إياكم و الإهانة .. إياكم و التقليل من ولادكم.. لإن كلامكم الجارح ده بيعكسلهم انتوا شايفينهم ازاى لو سألت أى أب و أم ايه أكبر تحدى بيواجهوه فى حياتهم و أكتر قضية شاغلة تفكيرهم ليل نهار هنلاقى ان دايماً فى تخوّف كبير من تربية الأولاد تربية سوية.. فى زمننا ده فى صراع كبير جوه الأهالى بين تطبيقهم للتربية الإيجابية و الطرق الحديثة المعتمدة على آخر ما توصلت ليه الدراسات النفسية و تطبيقهم للتربية اللى اتربوا بيها و هما صغيرين... فى صراع كبير للدمج بين المدرستين..خصوصًا لو الأب متبنى طريقة و الأم متبنية الطريقة المعاكسة.. و من هنا فموضوع يومياتنا اليوم عن أهم الأخطاء اللى بيقع فيها الأهالي - غالبًا بدون قصد أو تعمد منهم- و بتسبب أضرار جسيمة و أحيانًا تشوهات فى شخصيات أبنائهم.. أول قاعدة تربوية هى امتناع الأهل عن حب ولادهم حب مشروط» اللى طالما اتربينا عليه فى طفولتنا ، بمعنى ان يكون فى طلب الأهل بيطلبوه من أولادهم و لو نفذوه هيحبوهم و يتقبلوهم و لو خالفوهم لأى سبب بيصب عليهم غضب الأهل و أنواع مختلفة من العقاب.. « كتير مننا بيقول لحد من ولاده لو عملت الحاجة الفلانية هبقى راضى عنك و لو معملتهاش فلا انت ابنى و لا انا اعرفك" ، بدون وجود لغة حوار بين الأهل و الابناء و بدون اعطاء أى مساحة للابناء للتعبير عن رأيهم أو ابداء أسباب رفضهم للقيام بالموضوع ده.. و أحيانًا من كتر ما الأهالى بتكرر الجملة دى بتفقد معناها و الابن بيتأكد كل يوم ان حب أهله ليه مشروط و انهم بيتقبلوه و بيحبوه تحت ظروف معينة فقط و غير كده فا هو شخص غير مرغوب فيه من أقرب الناس ليه و الطريقة دى بتفقد الأبناء ثقتهم فى أهلهم و فى مدى حبهم ليهم لدرجة ان فى كتير من الأبناء بيكون عندهم يقين ان أهلهم لا بيحبوهم و لا هما فارقين معاهم.. ثانيًا : من أهم قواعد التربية هى وجود القدوة و لازم القدوة تكون متمثلة فى الأب و الأم .. تخيل معايا أب بينهر ابنه و بيوبخه عشان يبطّل شرب سجاير و الأب نفسه السجارة مش بتفارق ايده، تخيل أم بتطلب من بنتها تحترم زوجها و الأم نفسها عندها خلل فى احترامها لزوجها و بتتطاول عليه بالكلام و مش بتحترمه فى حضوره أو غيابه.. فى الحالات دى مهما الأب نصح و مهما الأم اتكلمت فالكلام مفيش منه فايدة، تضييع للوقت على الفاضى ... لازم تكونوا قدوة و مثال جيد فى كل تصرفاتكم لإن الأطفال من صغرهم بيقلدوا اللى بيشوفوه و بيكبروا على اللى اتربوا عليه و بيتعاملوا مع الآخرين زى ما شافوا أهلهم بيتعاملوا.. الأطفال نسخة ترانزستور من أهاليهم فى كل تفصيلة.. فا إن غابت القدوة حضرت كل تشوهات التربية.. ثالثًا: عبروا لولادكم عن حبكم بكل الطرق.. قولوها لهم كتير.. احضنوهم كتير.. شبّعوهم من حنيتكم..اسمعوهم لما يتكلموا.. استوعبوهم لما يغلطوا.. ربّوهم من غير ما تجرحوهم..الأطفال اللى بتتربى فى بيت كله حب و احترام و احتواء صعب جدًا شخص غريب يسيطر عليهم و يجرّهم لسكة غلط، عوّد ولادك يسمعوا منكم كلمة « بحبك» عشان تتردلكم من قلبهم. رابعًا: اياكم و الإهانة.. انا هنا مش بقول نصائح من باب التنظير و لكن انا بفكر نفسى و بفكركم .. زمان الأهالى كانت بتعتبر الشتيمة جزءا من التربية و طريقة مقبولة و محدش كان بيعترض عليها..