المتأمل في فلسفة الصيام في الإسلام يجد أنه لا يعدو عن كونه عملية تربوية تتم فيها تربية النفس وتهذيبها والارتقاء بها عن الإغراق في إشباع الشهوات والغرائز كما أن أدبيات الصيام وأخلاقه تلزم المسلم بالابتعاد عن مظاهر الغضب والانفعال، عملا بقول الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم : (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل : اللهم إني صائم ) صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم. الصوم يعالج الأمراض وهذا يؤدي بالمسلم إلي الشعور بالسكينة وطمأنينة القلب وانشراح الصدر، فتخرج النفس من ضيق وشدائد الحياة اليومية ومشاكلها ومن ضغوط الحياة وتعقيداتها، إلي سعة الصدر وانشراح النفس والرضا، وهوما يؤدي إلي شفاء وتحسن العديد من الاضطرابات والأمراض النفسية و العصبية مثل الاكتئاب والقلق والهوس ....إلخ .. وهذه الفلسفة عكس ما يدعيه بعض الصائمين في شهر رمضان الكريم، من زيادة العصبية والتوتر مع من حوله في محيط عمله أو عائلته أو حتي الشارع .. ويستند فيما يقوم به من عصبية في تعاملاته مع الآخرين علي انه صائم وكأن الصيام يزيد من حدة طباعه وشدة تعاملاته ..وفي ذلك اتهام واضح وصريح لعبادة الصوم والتي برأها أطباء الأمراض العصبية والطب النفسي والسلوكي .. ونؤكد علي هذه البراءة في هذا التحقيق. شهادة روسي وأمريكي في القرن التاسع عشر أعلن الطبيب الروسي (زيلاند) أن الصوم قد أثر إيجابيا علي الجهاز العصبي للمريض، كما أثر تأثيرا لا بأس به علي هضمه ودمه بوجه عام، وكتب قائلا: إن الصوم يسمح للجسم بأن يرتاح ثم يستأنف نشاطه الطبيعي بقوة متجددة. وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية بدأ الاهتمام بالصوم باعتباره علاجا للمرضي، منذ القرن الماضي. فقد عالج الدكتور (إدوارد ديوي ) قبل قرن بالصوم كلا من الاضطرابات المعدية والمعوية، وداء الاستسقاء، والالتهابات العديدة. بالإضافة إلي الضعف والترهل الجسدي. وكان يري أن الراحة من الطعام - وليس الطعام - هي التي ترمم الجهاز العصبي، في حين أن الطعام والإسراف فيه - بالنسبة للمريض - يسبب توترا شديدا بقدر التوتر الذي يسببه العمل المتعب، ويؤكد أن الطعام خلال المرض، يصبح عبئا علي المريض. سلوكيات عصبية مرفوضة ويتفق معه الدكتور ساهر هاشم أستاذ المخ والأعصاب بطب قصر العيني بجامعة القاهرة ويعرف في البداية الانفعال بتدني القدرة علي السيطرة أو ضبط ردود الفعل العاطفية تجاه الأحداث اليومية بشكل متكرر أو دائم وبزيادة في الشدة عن أثر الحدث ويمتاز هذا السلوك بالعصبية، أو العنف سواء بحدة الكلام أو الإيماءات الحركية أو التهديد أو الوعيد أو النفور أو إدارة الظهر واللامبالاة أو بروز علامات الانفعال العاطفة مثل البكاء، أوالتذمر، وقد يترجم هذا الانفعال سلوكيا مثل الشتم أو إيذاء الذات أو إيذاء الآخرين أو تكسير الممتلكات الشخصية أو ممتلكات الآخرين، وعدم إتاحة الفرصة للطرف الآخر بالتعبير عن رأيه، وإصدار القرارات بشكل تعسفي ومن المنطق أن أي سلوك ناجم عن عاطفة مشحونة سيكون ضارا بالشخص والمحيطين علي العكس تماما من السلوك الناجم عن عاطفة متزنة. التوتر والاستفزاز ويرجع د.ساهر أسباب سرعة الانفعال وأنماطها المتعددة إلي مجموعة من الحالات النفسية أو ناجمة عن ظروف نفسية ضاغطة، ومن ذلك حالات القلق النفسي حيث انخفاض حد التوتر وسهولة الاستفزاز والتحسس الزائد فالأحداث البسيطة تضخم لدي من يعاني هذه الحالة وتسبب سرعة الانفعال وأيضا بعض أنواع الاكتئاب النفسي العصابي والذي يتميز بتكدر المزاج وسرعة الانفعال إسقاطا وإزاحة لمعاناتهم علي الآخرين، (وحالات الهوس) والتي تتميز بحدة المزاج وارتفاعه وتأرجحه، وزيادة عالية في الشعور بالأهمية وزيادة في النشاط والحركة والإسراف، يميزها سرعة الانفعال والعنف . وهناك أيضا الأشخاص الذين يعانون من تدن في درجة الذكاء وهم لا يستطيعون مواكبة متطلبات الحياة اليومية كالأسوياء ولذلك يتميزون بالعصبية الزائدة والعنف . بالدواء وتصحيح الأخطاء المتأمل في فلسفة الصيام في الإسلام يجد أنه لا يعدو عن كونه عملية تربوية تتم فيها تربية النفس وتهذيبها