فقط.
خلافات عميقة
الخلافات بين روسيا وتركيا كثيرة وعميقة ومبدئية، على سبيل المثال النفوذ فى الشرق الأوسط هنا الدولتان متنافستان، روسيا تدعم بشار الأسد، بينما أنقرة من مصلحتها القضاء على أكراد سوريا الذين تعتبرهم مهددين لأمنها. وزادت الخلافات بين البلدين عندما أسقطت مقاتلات تركية مقاتلة روسية من طراز سو – 24 فى سوريا، وتعقدت الأمور بين البلدين، فنتج عنها أزمة سياحة، ووقف الاستيراد والتصدير، وغيرهما مما هدد تلك العلاقات، لكن كما قيل فإن الأمر كان يحتاج إلى اعتذار من الرئيس التركى، وبعد ثمانية أشهر اعتذر الرئيس التركى وعادت الأمور إلى نصابها الصحيح، لكن فى عام 2018 ظهرت أزمة أخرى تنتظر روسيا فى علاقاتها مع تركيا، حيث كان عليهما فرز "الإرهابيين" عن المقاتلين "المعتدلين" فى سوريا (ما حدث فى إدلب) وتمت تسوية الوضع بعد مشاورات طويلة بين الرئيسين الروسى والتركى.
جنى الأرباح
لكن يبدو أن العملية العسكرية فى أوكرانيا أنست الرئيس التركى الأوضاع فى سوريا لبعض الوقت وإن كان بدأ يجدف من جديد لجنى الأرباح، ما دام الوضع فى القرم غير قابل للتغيير، فاخترع الرئيس التركى لنفسه مهمتين غاية فى الأهمية وهما أن يصبح مركز تجارة الغلال والغذاء المصدر من روسيا وأوكرانيا من خلال اتفاق وقعه مع الأمم المتحدة وروسيا وأوكرانيا، لكن الأهم بالنسبة للرئيس التركى أنه أصبح مركز تجارة الغاز، ونقطة ترانزيت عبور سواء الغاز الروسى أو الأذربيجانى أو حتى الإيرانى فى المستقبل إلى أوروبا، ويمكن القول أنه نجح فى ذلك بعد أن وقعت بلغاريا عقداً لتوريد الغاز طويل الأجل مع تركيا، فى المقابل تحصل تركيا على عمولة وتدفع لها روسيا تكلفة عبور الغاز عبر أراضيها، كما أنها تخدم أوروبا التى تصر على عدم استيراد الغاز الروسى ولكنها تستورد الغاز "التركى" القادم من روسيا، وبذلك تكون روسيا لم تخسر كثيراً، والأوروبيون الذين حلفوا بالطلاق أنهم لن يستوردوا الغاز الروسى لم يقع طلاقهم وحفظوا ماء وجههم.
باختصار تركيا لم تنضم للعقوبات على روسيا، والأخيرة تقدر ذلك جداً، وتركيا لفظها الاتحاد الأوروبى وتجد فى روسيا شريكا تجاريا يعوضها عن عدم انضمامها للاتحاد الأوروبى، وهى تستفيد اقتصادياً مستغلة موقعها الجغرافى الفريد، وها هى تركيا الأبرز لتلعب دور الوسيط لحل الأزمة الأوكرانية – الروسية فهى فى الناتو، وهى أهم شريك تجارى لروسيا ربما بعد الصين، وهى صديق لأوكرانيا التى قد تكون زميلا لأوكرانيا فى الناتو، وأوكرانيا تثق فيها لموقفها من القرم ووحدة وسلامة الأرض الأوكرانية، ولدى تركيا أوراق ضغط على طرفى النزاع من خلال تصدير الحبوب الأوكرانية وتصدير الغاز الروسى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.