رأي المصري القديم في الزواج سببا من أسباب سعادته واستقرار حياته, وقد حث الحكماء المصريون علي حسن المعاشرة والمودة والتوافق بين الزوجين, ولكن في بعض الحالات التي يتعذر فيها تحقيق التآلف بين الزوجين بحيث تستحيل الحياة معا تحت سقف واحد عندئذ كان الطلاق هو الذي يضع نهاية لهذه العلاقة. كان الطلاق في مصر القديمة هو حل رباط الزوجية بحيث يبتعد كل من الزوجين عن الآخر حرا في ممارسة حياته كما يمكنه الزواج مرة أخري إذا شاء, وكان الطلاق يقع بلفظ محدد وصريح استخدامه المصري القديم طوال العصر الفرعوني وترجمته هجر الزوجة. كان الطلاق يقع عادة بإرادة الزوج المنفردة إذ كان هو صاحب الحق في حل رابطة الزواج, وأحيانا كان الزوج يعطي زوجته حق تطليق نفسها وذلك بأن تحرر وثيقة بعد عقد الزواج يثبت فيها أنها قد تزوجت وأنها لها الحق في أن تهجر زوجها أي تطلق منه, وفي هذه الحالة لا تعوض زوجها كما يعوضها هو إذا طلقها ولكن عليها أن ترد له نصف قيمة المهر الذي تسلمته حالا وتتنازل عن حقها في عائد أملاك زوجها كما وصلنا هذا في حالتين من العصر المتأخر. وهكذا لم يهمل المصري القديم شعور المرأة التي لا تطيق الحياة مع زوج يؤذيها ويعاملها معاملة لا تليق بها فأعطاها حق إنهاء الحياة الزوجية مما يدلل علي مدي ما وصلت إليه المرأة المصرية القديمة من مركز ومنزلة عالية في المجتمعات القديمة, ولم يكتف الزوج في مصر القديمة بتطليق زوجته شفاهة بقوله لقد هجرتك بصفتك زوجة بل كان يسلمها وثيقة طلاق مكتوبة تؤكد حريتها وانتهاء العلاقة الزوجية بينهما وتمكنها من الزواج بآخر إذا أرادت. نعرف من النصوص منذ الدولة الوسطي أن الطلاق كان معترفا به من المجتمع ولكن أقدم وثائق الطلاق التي وصلتنا إنما ترجع لعصر الملك أحمس الثاني( الأسرة26)( وهي مع ذلك قليلة العدد لا تعدو العشر وثائق). كان يوقع الشهود علي وثيقة الطلاق كما توقع وثيقة الزواج غير أنهم كانوا في وثيقة الطلاق أربعة شهود بينما في عقد الزواج كانوا ستة عشر شاهدا, وكانت الزوجة تستحق تعويضا من المال عند طلاقها علاوة علي المهر بدأ التعويض في العصر الفرعوني بضعف قيمة المهر وبلغ في العصر البطلمي خمسة أضعاف ويصل إلي عشرة أضعاف في الحد الأقصي, وهذا التعويض الكبير إنما كان أسلوبا لجعل الطلاق صعبا. تتضمن عقود الزواج تعهد الزوج بدفع قيمة مالية محددة لزوجته عند الطلاق وإقراره بأن أبناءه منها هم أصحاب جميع أمواله الحالية والمستقبلية, وعثر علي بردية عليها عقد زواج بين الكاهن باجوش وزوجته تتي م حتب وفي هذا العقد يتعهد الزوج بدفع تعويض كبير في غضون ثلاثين يوما في حالة الطلاق, يؤرخ العقد بالعام172 ق.م, وهذه البردية محفوظة حاليا في المتحف البريطاني في لندن. جاء في إحدي وثائق الطلاق: قال( فلان) للمرأة( فلانة) لقد هجرتك بصفتك زوجة, لقد طلقتك وليست لي عليك أي حقوق كزوج لك ولن أقف عقبة أمامك فلك أن تتزوجي ممن تريدين, ولن يكون لي الحق أن أقول إنك زوجتي, ومنذ الآن لن أتخذ أي إجراء ضدك. بعد الطلاق تترك الزوجة منزل الزوجية إذا كان ملك زوجها وترجع إلي بيت أهلها أما إذا كانت في منزل تملكه فتبقي فيه ويترك الزوج هذا المنزل.