التعليم تكشف حقيقة زيادة مصروفات المدارس الخاصة 100%    قرار جديد بشأن دعوى إلغاء ترخيص شركة أوبر واعتماد نظام المراقبة الإلكترونية    أستاذ اقتصاد: موازنة 2025 قاسية جدا وتمثل انعكاسات لسياسات خاطئة    إعلام عبري: مجلس الحرب بحث الليلة قضية اليوم التالي في غزة    رئيس قطاع الناشئين في الزمالك يكشف عن الاستراتيجية الجديدة    حرارة شديدة حتى الأسبوع المقبل.. الأرصاد ترد على وصف الطقس ب"وحش جهنم"    13 مليون جنيه، القائمون على حفل ليلة النكد في ورطة بسبب أسعار تذاكر الحفل    شذى حسون تبدأ سلسلتها الغنائية المصرية من أسوان ب"بنادي عليك"    11 يونيو.. الطاحونة الحمراء يشارك بالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية ال46 على مسرح السامر    تكريم هشام ماجد بمهرجان روتردام للفيلم العربي.. صور    نسرين طافش: "مالقيتش الراجل إللي يستاهلني"    داليا عبدالرحيم: التنظيمات الإرهابية وظفت التطبيقات التكنولوجية لتحقيق أهدافها.. باحث: مواقع التواصل الاجتماعي تُستخدم لصناعة هالة حول الجماعات الظلامية.. ونعيش الآن عصر الخبر المُضلل    لوكا مودريتش يوافق على تخفيض راتبه مع الريال قبل التجديد موسم واحد    نادي الصيد يحصد بطولة كأس مصر لسباحة الزعانف للمسافات الطويلة.. صور    رانيا منصور تكشف ل الفجر الفني تفاصيل دورها في الوصفة السحرية قبل عرضه    4 شهداء فى قصف للاحتلال على منزل بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة    حظك اليوم لمواليد برج الدلو    استمتع بنكهة تذوب على لسانك.. كيفية صنع بسكويت بسكريم التركي الشهي    مدير مستشفيات جامعة بني سويف: هدفنا تخفيف العبء على مرضى جميع المحافظات    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    سم قاتل يهدد المصريين، تحذيرات من توزيع "سمكة الأرنب" على المطاعم في شكل فيليه    رئيس النيابة الإدارية يشهد حفل تكريم المستشارين المحاضرين بمركز التدريب القضائي    موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري في نهائي دوري السوبر لكرة السلة    فرص عمل للمصريين في ألمانيا.. انطلاق برنامج «بطاقة الفرص»    "بشيل فلوس من وراء زوجي ينفع أعمل بيها عمرة؟".. أمين الفتوى يرد    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. وقتها وأفضل صيغة    اتحاد منتجي الدواجن: الزيادة الحالية في الأسعار أمر معتاد في هذه الصناعة    مدبولى: مؤشر عدد الإناث بالهيئات القضائية يقفز إلى 3541 خلال 2023    «مغشوش».. هيئة الدواء تسحب مضاد حيوي شهير من الصيداليات    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    متى إجازة عيد الأضحى 2024 للقطاع الخاص والحكومي والبنوك في السعودية؟    قبل ذبح الأضحية.. أهم 6 أحكام يجب أن تعرفها يوضحها الأزهر للفتوى (صور)    السعودية تصدر "دليل التوعية السيبرانية" لرفع مستوى الوعي بالأمن الإلكتروني لضيوف الرحمن    بعد نهاية الدوريات الخمس الكبرى.. كين يبتعد بالحذاء الذهبي.. وصلاح في مركز متأخر    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    أخبار الأهلي : من هو اللاعب السعودي خالد مسعد الذي سيُشارك الأهلي في مباراة اعتزاله؟    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    وكيل «قوى عاملة النواب» رافضًا «الموازنة»: «حكومة العدو خلفكم والبحر أمامكم لبّسونا في الحيط»    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل مسن في روض الفرج    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    وزيرة التخطيط ل«النواب»: نستهدف إنشاء فصول جديدة لتقليل الكثافة إلى 30 طالبا في 2030    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    جامعة طيبة: امتحانات نهاية العام تسير في أجواء هادئة ومنظمة    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاصرة بالمشاكل
تجربة المدن الجديدة.. عفوا القديمة جدا!