والارتقاء بها عن الإغراق في إشباع الشهوات والغرائز كما أن أدبيات الصيام وأخلاقه تلزم المسلم بالابتعاد عن مظاهر الغضب والانفعال، عملا بقول الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم : (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل : اللهم إني صائم ) صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم. الصوم يعالج الأمراض وهذا يؤدي بالمسلم إلي الشعور بالسكينة وطمأنينة القلب وانشراح الصدر، فتخرج النفس من ضيق وشدائد الحياة اليومية ومشاكلها ومن ضغوط الحياة وتعقيداتها، إلي سعة الصدر وانشراح النفس والرضا، وهوما يؤدي إلي شفاء وتحسن العديد من الاضطرابات والأمراض النفسية و العصبية مثل الاكتئاب والقلق والهوس ....إلخ .. وهذه الفلسفة عكس ما يدعيه بعض الصائمين في شهر رمضان الكريم، من زيادة العصبية والتوتر مع من حوله في محيط عمله أو عائلته أو حتي الشارع .. ويستند فيما يقوم به من عصبية في تعاملاته مع الآخرين علي انه صائم وكأن الصيام يزيد من حدة طباعه وشدة تعاملاته ..وفي ذلك اتهام واضح وصريح لعبادة الصوم والتي برأها أطباء الأمراض العصبية والطب النفسي والسلوكي .. ونؤكد علي هذه البراءة في هذا التحقيق. شهادة روسي وأمريكي في القرن التاسع عشر أعلن الطبيب الروسي (زيلاند) أن الصوم قد أثر إيجابيا علي الجهاز العصبي للمريض، كما أثر تأثيرا لا بأس به علي هضمه ودمه بوجه عام، وكتب قائلا: إن الصوم يسمح للجسم بأن يرتاح ثم يستأنف نشاطه الطبيعي بقوة متجددة. وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية بدأ الاهتمام بالصوم باعتباره علاجا للمرضي، منذ القرن الماضي. فقد عالج الدكتور (إدوارد ديوي ) قبل قرن بالصوم كلا من الاضطرابات المعدية والمعوية، وداء الاستسقاء، والالتهابات العديدة. بالإضافة إلي الضعف والترهل الجسدي. وكان يري أن الراحة من الطعام - وليس الطعام - هي التي ترمم الجهاز العصبي، في حين أن الطعام والإسراف فيه - بالنسبة للمريض - يسبب توترا شديدا بقدر التوتر الذي يسببه العمل المتعب، ويؤكد أن الطعام خلال المرض، يصبح عبئا علي المريض. سلوكيات عصبية مرفوضة ويتفق معه الدكتور ساهر هاشم أستاذ المخ والأعصاب بطب قصر العيني بجامعة القاهرة ويعرف في البداية الانفعال بتدني القدرة علي السيطرة أو ضبط ردود الفعل العاطفية تجاه الأحداث اليومية بشكل متكرر أو دائم وبزيادة في الشدة عن أثر الحدث ويمتاز هذا السلوك بالعصبية، أو العنف سواء بحدة الكلام أو الإيماءات الحركية أو التهديد أو الوعيد أو النفور أو إدارة الظهر واللامبالاة أو بروز علامات الانفعال العاطفة مثل البكاء، أوالتذمر، وقد يترجم هذا الانفعال سلوكيا مثل الشتم أو إيذاء الذات أو إيذاء الآخرين أو تكسير الممتلكات الشخصية أو ممتلكات الآخرين، وعدم إتاحة الفرصة للطرف الآخر بالتعبير عن رأيه، وإصدار القرارات بشكل تعسفي ومن المنطق أن أي سلوك ناجم عن عاطفة مشحونة سيكون ضارا بالشخص والمحيطين علي العكس تماما من السلوك الناجم عن عاطفة متزنة. التوتر والاستفزاز ويرجع د.ساهر أسباب سرعة الانفعال وأنماطها المتعددة إلي مجموعة من الحالات النفسية أو ناجمة عن ظروف نفسية ضاغطة، ومن ذلك حالات القلق النفسي حيث انخفاض حد التوتر وسهولة الاستفزاز والتحسس الزائد فالأحداث البسيطة تضخم لدي من يعاني هذه الحالة وتسبب سرعة الانفعال وأيضا بعض أنواع الاكتئاب النفسي العصابي والذي يتميز بتكدر المزاج وسرعة الانفعال إسقاطا وإزاحة لمعاناتهم علي الآخرين، (وحالات الهوس) والتي تتميز بحدة المزاج وارتفاعه وتأرجحه، وزيادة عالية في الشعور بالأهمية وزيادة في النشاط والحركة والإسراف، يميزها سرعة الانفعال والعنف . وهناك أيضا الأشخاص الذين يعانون من تدن في درجة الذكاء وهم لا يستطيعون مواكبة متطلبات الحياة اليومية كالأسوياء ولذلك يتميزون بالعصبية الزائدة والعنف . بالدواء وتصحيح الأخطاء ويحدد العلاج بناء علي تشخيص الحالة وغالبا ما تكون بالعقاقير، والعلاج السلوكي معا ، وبشكل عام من يحصل من هؤلاء المرضي علي جرعات علاجية اكثر من جرعتين في اليوم ففي هذه الحالة لا يمكنه الصيام ..