على حد قول زملائه، يُعتبر لاعباً مثالياً في كرة القدم. فهو - بفضل ذكائه وأناقته ونظرته الثاقبة - يُعتبر من الدعائم الأساسية في نادي برشلونة والمنتخب على حد سواء، بل وإنه أصبح أسطورة من أساطير لا روخا بعدما سجل أهم هدف في تاريخ بلاده عندما هز شباك هولندا بقذيفة صاروخية في ملعب سوكر سيتي مانحاً أبناء شبه الجزيرة الأيبيرية لقبهم العالمي الأول بعد طول انتظار. بعد عشر سنوات على ظهوره في كأس العالم تحت 20 سنة الإمارات العربية المتحدة ، ما زال ابن فوينتالبيا يحافظ على الطموح نفسه الذي أدى به لتقاسم منصة التتويج بالكرة الذهبية مع ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو. إنه الإسباني أندريس إنييستا الذى تحدث للموقع الرسمى للاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا" حول طموحاته ونجومه المفضلين في مرحلة طفولته، إضافة إلى التحديات التي يُقبل عليها مع فريقه برشلونة ومنتخب بلاده كذلك.. وفيما يلي نص الحوار كما ورد على "فيفا": "فيفا": أندريس، أصبحت معتاداً على حضور حفل الكرة الذهبية خلال السنوات الأخيرة. ما هي المشاعر التي تنتابك عندما تحضر هذا النوع من الأحداث؟ إنييستا: مشاعر جميلة. إني آخذ الأمر بكل هدوء. أشعر بالفرح عندما أجد نفسي بين الذين وقع عليهم الإختيار للتنافس على هذه الجوائز، أو عندما أكون ضمن التشكيلة المثالية. من الجميل جداً أن يُقدر الناس ما تفعله. إنه إحساس خاص، بكل تأكيد. "فيفا": العديد من المراقبين يعتبرون أن "ميسي يسجل الأهداف، ولكن إنييستا هو من يحرك فريق برشلونة." ما رأيك في هذا الطرح؟ إنييستا: أعتقد أن السر وراء أي فريق كبير يكمن في تضافر الإمكانات الكاملة لكل عضو من أعضائه. برشلونة يكون أفضل بوجود ليو، وليو يكون أفضل في برشلونة. كرة القدم ليست لعبة فردية، إنها لعبة جماعية حيث التضافر والتكامل بين جميع العناصر هو ما يجعل الفرديات تطفو على السطح بشكل واضح. أنا ألعب بشكل أفضل عندما يكون ليو بجانبي، وليو يكون في أفضل حال عندما يلعب معنا، وهذا هو الشيء الأهم: أن نشعر جميعاً بأننا مسئولون عن سير الأمور بشكل جيد. "فيفا": في أحد تصريحاته، قال ميسي إنه كان من العدل أن يحرز أندريس إنييستا الكرة الذهبية هذه المرة؟ إنييستا: حسناً ... (يضحك) إنها مجاملة من ليو، وهو رفيقي وأنا ألعب معه منذ وقت طويل. هذا لطف منه. قد أشاركه المنصة في وقت من الأوقات ولكني لا أعتبره منافساً أبداً. إنه زميلي. أنا سعيد لفوز ميسي بالكرة الذهبية للمرة الرابعة. "فيفا": باستعراض حصيلة عام 2012، الذي أحرزت فيه جائزة أفضل لاعب في أوروبا، ما هي بالنسبة لك الذكرى التي لا تنسى من بين ذكريات السنة المنصرمة؟ إنييستا: ربما كأس أوروبا. لعبت دوراً هاماً في الفريق الوطني خلال البطولة، لأنه لا يوجد منتخب آخر حقق نفس القدر من النجاحات التي بلغناها. أنا أقولها دائماً: ما يبقى عالقاً في ذهني دائماً هو الشعور الجيد الذي يراودني عندما نلعب جيداً، والفرحة التي تنتابني، والإحساس بأني أتحسن يوماً بعد يوم. هذه هي القيمة الأفضل التي أكتسبها عاما بعد عام. "فيفا": في مقابلة أجريت معك مؤخراً، قلت إن مستواك فوق أرضية الميدان إنما هو انعكاس لما تعيشه خارج الملعب. ما الذي يحدث في حياة أندريس إنييستا الشخصية حتى يمكنه أن يظهر بكل هذا المستوى العالي؟ إنييستا: السر هو الإستقرار الذي تجده خارج الملعب: مع زوجتك، ابنتك، عائلتك، والناس من حولك. ولكن الأمور تختلف من شخص لآخر... إذ هناك بعض اللاعبين الذين ربما لا يمرون بفترة جيدة في حياتهم الشخصية لكنهم يجدون ضالتهم في الملعب، حيث تمثل لهم أرضية الميدان فرصة لتفجير كل ما يخالجهم في الداخل. بالنسبة لي، هناك ارتباط وثيق بين ما يحدث خارج الملعب والمردود فوق أرضية الميدان. "فيفا": في عام 2012، فاز برشلونة بلقب وحيد، وهو أمر نادر في الآونة الأخيرة. هل ترك ذلك في أنفسكم إحساساً بالإخفاق؟ إنييستا: لا يمكن التقليل من أهمية ما حققناه، فقد أحرزنا كأس الملك في نهاية المطاف. كما كنا على مشارف الفوز بالدوري الأسباني ودوري أبطال أوروبا. في الرياضة عموماً، وفي نادي برشلونة تحديداً، نجد أنفسنا دائماً مطالبين بالتنافس على جميع الواجهات والسعي وراء كل الألقاب. هذا ما فعلناه، ولكن في السنوات الأخرى وُفقنا في الخطوة الأخيرة. في عام 2012 كنا على مرمى حجر، ولكننا لم نُوفق في النهاية. هذا العام نحن متحفزون للعودة إلى التنافس من أجل كل الألقاب الممكنة. "فيفا": 2012 كانت سنة بمشاعر خاصة خارج الملعب أيضاً: رحيل بيب، توقف إيريك أبيدال عن المنافسة، مرض تيتو فيلانوفا. ما وقع ذلك على فريق موحد بهذا الشكل منذ سنوات طويلة؟ إنييستا: رحيل جوارديولا حدث عادي: حيث جاء القرار بعدما توصل إلى اتفاق مع النادي، وبالتالي فإنه أمر طبيعي يحدث في كافة الأندية. أما الحدثان الآخران، فقد كانا من الصعب جداً التعامل معهما. من الصعب جداً على المرء أن يتعايش مع وضع كهذا، وخاصة بالنسبة لهما وأفراد عائلتيهما. ومن جهتنا، فإن الشيء الوحيد الذي حاولنا القيام به هو أن نكون إلى جانبهما، وأن نستمد القوة اللازمة لتقديم الدعم لهما حتى يعودان تدريجياً إلى الفريق بعدما يصبحا في أفضل أحوالهما. إن ما يتميز به الفريق الآن من حيوية ورغبة جامحة في تقديم الأفضل إنما يُعتبر أيضاً نابعاً من تلك الحالات الصعبة التي وجدنا أنفسنا مضطرين للتعايش معها والتغلب عليها. "فيفا": هل يتخيل إنييستا نفسه يوما ما يحمل قميصاً آخر غير قميص برشلونة؟ إنييستا: لقد قلت دائماً إن حلمي وطموحي هو الإعتزال في النادي الذي أتيت إليه عندما كنت أبلغ من العمر 12 عاماً... النادي الذي منحني كل شيء تقريبا. في الوقت الراهن لا يمر بخاطري أي شيء عدا البقاء هنا، حيث إنني الآن في أفضل مكان ممكن. لكن يجب أن لا ننسى أن أدائي هو الذي يحكم. فإذا شعرت يوماً أنه لم يعد بإمكاني تقديم كل ما في وسعي، فإنني لن أتحايل على النادي. هذا أمر بديهي ومنطقي. "فيفا": فلنتحدث قليلاً عن المنتخب. هل ترون في كأس القارات FIFAهذا العام فرصة لإزالة الشوكة العالقة بعد سقوطكم في جنوب أفريقيا 2009؟ إنييستا: نعم، نعم...في كرة القدم هناك دائماً فرصة ثانية أو فرصة للفوز مرة أخرى، أو لاستعادة ما سبق لك أن خسرته. هذا العام لدينا فرصة لإحراز اللقب، وسوف ندخل البطولة بهذه الغاية، ولكننا سنضع في الحسبان أننا سوف نجد أمامنا فرقاً تسعى إلى الفوز هي الأخرى. وعلى رأسها البرازيل - البلد المضيف بطل العالم سابقاً. كما أن البطولة تقام في مكان خاص جداً. سوف يكون ذلك جميلاً! "فيفا": بالحديث عن البرازيل، ما تقييمك لمشواركم حتى الآن في تصفيات كأس العالم بعدما أصبح التنافس على أشده في مجموعتكم بالتعادل مع فرنسا؟ إنييستا: نعم، هذا صحيح. ولكني أقول نفس الشيء دائماً: في الواقع، ليس من السهل الفوز أبداً، بغض النظر عن الخصم. وإذا كان الأمر يتعلق بمنتخب فرنسا، فإن درجة الصعوبة تكون أعلى بكثير. إذا لم تكن في أفضل حالاتك في مباراة معينة، فإن الفريق المنافس ينتزع الفوز أو التعادل على الأقل. هذا ما حدث لنا ضد فرنسا. ولكن مع ذلك، نحن واثقون من قدرتنا على احتلال الصدارة والفوز في مبارياتنا المقبلة، ولم لا العودة بالإنتصار من فرنسا. منتخبنا قادر على ذلك. "فيفا": اليوم بات الجميع يكيل المديح لأندريس إنييستا، باعتباره العقل المدبر في برشلونة ومنتخب أسبانيا، ولكن من كان مثلك الأعلى خلال مرحلة طفولتك؟ من اللاعب الذي كنت تريد محاكاته؟ إنييستا: عندما كنت صغيراً كنت دائماً أتابع باهتمام كبير (بيب) جوارديولا و(مايكل) لاودروب. إنهما اللاعبان اللذان كنت أريد أن أكون مثلهما، كنت أحاول أن أقلدهما. ثم مع مرور الوقت بدأت أرى أن كل شيء يسير على ما يرام. واليوم أصبح الأطفال يُعجبون بما أقوم به. هذا دليل على أن الأشياء تسير في الطريق الصحيح. "فيفا": كما أن هذا يحمل في طياته الكثير من المسؤولية أيضاً، حيث وسائل الإعلام شاخصة عليك وتتابع كل ما تفعله داخل الملعب وخارجه. كيف تتعامل مع هذا الوضع؟ إنييستا: نعم، بالطبع. إنه الوجه الآخر للعملة، أليس كذلك؟ عليك أن تعيش ذلك بحلوه ومره. ولكني أتعامل مع الوضع بشكل طبيعي. هذا جزء من مهنتي. يجب أن لا ننسى أننا لسنا فقط لاعبي كرة قدم، ذلك أن الكثير من الناس ينظرون إلينا باهتمام كبير، بل هناك من يريد أن يقلدنا أو يحاول أن يظهر بمظهرنا. نعم، إنها مسؤولية كبيرة. "فيفا": ختاماً، نود أن نعرف ما هي أمنياتك للعام الجديد؟ إنييستا: دوام الصحة.. وأن أتمكن من التدريب واللعب بشكل جيد، هذا هو الشيء الأكثر أهمية. أما ما دون ذلك، فإن الأقدار هي التي ستحدد ما إذا كانت الأمور ستسير على النحو الأفضل أو الأسوأ. ولكن ما أتمناه هو أن أكون على خير ما يرام حتى يمكنني الإستمتاع بما أقوم به داخل الملعب وخارجه.