نشر في آخر ساعة يوم 01 - 11 - 2011

إذا مررت يوما بمدينة من المدن الجديدة سواء بالنهار أو الليل.. فمن المؤكد أنك ستشاركنا في إحساسنا بالعزلة والخوف وعدم الأمان نظرا لقلة عدد سكانيها وانعدام الخدمات من مواصلات واتصالات ومخابز ومستشفيات وأقسام شرط وغيرها. إما إذا كنت من ساكني تلك المدن، فالله يكون في عونك ويساعدك علي ماورطت نفسك فيه، فالاعتراف بالخطأ أول خطوة في طريق البحث عن مخرج.. بينما أنت يامن يفكر في شراء وحدة سكنية بمدينة جديدة.. فعليك بأخذ نصيحة الآخرين وانفذ بجلدك ووافق بأي شقة في مدينة قائمة.
فالمدن الجديدة بأجيالها الثلاثة أصبحت قديمة جدا وغير حضارية بالمرة بل مثل معظمها عامل طرد وهجرة للسكان وليس جذبا لهم. ومن أجل ذلك لابد من تقييم تجربة المدن الجديدة بأجيالها المختلفة لمعرفة مدي ماحققته من أهداف حددتها لها الدولة نظرا لما اتسمت به هذه التجربة من أوجه القصور والفشل في ظل غياب آليات التقييم والتطوير وعوامل الجذب والتحفيز.. وهنا نتساءل: هل تجربة المدن الجديدة كانت الأسلوب الأمثل لحل مشاكل العمران من جانب الدولة التي تبنت فكرة إقامة مجتمعات عمرانية جديدة لتوفير السكن وخلق فرص العمل وتقديم الخدمات لمواطنيها؟!
تساؤل يطرحه هذا التحقيق بحثا عن إجابة قد لاتكون حتمية ولكنها محاولة في طريق البحث عن مدخل حقيقي للتنمية العمرانية من أجل إعادة رسم خريطة مصر السكانية والعمرانية في ال 94٪ من مساحة البلاد.
منذ أكثر من ثلاثة عقود.. قامت الدولة بوضع استراتيجية للعمل علي إعادة توزيع السكان بعيدا عن الشريط الضيق لوادي النيل ودلتاه والذي لايمثل أكثر من 6٪ من مساحة مصر وذلك بغزو الصحراء لخلق تجمعات عمرانية جديدة توفر السكن والعمل والخدمات لقاطنيها في بيئة صحية، بعيدا عن مشاكل المدن القائمة المكتظة بالسكان.
ومنذ عام 1980 وحتي الآن تم إنشاء 23 مدينة جديدة باستثمارات بلغت أكثر من 500 مليار جنيه مصري (حكومي قطاع خاص). وكان الهدف هو مد محاور العمران إلي المناطق الصحراوية وبالتالي الحد من الزحف العمراني علي المناطق الزراعية.
كما بلغت المساحة الكلية للمدن الجديدة في صحراء مصر حوالي 750 ألف فدان وفرت عددا من الوحدات السكنية تقدر بنحو 1.2 مليون وحدة سكنية وكان المفروض أن تستوعب 13.9 مليون نسمة عام 2017، لكنها حتي الآن لايقطن فيها بالفعل سوي حوالي ربع هذا العدد من المواطنين.
والطريف أنه كان من المستهدف أن يصل عدد هذه المدن إلي 44 مدينة في نفس هذا العام 2017 وذلك طبقا لاستراتيجية التنمية العمرانية بمصر.
والمدن الجديدة تنقسم إلي ثلاثة أجيال طبقا لتواريخ إنشائها وهي كالتالي:
مدن الجيل الأول (العاشر من رمضان 6 أكتوبر السادات برج العرب الجديدة 15 مايو الصالحية دمياط الجديدة) ومدن الجيل الثاني (بدر العبور بني سويف الجديدة المنيا الجديدة النوبارية الشيخ زايد) ومدن الجيل الثالث (الشروق القاهرة الجديدة أسيوط الجديدة طيبة الجديدة سوهاج الجديدة أسوان الجديدة قنا الجديدة الفيوم الجديدة أخميم الجديدة).