بينما المرضي الذين يحصلون علي جرعات علاجية مرتين يوميا يمكنهم الصيام والحصول علي جرعاتهم العلاجية بعد الإفطار والسحور.. أما الأشخاص الأسوياء، فيري د.ساهر أنهم أيضا يقعون أحيانا في هذه السلوكيات الانفعالية لفترة ما نتيجة لظروف العمل الطويل أو نوع العمل الدقيق أو الحساس مثل العمل في الكمبيوتر أو المراقبة ,أو الذين يعانون من سوء العلاقات الزوجية أو العائلية وتتفاقم هذه الانفعالات في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وذلك بشكل عام. الصيام ونقص السكر الأيام الأولي للصيام يشعر فيها الصائم بعدم تركيز وصداع خفيف إلي حد ما.. ويفسره لنا د.ساهر بأن هذه الأعراض تنتج عن نقص الجلوكوز" السكر" لدي الصائم ولكن سريعا ما تزول هذه الاعراض بعد بضعة أيام من بداية الصيام وتعتاد الموصلات العصبية علي هذا المعدل السكري طوال اليوم وهنا يستعيد الجسم عافيته ونشاطه مرة أخري.. وينوه د.ساهر أيضا لمن يتناولون المكيفات بشكل كثيف طوال اليوم من محاولة التقليل منها في شهر شعبان للتكيف والاعتياد علي الامتناع عنها في صيام نهار رمضان .. والجسم البشري بطبيعته جعله الخالق قادراً علي التكيف مع الصيام حتي في ظل الأحوال الجوية الحارة ولكن لابد علي كل صائم تقليل ساعات العمل وعدم الإجهاد الزائد أثناء الصيام. بريء من الاتهامات ولأن الصيام بريء من كل هذه الاتهامات وفقا للدراسات العصبية فنجد أيضا الدراسات الطبية النفسية والاجتماعية التي ناقشت ذلك الموضوع تؤكد أن الصيام عبادة الاسترخاء والراحة النفسية والعصبية وهذا ما بدأت به كلامها الدكتورة نادية رضوان أستاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس فتقول إن الله فرض علينا الصيام في رمضان ليقربنا إلي التقوي وليدخلنا فيها، قال تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَي الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) صدق الله العظيم، وكظم الغيظ والعفو عن الناس من أساسيات التقوي التي يهدف إليها الصيام. لا إهمال في العمل فتري أن في رمضان تتحسن أخلاق المتقين، لكن بعضنا يصبح نكد المزاج، ويغضب لأتفه الأسباب، ولا يبدي أي استعداد لتحمل الناس، ولا يقوم علي خدمتهم، حتي لو كان ذلك مهنته ووظيفته، فهو صائم ولا صبر لديه، ثم إنه يقل إنتاجه في عمله إلي حد كبير، لأنه كما يقول: صائم.. وتعتقد د.نادية انه إذا كان الجوع والعطش قد يجعلان الإنسان عصبي المزاج قليلا، وذلك إذا اشتدا كثيرا، وهذا لا ينطبق علي الموظف الحكومي الصائم، الذي تبدأ عصبيته وكسله منذ الساعة الثامنة صباحا، ولا يمكن للصائم أن يحتج بالجوع والعطش منذ الصباح، ليبرر سوء خلقه مع الناس، بينما السبب الحقيقي لسوء أخلاق بعض الصائمين في رمضان هو أنهم يجدون العذر والمبرر بأنهم صائمون كي يظهروا أخلاقهم السيئة ويعبروا عنها، ويمارسوها وهم مطمئنون إلي أن المجتمع سيتحمل سوء أخلاقهم، ويغفر لهم ذلك، فهم صائمون، وعلي الناس تحمل طباعهم السيئة، مقابل أنهم تكرموا عليهم فصاموا، وكأنما هم صاموا لغيرهم وليس لانفسهم وتهذيبها ولم يصوموا لله، الذي وعد علي الصيام ما لم يعد علي سواه، إنهم يخطئون في حق أنفسهم، ويتصرفون وفق الأخلاق السيئة التي لو أتيح لهم لكانت هي أخلاقهم في الصيام وبعد الصيام. عبادة الراحة والاسترخاء فالصيام بريء من كل هذه الاتهامات فهو عبادة الاسترخاء والراحة النفسية والعصبية، والتي من المفروض أن تنشر المودة والرفق في التعاملات بين أفراد المجتمع لأن هذا هو أساس الدين الإسلامي " حسن المعاملة " وكما اكد علي ذلك الرسول "صلي الله عليه وسلم " (الدين المعاملة) صدق رسول الله "صلي الله عليه وسلم ".. ويجب علي كل مسلم أن يسير علي نهج الرسول كقدوة ودليل له في حياته وكل تعاملاته اليومية ..