الله سبحانه وتعالي هو القوي الجبار الذي عليه أن يُنذِر قبل أن يُحاسِب. ويُعاقِب. وهنا نجد فرقاً بين مكر الله ومكر الناس. أو نجد فرقاً بين المكر الحسن والمكر السيئ. يقول سبحانه وتعالي: ¢ ويَمكرون ويَمكرُ الله والله خير الماكرين ¢ الناس ضعفاء. يخبئون قوتهم ويخبئون حجتهم ليستخدموها وقت اللزوم. في الوقت المناسب بصورة مفاجئة. مباغتة. مذهلة. وقاتلة. لكن. مكر الله يُظهِر ما عنده سبحانه وتعالي من قوة. يُخبِر عن القوة التي عنده. القوة التي أعَدَّها لمن يرتكب الخطأ. فأخبر سبحانه وتعالي أنه قادر علي العقاب. ليفتح بذلك باب الرجوع عن الخطأ. أخبرنا عما خبأه من عذاب حتي لا نستمر فيما نحن عليه. لو قرأت في القرآن الكريم أن لدي الله أنكالاً وجحيماً وطعاماً ذا غصة وعذاباً أليماً. هل ستستمر في معصية الله؟ هو يقول ذلك حتي ينفذ الناس ما أمر به وينتهوا عما نهي عنه. فلا يحرقهم يوم القيامة. وهو أشبه بإعلان القدرة والقوة الذي يؤدي إلي الردع وإعادة الأمور إلي نصابها دون إراقة نقطة واحدة من الدماء. إن العبرة ليست بالكلام. العبرة بما ينفع الناس. لقد جاء الهدهد بخبر بلقيس ملكة سبأ إلي سيدنا سليمان. فأرسل إليها رسالة ودية لتأتيه مسلمة. فجمعت حاشيتها ووزراءها لتشاورهم في طلب سيدنا سليمان. يقول سبحانه وتعالي: ¢ قالت يا أيها الملأ إني ألقي إليّ كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين. قالت يا أيها الملأ افتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتي تشهدون قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد ¢ ردت عليهم ¢ إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بما يرجع المرسلون ¢ وعندما وصلت الهدية إلي سيدنا سليمان قال ¢ أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ¢ هنا بدأ التلويح بالقوة. مجرد التلويح بها. فاستجابت إلي طلبه. وسافرت إليه. ولكن. قبل أن تصل قال سليمان ¢ قال يا أيها الملأ أيُّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين. قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك. وإني عليه لقوي أمين. قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ¢ قبل أن يغمض عينه.. وهو ما حدث. إن هذا الذي عنده علم من الكتاب هو وزير سيدنا سليمان واسمه "آصف بن بارخية" وللحديث بقية.