بالنسبة للتجربة المصرية في إدارة وتنمية المجتمعات العمرانية الجديدة كان من الواجب في البداية التفرقة مابين مشروعات المدن التي قامت بها الدولة وتلك المدن التي قام بها القطاع الخاص.. كما يري الدكتور محمد عبدالباقي أستاذ التخطيط العمراني بهندسة عين شمس ورئيس مركز الدراسات التخطيطية والمعمارية موضحا أنه إذا ما نظرنا إلي المدن الحكومية التي كان الهدف من إنشائها جذب العمران من الوادي والدلتا للاستيطان البشري والخدمي وفرص العمل بتلك المجتمعات العمرانية الجديدة، لكي تكون مكتفية ذاتيا بكل احتياجاتها ومنفصلة عن كل المدن القائمة.
إلا أنه من تقييمنا لهذه التجربة نجد العديد من أوجه القصور حيث تفتقد المدن الحكومية الجديدة إلي عناصر الجذب الكافية لاستيطان البشر، فلا توجد محفزات لهم، كما أن تكاليف المعيشة والمرافق والخدمات مستوياتها أعلي من مثيلتها في مدن الوادي والدلتا.
فقط التنمية الصناعية هي التي شهدت رواجا ونموا مطردا فاق المتوقع كما يؤكد الدكتور عبدالباقي وذلك نتيجة الإعفاءات الضريبية الممنوحة لتلك الصناعات (لمدة 10 سنوات لكل مصنع).
ولكن للأسف الشديد تراجعت الدولة عن منح هذا الإعفاء الضريبي لأصحاب المصانع، الأمر الذي أثر بالسلب علي معدلات التنمية الصناعية بالمدن الجديدة.
وإذا ما نظرنا إلي المخططات العمرانية للمدن الجديدة.. نجد أنه في البدايات قام الخبراء الأجانب بالاجتهاد ووضع مخططات عمرانية مختلفة لجيل الرعيل الأول من تلك المدن. وكأن مصر حقل تجارب لهؤلاء الأجانب، دون وجود فرصة للخبراء المصريين.
كما أن تلك المدن الجديدة تفتقد لعنصر هام هو وجود وسائل حديثة وسريعة من المواصلات لضمان الاتصال بينها وبين المدن القائمة في الوادي وعدم توفر الخدمات والمرافق المنافسة (مثل القاهرة والإسكندرية) الأمر الذي أدي لوجود هجرة عكسية من بعض سكانها إلي مدن الوادي.
وأصبحت هذه المدن مناطق صناعية فقط.. كما يشير الدكتور عبدالباقي وذلك ينطبق علي معظم المدن الجديدة، فيما عدا مدينة 6 أكتوبر لقربها الشديد من الجيزة فأصبحت إحدي ضواحيها وكذلك مدينة السادات والتي تعتبر المدينة الجديدة الوحيدة في مصر التي انتقلت تبعيتها من الهيئة العامة للمجتمعات العمرانية إلي أجهزة الحكم المحلي (محافظة المنوفية).. ومن الغريب أنه طبقا لقانون الهيئة فإن المدن الجديدة كان المفروض أن تنقل تبعيتها إلي أجهزة الحكم المحلي ولكن هذا لم يحدث.
وإذا ما رأينا علي الجانب الآخر دور القطاع الخاص في إنشاء المدن الجديدة.. يؤكد الدكتور عبدالباقي وجود تجارب ناجحة جدا تتمثل في تجربة إنشاء حي مصر الجديدة عام 1905 من خلال المستثمر البارون إمبان البلجيكي وشريكه باغوث باشا المصري وكذلك تجربة مدينة الرحاب وتتصف هاتان المدينتان بالعديد من الجوانب الإيجابية في وضع مخططاتها العمرانية وفي حسن إدارة التنمية العمرانية بها وفي توفير عناصر الجذب الكافية لإيجاد توازن مابين معدات الاستيطان البشري والخدمي وفرص العمل.
كما أن تلك المدينتين كانتا مرتبطتين بالعمران القائم في الوادي بوسائل نقل سريعة وآمنة منذ بداية إنشائهما حيث أنشأ البارون إمبان خط المترو الذي يربط مصر الجديدة بالعباسية وفي المقابل سيرت مدينة الرحاب أسطولا كبيرا من السيارات لربطها بمصر الجديدة ومدينة نصر.