حتي يحيا حياة سعيدة دون أن يضر نفسه أو غيره.. في مثل هذه الأيام تعودنا كل عام أن نقف مع بعض الخواطر والتأملات حول صيام رمضان ومع قدوم شهر رمضان المبارك من كل عام يعيش العالم الإسلامي في مناخ روحي متميز يختلف عن بقية أوقات السنة.. ولعل الصيام في هذا الشهر هو أحد الأركان الهامة إلتي تمتد آثارها لتشمل كل نواحي حياة المسلمين في هذا الشهر.. وللصيام آثار إيجابية علي الصحة العامة للجسد وعلي الصحة النفسية أيضا.. وفي هذا الشأن يجيب علي تساؤلات حول الجوانب النفسية لصوم رمضان.. الدكتور لطفي الشربيني استشاري الطب النفسي وعضو الجمعية الأمريكية للطب النفسي APA. جو روحاني خاص فيري أن للصيام آثاراً نفسية إيجابية لما له من جو روحاني خاص يميزه ومن المشاركة العامة بين الأفراد في تنظيم أوقاتهم خلال اليوم بين العبادة والعمل في فترات محددة وتخصيص أوقات موحدة يجتمعون فيها للإفطار، وهذه المشاركة في حد ذاتها لها أثر إيجابي من الناحية النفسية علي المرضي النفسيين الذين يعانون من العزلة ويشعرون أن إصابتهم بالاضطراب النفسي قد وضعت حاجزا بينهم وبين المحيطين بهم في الأسرة والمجتمع .. وشهر رمضان بما يتضمنه من نظام شامل يلقي بظلاله علي الجميع حين يصومون خلال النهار، وتتميز سلوكياتهم عموما بالالتزام بالعبادات، ومحاولات التقرب إلي الله، وتعم مظاهر التراحم بين الناس مما يبعث علي الهدوء النفسي والخروج من دائرة الهموم النفسية المعتادة التي تمثل معاناة للمرضي النفسيين فيسهم هذا التغيير الإيجابي في حدوث تحسن في حالتهم النفسية. رمضان وتقوية الإرادة ويظهر ذلك من خلال الملاحظة لكل من يعمل في مجال الصحة النفسية، كما أن للصوم آثاراً إيجابية في تقوية الإرادة التي تعتبر نقطة ضعف في كل مرضي النفس خصوصا مرضي الاكتئاب والقلق والوسواس القهري والذين يدمنون تعاطي المواد المخدرة ،كما أن الصوم هو تقرب إلي الله يمنح أملا في الثواب ويساعد علي التخلص من المشاعر السلبية المصاحبة للمرض النفسي، والصبر الذي يتطلبه الامتناع عن تناول الطعام والشراب والممارسات الأخري خلال النهار يسهم في مضاعفة قدرة المريض علي الاحتمال مما يقوي مواجهته ومقاومته للأعراض المرضية ..ولهذه الأسباب فإننا في ممارسة الطب النفسي ننصح جميع المرضي بالصيام في رمضان ونلاحظ أن ذلك يؤدي إلي تحسن حالتهم النفسية . ويوضح لنا د.لطفي تأثير صوم رمضان علي بعض الاضطرابات النفسية الشائعة. الخروج من اليأس علي سبيل المثال: الاكتئاب النفسي هو مرض العصر الحالي، وتبلغ نسبة الإصابة به 7٪ من سكان العالم حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، وأهم أعراض الاكتئاب الشعور باليأس والعزلة وتراجع الإرادة والشعور بالذنب والتفكير في الانتحار، والصوم بما يمنحه للصائم من أمل في ثواب الله يجدد الرجاء لديه في الخروج من دائرة اليأس، كما أن المشاركة مع الآخرين في الصيام والعبادات والأعمال الصالحة خلال رمضان يتضمن نهاية العزلة التي يفرضها الاكتئاب علي المريض، وممارسة العبادات مثل الانتظام في ذكر الله وانتظار الصلاة بعد الصلاة في هذا الشهر تتضمن التوبة وتقاوم مشاعر الإثم وتبعد الأذهان عن التفكير في إيذاء النفس بعد أن يشعر الشخص بقبول النفس والتفاؤل والأمل في مواجهة أعراض الاكتئاب. - القلق فإنه سمة من سمات عصرنا الحالي ،ويتخذ صورا منها المخاوف المرضية(Phobia) ونوبات الهلع(Panic) التي تشبه الأزمات القلبية، وتقدر حالات القلق المرضي بنسبة 03 - 04٪ في بعض المجتمعات، والقلق ينشأ من الانشغال بهموم الحياة وتوقع الأسوأ والخوف علي المال والأبناء والصحة، وشعور الاطمئنان المصاحب لصيام رمضان، وذكر الله بصورة متزايدة خلال رمضان فيه ايضاً راحة نفسية وطمأنينة تسهم في التخلص من مشاعر القلق والتوتر. علاج للوسواس القهري - مرض الوسواس القهري OCD يعاني منه عدد كبير من الناس علي عكس الانطباع بأنها حالات فردية نادرة، فالنسبة التي تقدرها الإحصائيات لحالات الوسواس القهري تصل إلي 3٪ مما يعني ملايين الحالات في المجتمع، وتكون الوساوس في صورة تكرار بعض الأفعال بدافع الشك المرضي مثل وسواس النظافة الذي يتضمن تكرار الاغتسال للتخلص من وهم القذارة والتلوث، وهناك الأفكار الوسواسية حول امور دينية أو جنسية أو أفكار سخيفة تتسلط علي المرضي ولا يكون بوسعهم التخلص منها، ويسهم الصوم في تقوية إرادة هؤلاء المرضي، واستبدال اهتمامهم بهذه الأوهام ليحل محلها الانشغال بالعبادات وممارسة طقوس الصيام والصلوات والذكر مما يعطي دفعة داخلية تساعد المريض علي التغلب علي تسلط الوساوس