ايه المشكلة لما أشدّ على ولادى عشان يطلعوا شخصيات بتتحمل المسئولية ؟ فى أهالى كتير بتلاقى مليون مبرر للتقليل من شأن ولادهم و بيكونوا مقتنعين تمامًا ان كل ده عشان مصلحتهم .. فى البيوت زمان - وفى كتير من البيوت دلوقتي- عادى تسمع أب بيقول لابنه انت فاشل و عمرك ما هتفلح و أم بتقول لبنتها انت أغبى خلق الله !.. ده غير التنمر بوصف عيوب الأبناء الجسدية بمنتهى القسوة ، «انت بتاكل و بقيت قد العجل.. و انتِ تخينة ومحدش هيبصلك»! كل ده ولّد جيل بيعانى من اضطرابات فى الشخصية، انعدام للثقة بالنفس، خوف من المجتمع و كتير من الجيل ده لما كبر و بقى عنده الوعى اتجه بنفسه لمختصين نفسيين بهدف التعافى من آلام و جروح الماضى اللى تسبب فيها الأهالى و هما مش دريانين! و ولد جيل متنمر بطبعه لإنه عانى من التنمر الأسرى و هو اسوأ أنواع التنمر.. اياكم و الإهانة .. اياكم و التقليل من ولادكم.. لإن كلامكم الجارح ده بيعكسلهم انتوا شايفينهم ازاى. ما هو انا لو أبويا و أمي - أكتر أشخاص بيحبونى فى الدنيا- دايماً شايفنى غبى و فاشل و عالة و مش بفهم يبقى أكيد أنا فعلًا غبى و فاشل و عالة و مش بفهم.. و كل ما هكبر كل ما هتترسخ الصورة دى فى ذهنى عن نفسى و هتتهز شخصيتى كل يوم عن اللى قبله.. التربية عمرها ما كانت بالإهانة والتجريح.. انتوا كده فعلًا بتربوا مريض نفسي.. خامسًا : «قد يتعرض الأطفال للعنف على يد الذين يفترض أن يوفروا لهم الحماية والرعاية» - منظمة اليونيسيف- كتير أوى بنسمع عن أهالى بتربط التربية بالضرب مع ان الضرب دليل على ضعف شخصية المُرّبي.. انا كأب لو عندى الوعى و الاتزان النفسى و العلم الكافى اللى يسمحلى أتعامل مع أولادى و عندى أدوات الحوار عشان أعرف أتواصل معاهم بشكل صحيح استحالة هلجأ للضرب و لا هقبل انى اتعامل معاهم معاملة منرضهاش للحيوانات .. معظم أسباب الضرب بيكون سببها قلة حيلة المربى و محاولته انه يظهر فى صورة الطرف الأقوى و المسيطر ..أو ان المُربى مضغوط فى حياته و متنفسه الوحيد هو ضرب ولاده على أتفه سبب عشان يشفى غليله و ينتقم من المسببات اللى أذته فى صورة أبنائه اللى ملهومش ذنب.. من المؤسف ان وزارة التضامن الاجتماعى أوضحت ان 75٪ من الأطفال من سن سنة ل 14 سنة تعرضوا للعنف الأسرى بدءًا من الضرب الخفيف و انتهاء بالحرق و الركل العنيف! الضرب هو استكمال لحلقة الإهانة اللى اتكلمنا عليها و أضرارها النفسية أبلغ و أشرس مما يمكن تخيلها.. الضرب بيولد جوه الأبناء حالة من الغضب و رغبة فى الانتقام من الأهل، فممكن جدًا تلاقى ابنك لما كبر و شدّ حيله و انت رايح تضربه يمسكلك ايدك و يردلك الضربة لأنه أخيرًا جسمه ساعده انه يدافع عن نفسه و مخه مبرمج عنده ان أبوه مش بيحبه، أبوه مصدر لخوفه و بيهدد أمنه و سلامته.. تخيلوا ان جاتلى رسايل من أبناء بيحكولى عن علامات الضرب بالحزام على جلدهم منذ الطفولة وعن حبس أهاليهم لهم فى غرفة مظلمة بالساعات عشان الابن قطع بنطلونه و هو بيلعب مع أصحابه... متخيلين ازاى الضرب مأثر فى نفسيتهم وفاكرينه بكل تفاصيله بعد مرور عشرات السنين؟!! و للأسف فى أهالى كتير بسبب تعرضها للعنف فى طفولتها مارسوا نفس العنف ده مع أولادهم بصور أبشع لإنهم غير أسوياء و غير مؤهلين لإنجاب أطفال فبينتقموا من أهلهم فى صورة ولادهم و يستمر الدوران فى حلقة مفرغة لن يتم كسرها الا بوقف الضرب و العنف و البدء فى العلاج النفسي..