واهتمت كل مدينة منهما بتوفير أنماط إسكان متنوعة تفي وتلبي احتياجات المجتمع المختلفة وأيضا بتنسيق المناطق الخضراء سواء المملوكة للعامة أو الخاصة، كما أنهما لهما طابع معماري مميز يمثل قيما اقتصادية مضافة لهما.
وأثبتت هذه المدن نجاحها علي المدي الزمني الطويل كما يقول الدكتور عبدالباقي نتيجة استقلالها في الملكية واتخاذ القرار وفي حسن إدارة مواردها وإدارة التنمية بها.. وللأسف لم تتعلم أجهزة الدولة من دراسة وتحليل تلك التجربة ولجأوا إلي الخبرة الأجنبية.
فمثلا مدينة الرحاب تم إنشاؤها علي 9 مراحل كل مرحلة تخطط بناء علي دراسات السوق وتقييم مدي نجاح المرحلة السابقة، قد يكون السكن فيها غاليا لكن تتوفر بها مدارس ومراكز طبية وبنوك ومكاتب إدارية وأسواق إلي آخره. فهذه المدن تكسب بفكر القطاع الخاص وفيها استقرار ناتج من حسن إدارة التنمية الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية بها.
بينما المدن الحكومية الجديدة معدلات التنمية بها متأخرة، كما أن الاستثمارات بها معطلة في المرافق والخدمات وبدون عائد اجتماعي واقتصادي مما يؤدي لارتفاع تكاليف المعيشة بها خاصة لموظفي أجهزتها.
وللأسف أصبحت مدنا طاردة للسكان.. كما يؤكد الدكتور عبدالباقي مشيرا إلي أنه لا يوجد لدينا آلية أو نظام لرصد وتسجيل مراحل تنمية المدينة ومعدلات الاستيطان البشري بها في مقابل الاستثمارات التي وضعت بها. وبالتالي عدم وجود سياسة للتقييم وراء افتقاد قاعدة التقويم التي تعظم من الإيجابيات وتتلافي السلبيات والدليل علي ذلك أن متخذ القرار الفاشل يكمل مراحل بناء هذه المدن بدون استيطان بشري وعائد علي المجتمع.. فنجد 6 أكتوبر محملة علي القاهرة ولم تنفصل عنها والعاشر من رمضان مدينة صناعية بلا سكان (بها علي الأكثر 200 ألف نسمة وكان مستهدف أن يقطنها نصف مليون نسمة) وكذلك السادات وبدر وبرج العرب و15 مايو (بعد توقف المترو الذي يربطها بحلوان).
هناك 3 أجيال من المدن الجديدة ولكي نقيم تجربتها لدينا مقياس واحد هو معدل إشغال السكان لها وليس المستهدف منها حتي لو كان بضعة ملايين منهم.. كما يؤكد الدكتور سيف الدين أحمد فرج خبير الاقتصاد العمراني مضيفا أنه بناء علي هذا المقياس هناك بعض المدن حالفها الحظ مثل أكتوبر وبعضها أقل نجاحا مثل العاشر والبعض الآخر ضعيف مثل بدر.
وهناك منظومة تؤدي إلي هذا النجاح وهي توافر الأضلاع الثلاثة للمثلث المكون من المسكن وفرصة العمل والخدمات، فمثلا إذا توافر المسكن بدون فرصة العمل لابد أن تفشل المنظومة وكذلك مسكن بدون خدمات نقل ومرور في منتهي الخطورة.
فمدينة مثل 6 أكتوبر قبل محور 26 يوليو كانت نسبة الإشغال بها ضئيلة ولكن بعد الانتهاء منه قفزت معدلاتها لأن شبكات الطرق والنقل من خارج المدينة إليها ومن المدينة لداخلها تعتبر شرايين الحياة بها.
وبعض المدن الجديدة تعتمد علي التوك توك وهذا وصمة عار في جبين المصريين كما يري الدكتور فرج مضيفا الله يجازي حسني مبارك الذي رفض بشكل قاطع أن يذهب المترو لكل من زايد و6 أكتوبر وذلك اعتقادا منه أن العاملين في المدينة سوف يعودون بعد العمل إلي مدنهم القديمة وهي رؤية قاصرة. أما إذا توافرت وسيلة نقل ضعيفة تؤدي إلي تنمية أقل، كذلك الخدمات لابد أن يقابلها كثافة مستخدمين، فكلما زادت هذه الكثافة ارتفع مستوي تقديم الخدمات.