المرضية التي كانت تسيطر علي حياته وتسبب له المعاناة الأليمة . الصيام وقوة الإرادة من وجهة نظر الطب النفسي فإننا ننظر إلي الصوم وقدوم شهر رمضان علي أنه فرصة جيدة وموسم هام يساعدنا في مواجهة الكثير من المشكلات النفسية، والمثال علي ذلك حالة المدخنين الذين اعتادوا علي استهلاك السجائر بانتظام خلال الأيام العادية بمعدل زمني لا يزيد علي دقائق معدودة بين إشعال سيجارة بعد سيجارة حتي يتم الاحتفاظ بمستوي معين من مادة النيكوتين التي تم تصنيفها ضمن مواد الإدمان .. إن قدوم شهر الصيام والاضطرار إلي الامتناع عن التدخين علي مدي ساعات النهار هو فرصة للمدخنين الراغبين في الإقلاع لاتخاذ قرار التوقف نهائياً عن التدخين، ونلاحظ بالفعل أن نسبة نجاح الإقلاع عن التدخين في شهر رمضان اكبر من النسبة المعتادة في الأوقات الأخري والتي لا تزيد علي 02٪ بمعني أن كل 01 من المدخنين يبدأون في الإقلاع ينجح 2 فقط منهم ويعود 8 إلي التدخين مرة أخري. لقد ثبت لنا من خلال الملاحظة والبحث في مجال الطب النفسي أن الأشخاص الذين يتمتعون بشخصية متزنة ولديهم وازع ديني قوي، ويلتزمون بأداء العبادات وروح الدين في تعاملهم هم غالبا أقل إصابة بالاضطرابات النفسية، وهم أكثر تحسنا واستجابة للعلاج عند الإصابة بأي مرض نفسي، والغريب في ذلك أن بعض هذه الدراسات تم إجراؤها في الغرب حيث ذكرت نتائج هذه الأبحاث أن الإيمان القوي بالله والانتظام في العبادات لدي بعض المرضي النفسيين كان عاملا مساعداً علي سرعة شفائهم واستجابتهم للعلاج بصورة أفضل من مرضي آخرين يعانون من حالات مشابهة. تقوية جهاز المناعة والأغرب من ذلك أن دراسات أجريت لمقارنة نتائج العلاج في مرضي القلب والسرطان والأمراض المزمنة أفادت نتائجها بأن التحسن في المرضي الملتزمين بتعاليم الدين الذين يتمتعون بإيمان قوي بالله كان ملحوظا بنسبة تفوق غيرهم، وقد ذكرت هذه الأبحاث أن شعور الطمأنينة النفسية المصاحب للإيمان بالله له علاقة بقوة جهاز المناعة الداخلي الذي يقوم بدور حاسم في مقاومة الأمراض . وتتفق معه الدكتورة سوسن الغزالي أستاذ الطب السلوكي ورئيس قسم طب المجتمع بجامعة عين شمس بأن للصيام فوائد عديدة علي كل نواحي الحياة لكل فرد وأن القاعدة الشرعية في تأخير السحور وتعجيل الفطور لها معني سلوكي جميل في محاولة لتقليل فترة الصيام، وبشأن زيادة العصبية لدي الصائم فتؤكد د.سوسن أن سلوك الصائم لابد أن يتفق مع المعتقد الديني الخاص بالصيام، فلا يجوز التصرف بشكل خاطئ لا يتماشي مع الفكر الديني والأخلاقي بعذر الصيام فلانفلات الأخلاقي سواء باللفظ أو بالفعل يتنافي مع أحكام الصيام وكان من يقوم بمثل هذه الأعال ليس صائماً في الواقع. تهذيب وإصلاح روحي فقلة الطعام لا تعد ابدا مبررا طبيا أو علميا لزيادة العصبية والتوتر بين الصائم والمحيطين به ..لذا لابد من تمهيد للصائم بأن يقوم بصيام أيام متفرقة في شهري رجب وشعبان لكي يعتاد علي ذلك الأمر.. ويجعل جسده قادراً علي التكيف مع الصيام في شهر رمضان ولابد أن نعي جميعا الحكمة الآلهية من الصيام فهو تهذيب وإصلاح جسدي وروحي ولابد من تطبيق ذلك من خلال معاملاتنا وسلوكيتنا في هذا الشهر الكريم .. كما أن انفلات الأعصاب يرجع في أغلب الأحيان كما تراه د.سوسن إلي الطبيعة البيئية التي نشأ فيها الفرد، فمن خلال معاملات الوالدين داخل الاسرة الواحدة يكون رد فعل الأنا متماثلاً وفقا لما عايشوه منذ الطفولة .. فالرجل ابن طفولته وجميع السلوكيات الناجمة من أي فرد ما هي إلا مردود لما تربي ونشأ عليه داخل أسرته .. لذا تنصح د.سوسن الآباء والأمهات بضرورة مراعاة سلوكياتهم أمام أبنائهم وأن يقوموا بتربيتهم علي الفضيلة والهدوء النفسي في كل تعاملاتهم.. "فالصمت أحيانا أحد العلاجات".. ولكي نضمن هدوءاً لقلوبنا دائما نقوم بالتقرب من الله " ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. فكلما تمسكنا بقواعد ديننا أصبحت سلوكياتنا مميزة وعلاقاتنا الاجتماعية جيدة ويسود الود والمحبة بين أفراد المجتمع بعضهم البعض. ويحدد العلاج بناء علي تشخيص الحالة وغالبا ما تكون بالعقاقير، والعلاج السلوكي معا ، وبشكل عام من يحصل من هؤلاء المرضي علي جرعات علاجية اكثر من جرعتين في اليوم ففي هذه الحالة لا يمكنه الصيام ..