وزير الداخلية يهنئ الرئيس السيسي وقيادات الدولة بمناسبة عيد الأضحى المبارك    بالصور.. جامعة طيبة تناقش مشروعات تخرج طلاب "تكنولوجيا التصنيع الغذائي"    برنامج تدريبي توعوي لقيادات وزارة قطاع الأعمال العام والشركات التابعة لها    القوات المسلحة توزع كميات كبيرة من الحصص الغذائية بنصف الثمن بمختلف محافظات    تقرير: حزب الله يواجه إسرائيل ب مليون صاروخ    خالد البلشي: الصحافة الفلسطينية قدَّمت أكثر من 150 شهيدا خلال العدوان الإسرائيلي على غزة    10 آلاف طن يوميًا.. ملياردير أسترالي يقترح خطة لإدخال المساعدات إلى غزة (فيديو)    اليونيسف: 3 آلاف طفل معرضون للموت في غزة بسبب سوء التغذية    مبابي: أحلم بالكرة الذهبية مع ريال مدريد    عرض خرافي ينتظره محمود كهربا من الرائد السعودي    مدرب ألمانيا يعوض نجم دورتموند عن إحباط نهائي الأبطال    أكاذيب إخوانية.. مصدر أمني يكشف حقيقة فيديو الإساءة لإجراءات الأمن بمطار القاهرة    التعليم: رصد حالة غش واحدة في امتحان مادة الاقتصاد وحالتين بالاحصاء باستخدام الهاتف المحمول    رد فعل حسام حبيب على نبأ خطوبة شيرين عبدالوهاب.. القصة الكاملة    ثقافة المنيا تقدم عروضًا فنية وأنشطة ثقافية وترفيهية متنوعة خلال أيام عيد الأضحى المبارك    فحص 1349 مواطناً في قافلة طبية مجانية بقرية بساتين بركات بالشرقية    بدون زيادة.. «التعليم» تحدد المصروفات الدراسية بالمدارس الحكومية للعام الدراسي الجديد    مصرع طالب تمريض صدمه قطار عند مزلقان كفر المنصورة القديم بالمنيا    الرئيس السيسى يهنئ الملك تشارلز الثالث بذكرى العيد القومى    رئيس حزب الاتحاد: التنسيقية تجربة فريدة انطلقت من أرضية وطنية تضم مختلف التوجهات    ل برج الأسد والحمل والقوس.. ماذا يخبئ شهر يونيو 2024 لمواليد الأبراج الترابية؟    حقيقة وفاة طفل أثناء أداء مناسك الحج    البورصة تستقبل أوراق قيد شركة بالسوق الرئيسى تعمل بقطاع الاستثمار الزراعى    ما هي أسعار أضاحي الجمال في عيد الأضحى ومواصفات اختيارها؟ (فيديو)    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    ضبط أحد العناصر الإجرامية بالقاهرة لحيازته كمية كبيرة من الأقراص المخدرة بقصد الإتجار    الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة يشارك في الملتقى الأول لبنك التنمية الجديد في مصر    الأكثر لعبًا للمباريات الافتتاحية.. ماذا يفعل المنتخب الألماني خلال بدايته في «اليورو»؟    أبرزهم راقصي السامبا.. مواعيد مباريات اليوم الأربعاء    المفوضية الأوروبية تهدد بفرض رسوم على السيارات الكهربائية الصينية    بعد طرحه أغنية «القاضية» في «ولاد رزق 3».. إسلام شيندي يستعد لعقد قرانه    دعاء رد العين نقلا عن النبي.. يحمي من الحسد والشر    رئيس الأركان يشهد مشروع مراكز القيادة الاستراتيجى التعبوي بالمنطقة الشمالية    «الصحة» تنظم ورشة عمل لتعزيز قدرات الإتصال المعنية باللوائح الصحية الدولية    الاستخبارات الداخلية الألمانية ترصد تزايدا في عدد المنتمين لليمين المتطرف    احتفالًا بعيد الأضحى.. السيسي يقرر العفو عن باقي العقوبة لهؤلاء -تفاصيل القرار    عزيز الشافعي: أغاني الهضبة سبب من أسباب نجاحي و"الطعامة" تحد جديد    عاشور يشارك في اجتماع وزراء التعليم لدول البريكس بروسيا    بيان الأولوية بين شعيرة الأضحية والعقيقة    رئيس إنبي: سنحصل على حقنا في صفقة حمدي فتحي "بالدولار"    "لا أفوت أي مباراة".. تريزيجية يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي    5 نصائح من «الصحة» لتقوية مناعة الطلاب خلال فترة امتحانات الثانوية العامة    «متحدث الصحة» يكشف تفاصيل نجاح العمليات الجراحية الأخيرة ضمن «قوائم الانتظار»    شبانة: حسام حسن عليه تقديم خطة عمله إلى اتحاد الكرة    «أوقاف شمال سيناء» تقيم نموذج محاكاه لتعليم الأطفال مناسك الحج    "مواجهة الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع" ندوة بأكاديمية الشرطة    أفضل أدعية يوم عرفة.. تغفر ذنوب عامين    الأرصاد تكشف عن طقس أول أيام عيد الأضحي المبارك    محافظ الغربية يتابع مشروعات الرصف والتطوير الجارية ببسيون    الجنائية الدولية تطلق حملة لتقديم معلومات حول جرائم الحرب فى دارفور    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح العام الأولي لشركة «ألف للتعليم القابضة» بقيمة 515 مليون دولار في سوق أبو ظبي للأوراق المالية    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    نصائح لمرضى الكوليسترول المرتفع عند تناول اللحوم خلال عيد الأضحى    مسئول أمريكي: رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار يحمل استفسارات    الولايات المتحدة تعتزم إرسال منظومة صواريخ باتريوت أخرى إلى أوكرانيا بعد مناشدات من كييف    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أم كلثوم..ماس لاينطفئ بريقه
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 18 - 02 - 2023

لا أمل من تكرار ما وصفت به ثومة يوما مؤكدة على ما تداوله غيري من الكتاب والنقاد فأم كلثوم بحق وها أنا اردد في ذكرى رحيلها: "أسطورة أساطير الغناء العربي لم تتزحزح مكانتها قيد انملة حتى اللحظة، فالماس بريقه لاينطفىء مهما مر عليه الزمان؛ بل تعلو قيمته ويزداد إقبال الشارين العارفين بقيمته الحقيقية.
وماستنا النادرة كوكب الفن المنير "ثومة" لمن لا يعرف لم تكن تتقن الغناء فحسب؛بل كانت ذات قلم شمرت به عن ساعديها لتخوض تجربة الكتابة الصحفية فكانت باكورة مقالاتها ما خطته في جريدة أخبار اليوم في عدده الثالث بتاريخ 25من نوفمبر في العام 1944 حيث تحدثت فيه عن بداية مشوارها الغنائي منذ أن كانت طفلة لاتفقه شيئا مما تتغنى به فلقمة العيش هي الحاكمة دون خجل ولا إخفاء ؛ثم عشقها للغناء بمرور الزمن، وكيف كانت تغني وشعورها حينها؛ عنونته ب"حينما أغني"؛كتبت:
"غنيت وأنا طفلة صغيرة، لا أعرف من أمور الدنيا إلا ما يعرفه الأطفال. غنيت وأنا لا أشعر بما أقول، ولا أحس بحلاوة النغم في فمي، ولا أعرف بهزة الطرب في قلبي، وكنت إذا صفق الناس عجبت، وساءلت نفسي: لماذا يصفقون؟!
وهكذا لا أستطيع أن أقول إننى عشقت الغناء طفلة، أو أن أدعي أنني كنت أردد القصائد والموشحات بدلاً من البكاء. لقد غنيت ل"اللقمة " لا ل " النغمة".. غنيت لأعيش،؛لا للفن ولا لآلهة الفن الجميل. وعندما كنت طفلة أغني في الأفراح، كانت أمنيتي أن تحدث مشاجرة واحدة على الأقل بين المدعوين، أو بين أصحاب الفرح لأتفرج وأستريح من عناء المغنى! والليلة المتعبة عندي هي التي تمر بسلام، فلا يحدث فيها ضرب، ولا يقع جري، ولا ترتفع فيها الكراسي في الهواء، ولا تتكسر الفوانيس على رءوس المدعوين، ففي مثل تلك الليلة الهادئة كنت أضطر أن أكرر القصيدتين الوحيدتين اللتين كانتا كل محصولي "الغنى" في تلك الأيام! كنت أصعد إلى المسرح لا يهمنى شيء، ولا أبالي بشيء، ولا يخيفني شيء.. وأي شيء يخيف طفلة صغيرة لا تعي ما تفعل، ولا تفهم كلمة واحدة مما تقول؟!
