إن الناظر فى أحوال الناس اليوم يجد انتشار ظاهرة الرشوة لدى شرائح واسعة من المجتمع حتى أصبح من المستغرب لدى البعض أن يقضى البعض مصلحته دون دفع مقابل لقضاء تلك المصلحة، والرشوة كما عرفها ابن حزم رحمه الله فى المحلى هى ما أعطاه المرء ليحكم له بباطل، أو ليولى ولاية، أو ليظلم له إنسانا وهى فى الإسلام محرمة بأى صورة كانت، وبأى اسم سُميت، سواء سميت هدية أو مكافأة أو إكرامية، أو الحلاوة أو الشاى أوالاصطباحة وسواء كانت قليلة أو كثيرة، فالأسماء لا تغير من الحقائق شيئاً، والعبرة للحقائق والمعانى لا للألفاظ والمبانى فتفنن الناس فى تسمية الرشوة بغير اسمها لا يخرجها عن حكمها فهى من كبائر الذنوب ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعلها فعن ثوبان-رضى الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الراشى والمرتشى والرائش» رواه الإمام أحمد، والرائش أى الوسيط بينهما وهو وعيد شديد لآكل الرشوة ودافعها والساعى بينهما وكل من شارك فى إتمام عملية الرشوة من قريب أو من بعيد فهم متعرضون جميعا لسخط الله تعالى وغضبه والطرد من رحمته. وقد أدى شيوع التعامل بالرشوة إلى مبادرة البعض بتقديمها دون أن يتبين أتقضى حاجته بدونها أم لا اعتمادا على جواز دفعها للوصول إلى الحق ويكون التحريم على الآخذ لها لا المعطى لكن ربما قدر على الوصول إلى حقه بدونها أو أن هناك وسيلة أخرى بدونها فالرشوة من أجل دفع الضرر ورد الحق الضائع جائزة لكن بشرط تيقن دافعها من استحالة نيل حقوقه إلا بها. والبعض تكون الغاية عنده من المبادرة بالدفع قضاء مصلحته دون تأخير لكن قضاء الحاجة دون تأخير مضر لا يجوز معه الإعانة على الحرام لقوله تعالى «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» سورة المائدة آية 2، وقد تكون الغاية لدى البعض من المبادرة بالدفع كسب المودة أواتقاء الشر لكن أنت بذلك تجعل هذا المسئول عن العمل يألف هذا الأمر وتصير لديه عادة فكل شخص لم يقم بتقديم مثل ما قدمت كأنه أجرم فى حقه وتجب معاقبته عن ذلك بتعطيل مصالحه والضحية فى النهاية الفقير الذى لا يستطيع الدفع فلا يجب التهاون فى دفع الرشوة لأنها شكل من أشكال الفساد والله لا يحب الفساد.