نتيجة لتراجع الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي من 36 مليار دولار إلي 15.5 مليار دولار..وتراجع السيولة والأوراق المالية الحكومية إلي 7.8 مليار دولار وهي الجزء الأكبر سيولة في الاحتياطات الأجنبية.. بالإضافة إلي تراجع أو عدم وجود للاستثمارات الأجنبية منذ اندلاع الثورة كلها عوامل أو مخاوف أجمع عليها العديد من الاقتصاديين ستؤدي إلي تراجع الجنيه المصري إلي مستوي تاريخي 9٪ العام المقبل 2013.. بل إن البعض ذهب إلي أبعد من ذلك وتوقع انخفاضا أكبر إذا ما أدت المشكلات الاقتصادية والسياسية في البلاد إلي تزايد الأزمة في ميزان المدفوعات..في الوقت الذي يؤكد فيه البنك المركزي أنه بفضل السياسة النقدية السليمة المتبعة في حماية الجنيه أمام النزيف الحاد في الاحتياطات الأجنبية للبلاد..تراجع الجنيه المصري إلي 4٪ فقط منذ اندلاع الثورة في 25 يناير 2011. توقعت بعض المؤسسات الاقتصادية العالمية تراجع الجنيه المصري إلي مستوي تاريخي العام المقبل 9٪، بل إن بعض الاقتصاديين توقعوا انخفاضا أكبر إذ ما أدت المشكلات الاقتصادية والسياسية في البلاد إلي أزمة في ميزان المدفوعات.. في حين عمل البنك المركزي علي الحد من تراجع الجنيه إلي 4٪ منذ اندلاع الثورة.. وأبعدت المستثمرين والسياح وأشعلت موجة من الاحتجاجات العمالية وأضرت بأنشطة الأعمال بصورة كبيرة وحادة. ولقد جاء ذلك علي حساب احتياطيات النقد الأجنبي، الذي وصل الآن إلي 15.53 مليار دولار، وهو ما يقل عن قيمة واردات 3 أشهر؛ وهو مستوي يقلق كثيرا من الاقتصاديين..والأمر الأكثر إزعاجا هو تراجع السيولة والأوراق المالية الحكومية، وهي الجزء الأكثر سيولة في الاحتياطيات الأجنبية، إلي 15.53 مليار دولار. ومع تحمل البنوك المحلية لعبء الإقراض الجديد للحكومة بالكامل تقريبا، بلغت تكاليف الاقتراض الحكومي أعلي مستوياتها في أكثر من 10 سنوات في نهاية يونيو الماضي. وقد تواجه الحكومة اختبارا كبيرا في العام المقبل عندما يحل أجل أول أذون خزانة مقومة بالدولار لأجل عام واحد، بدأت الحكومة إصدارها العام الماضي لتعزيز احتياطياتها..حيث يتعين علي الحكومة أن تسدد أو تمدد أجل سداد أكثر من 4.25 مليار دولار من هذه الأذون من 30 نوفمبر إلي 22 فبراير. والشيء المخيف أن هناك توقعات من بعض الاقتصاديين العالميين بأن يبلغ الجنيه 6.60 جنيه للدولار بحلول منتصف 2013 مقابل 6.061جنيه هذا الأسبوع، وهو أضعف مستوي للعملة المصرية منذ أوائل 2005 ..كما توقعوا أن ينمو الاقتصاد بنسبة 3٪ في السنة المالية التي تنتهي في يونيو 2013 وهي نسبة أكبر من 2٪ التي كانت تمثل أفضل التوقعات لعام 2011 - 2012 لكنها لا تصل إلي نصف معدل النمو في العام الذي سبق الانتفاضة. وأن يبلغ معدل التضخم 8.5٪ في المتوسط في السنة المالية الحالية. وينبه آخرون علي أن انخفاض سعر الجنيه سيشعل فاتورة الواردات التي تناهز خمسين مليار دولار سنويا، مما يرفع من أعباء المعيشة لمحدودي الدخل..ووفق ما هو معلن فإن المركزي تدخل مرة واحدة لحماية الجنيه في فبراير2011 عبر سعر الصرف، أما حاليا فيتم استخدام آلية سعر الفائدة لحماية الجنيه عبر ارتفاع أسعار الفائدة علي الودائع بالعملة المحلية لتصل إلي 12٪ بينما لا تتجاوز بالنسبة للعملات الأجنبية 0.5٪ فقط. كما أن ارتفاع معدلات التضخم خلال السنوات الثلاث الماضية أدي كما تري سلوي العنتري المدير السابق للبحوث بالبنك الأهلي -إلي تآكل قيمة الجنيه بنحو 30٪ ومن غير المقبول أن نجمع علي المواطن محدودية الدخل وخطر خفض قيمة الجنيه من خلال ارتفاع أسعار الواردات..