أما المدن الجديدة بالصعيد فلم تحظ باهتمام المدن الجديدة حول القاهرة الكبري.. فمثلا مدن الفيوم وبني سويف والمنيا اعتمدت علي الظهير الصحراوي وهي من وجهة نظر الدكتور فرج سياسة صحيحة وإن كان نصيبها من النجاح محدودا نظرا لمحدودية فرص العمل والخدمات، كما أن الوحدة السكنية بها مازالت قيمتها غالية علي الشباب.
ومشكلة المدن الجديدة بصفة عامة تتمثل في عدم توفر وسائل النقل والمواصلات، والخدمات إلي جانب ارتفاع أسعار المساكن بها وبالتالي تكاليف المعيشة بها نتيجة مضاعفة أسعار التعريفة الخاصة بمياه الشرب والكهرباء والغاز بالمقارنة بأسعارها في القاهرة والجيزة وباقي المحافظات، تحت دعوي تغطية التكاليف الخاصة بإنشاء المرافق.. ويدعو الدكتور فرج إلي عمل محفزات لجذب السكان وليس طردهم وذلك بتخفيض أسعار هذه الخدمات والمرافق بهذه المدن وإيجاد عوامل طرد في القاهرة.. وعلينا أيضا أن نأخذ بالأسباب العلمية للمشكلة ولا نحل ظواهر وأعراضها ولايجب أن تتدخل السياسة في العلم.. موضحا أن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء كل واحد منهما يعمل في وظيفته ويتركان للمسئولين بهذه المدن إدارتها وبذلك سوف نشهد نقلة حضارية لو أردنا تنميتها بطريقة صحيحة وتعاملنا معها كمنظومة واحدة من مسكن وفرصة عمل وخدمات.
الرفع من كفاءة الشيء العليل بدلا من أن يموت أو ينتحر، بأن تهذبه وتزوده بسبل الاستدامة والاستمرار من أجل جودة الحياة به.. فالمدن الجديدة مليئة بالمشاكل ولكنها تختلف من حيث حجمها.. كما يقول الدكتور أحمد راشد مدير مركز الاستدامة ودراسات المستقبل بالجامعة البريطانية بالقاهرة مؤكدا أن المدن المغلقة مثل الرحاب فيها مشاكل أيضا وإن كانت أقل نوعية، فهي كانت معمولة لسد خانة والفكر الاستثماري يسيطر عليها فهي مجتمع وليس مدينة ويمكن اعتبارها حيا سكنيا عالي الجودة من حيث مساحته والأحداث التي فيه من سوق ومواصلات وناد وحدائق وجو جميل وبها أمنها ولها أسوارها.. فالإدارة بها ذاتية.. ويقترح الدكتور راشد لكي تكتمل وتصبح مدينة لابد أن تتوفر فيها سبل العيش والعمل والدراسة، فالجامعات بخارجها والمدارس الموجودة بها لاتكفي تلاميذها، كما أن نسبة الذين يعملون بها من سكانها محدودة للغاية.
لكن بمقارنتها بأماكن أخري نجدها تتوفر فيها سبل الاستقلال وتكاملية الخدمات مما يجعلها من أفضل الأماكن التي يمكن العيش فيها بالقاهرة الكبري لأن إدارتها تحاول كجزء من التسويق لها توفير مبررات الاستدامة والاستقرار والأمن وجودة الحياة.. وهذا يعطيها الميزة النوعية، كما يعتبر سكانها من المحظوظين نظرا لانعدام العشوائية في السكن لأن بها قوانين بناء تحترم خاصة في ارتفاع مبانيها.
أما »مدينتي« فكان من الممكن أن تكون مدينة بمفهومها العام.