بينما المرضي الذين يحصلون علي جرعات علاجية مرتين يوميا يمكنهم الصيام والحصول علي جرعاتهم العلاجية بعد الإفطار والسحور.. أما الأشخاص الأسوياء، فيري د.ساهر أنهم أيضا يقعون أحيانا في هذه السلوكيات الانفعالية لفترة ما نتيجة لظروف العمل الطويل أو نوع العمل الدقيق أو الحساس مثل العمل في الكمبيوتر أو المراقبة ,أو الذين يعانون من سوء العلاقات الزوجية أو العائلية وتتفاقم هذه الانفعالات في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وذلك بشكل عام. الصيام ونقص السكر الأيام الأولي للصيام يشعر فيها الصائم بعدم تركيز وصداع خفيف إلي حد ما.. ويفسره لنا د.ساهر بأن هذه الأعراض تنتج عن نقص الجلوكوز" السكر" لدي الصائم ولكن سريعا ما تزول هذه الاعراض بعد بضعة أيام من بداية الصيام وتعتاد الموصلات العصبية علي هذا المعدل السكري طوال اليوم وهنا يستعيد الجسم عافيته ونشاطه مرة أخري.. وينوه د.ساهر أيضا لمن يتناولون المكيفات بشكل كثيف طوال اليوم من محاولة التقليل منها في شهر شعبان للتكيف والاعتياد علي الامتناع عنها في صيام نهار رمضان .. والجسم البشري بطبيعته جعله الخالق قادراً علي التكيف مع الصيام حتي في ظل الأحوال الجوية الحارة ولكن لابد علي كل صائم تقليل ساعات العمل وعدم الإجهاد الزائد أثناء الصيام. بريء من الاتهامات ولأن الصيام بريء من كل هذه الاتهامات وفقا للدراسات العصبية فنجد أيضا الدراسات الطبية النفسية والاجتماعية التي ناقشت ذلك الموضوع تؤكد أن الصيام عبادة الاسترخاء والراحة النفسية والعصبية وهذا ما بدأت به كلامها الدكتورة نادية رضوان أستاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس فتقول إن الله فرض علينا الصيام في رمضان ليقربنا إلي التقوي وليدخلنا فيها، قال تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَي الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) صدق الله العظيم، وكظم الغيظ والعفو عن الناس من أساسيات التقوي التي يهدف إليها الصيام. لا إهمال في العمل فتري أن في رمضان تتحسن أخلاق المتقين، لكن بعضنا يصبح نكد المزاج، ويغضب لأتفه الأسباب، ولا يبدي أي استعداد لتحمل الناس، ولا يقوم علي خدمتهم، حتي لو كان ذلك مهنته ووظيفته، فهو صائم ولا صبر لديه، ثم إنه يقل إنتاجه في عمله إلي حد كبير، لأنه كما يقول: صائم.. وتعتقد د.نادية انه إذا كان الجوع والعطش قد يجعلان الإنسان عصبي المزاج قليلا، وذلك إذا اشتدا كثيرا، وهذا لا ينطبق علي الموظف الحكومي الصائم، الذي تبدأ عصبيته وكسله منذ الساعة الثامنة صباحا، ولا يمكن للصائم أن يحتج بالجوع والعطش منذ الصباح، ليبرر سوء خلقه مع الناس، بينما السبب الحقيقي لسوء أخلاق بعض الصائمين في رمضان هو أنهم يجدون العذر والمبرر بأنهم صائمون كي يظهروا أخلاقهم السيئة ويعبروا عنها، ويمارسوها وهم مطمئنون إلي أن المجتمع سيتحمل سوء أخلاقهم، ويغفر لهم ذلك، فهم صائمون، وعلي الناس تحمل طباعهم السيئة، مقابل أنهم تكرموا عليهم فصاموا، وكأنما هم صاموا لغيرهم وليس لانفسهم وتهذيبها ولم يصوموا لله، الذي وعد علي الصيام ما لم يعد علي سواه، إنهم يخطئون في حق أنفسهم، ويتصرفون وفق الأخلاق السيئة التي لو أتيح لهم لكانت هي أخلاقهم في الصيام وبعد الصيام. عبادة الراحة والاسترخاء فالصيام بريء من كل هذه الاتهامات فهو عبادة الاسترخاء والراحة النفسية والعصبية، والتي من المفروض أن تنشر المودة والرفق في التعاملات بين أفراد المجتمع لأن هذا هو أساس الدين الإسلامي " حسن المعاملة " وكما اكد علي ذلك الرسول "صلي الله عليه وسلم " (الدين المعاملة) صدق رسول الله "صلي الله عليه وسلم ".. ويجب علي كل مسلم أن يسير علي نهج الرسول كقدوة ودليل له في حياته وكل تعاملاته اليومية ..حتي يحيا حياة سعيدة دون أن يضر نفسه أو غيره.. في مثل هذه الأيام تعودنا كل عام أن نقف مع بعض الخواطر والتأملات حول صيام رمضان ومع قدوم شهر رمضان المبارك من كل عام يعيش العالم الإسلامي في مناخ روحي متميز يختلف عن بقية أوقات السنة.. ولعل الصيام في هذا الشهر هو أحد الأركان الهامة إلتي تمتد آثارها لتشمل كل نواحي حياة المسلمين في هذا الشهر.. وللصيام آثار إيجابية علي الصحة العامة للجسد وعلي الصحة النفسية أيضا.. وفي هذا الشأن يجيب علي تساؤلات حول الجوانب النفسية لصوم رمضان.. الدكتور لطفي الشربيني استشاري الطب النفسي وعضو الجمعية الأمريكية للطب النفسي APA. جو روحاني خاص فيري أن للصيام آثاراً نفسية إيجابية لما له من جو روحاني خاص يميزه ومن المشاركة العامة بين الأفراد في تنظيم أوقاتهم خلال اليوم بين العبادة والعمل في فترات محددة وتخصيص أوقات موحدة يجتمعون فيها للإفطار، وهذه المشاركة في حد ذاتها لها أثر إيجابي من الناحية النفسية علي المرضي النفسيين الذين يعانون من العزلة ويشعرون أن إصابتهم بالاضطراب النفسي قد وضعت حاجزا بينهم وبين المحيطين بهم في الأسرة والمجتمع .. وشهر رمضان بما يتضمنه من نظام شامل يلقي بظلاله علي الجميع حين يصومون خلال النهار، وتتميز سلوكياتهم عموما بالالتزام بالعبادات، ومحاولات التقرب إلي الله، وتعم مظاهر التراحم بين الناس مما يبعث علي الهدوء النفسي والخروج من دائرة الهموم النفسية المعتادة التي تمثل معاناة للمرضي النفسيين فيسهم هذا التغيير الإيجابي في حدوث تحسن في حالتهم النفسية. رمضان وتقوية الإرادة ويظهر ذلك من خلال الملاحظة لكل من يعمل في مجال الصحة النفسية، كما أن للصوم آثاراً إيجابية في تقوية الإرادة التي تعتبر نقطة ضعف في كل مرضي النفس خصوصا مرضي الاكتئاب والقلق والوسواس القهري والذين يدمنون تعاطي المواد المخدرة ،كما أن الصوم هو تقرب إلي الله يمنح أملا في الثواب ويساعد علي التخلص من المشاعر السلبية المصاحبة للمرض النفسي، والصبر الذي يتطلبه الامتناع عن تناول الطعام والشراب والممارسات الأخري خلال النهار يسهم في مضاعفة قدرة المريض علي الاحتمال مما يقوي مواجهته ومقاومته للأعراض المرضية ..ولهذه الأسباب فإننا في ممارسة الطب النفسي ننصح جميع المرضي بالصيام في رمضان ونلاحظ أن ذلك يؤدي إلي تحسن حالتهم النفسية . ويوضح لنا د.لطفي تأثير صوم رمضان علي بعض الاضطرابات النفسية الشائعة. الخروج من اليأس علي سبيل المثال: الاكتئاب النفسي هو مرض العصر الحالي، وتبلغ نسبة الإصابة به 7٪ من سكان العالم حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، وأهم أعراض الاكتئاب الشعور باليأس والعزلة وتراجع الإرادة والشعور بالذنب والتفكير في الانتحار، والصوم بما يمنحه للصائم من أمل في ثواب الله يجدد الرجاء لديه في الخروج من دائرة اليأس، كما أن المشاركة مع الآخرين في الصيام والعبادات والأعمال الصالحة خلال رمضان يتضمن نهاية العزلة التي يفرضها الاكتئاب علي المريض، وممارسة العبادات مثل الانتظام في ذكر الله وانتظار الصلاة بعد الصلاة في هذا الشهر تتضمن التوبة وتقاوم مشاعر الإثم وتبعد الأذهان عن التفكير في إيذاء النفس بعد أن يشعر الشخص بقبول النفس والتفاؤل والأمل في مواجهة أعراض الاكتئاب. - القلق فإنه سمة من سمات عصرنا الحالي ،ويتخذ صورا منها المخاوف المرضية(Phobia) ونوبات الهلع(Panic) التي تشبه الأزمات القلبية، وتقدر حالات القلق المرضي بنسبة 03 - 04٪ في بعض المجتمعات، والقلق ينشأ من الانشغال بهموم الحياة وتوقع الأسوأ والخوف علي المال والأبناء والصحة، وشعور الاطمئنان المصاحب لصيام رمضان، وذكر الله بصورة متزايدة خلال رمضان فيه ايضاً راحة نفسية وطمأنينة تسهم في التخلص من مشاعر القلق والتوتر. علاج للوسواس القهري - مرض الوسواس القهري OCD يعاني منه عدد كبير من الناس علي عكس الانطباع بأنها حالات فردية نادرة، فالنسبة التي تقدرها الإحصائيات لحالات الوسواس القهري تصل إلي 3٪ مما يعني ملايين الحالات في المجتمع، وتكون الوساوس في صورة تكرار بعض الأفعال بدافع الشك المرضي مثل وسواس النظافة الذي يتضمن تكرار الاغتسال للتخلص من وهم القذارة والتلوث، وهناك الأفكار الوسواسية حول امور دينية أو جنسية أو أفكار سخيفة تتسلط علي المرضي ولا يكون بوسعهم التخلص منها، ويسهم الصوم في تقوية إرادة هؤلاء المرضي، واستبدال اهتمامهم بهذه الأوهام ليحل محلها الانشغال بالعبادات وممارسة طقوس الصيام والصلوات والذكر مما يعطي دفعة داخلية تساعد المريض علي التغلب علي تسلط الوساوس المرضية التي كانت تسيطر علي حياته وتسبب له المعاناة الأليمة . الصيام وقوة الإرادة من وجهة نظر الطب النفسي فإننا ننظر إلي الصوم وقدوم شهر رمضان علي أنه فرصة جيدة وموسم هام يساعدنا في مواجهة الكثير من المشكلات النفسية، والمثال علي ذلك حالة المدخنين الذين اعتادوا علي استهلاك السجائر بانتظام خلال الأيام العادية بمعدل زمني لا يزيد علي دقائق معدودة بين إشعال سيجارة بعد سيجارة حتي يتم الاحتفاظ بمستوي معين من مادة النيكوتين التي تم تصنيفها ضمن مواد الإدمان .. إن قدوم شهر الصيام والاضطرار إلي الامتناع عن التدخين علي مدي ساعات النهار هو فرصة للمدخنين الراغبين في الإقلاع لاتخاذ قرار التوقف نهائياً عن التدخين، ونلاحظ بالفعل أن نسبة نجاح الإقلاع عن التدخين في شهر رمضان اكبر من النسبة المعتادة في الأوقات الأخري والتي لا تزيد علي 02٪ بمعني أن كل 01 من المدخنين يبدأون في الإقلاع ينجح 2 فقط منهم ويعود 8 إلي التدخين مرة أخري. لقد ثبت لنا من خلال الملاحظة والبحث في مجال الطب النفسي أن الأشخاص الذين يتمتعون بشخصية متزنة ولديهم وازع ديني قوي، ويلتزمون بأداء العبادات وروح الدين في تعاملهم هم غالبا أقل إصابة بالاضطرابات النفسية، وهم أكثر تحسنا واستجابة للعلاج عند الإصابة بأي مرض نفسي، والغريب في ذلك أن بعض هذه الدراسات تم إجراؤها في الغرب حيث ذكرت نتائج هذه الأبحاث أن الإيمان القوي بالله والانتظام في العبادات لدي بعض المرضي النفسيين كان عاملا مساعداً علي سرعة شفائهم واستجابتهم للعلاج بصورة أفضل من مرضي آخرين يعانون من حالات مشابهة. تقوية جهاز المناعة والأغرب من ذلك أن دراسات أجريت لمقارنة نتائج العلاج في مرضي القلب والسرطان والأمراض المزمنة أفادت نتائجها بأن التحسن في المرضي الملتزمين بتعاليم الدين الذين يتمتعون بإيمان قوي بالله كان ملحوظا بنسبة تفوق غيرهم، وقد ذكرت هذه الأبحاث أن شعور الطمأنينة النفسية المصاحب للإيمان بالله له علاقة بقوة جهاز المناعة الداخلي الذي يقوم بدور حاسم في مقاومة الأمراض . وتتفق معه الدكتورة سوسن الغزالي أستاذ الطب السلوكي ورئيس قسم طب المجتمع بجامعة عين شمس بأن للصيام فوائد عديدة علي كل نواحي الحياة لكل فرد وأن القاعدة الشرعية في تأخير السحور وتعجيل الفطور لها معني سلوكي جميل في محاولة لتقليل فترة الصيام، وبشأن زيادة العصبية لدي الصائم فتؤكد د.سوسن أن سلوك الصائم لابد أن يتفق مع المعتقد الديني الخاص بالصيام، فلا يجوز التصرف بشكل خاطئ لا يتماشي مع الفكر الديني والأخلاقي بعذر الصيام فلانفلات الأخلاقي سواء باللفظ أو بالفعل يتنافي مع أحكام الصيام وكان من يقوم بمثل هذه الأعال ليس صائماً في الواقع. تهذيب وإصلاح روحي فقلة الطعام لا تعد ابدا مبررا طبيا أو علميا لزيادة العصبية والتوتر بين الصائم والمحيطين به ..لذا لابد من تمهيد للصائم بأن يقوم بصيام أيام متفرقة في شهري رجب وشعبان لكي يعتاد علي ذلك الأمر.. ويجعل جسده قادراً علي التكيف مع الصيام في شهر رمضان ولابد أن نعي جميعا الحكمة الآلهية من الصيام فهو تهذيب وإصلاح جسدي وروحي ولابد من تطبيق ذلك من خلال معاملاتنا وسلوكيتنا في هذا الشهر الكريم .. كما أن انفلات الأعصاب يرجع في أغلب الأحيان كما تراه د.سوسن إلي الطبيعة البيئية التي نشأ فيها الفرد، فمن خلال معاملات الوالدين داخل الاسرة الواحدة يكون رد فعل الأنا متماثلاً وفقا لما عايشوه منذ الطفولة .. فالرجل ابن طفولته وجميع السلوكيات الناجمة من أي فرد ما هي إلا مردود لما تربي ونشأ عليه داخل أسرته .. لذا تنصح د.سوسن الآباء والأمهات بضرورة مراعاة سلوكياتهم أمام أبنائهم وأن يقوموا بتربيتهم علي الفضيلة والهدوء النفسي في كل تعاملاتهم.. "فالصمت أحيانا أحد العلاجات".. ولكي نضمن هدوءاً لقلوبنا دائما نقوم بالتقرب من الله " ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. فكلما تمسكنا بقواعد ديننا أصبحت سلوكياتنا مميزة وعلاقاتنا الاجتماعية جيدة ويسود الود والمحبة بين أفراد المجتمع بعضهم البعض.