بعيداً عن استفتاءات النجوم فى السماء، هناك نجم يسعى فى مناكبها، ويكد ويحمل عصاه على كاهله كل صباح ليوفر العيش لأولاده. أبو العيال نجم نجوم العام ولأعوام التحرير الاقتصادى، ويستأهل التحية وقوفاً وتصفيقاً، صفته هو طالب الستر، ونعته مجبول على الصبر، وَلَا عُمْرُه اشْتَكَى وَلَا قَالَ آهْ.. شعاره ربنا يديمها نعمة ويحفظها من الزوال، نعمة الستر مقرونة بالأمن والأمان والصحة وفرصة عمل شريف. لا يهم ماذا يعمل، ولكنه يعمل، ويتعب ويشقى ليسد رمق العيال، أبو العيال «محتاس» فى تدبير المعايش، وتلبية حاجات الأولاد. نسى نفسه تماماً، البدلة من سنوات الرخاء، وكرمشة البدلة القديمة المكواة تداريها، ومزق الشراب سن الإبرة يصلح ما فعله الدهر، والحذاء يعالجه الصرماتى، حاجة كده تفكرك بطيب الذكر «زكى رستم» فى فيلم «أبو البنات».. حالته عدم. تحسبهم أغنياء من التعفف، متعفف عن الحرام، لا يقرب حدود الله، وعنده قناعة تشبعه من جوع، وعزة نفس تجعل أنفه فى السماء، واثق الخطوة يمشى ملكاً. أبو العيال يرسم على وجهه ابتسامة باهتة حتى لا يشمت فيه العقورون، ويحتفظ فى جيبه بجنيهات قليلة تكفى بعض الفاكهة إذا تغيرت المواسم، يحرم نفسه من الزاد، ويطلعها من فمه لعياله، يشترى بعض اللحم ويكتفى بالمرق، ويغتبط والعيال نايمين متعشيين، ومبسوطين، ساعتها ينجدع على جنبه، وبنفس دخان سيجارته الرخيصة فى الهواء مع رشفة من شاى داكن سكره زيادة، حلو البسطاء شاى مسكر.. وكده رضا. يسمع الأخبار، وينشغل بأخباره، الجمعية، وقسط الثلاجة، وفاتورة الكهرباء، ويتحسب لمرور المحصل، ويحسبها بالورقة والقلم، ووراءه سيدة عظيمة فى التدبير والتفكير والتصريف، كل منهن تصلح وزير مالية مع الاعتذار للدكتور الصديق «محمد معيط»، ماليات البيت المصرى عقدة ولها حلال.. بينه وبين السماء عمار، وشعاره «هو حد بيبات من غير عشاء» وفلسفته «من يرزق النملة فى بطن الحجر قادر يرزقنا بالحلال»، لا قناعاته تهتز، ولا يأبه بسعر الفايدة، ويعتقد أن «العايط فى الفايت نقصان عقل»، وعقله يوزن بلد، والبلد يتغير للأفضل، والكل يدفع ضريبة سنوات مضت، وراضى بنصيبه من الغرم، فقط سترة البنات وفرصة عمل للأولاد، رزقه يوم بيوم، ودعاؤه كل شروق، يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم، يا حنان يا منان، ارزقها بالحلال.
