يا نبيا سمت بك العلياء, وأضاءت بنورك الظلماء, حيث ما لا بتدا علاك انتهاء كيف ترقي رقيك الأنبياء. الشيخ زكريا أحمد من ابرز الملحنين المصريين وأحد عمالقة الموسيقي العربية, بدا حياته منشدا وأخذ الانشاد وأصول الموسيقي علي يد كبار المشايخ في عصره, وكان أشد كبار الموسيقيين العرب تعصبا لعروبة موسيقاه, وأوضحهم في انتمائه المصري الأصيل, كان والده أحمد صقر من حفظة القرآن وكان من أنصار الحامولي ومن محبي الموشحات مما اثر علي الشيخ زكريا. أرسله والده إلي كتاب الشيخ نكلة قرب منزله, لكنه كان شقيا وطرد من الكتاب حين عض الشيخ منصور الذي كان يضربه, فانتقل إلي الأزهر حيث أمضي سبع سنوات لم يبدل في أثنائها شيئا من طباعة, وفي سن الثالثة عشرة طرد من الأزهر لأنه ضرب الشخ, فأخذ يميل إلي حضور الموالد والأذكار في السرادقات لسماع كبار الشيوخ والمقرئين والمطربين وكان يشتري كتب الغناء ويغلفها بغلافات الكتب الجادة. أدخله والده بعد الأزهر مدرسة ماهر باشا في حي القلعة, فطرد في أول يوم لأنه لم يكف عن الغناء, فأخذت حياة الشيخ زكريا في مراهقته تتحول إلي التشرد, فخلع الجبة والقفطان, واختصم خصاما شديدا مع والده إلي أن طلب من الشيخ درويش الحريري في تعليمه وتخفيظه القرآن الكريم, وظل في صحبة الشيخ درويش عشر سنوات, فحثه علي الغناء في بطانه الشيخ علي محمود خادم السيرة النبوية, لكنه لم يلزمها غير أشهر وعاد إلي فرقته الحريري الذي أجازه في حضور الحفلات وإحياء المآتم والأذكار والاعتماد علي النفس فيما بعد التحق بفرقة الشيخ إسماعيل سكر للقراءة والإنشاد, فعظم صيته في القاهرة والأقاليم حتي استدعاه السلطان محمد رشاد إلي الأستانة لإحياء إحدي الحفلات العظيمة. وبدأ زكريا يطوف في الأرياف يسمع الناس ويستمع إليهم, وقد أخذ مع الوقت يعرض عن الغناء الديني ويقبل علي الطرب والموسيقي فقد ذاع صيته كمنشد عام1914, لكن الشيخ درويش الحريري يأس منه في تحفيظه القرآن, فحفظه آيات معلومة تناسب احتفالات بعينها. لم يدخل الشيخ زكريا المسرح الغنائي قبل موت سيد درويش إلي مرة فقط, كان ذاك عام1916, حين اجتمع طلاب يهوون التمثيل منهم حسين رياض وحسن فايق, فشكلوا فرقة ودعوا زكريا إلي تلحين رواتيهم فقراء نيويورك, فلحنها مجانا ثم انقطع عن هذا الصنف من التلحين حتي عاد اليه سنة1924. وقال الباحث شريف علي أن الشيخ زكريا قدم الحانا لما يقرب من55 مسرحية غنائية, وتراوح عدد ألحانه في كل منها, من ثمانية ألحان إلي اثني عشر لحان, إلا دولة الحظ فكان له فيها سبعة ألحان وبلغ عدد أغنياته المسرحية خمسمائة وثمانين لحنا حتي حظي كثير منها بشهرة واسعة. ويعد البعض مسرحيات الشيخ زكريا انها امتدادا لتراث سيد درويش, فتضمنت مسرحياته نقدا عنيفا, للأوضاع الإجتماعية واستخدام أسلوب تمثيل الممالك الخيالية لنقد السلطة, أما ظهور السينما في المسرح الغنائي, فكان له أثر حاسم ولم يكن زكريا استثناء في انتقاله من العمل المسرحي الغنائي إلي العمل للسينما الغنائية, وقد اشترك في تلحين أغنيات سبعة وثلاثين فيلما, تضمنت إحدي وتسعين أغنية من ألحانه, لكن رغم دخوله للسينما إلا ان حبه للإنشاد يتجلي في مشهد من فيلم ليلي بنت الفقراء, وهو مشهد مولد السيدة زينب, حيث أنشد الشيخ زكريا وهو معمم, وحوله بطانته توشيح يا نبيا سمت العلياء وكان توليفه ما بين التوشيح والغناء مع ليلي مراد. وطور زكريا احمد في الغناء العربي الطقطوقة والدور, وثمة قول شائع أن أو طقطوقة طورها زكريا هي جمالك ربنا يزيده غير أن ثمة إجماعا علي أن طقطوقة إللي حبك يا هناه هي أول ما غنت أم كلثوم من ألحان زكريا, التي لحن لها تسعة أدوار وللكثير من أغاني أفلامها مثل الورد جميل, غني لي شوري شوي, ساجعات الطيور, قولي لطيفك كما الحن لها في الأربعينيات عددا من الأغاني الكلاسيكية الطويلة التي صارت علامات فارقة في تاريخها مثل الأهات, أنا في انتظارك, الأمل, حبيبي يسعد أوقاته, أهل الهوي حلم. واختلف معها عام1947 م, وحتي عام1960 م حيث لحن لها أخر روائعه هو صحيح الهوي غلاب, وتوفي في14 فبراير1961 م.