وكبرت وبدأ حظي يكبر معى، وبدأت " تذوق الفن"، عند ذلك بدأت أتهيب المسرح، وأرهبه، وأخشاه، وأشعر كلما غنيت أنني مقبلة على امتحان رهيب، وأن المستمعين هم أولئك الممتحنون الذين لا يرحمون، ولا يتساهلون، ولا يقبلون عقد امتحان ملحق للراسبين.
وقد يحدث أحياناً أن أذهب إلى حفلة من الحفلات، وأنا على تمام الاستعداد لها، مزاج رائق، وصحة طيبة، فلا أكاد أفتح فمي للغناء حتى أتمنى لو أخذوا مني كل ما أملك، وعتقوني لوجه الله.. ولا أغني. وفي بعض الليالي، قد تكون صحتي ليست على ما يرام، ومزاجي لا يصلح للغناء، وإنما أذهب لأداء واجب، فلا أكاد أفتح فمي حتى تترقرق دمعة في عيني، وتظل حائرة، ثم لا ألبث أن أنسى الناس وأغني لنفسي، وقد أفتح عيني وأنظر للجمهور ولكننى لا أراه! أتصور المكان وليس فيه أحد سواي، لا أسمع أصوات التصفيق، ولا صيحات الاستحسان، فإذا كررت مقطعاً فإنما أكرره لأنني أريد ذلك، لا لأن صوتاً ارتفع يقول لي: "كمان". في مثل هذه اللحظات أغني وأنا أحلم، وتصبح القطعة الغنائية قطعة من قلبي، فإذا قلت :"سافر حبيبي" فإنني أتخيل أن لي حبيباً، وأنه أسلمني للألم والعذاب.
وإذا أنشدت "غنى الربيع" أحسست أن الدنيا كلها ربيع يغني: الأطيار تغني، والأشجار تورق، والوجوه تبتسم، والنسيم يراقص الغصون على أنغام الطير، وأرى الورد نعسان حقاً، والكون يشاركني فرحي، والجو يعني "كل لحن بلون".. ثم أتلفت وأبحث عن الحبيب الذي تخيلته فلا أجده، وأشعر أنه غاب عن قلبي الحائر، وأناديه: "كلمني"! وأذكره بالماضي الذي أعيش فيه، وأقول له: "طمني"، وأسأله عن حال فؤاده.
هل قسا وأنا صابرة؟ هل غضب وأنا راضية؟ ثم أنظر حولي فإذا أنا وحيدة حقاً، وإذا الأزهار جفت فوق الغصون، وإذا الشمس غابت من أفق الأحلام، وإذا الأرض صحراء جرداء لا فيها زرع ولا ماء. وفي بعض الليالي أنتهي من غنائي وكأنني أنتهي من حلم، فيوقظني تصفيق الجمهور في نهاية المقطوعة، فأحس بالرعدة في جسمي، وأشعر شعور النائم حين يستيقظ بعد حلم رائع ويتمنى لو أنه لم يفتح عينيه، وعاش إلى الأبد في ذلك الحلم الجميل! وهناك ليلة في عمري لا أنساها، تختلف عن كل ليالي حياتي، ليلة أن غنيت في النادي الأهلي، وكانت ليلة العيد، وأقبل الملك فاروق.