وأوضحت أن تراجع قيمة احتياطي النقد الأجنبي يرجع لمجموعة من الأسباب أهمها طول الفترة الانتقالية وسوء إدارتها اقتصادياً، وكذلك إتباع نفس السياسات الاقتصادية التي أدت إلي تكريس الاعتماد علي الخارج وعدم الاتجاه بشكل جدي لإخراج قطاع السياحة من كبوته بعد الثورة حيث لا يزال هذا القطاع من أهم موارد النقد الأجنبي. كما يرجع أزمة الاحتياطي النقدي وانخفاض قيمة الجنيه إلي وجود خلل هيكلي في بنية الاقتصاد.. فمصر مستورد صاف للعديد من السلع الأساسية،والعجز في الميزان التجاري مستمر منذ نحو أربعة عقود ويبلغ حاليا نحو 25 مليار دولار. يجب ألا ينظر إلي السياسة النقدية بمعزل عن بقية مكونات السياسة الاقتصادية -كما يقول حامد موسي أستاذ الاقتصاد بجامعة قناة السويس فمصر ورثت اقتصادا مريضا من عهد مبارك تتداعي مكوناته المختلفة، وقد تظهر بشكل واضح في قضية احتياطي النقد الأجنبي..كما أن السياسة النقدية الحالية للبنك المركزي غير مُرضية، لأنها أسرفت في حماية العملة الوطنية..ولكن علي الجانب الآخر لابد من أن تؤخذ في الاعتبار فاتورة الواردات التي سيكتوي بتكلفتها المستهلك النهائي في حالة انخفاض سعر الجنيه عما هو عليه الآن حيث تستورد البلاد 50٪ من احتياجاتها من القمح، و93٪ من الزيوت، و53٪ من السكر، و93٪ من العدس.. أي معظم السلع الأساسية التي تمس حياة ذوي الدخل المحدود. لذا مصر تحتاج سياسة اقتصادية متكاملة بمكوناتها المختلفة المالية والنقدية والتجارية وأيضا فيما يتصل بالعمل والتشغيل فإذا وجدت هذه السياسة من الممكن الحديث عن تأثير المحافظة علي سعر الجنيه أو خفضه إلي جانب أهمية استقرار الأوضاع الأمنية ووقف الإضرابات والاحتجاجات كي يستطيع الاقتصاد تغطية جوانب القصور في موارد النقد الأجنبي، وسد فجوة الواردات عبر منتجات وطنية يمكن الاستغناء بها عن جانب مهم من الواردات. في الوقت الذي يتوقع الكثير استقرار الجنيه المصري بعد تشكيل حكومة جديدة وارتفاع الاحتياطي من العملات الأجنبية، نتيجة بدء تحسن الظروف الأمنية في البلاد وتعيين حكومة جديدة بدلاً من حكومة تسيير الأعمال الحالية واستمرار استقرار سعر الصرف، ويعود الاحتياطي النقدي إلي الارتفاع مرة أخري فور استقرار الظروف السياسية وتحسن مستوي الأمن وتشكيل الحكومة الجديدة. قي حين يري الكثير من أن السياسات النقدية للبنك المركزي نجحت في الحفاظ علي سعر صرف الجنيه المصري بالنسبة إلي العملات الأجنبية رغم الانخفاض الكبير في الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية في البنك المركزي المصري بعد الثورة، الذي وصل إلي أكثر من 50 في المائة، وقال إن السياسات النقدية نجحت في الحفاظ علي حدوث تغيير بسيط في سعر صرف الجنيه المصري بالنسبة إلي العملات الأجنبية بما لا يؤثّر علي قيمته..وأتاحت له توفير العملات الأجنبية للدولة لتقوم بسداد التزاماتها الدولية من أقساط القروض وشراء السلع الاستراتيجية التي تدعمها الدولة من قمح ووقود،وفي الوقت نفسه الحفاظ علي سعر الصرف في وسط ظروف بالغة الصعوبة من عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي.