تعد جمعية الكلمة الطيبة نموذجاً رائعاً في العمل الخيري. فهي بجانب رعايتها للأيتام خير رعاية تقدم العديد من الأنشطة الاجتماعية الأخري للفقراء والمحتاجين والمرضي من الأيتام وغيرهم.. هذا ما يؤكده لنا الشيخ شرف علي أحمد -رئيس مجلس إدارة الجمعية- لافتاً إلي قلة حجم التبرعات بعد الثورة وتراجعه بسبب سوء سمعة بعض دور الأيتام واستغلالها لأموال الدور. أضاف: أن هؤلاء البنات أمانة في عنقي. وقد يكن سبباً في دخولي.. إما الجنة أو النار. "عقيدتي" ذهبت لمقر الجمعية وسجلت معه بمناسبة الاحتفال بيوم اليتيم. ** بداية نود التعرف علي نشاط الجمعية؟ * في حقيقة الأمر جمعية الكلمة الطيبة لها أكثر من نشاط فهي بجانب كفالة اليتيمات لدينا دار لرعاية المسنات بمصرالقديمة.. كما أن لدينا معهداً أزهرياً نموذجياً بالساحل لا يهدف إلي الربح إنما هدفه إخراج جيل من الشباب مستنير علمياً ومثقف في أمور دينه وملم بأوامره ونواهيه.. كما أنه تابع للأزهر الشريف ويشرف عليه وذلك حتي نضمن وسطية الدين واعتدال أفكار الشباب بعيدًا عن الإفراط والتفريط.. وحتي نحصنه ضد الأفكار المتطرفة الهدامة التي صارت منتشرة بشكل مخيف. ** ما هو متوسط المصاريف في هذا المعهد؟ * أعلي مصاريف يدفعها الطالب في معهد الكلمة الطيبة النموذجي هي ألفا جنيه. وهو مبلغ لا يقارن بمصاريف المعاهد الخاصة المجاورة لنا. لأننا كما سبق وذكرنا لا نهدف للربح عدد البنات ** ما هو عدد اليتيمات اللاتي تكفلهن الدار؟ * استطعنا بفضل الله وتوفيقه أن نزوّج عشرين بنتاً من بنات الدار. وذلك بعد تجهيزهن أحسن جهاز واختيار أزواج متدينين لهن. وملتزمين. ومن عائلات محافظة وملتزمة وتبقي لدينا خمس بنات هن قرة عيني وقرة عين كل العاملين بالدار أكبر بنت فيهن وهي بنتي "البكرية" اسمها نهلة سعد سعيد وهي طالبة بالشهادة الإعدادية وهي نابغة ومتفوقة في دراستها بشكل لفت انتباه الجميع. كما أن لها نشاطاً رائعاً في مدرسة حدائق شبرا خاصة في مجال الإذاعة المدرسية. أضف إلي ذلك تفوقها في حفظ القرآن الكريم فهي تحفظ ما يزيد علي 22 جزءًا وأتمني أن تكون كل البنات مثلها. أما انتاي اللتان تليها فهما خلود حاتم وفاطمة سيد بالصف الخامس الابتدائي. وهما أيضاً متفوقتان دراسياً وبينهما تنافس دراسي رائع. كما أنهما تحفظان أجزاء كثيرة من القرآن الكريم. تليهما مها شعبان بالصف الثالث الابتدائي.. وأخيراً ابنتي "نور" بالصف الأول الابتدائي. قلة العدد ** هناك دور عدد البنات بها يصل إلي 200 أو 300 بنت.. ألا تري أن العدد هنا قليل للغاية فما السبب؟ *بعد أن تزوجت بناتي العشرون لم يعد بالدار سوي خمس بنات فقط. وهذه المشكلة لا يد لنا فيها. إنما ترجع إلي وزارة التضامن الاجتماعي فهي المنوطة بتوزيع البنات علي الدور المختلفة. وتشاركها في ذلك جمعية الأورمان. كما أن هناك عدد كبيراً من الدور الخاصة تم افتتاحها بأماكن مختلفة. وهذا بالطبع استوعب عدداً كبيراً. فلم تعد الدور محدودة كما كانت من قبل.. لكن الفرق الذي يميزنا عن هذه الدور الخاصة أننا لا نهدف للربح. فهذا العمل خالص لوجه الله تعالي. نتقرب به إليه سبحانه. كما أن هؤلاء البنات أمانة في أعناقنا سنحاسب عليها أمام الله عز وجل.. إن كنا أدينا الأمانة أم ضيعناها. فإما أن يكن سبباً في دخولنا الجنة. أو الزج بنا إلي النار والعياذ بالله. خدمة فندقية ** هل يمكن أن تطلعنا علي الخدمات التي تقدمها الدار للبنات؟ * نحن بفضل الله نقدم لهن خدمة ممتازة لا توجد في أغلب البيوت المصرية. بداية من الأكل فهو علي أعلي مستوي ونراعي فيه التنوع والفائدة الغذائية والصحية. والملبس من أفضل محلات الملابس. ولهم حرية الاختيار في انتقاء ما تشاء من الملابس. أضف إلي ذلك الرعاية التامة فيما يتعلق بالدراسة. فنحن بجانب المدرسة نحضر لهن مدرسات لإعطائهن دورساً خصوصية. لذا كلهن بفضل الله متفوقات وحافظات للقرآن الكريم. يوم ترفيهي ** هل يتم تخصيص يوم للرحلات الترفيهية؟ * الرحلات شيء أساسي ولابد منه. فنحن دائماً ننظم رحلات إلي الملاهي. كما ندمج هؤلاء البنات مع أسرنا وندعوهن لحضور اجتماعاتنا العائلية التي نعقدها كل شهر لنشعرهن بالانتماء الأسري والعائلي.. كما أننا نخصص لكل بنت من بناتنا دفتر توفير خاصاً بها. ندخر لها به مبلغاً محترماً ليس من حق أي أحد سواها التصرف فيه. كما أنها تحصل عليه بمجرد زواجها. هذا بالطبع غير الجهاز الذي نجهزها به. كما أن لكل بنت مصوغات ذهبية خاصة بها. بابا .. يا بابا ** سمعت البنات ينادينك "بابا" فما هي حدود العلاقة بينكم؟ * بالطبع هن بالنسبة لي بناتي. وأنا بالنسبة لهن والدهن. العلاقة بيننا قوية للغاية قائمة علي الحب المتبادل والاحترام. غير أني قبل أن تبلغ البنت العاشرة من عمرها أسلم عليها وأقبلها وأحتضنها. لكن بمجرد أن تبلغ العشر سنوات أمنع السلم ليس بأسلوب فظ. إنما باللين والحب. كما أنني أمنعهن أن يخرجن عليَّ بملابس البيت. فلابد أن يرتدين الإسدال. وهذا يتم بأسلوب تربوي رقيق ومهذب. تعذيب الأطفال ** سمعنا وقرأنا كثيرًا عن دور أيتام تسيء معاملة النزلاء بها وتعنفهم بل وصل الأمر في بعض الدور إلي تعذيب الأطفال بها. كما سمعنا عن سرقة القائمين علي بعض الدور لأصول التبرعات التي هي حق اليتيم. فهل أثر ذلك علي حجم التبرعات عندكم وعلي سمعة الدار؟ * بالطبع.. لكن ليس هذا وحده هو الذي أثر علي حجم التبرعات. فالكلام عن وجود دور تابعة لجماعة معينة ويتم استغلالها في أشياء معينة أثر بالطبع علي حجم التبرعات التي تصل إلينا.. لكن الحمدلله سمعتنا جيدة. والمسئولون يعرفون ذلك جيدًا وإذا تم تصنيفنا ضمن هذه الجمعيات. لم يكن لدينا وجود وكنا قفلنا من زمان. مشاكل نفسية ** مما لا شك فيه أن الإنسان يصاب ببعض التوترات النفسية والتغيرات المزاجية. فهل هناك سمة أي مشاكل نفسية تعاني منها هؤلاء البنات؟ * لدينا إخصائية نفسية واخصائية اجتماعية دائمتان في الدار لحل أي مشكلة تواجه البنات. ولاشك أن هناك بعض المشاكل النفسية التي تطرأ من علي إحداهن من وقت لآخر. خاصة فيما يتعلق بظروف كل بنت.. ولماذا هي في الدار. وأين أهلها.. خاصة انها تواجه زميلة لها في المدرسة لها نفس ظروفها. لكن هناك أسرة لها ترعاها. فتكون الإجابة هنا بكل صراحة دون كذب عليهن أن الوالدين توفيا. وأن الجدة صارت ترعاها بعض الوقت. لكنها لن تستطيع الصمود. فأتت بها إلي هنا ثم توفاها الله بعد فترة زمنية قصيرة.. كما أنني لا أكف عن الحديث معهن عن أن خير البرية وسيد الخلق ولد يتيم الأب والأم.. وهذا لحكمة من الله عز وجل. أما المشكلة الثانية التي تواجه بناتي والتي تؤرقهن هي أنهن لا يحملن موبايل. فأنا مانع تماماً أن يكون لأي واحدة منهن موبايل خاص. فالدار فيها تليفون وموبايل. والمنع لخوفي الشديد عليهن. خاصة أننا في منطقة شعبية. ولا آمن مكر الذئاب البشرية في الشارع أن يستغل أحدهم بناتي وهن صغيرات. ليس لديهن خبرة أو تجربة. فخوفي الشديد عليهن هو الذي يدفعني لهذا. أرفض التطوع ** هل العاملات بالدار بأجر أم متطوعات؟ * كل العاملات بأجر لأنني لا أقبل أن تعمل بالدار متطوعة. حرصًا علي البنات. وكي أحصل علي الخدمة التي أريدها. وهذا لا يعني غلق الباب في وجه المتطوعات. إنما ليست من أساس العمل. فيمكن لأي متطوعة أن تأتي إلينا وتقضي مع البنات بعض الوقت وهي غير ملزمة بهذا. رقابة صارمة ** هناك مهازل تحدث في بعض دور الأيتام يكون بطلها المشرفة. فهل هناك رقابة علي المشرفات والعاملات؟ * بالطبع.. هناك رقابة صارمة وشديدة علي هؤلاء. وبفضل هذا هن يؤدين عملهن علي أكمل وجه. وأي تقصير منهن لا نتهاون معه. كما أن أي شكوي ترد من البنات بخصوص المشرفة يتم التحقيق فيها علي الفور ومتابعتها ومعالجتها. أنشطة أخري ** هل يوجد أي نشاط آخر للجمعية غير دار الأيتام والمعهد الأزهري؟ * بالطبع هناك أنشطة أخري. فلدينا دار للمسنين بهضبة الزهراء بمصر الجديدة ودار المسنات بمقر مجمع الكلمة الطيبة بشبرا.. وهاتان الداران تستوعبان 20 مُسناً. وعشرين مُسنّة تقدم لهم كل سبل الرعاية الطبية والنفسية والصحية والغذائية دون أن يتكلف بعضهم أياً مبالغ مالية. أما الذي يدفع فهو يدفع مبالغ ضئيلة للغاية لا تقارن بالخدمة المقدمة لهم. هذا بالإضافة إلي تقديم مساعدات اجتماعية للفقراء بشبرا.. وهضبة الزهراء بمصرالقديمة. وعددهم يصل إلي 1152 أسرة. كما أن لدينا مستوصفاً طبي نقدم من خلاله علاجاً مجانياً لأسر الأيتام والفقراء والأسر غير القادرة. أضف إلي ذلك دار ضيافة مرضي السرطان حيث تقوم بنقل الأسرة "الأم والطفل" من وإلي مستشفي سرطان الأطفال ونوفر لهم الإقامة الكاملة بالمجان مع المتابعة مع المستشفي ليلاً ونهارًا.. ولا نتدخل في العلاج أبدًا. كما أن لدينا دارًا لتحفيظ القرآن الكريم. ولدينا مشروع بناء الطفل المعاق. وفك كربات المسلمين. ومقابر الفقراء.