الكنيسة المصرية وطنية بامتياز.. هكذا تقول مواقفها وقراراتها علي مدار تاريخها الممتد منذ آلاف السنين. ومنذ ان دخل الاسلام مصر ومبدأ التعايش هو الذي يحكم العلاقة بين المسلمين والمسيحيين حتي انه يصعب التفرقة بين مسلم ومسيحي دون الاطلاع علي اوراق هويته. وفي ظل الاحداث الكثيرة التي تدور حولنا داخليا واقليميا التقينا القمص بولس حليم المتحدث الرسمي باسم الكنيسة لنتعرف منه علي مواقف الكنيسة المختلفة ازاء مايدور حولنا من قضايا مهمة. ماهو موقف الكنيسة المصرية من عاصفة الحزم التي أعلنت عنها المملكة السعودية وقررت مصر مساندتها سياسيا وعسكريا؟ الكنيسة المصرية تثق في القيادة السياسية طالما ان قراراتها تعبر عن آمال وطوحات الشعب المصري. وإن كنا ككنيسة نصلي من أجل إرساء العدالة والسلام في كل ارجاء الأمة العر بية بل وفي العالم أجمع. فنحن نرفع قلوبنا ونصلي من أجل أن يعم السلام والطمأنينة أرجاء المنطقة كلها. سد النهضة * نريد أن نتعرف علي الدور الذي قامت به الكنيسة في مسألة سد النهضة الاثيوبي. خاصة أن الكنيسة المصرية ترتبط بعلاقات وثيقة مع الكنيسة الاثيوبية؟ ** في هذه المسألة هناك دور دبلوماسي تقوم به وزارة الخارجية المصرية . وهناك دور فني يقوم به المتخصصون في وزارة الري وغيرها. وهناك دور ثالث تقوم به العلاقات الشعبية او مايعرف بالدبلوماسية الشعبية. وهناك دور رابع تقوم به الكنيسة بالتعاون مع الكنيسة الاثيوبية. ومن جانبنا تناولنا مع الكنيسة الاثيوبية انه لا مانع من التنمية لديهم ولكن بشرط عدم المساس بحقنا في مياه النيل وهذه ثوابت وطنية لا احد يمسها وهم في اثيوبيا تفهموا هذا الامر ومدركون له جدا. * وماموقفكم من الاتفاق الأخير الذي تم توقيعه في السودان حول سد النهضة الاثيوبي؟ ** الرئيس عبد الفتح السيسي يتكلم عن الاتفاقية انه راض عنها ونحن سعداء باي خطوات للنجاح وسعداء ان الرئيس السيسي أعاد مصر لإفريقيا لان العلاقات بين الشعوب من شأنها إزالة اي عقبات ونحن ككنيسة نراهن علي العلاقات بين الشعبين. * هل تكشف لنا عما دار بينكم وبين بطريرك الكنيسة الاثيوبية في زيارته الاخيرة لمصر؟ ** البطريرك الاثيوبي من عادته ان يزرو مصر عند توليه البطريركية. وهو جاء إلي مصر بناء علي هذا البروتوكول. وعند حضوره تناولنا معه هذه القضية وأبدي تفهما كبيرا للموقف المصري. وهناك زيارة مرتقبة للبابا تواضروس إلي اثيوبيا سيعلن عنها في حينها. فنحن نعمل علي تدعيم هذه العلاقات وهي تمهد للعلاقات بين القادة. التعايش بين الأديان * كيف تنظرون لمسألة التعايش السلمي بين الاديان وإلي اهميتها الكبيرة؟ ** في الكنيسة تربينا علي حب الوطن والانتماء له وهذا امر راسخ منذ اكثر من 2000 عام وهناك تجربة رائدة للتعايش بين الاديان وهي تجربة بيت العائلة وهي تجربة رائدة جدا وهي ليست موجودة في اي مكان في العالم. وبيت العائلة عمل حتي الآن 13 لقاء بين أئمة وقصوص شمل 50 كاهنا وشيخا في مكان ما تعايشوا مع بعضهم البعض لمدة 3 ايام ونجم عنه نجاحات كبيرة جدا. هذا التعارف يجعلني ادرك انه لا يوجد أفكار سلبية عن الآخر وهناك بناء للثقة. وعندما يري الشعب الثقة حاضرة بين القيادات تنتقل لهم تلقائيا. الاساس الراسخ في وحدة المصريين هو بناء الوطن وهذا يتم علي محور التعليم سواء الجامعي او قبل الجامعي ومحور الاسرة ومحور الاعلام. واذا نجحوا في التنسيق بينهم سيعطي نتائج قوية جدا. مصر تتميز بالاعتدال بطريقة جميلة جدا وتحتار فيها بين المسلم والمسيحي وكان لدينا رواد في التنوير مثل نجيب محفوظ وطه حسين وغيرهم وهؤلاء شربنا وتعلمنا منهم. في مدرستي الابتدائية اكثر من ِاثر في مدرستي لطيفة وزينب كان هناك تداخل انساني عجيب ونبيل ومبهر. وبعد ان كانوا يقولون ان المسيحيين يستقوون بالغرب تبين ان هذا غير صحيح. هناك مخطط لاخلاء الشرق الاوسط من المسيحيين وهذا سيضر بالمسلمين قبل المسيحيين والوفد اللبناني عندما زار البابا قال لا اتخيل شرق اوسط بدون مسيحيين. فنحن كنيسة مصرية خالصة ومستقلة وغير تابعة لاي جهة. * وكيف نصل بمفهوم التعايش بين الاديان الي الشعب وعامة الناس؟ ** يجب ان تتوافر الإرادة الشعبية والسياسية لهذا الامر وقتها سيكون لهذا الموضوع اثر كبير ويجب ان يتم تهيئة الشعب ليفهم كيفية بناء القيم الانسانية المشتركة بين الديانتين خاصة وان بينهما تقدير واحترام وتسامح فهذا سيغير كثير جدا. مفهوم التعايش بين الاديان كنموذج نجح في مصر ولكنه لم ينجح بشكل كامل في الغرب.. لماذا من وجهة نظرك؟ هناك اختلاف في الايدلوجيات بيننا وبين الغرب ونحن هنا شربنا من منبع ثقافي واحد والاعراف لدينا مهمة جدا ايضا ولدينا حضارة وتعايش طويل وهو مايفتقده الغرب تماما. العنف الطائفي * العنف الطائفي والتكفير افكار هدامة اخذت طريقها الينا واصبحنا نشاهد العنف الطائفي والتكفيري منتشر في اماكن كثيرة من العالم العربي.. كيف نقاومه؟ ** لا يوجد دين يقبل العنف او يبيح اراقة الدماء والاديان تدعو للاخاء والمحبة والتسامح وغير ذلك غير مقبول. بعض الجماعات التكفيرية والارهابية تحركها خلفيات سياسية وتحركها مصالح خارجية وهناك الفهم الخاطئ للدين والحل هو ربط قيم الدين واصوله بالحداثة. في الاربعينيات كان لدينا اجيال تنويرية احدثت استنارة كبيرة واري ان هناك فجوة حدثت وغياب للدور التويري وهو ماترك الساحة للفكر المتشدد الذي اوصلنا لجيل لديه افكار مظلمة . نحتاج لعودة البنية التنويرية مرة اخري واعذر الشباب لعدم وجود هذه البنية ويجب ان نقدم مفاهيم دينية وانسانية مستنيرة تقود الشباب لسلوكيات سوية ومعتدلة. القضية الفلسطينية * الكنيسة المصرية لها دور راسخ وثابت من القضية الفلسطينية ومؤخرا رفضت الكنيسة سفر عدد من الاقباط الي القدس.. هل مازلتم علي موقفكم من هذه القضية الحيوية؟ ** منذ البابا كيرولوس السادس والكنيسة لها مواقف ثابتة لدرجة انه بعث رسالة إلي بابا الفاتيكان يطالبه فيها بالتدخل لحل القضية الفلسطينية. وهناك القرار بمنع زيارة القدس الا مع اخوتنا المسلمين ومازلنا علي هذا المبدا ولدينا اسقف هناك في القدس والوجود المسيحي هناك بدا يقل جدا هناك ومع ذلك تغلبنا وطنيتنا ونصر علي عدم زيارة القدس.