مش عيب اننا كأهالى نلجأ لمختص يعلمنا ازاى نتعامل مع ولادنا و نربيهم لو قابلتنا مشاكل فى التربية..الغلط هو المكابرة فى الاعتراف اننا غلط.. سادسًا : اتصاحبوا على ولادكم ..اسمعوهم.. فى 3 من أصل 10 أطفال بيحسوا من أهلهم بالإهمال، اهمال بمعنى ان محدش بيهتم يسألهم عن أحوالهم ،عن يومهم ،عن مشاعرهم.. أهلهم مشغولين عن كل تفاصيلهم ، حتى لو بيقضوا وقت معاهم فبيقضوه و دماغهم فى حتة تانية.. و النتيجة ان بعد مرور سنين بيكتشف الأهالى انهم ميعرفوش ولادهم و بيتفاجئوا بشخصيتهم و بسلوكياتهم و أحيانًا بيكتشفوا انهم خسروا ولادهم بسبب أصحاب السوء أو مشيهم فى سكة غلط.. عشان كده لازم الأهل يكونوا قريبين من ولادهم فى كل مراحل عمرهم عشان يلجأوا لهم وقت الشدة و يفضفضوا لهم باللى جواهم من غير خوف و لا رعب من ردود الأفعال القاسية اللى بتضطر أولاد كتير انهم يترموا فى حضن أغراب بيشدوهم لمستنقع الضياع.. سابعًا : ما تذلوش ولادكم.. فى أهالى بتذل ولادها على كل قرش اتصرف عليهم و كل مليم اتدفع على تعليمهم و أكلهم و شربهم..بلاش طريقة التقطيم و كسر الخواطر.. سابعًا: المقارنات بتخرب العلاقات...اتربينا زمان ان العادى الأم تقارن ولادها بولاد أختها، و تقلل منهم.. و تجرحهم .. مع ان كل انسان و ليه قدراته ؛ ده حتى الأخوات حرام نقارن قدراتهم ببعض..فا تلاقى الولاد كرهوا قرايبهم أو اخواتهم بسبب المقارنات و تفضيل شخص عن شخص و المحصلة ان الأولاد بيترسخ جواهم الاحساس بالفشل و ان أهلى شايفين انى شخص ملوش لازمة فى الحياة و يؤسفنى أقولكم ان المقارنات و التقطيم لو زادوا عن حدهم ممكن يوصلوا الأبناء للتفكير فى الانتحار و التخلص من حياتهم .. ثامنًا: ولادكم ملهمش أى علاقة بخلافاتكم مع شريك الحياة - إن وجدت- الأولاد ملهمش ذنب لو الأب و الأم انفصلوا و لا ليهم ذنب انهم يعيشوا حياة غير مستقرة و كلها خناقات و مشاكل.. حطوا ولادكم أولوية قدام عنيكم.. تاسعًا: التدليل المفرط سبب لمشاكل ملهاش أول من آخر.. مش صح ان طلبات ولادكم كلها تكون مجابة..أكدت الدراسات النفسية ان الدلع المفرط بيخلق انسان أناني،بيتعامل انه محور الكون و عنده رغبة دائمة فى السيطرة على اللى حوليه.. دللوا ولادكم و ما تحرموهمش من حاجة بس بالعقل لأن فى أهالى مش بتقدر تقول لولادها لأ على أى حاجة.. و أخيرًا و ليس آخرًا التربية ملهاش كتالوج محدد.. التربية محتاجة اجتهاد دائم واعتراف بالغلط و الفشل عشان نحاول نصلّح المسار..محتاجة قلب بيدعى ربنا علطول ان ربنا ينور بصيرتنا و يهدينا للصواب و يهدى ولادنا.. و ربنا يعين كل الأهالى اللى شغلها الشاغل تربى جيل سوى فى مجتمع بيصعّبها علينا كل يوم عن اليوم اللى قبله..