ومشكلة المدن الجديدة تتمثل في الإدارة كما يوضح الدكتور راشد والتي لاتمتلك فكر الاستدامة.. أما أكثر هذه المدن تكاملا وقد تكون قابلة للاستقلال حيث إن حجمها كبير جدا ويمكن أن تتوفر فيها الخدمات وهي بحق أقربها لتعريف المدينة، ففيها قاعدة اقتصادية و3 جامعات و5 نواد ومقار للنقابات ومستشفيات عالمية وبها أكبر سوق وتتوافر فيها الجوانب الترفيهية، كما تتنوع بها المساكن من عالية المستوي إلي سكن العمال.
و6 أكتوبر تتكامل مع مدينة الشيخ زايد فهي مغلقة وتعتمد علي الأولي في كل الخدمات.
ويكشف الدكتور راشد عن أن 6 أكتوبر في الدراسات البحثية من عام 84 حتي 92 كان تقييمها سلبيا.. ولذلك لابد أن تعطي للمدينة الزمن الكافي لكي تنمو وتعي الأحداث والتطورات داخلها، فهي تمر بمجموعة من المراحل العمرية.. ومن خلال رؤيتي ل 6 أكتوبر أجدها أكثرها وعيا وقدرة علي التطور مع الأحداث وقد خدمها موقعها وتوافر ظهير صحراوي لها، فهي تطل علي طريق الواحات الفيوم والإسكندرية الصحراوي والمحور وأيضا قربها من الهرم ودريم لاند (وهي لاتقل عن الرحاب في معطياتها لكن كبر مساحتها جعل نصف مساحتها غير مستغلة، بينما الأولي كل مرحلة بها مكتملة بخدماتها أي بها عمود فقري).
أما أسوأ مدينة جديدة من وجهة نظر الدكتور راشد فهي 15 مايو لأن نسبة التلوث بها كبيرة جدا نظرا لقربها من حلوان.. بينما مدينة بدر وإن كانت بعيدة لكن عندها فرصة كبيرة وأسعار أراضيها وعقاراتها سوف ترتفع في المستقبل وذلك لقربها من الشروق ومدينتي ووجود امتداد طريق الروبيكي بها وأيضا توفر قاعدة صناعية واقتصادية بها علاوة علي جامعة روسية ولابد من إعطائها الوقت لكي تقف علي قدميها ويجب توفير الخدمات بها.
ويري الدكتور راشد أن الشروق حي سكني لطيف يربط بين طريقي السويسي الصحراوي والإسماعيلية الصحراوي ورغم وجود 3 أو 4 جامعات بها إلا أنها ليس لديها قاعدة اقتصادية.
ويختلف المهندس صلاح حسب الله وزير الإسكان الأسبق مع جميع من سبقه في الرأي نظرا لأنه البناء الوحيد بينهم فهو يؤكد أنه طالما هذه المدن الجديدة »أوت« الناس، كانوا هيروحوا فين.. يبقي نجحت، فقد وفرت لهم أماكن يمكن أن يسكنوا فيها!
وأيضا الناس أحرار يسكنون ويعيشون في المدن المغلقة (الكمبوند).
كما أن المدن لاتنجح إلا بعد مئات السنين، عندما يقوم الناس الذين يعيشون فيها بتطويرها بطريقتهم الخاصة ويعملوا مصانع صغيرة في بيوتهم.
ويطرح سؤالا: لماذا لانبني المزيد من هذه المدن الجديدة؟ فقد خففت من التكدس السكاني بالقاهرة.
ويؤكد المهندس حسب الله أنه طول عمره بناء ومن رأيه أن من يبني بيوتا يسكن فيها الناس »يأخذ ثوابا كبيرا«.
موضحا أن مشكلتنا مختصرة في أن القطاع الخاص لايعمل وإذا عمل، كل إنسان يسكن بجانب عمله، فمثلا لو صاحب العمل أقام مصنعا في المنيا أو أسيوط لابد أن يوفر سكنا للعاملين فيه وبدون ذلك يبحث الكل عن فرصة عمل في القاهرة. وحقيقة الأمر أن القطاع الخاص توقف عن العمل منذ 1961 حتي الآن بسبب التأميم.. فنحن لدينا أربعة ملايين رأسمالي لايعملون وهم عدد الشقق الفارغة أو الشاغرة.. فأصحابها توقفوا عن بناء غيرها من الوحدات السكنية وبذلك لم يتحولوا إلي مستثمرين.. وكان المفروض أن يستمروا في البناء بدل الوحدة، اثنتين وثلاثا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة