لست ممن يتحمسون للمناظرات الدينية علي شاشات التليفزيون. إنها تزيد العناد ولا تحل المشكلة التي يتحدثون فيها ما دامت الكاميرا مسلطة. أما وراء الكاميرا فغالباً ما يعترفون بالخطأ ويقربون وجهات النظر. لا قضية تحل أمام الكاميرا بسبب الكبر والعناد وطبيعة الشخصية الإنسانية. ومن هنا فإن أول شرط من شروط الدعوة : ترك العناد. تمثل أخلاق النبي صلي الله عليه وسلم في الدعوة. يقول سبحانه وتعالي : ¢ ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ¢ وجادلهم هنا ليس معناها بادلهم رأياً برأي وإنما معناها هنا شاركهم بالتي هي أحسن. هم يقدمون شيئاً. قدم أنت شيئاً أفضل منه. إن قدموا أسوأ ما عندهم قدم أحسن ما عندك . كان أحد الأولياء وهو يحيي بن معين مشهوراً بالعلم ولكن إذا سُئل في مسألة يقول : "يا ويْلتي أيعبد رب العالمين علي رأي يحيي بن معين !!" وكان سيدنا عمر بن الخطاب يقول : "لو أذّن مؤذن يوم القيامة أن كل الناس سيدخلون الجنة إلا واحداً لقلت إنه عمر بن الخطاب" ولم يحسب نفسه من الناجين من النار. إنها الشفافية التي يجب أن يكون عليها الدعاة. وفي الوقت نفسه علي الذين يسمعونهم أن تكون لهم ثقافتهم الدينية المناسبة التي يحكمون بها علي ما يسمعون. فمن له لسان يقدر علي التفرقة بين الحلو والمر. ومن له أنف يقدر علي التفرقة بين الرائحة الزكية والرائحة الخبيثة. ومن له قدر من الثقافة الدينية السليمة يقدر علي التفرقة بين الصح والخطأ. فلا يجوز أن يكون الدعاة في جانب والمتلقون في جانب آخر. ثم إن المؤمن سليم القلب يقدر علي هذه التفرقة. لو انشرح قلبه فما يسمعه حلال وصحيح. ولو انقبض قلبه فما يسمعه حرام وخطأ. المتلقي عليه جزء كبير ولا يجوز أن يفرط فيه. ولا حول ولا قوة إلا بالله.