من هو البخاري؟ هو الإمام الحافظ أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ابن يرْدِزْيَهْ. توفي أبوه وهو صغير نشأ يتيماً في حجر أمه. وقد ذهب بصره في صغره لكن هذه الأم الصالحة دعت لابنها فرأت في المنام إبراهيم الخليل عليه السلام وقال لها يا هذه: لقد رد الله لولدك عليه بصره لكثرة دعائك فأصبح وقد ردَّ الله عليه بصره فوجهته هذه السيدة الصالحة إلي مجال العلوم الدينية والحديث علي وجه الخصوص وقد ظهر نبوغه المبكر الذي قال هو عنه: أُيْهْمتُ حفظ الحديث وأنا في الكُتَّاب . وكان عمره إذ ذاك عشر سنين أو أقل لكن البخاري بعد أن دخل في سن الحادية عشرة ترك الكُتَّاب وانصرف إلي مدارس الحديث في وطنه حتي دخل في مناقشة علمية مع أستاذه الداخلي انتهت بتسليم أستاذه له واعترافه بصحة ما قال وهو ابن إحدي عشرة سنة وفي غرة شوال نة 256ه توفي البخاري عن اثنين وستين عاماً بعد حياة حافلة بالعلم والرحلة في طلبه حيث رحل إلي سائر الأمصار وكتب بخراسان والعراق والحجاز والشام. وقال البخاري عن نفسه كتبت عن ألف شيخ وأكثر ما عندي حديث إلا أحفظ إسناده أما كتابه فهو بعنوان الجامع الصحيح المسند المختصر من حديث رسول الله صلي الله عليه وسل وسنته وأيامه لكنه اشتهر باسم الجامع الصحيح أو صحيح البخاري. قال البخاري: ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح مخافة الطول. عدد أحاديث البخاري قال ابن حجر: إن جميع ما في صحيح البخاري بالمكرر تسعة آلاف واثنين وثمانين حديثاً ورأي ابن حجر هو المعتمد» لأنه شرح صحيح البخاري كان يذكر في آخر كل كتاب منه عدد الأحاديث وجميع ما في صحيح البخاري من المتون الموصولة من غير تكرار ألفي حديث وستمائة حديث وحديثين. ومن المتون المعلقة المرفوعة التي لم يصلها في موضع آخر من الجامع مائة وستين حديثاً فجميع ذلك ألف حديث وسبعمائة وواحد وستون حديثاً. حول المعلقات في صحيح البخاري الحديث المعلق: هو ما حذف من أول إسناده واحد أو أكثر. وأكثر المعلقات الموجودة في صحيح البخاري جاءت متصلة في موضع آخر منه وأنما أوردها معلقة اختصاراً أو تجنباً للتكرار. وما لم يوصله البخاري في موضع آخر من كتابه عدده مائة وستون حديثاً وقد وصلها شيخ الإسلام ابن حجر في مؤلف له سماه "التوفيق في جمع التعليق. وله مؤلف آخر هام في جمع التعليق والمتابعات والموقوفات هو "تغليق التعليق" ذكره بالأسانيد. واختصره بلا أسانيد في كتاب آخر سماه التشويق إلي وصل المهم من التعليق. آراء العلماء في صحيح البخاري اتفق العلماء علي أن أصح الكتب بعد كتاب الله تعالي الصحيحان للإمامين الجليلين البخاري ومسلم وتلقتها الأمة بالقبول وازدهرت بهما رياض السُنَّة النبوية في سائر القرون. وقد التزم كل واحد من هذين الإمامين أن يخرج في كتابه الأحاديث الصحيحة فهما إذن مشتركان في أصل الصحة. شهادة أبي عبدالرحمن النسائي روي الحافظ ابن حجر بالإسناد الصحيح عن أبي عبدالرحمن النسائي أنه قال: ما في هذه الكتب كلها أجود من كتاب محمد بن إسماعيل البخاري والنسائي لا يعني بالجودة إلا جودة الأسانيد كما هو المتبادر إلي الفهم من اصطلاح أهل الحديث وقيل هذا القول من النسائي غاية في الوصف مع شدة تحرّيه وتوقيه وتثبته في نقد الرجال وتقدمه في ذلك علي أهل عصره. وقال الحاكم أبو أحمد النيسابوري رحم الله محمد بن إسماعيل فإنه ألَّف الأصول يعني أصول الأحكام من الأحاديث. وقد وضَّح للناس ذلك. وكل من عمل بعده فإنما أخذه من كتابه كمسلم من الحجاج. وقال الدارقطني: لمَّا ذكر عنده الصحيحان انني عليه وقال ما كتاب أصح من كتاب البخاري. وهكذا نري أقوالاً كثيرة للعلماء غير هذه في بيان منزلة صحيح البخاري وهذه الآراء إنما تدل علي ما تميز به صحيح البخاري من منزلة بلغت في سموها درجة عالية. وللحديث بقية