مفاجأة.. أحسست عندئذ أن في قلبي عيداً سعيداً، وأن في قلبي موسيقا تعزف بأعذب الألحان. وأحسست في الوقت نفسه برهبة، وخوف. وحرت ماذا أغني في حضرة المليك؟! ورحت أغنى.. ولم أشعر بشيء بعد ذلك، ولم أعرف أنني أجدت، ولم أعرف أنني فشلت. بعد ذلك بأيام كنت في محطة الإذاعة، أسمع الشريط الذي سجلت عليه أغاني الحفلة، فأغمضت عيني، ورحت أسمع، ولم أتمالك نفسي، فوجدتني أصيح: الله.. يا أم كلثوم!"
مقالها ينم عن قلم مرهف يصوغ احاسيس صاحبته بدقة وتلقائية وعفوية محببة لا يمل معها القارئ بل يتنامى شغفه لمعرفة المزيد عما يجيش في صدرها لحظة بلحظة_ قبل وأثناء وبعد الغناء_ يساعدها خفة ظل تمثلها خاتمة المقال الذي داعبت فيه القارئ و امتدحت نفسها بخيلاء لا يخلو من خجل الممتدح لنفسه لكن في سياق"القافية تحكم"الله يا أم كلثوم ! لم نستشعر فيه غرورا وهي كوكب الشرق بل لطافة وظرفا.فقدطافت بقلمها بنا داخل اعماق قلبها واشعرتنا معاناتها من الوحدة لغياب الحبيب ،ثم تنقلت بنا بين الأشجار والزهور ونقلت إلينا الاحساس ببهجة الربيع وفرحة العيد.كان غناؤها حلما لا تريد اليقظة بعده؛ فاندماجها كان ينسيها أن هناك نهاية للغناء الذي تمنته فعلا مستمرا استمرار الحياة..وليست وحدها في هذا الاحساس الذي تملكها فنحن جمهورها العاشق لا نريد أن نحرم متعة الاستمتاع بروعة صوتها واحساسها الذي لانفيق منه بتصفيقنا كما تفيق هي لكن نكتفي بصياحنا الذي لا ينقطع ولن ينقطع بعد كل أغنية أو قصيدة ..الله..يا ست! هذا الاستحسان الأشهر لمعجبي فنها وصوتها وشخصها ومواقفها الوطنية الأصيلة أصالة مصرنا المحروسة.
فهي حينما تغني تظل وستظل تغني فصوتها لا تعرف الأذن له فراقا ؛ففنها أبدا لا يغيب ولن يغيب! بريق أم كلثوم الماسي مازال بريقه مشعا فالأصالة لاتبلى مع الأزمان بل تترسخ في النفوس قيمتها وتتوارثها الأجيال كما يرثون الممتلكات المادية الثمينةويحتفظون بها في خزائنهم ..
فخزينة الاحساس الجمعي المصري والعربي يحافظ على هذه الماسة المتلالئة برونقها في قلادة تليق بفنها وصوتها وعظمتها مستقرها قلوب محبيها في أنحاء العالم ،لاتمر ذكرى رحيلها أو ميلادها مرور الكرام ،بل هي ذكرى عطرة نحييها بشتى صنوف الاحتفاء بإذاعة أغانيها الطربية المحببة ،ولقاءات كبار المذيعين وحوارتها الذكية بثقافتها وخفة ظلها ،وإقامة الحفلات بدار الأوبرا المصرية لفرق الموسيقى العربية ،ويحرص التلفزيون المصري على عرض أفلامها الرائعة ليضعنا في أجواء عاصرناها في حياتها ليعزز لدينا الشعور بوجودها المعنوي ،وكذا الندوات الثقافية الفنية التي تتناول مسيرة حياتها وسيرتها الطيبة .
بطبيعة الحال مهما حاولنا تكريم صاحبة هذه الحنجرة المعجزة والشخصية الفنية الاستثنائية النادرة، لن نستطيع أن نمنحها ماتستحقه لقاء ماقدمته للجماهير العريضة من سعادة وفرح فقد كانت بحق سفيرة للفن المصري أينما ذهبت نفتقد وجودها الفعلي وإسهاماتها الوطنية التي كانت خير قدوة لغيرها من الفنانات في التعبير عن الولاء الوطني الحقيقي الذي يهون أمامه كل غال ..رحم الله سيدة الغناء العربي وكوكبه المنير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.