"الكنيسة قدامها جامع في قلب شارع متقابلين، واللي راحوا ولاد بلدنا مش مسيحيين ومسلمين، بيقولوا فتنة و خلاص صابتنا، لكن صوت العقل فين، يا ولاد بلدنا دي مصيبتنا والضحايا من الطرفين، زعلان جرجس علي ولده حنا، وأحمد ضاع منه إبنه حسين، دي كارثة لينا كلنا مسيحيين ومسلمين".. هذه الكلمات المرتجلة البسيطة اختارها محمد أبو الخير وصديقه ماجد نادر لتكون مقدمة الجروب الذي أنشأه الاثنان علي موقع فيس بوك يناهضان من خلاله العنف والتطرف والإرهاب ويقيمان من خلاله دعوتهما لمحاربة كل من يحاول الإساءة لمصر أو يثير الفتنة بين مسلميها وأقباطها. تحول الموقع الاجتماعي الأشهر عالمياً والأكثر استخداماً في مصر فيس بوك إلي منبر يدين الإرهاب، فتوحدت داخله ردود أفعال أكثر من 10 ملايين مستخدم ضد الأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة الإسكندرية ليلة رأس السنة، وظهر facebook كنجم إعلامي، وكان الأكثر قدرة علي نقل المشاعر وردود الأفعال وربما المشاركة في مواساة ضحايا الحادث، منافساً في ذلك الصحف والفضائيات. علي»facebook«تستطيع التعبير عن رفضك بكلمة أو جملة أو علامة»like« ولكن في جريمة مماثلة لما حدث في كنيسة القديسين بالإسكندرية يثور الموقع الاجتماعي ويرفض، فتتغير الصور وتنشط التعليقات وتظهر طاقات وقدرات شبابية لا يدري الكثيرون بوجودها. كلمة السر علي الموقع الاجتماعي الشهير بعد الحادث تمثلت في ال»status والimages« حيث كانا هما نبض التعبير عن الثورة والرفض لما حدث من هجوم إرهابي متطرف. قام أكثر من خمسة ملايين شاب باستبدال صور صفحاتهم ال»images«بصورة الهلال مع الصليب، وصور المصحف تعانق الصليب، كما زاد نشر صورة مرسومة لمئذنة مسجد وبرج كنيسة متعانقين ومن تحتهما صورة لصهيوني يحاول المباعدة بينهما، كما كتب الشباب علي صفحاتهم في ال(status) جمل الرفض والإدانة والتأكيد علي روح الوحدة الوطنية، وكانت الجمل الأكثر تداولاً بين الشباب.."أنا مصري أرفض الإرهاب، أنا مسلم وصديقي مسيحي وضد الإرهاب، الإرهاب لا دين له ولا وطن، مصر هلال وصليب وجامع جنب كنيسة مفيش فيها فرق بين مسلم ولا مسيحي«. قام شباب فيس بوك بنشر صور لضحايا الحادث وطالب العديد منهم بالدعاء لهم بالرحمة معتبرين الضحايا شهداء عند الله، وأطلقوا عدة مبادرات للذهاب للإسكندرية وتقديم العزاء ومواساة أسر الضحايا، وكذلك مبادرات لتنظيم المسيرات السلمية، والوقفات الصامتة حداداً علي أرواح الشهداء الذين اغتالتهم أيادي الإرهاب، لدرجة أن الكثيرين تنبأوا بأن يحرك فيس بوك ثورة مشابهة لثورة 1919. جروبات التنديد من أبرز الجروبات التي أعلنت الحداد علي فيس بوك كان جروب (شهداء كنيسة القديسين بالإسكندرية)، والذي اشتعلت فيه التعليقات، وارتفعت حدة المطالبة بتعقب الجناة والانتقام لأبناء الوطن، فكتبت فيه بسنت جرجس:"آه يا وجعي علي أخويا وأختي ماتوا وهما شباب ملحقوش حتي يتهنوا، بسن الشباب في ليلة رأس السنة كانوا فرحانين، وباليوم محتفلين، يجي الإرهاب يفجر وفي لحظه ألاقيهم مقتولين طب أروح لمين، واشتكي لمين مفيش غيرك يارب اللي هقولك إحنا معاك في كل حين ومش هنسيبك". بينما كتب أحمد الطيار يقول:"يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلي أنفسنا"، فيما عبرت أنا كريمانان عن الحادث ببعض أبيات الشعر الحزينة فقالت:"ظننت أن العيد سيكون، وأفرح بميلادك يا حنون، لكن بعدما اتقتلوا الشهداء، اتقلب الفرح إلي عزاء"، وقالت دينا:"سيمسح الله كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون فيما بعد، ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع بعد لأن الأمور الأولي قد مضت". وأطلق كريم طه مبادرة بالذهاب لكنيسة القديسين في الإسكندرية لأداء الصلاة وتقديم العزاء. وعلق أحد المتضامنين مستشهداً باللورد كرومر في مذكراته:"لم أجد في مصر إلا المصريين فقط، بعضهم يصلي في المسجد، وبعضهم يصلي في الكنيسة، لكن كلهم مصريون". أما جروب (أنا مصري ضد الإرهاب) فقد وصل عدد أعضائه لنحو 73359 شخصا، وكتب مؤسسو الجروب في مقدمته:"الدين لله والوطن للجميع. طول عمرنا إخوات عمر ما كان في فرق بين مسلم ومسيحي.مش عايزين حد يفرق بيننا أو يعمل فتنة طائفية.مسلم + مسيحي = مصر". فيما وصل عدد أعضاء جروب (كلنا واحد) ل54904 أعضاء قاموا جميعاً بوضع صور الهلال مع الصليب داخل الجروب وعبروا عن إدانتهم لأعمال العنف والتخريب التي تستهدف أرواح المصريين وتسعي لضرب الوحدة الوطنية. جروب آخر حمل عنوان (عاش الهلال مع الصليب) طالب أعضاؤه بالاستعداد الجيد للحرب وأن يتحول كل المصريين إلي جنود ومحاربين في معركة مصيرية ضد طيور الظلام التي رفعت يد الهدم في وجه أهم شيء يميز مجتمعنا وهو النسيج الوطني. شباب الإسكندرية دشنوا جروباً علي فيس بوك حمل اسم (أنا إسكندراني أنا ضد الإرهاب)، قام أعضاء الجروب بعرض صور لمكان الحادث ولتشييع جنازة 20 من الضحايا، وكتب أعضاء الجروب في صدر صفحتهم يقولون:"علي الحلوة والمرة متعاهدين. محمد نبي وعيسي نبي واللي يفكر يوقع ما بينا يبقي غبي"، وطلبت الحملة من أبناء الإسكندرية المؤمنين بمضمون هذا الشعار أن يشتركوا بها ليعبروا عن إدراكهم الكامل لأن هدف هذه الجريمة هو النيل من استقرار مصر وبالفعل نجح الجروب في ضم 25 ألف عضو بعد إطلاقه بساعات قليلة. في السويس قرر عدد كبير من شباب المدينة الباسلة المشاركين في فيس بوك تنظيم وقفة صامتة حداداً علي ضحايا الإرهاب في الإسكندرية، علي كورنيش السويس الجديد، مرتدين فيها الملابس السوداء ورافعين المصحف بجانب الإنجيل، وهو ما نفذه أكثر من 500 شاب يوم الخميس الماضي في الرابعة عصراً، وقالت نانسي سليم إحدي المشاركات في المبادرة بالوقفة إنهم ارتدوا الملابس السوداء مجتمعين في وقفة صامتة، وفي يد كل شخص قرآن وإنجيل، مؤكدين أنهم لم يتحدثوا مع أي شخص، ووجودهم في الشارع هو تعبير عن حزنهم علي الضحايا. "غلابة مساكين اللي فاكرين إن لما هيقتلوا 21 من المصريين إننا هنخاف ونضرب في الباقيين.طول عمرنا إخوات مينا ومحمد وفادي وحسين فاكرين إنكم فرقتونا يا مساكين.أحب أقولكم شكراً عشان وحدتونا وحدة السنين وأسألكم سؤالا قتلتوا واحد وعشرين هتعملوا إيه في 82 مليون باقيين؟".. تلك كانت افتتاحية جروب (مصر وطننا كلنا)، أما جروب (ضد الفتنة) فأخذ أعضاؤه يقولون:"الصفحة دي هي أكبر رد علي الظلم اللي حصل في الإسكندرية لكل مصري مسلم أو قبطي بنرد علي الأعداء والجواسيس وبنقول لهم احنا مش هنسيب حق أولاد بلدنا مسلم ومسيحي الاتنين ماتوا الاتنين اندفنوا تحت نفس التراب، تراب مصر بلدي". نجح هذا الجروب في جمع نحو 6000 شخص في أقل من 10 ساعات بعد إنشائه ووصل بعد ثلاثة أيام عدد أعضائه لنحو 45 ألف مشترك، أما جروب (I am a Muslim & I Love Christians, I am a Christian & I Love Muslims) فقد بدأ في نشر العديد من الصور التي تعبر عن الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط، ونادي المشاركون فيه إلي ضرورة التوحد في مواجهة كافة أعمال التطرف المستهدفة لوحدة وأمن مصر. الداعية والفنان الداعية عمرو خالد أعلن في تصريحات نشرها علي موقعه الإلكتروني وتداولتها مواقع الإنترنت وجروبات فيس بوك أنه سيطلق حملة بعنوان (إنترنت بلا فتنة) سيتم إطلاقها من خلال موقع عمرو خالد علي الإنترنت، وقال إن الحملة تهدف لمنع التحريض علي الفتنة بين المسلمين والأقباط، مشيراً إلي أن مدة الحملة 5 أسابيع، وتتطلع لجمع 2 مليون بروفيل و50 ألف شاب، وسيتم وضع كليب مدته 30 ثانية يهدف إلي الدعوة لمنع الفتنة. وأشار خالد إلي أن ما حدث في كنيسة (القديسين) بالإسكندرية ليس للإسلام دخل فيه، مشدداً علي أن الإسلام بريء منه، لأنه لا يوجد دين يدعو لذلك. من بين المبادرات التي لاقت رواجاً وانتشاراً بين الشباب كانت الرسالة التي وجهها الفنان خالد أبو النجا عبر مدونته الشخصية التي أعيد إرسالها علي موقع فيس بوك عدة مرات، وجاء فيها علي لسان أبو النجا:"كن إيجابيا وشارك المصريين في حماية الكنائس المصرية هذه دعوة لكل مصري ليذهب إلي أقرب كنيسة لمكان سكنه أو مكان عمله لحضور صلوات عيد الميلاد، ولتكن البداية لمشاركة المصريين في الدفاع عن أماكن عبادتهم.