أستاذ اقتصاد يُوضح أسباب انخفاض الدولار وارتفاع الذهب (فيديو)    توريد 85 ألف طن من محصول القمح إلى شون وصوامع سوهاج    ميدو بعد التتويج بالكونفدرالية: جمهور الزمالك بنزين النادي    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم بأسوان    ويزو: فيلم «اللعب مع العيال» حقق حلمي بالتعاون مع شريف عرفة    خبير تكنولوجى عن نسخة GPT4o: برامج الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى إغلاق هوليود    الديوان الملكى السعودى: الفريق الطبى قرر خضوع الملك سلمان لبرنامج علاجى    «الفن المصري الحديث».. «درة» متاحف الشرق الأوسط ويضم قطعا نادرة    بينها «الجوزاء» و«الميزان».. 5 أبراج محظوظة يوم الإثنين 19 مايو 2024    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    طقس سيئ وارتفاع في درجات الحرارة.. بماذا دعا الرسول في الجو الحار؟    مع ارتفاع درجات الحرارة.. نصائح للنوم في الطقس الحار بدون استعمال التكييف    الصحة: طبيب الأسرة هو الركيزة الأساسية في نظام الرعاية الأولية    الكشف على 1528 حالة في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    قصواء الخلالي: نفي إسرائيل علاقتها بحادث الرئيس الإيراني يثير علامات استفهام    الاتحاد الفلسطيني للكرة: إسرائيل تمارس رياضة بأراضينا ونطالب بمعاقبة أنديتها    وزير الأوقاف: الخطاب الديني ليس بعيدًا عن قضايا المجتمع .. وخطب الجمعة تناولت التنمر وحقوق العمال    جدل واسع حول التقارير الإعلامية لتقييم اللياقة العقلية ل«بايدن وترامب»    تحركات جديدة في ملف الإيجار القديم.. هل ينتهي القانون المثير للجدل؟    محافظ الوادي الجديد يبحث إنشاء أكاديميات رياضية للموهوبين بحضور لاعبي المنتخب السابقين    الجمعة القادم.. انطلاق الحدث الرياضي Fly over Madinaty للقفز بالمظلات    متحور كورونا الجديد.. مستشار الرئيس يؤكد: لا مبرر للقلق    داعية: القرآن أوضح الكثير من المعاملات ومنها في العلاقات الإنسانية وعمار المنازل    دعوة خبراء أجانب للمشاركة في أعمال المؤتمر العام السادس ل«الصحفيين»    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    «النواب» يوافق على مشاركة القطاع الخاص فى تشغيل المنشآت الصحية العامة    اقرأ غدًا في «البوابة».. المأساة مستمرة.. نزوح 800 ألف فلسطينى من رفح    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    ختام ملتقى الأقصر الدولي في دورته السابعة بمشاركة 20 فنانًا    هل يستطيع أبو تريكة العودة لمصر بعد قرار النقض؟ عدلي حسين يجيب    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    «نيويورك تايمز»: هجوم روسيا في منطقة خاركوف وضع أوكرانيا في موقف صعب    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    رئيس الإسماعيلي ل في الجول: أنهينا أزمة النبريص.. ومشاركته أمام بيراميدز بيد إيهاب جلال    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" في زيارة إلى مدينة العلمين الجديدة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    سعر السكر اليوم.. الكيلو ب12.60 جنيه في «التموين»    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    عرض تجربة مصر في التطوير.. وزير التعليم يتوجه إلى لندن للمشاركة في المنتدى العالمي للتعليم 2024 -تفاصيل    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوريا.. تعود إلي أحضان العرب
نشر في الأهرام المسائي يوم 06 - 01 - 2019

في16 ديسمبر الماضي, أجري الرئيس السوداني عمر البشير زيارة مفاجئة إلي دمشق, حيث التقي نظيره السوري بشار الأسد, ليكون بذلك أول رئيس عربي يزور سوريا منذ اندلاع النزاع في العام.2011
بعد ذلك أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن إعادة فتح سفارتها في دمشق, ثم ما لبثت دولة البحرين أن تحركت في الاتجاه ذاته, في مؤشر علي مبادرات مماثلة وشيكة من دول أخري في المنطقة; تمهيدا لتدشين عودة سوريا رسميا إلي العرب بعد ثماني سنوات من الدمار والخراب, خلا معها مقعد دمشق في الجامعة العربية.. ثماني سنوات من المواجهات المسلحة كانت كفيلة علي ما يبدو للوصول إلي إجابات لعلامات الاستفهام التي تزايدت بشأن مستقبل المنطقة علي خلفية أحداث ما سمي الربيع العربي, الذي انتهي إلي خريف مزعج لم تتكشف كل أبعاده بعد.
خطوات تمهد الطريق إلي الساحة الدبلوماسية
تشكل إعادة افتتاح دولة الإمارات لسفارتها في دمشق المؤشر الأوضح حتي الآن علي الجهود المبذولة لإعادة سوريا تدريجيا إلي الساحة الدبلوماسية, ومن المتوقع أن تتكثف خلال الأسابيع المقبلة وتيرة هذه الجهود, التي تضطلع روسيا بدور محوري فيها منذ أشهر عدة, حسب محللين.
في29 سبتمبر الماضي, وثقت عدسات وسائل الإعلام مصافحة حارة بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونظيره البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة علي هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك, وكان هذا اللقاء العابر بين الرجلين الأول بين مسئول سوري وآخر خليجي قطعت دولته علاقاتها بالكامل مع دمشق.
وفي22 ديسمبر الماضي, زار رئيس مكتب الأمن الوطني في سوريا علي المملوك القاهرة, حيث أجري مباحثات, في زيارة نادرة لمسئول سوري أمني بارز لمصر منذ اندلاع النزاع.
وفي27 ديسمبر, أعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق, في خطوة هي الأولي من قبل دولة خليجية, خلال حفل رسمي حضره دبلوماسيون سوريون وعرب موجودون أساسا في دمشق أبرزهم السفير العراقي.
وكانت دول مجلس التعاون الخليجي, وبينها الإمارات, طلبت من سفرائها مغادرة سوريا في فبراير2012 علي خلفية قمع الاحتجاجات ضد النظام في سوريا وقدمت دعما للمعارضة السياسية والمقاتلة.
في اليوم ذاته, أعلنت البحرين استمرار العمل في سفارتها في دمشق, وأكدت وزارة الخارجية حرص مملكة البحرين علي استمرار العلاقات مع الجمهورية العربية السورية, كما تم تسيير أول رحلة سياحية من سوريا إلي تونس عبر طائرة تابعة لشركة أجنحة الشام الخاصة, أقلت نحو160 شخصا, بعد انقطاع لنحو ثماني سنوات.
الإجراءات المتوقعة
تتجه الأنظار حاليا إلي موقف المملكة العربية السعودية, الأكثر نفوذا في دول الخليج, ويتوقع أن تبادر بدورها إلي إعادة فتح سفارتها خلال الفترة المقبلة.
بعد إعادة افتتاح معبر نصيب الإستراتيجي بين الأردن وسوريا في أكتوبر الماضي, زار وفد برلماني أردني دمشق, وكشفت صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من دمشق عن اتصالات جارية لرفع التمثيل الدبلوماسي الأردني في دمشق خلال الفترة المقبلة, وتحدثت عن أجواء إيجابية بشأن تعيين سفير لديها.
ويستضيف لبنان في19 و20 من الشهر الجاري القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية, ومن المتوقع أن تشكل استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية محور بحث ونقاش خلال هذه القمة.
كما تستضيف تونس نهاية مارس المقبل دورة جديدة للقمة العربية التي علقت عضوية سوريا فيها منذ نوفمبر2011, أي بعد أشهر من انطلاق الاحتجاجات ضد النظام السوري, كما فرضت عليها عقوبات سياسية واقتصادية.
وتسبب النزاع السوري منذ مارس2011 في مقتل أكثر من360 ألف شخص بدمار هائل في البني التحتية, ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
الأسد يعزز انتصاراته علي الأرض
بعد نحو ثماني سنوات من نزاع مدمر, تقترب دمشق اليوم أكثر من أي وقت مضي من إحكام قبضتها علي الصعيد الميداني مع بدء تعاونها مع الأكراد شمالا, ومن كسر جليد عزلتها مع عودة السفارات العربية إليها تباعا.
في عام2011, وبعد قمع الاحتجاجات الشعبية قبل تحولها إلي نزاع مدمر متعدد الأطراف, سارع المجتمع الدولي وغالبية الدول الخليجية إلي مقاطعة الرئيس بشار الأسد ودعم معارضيه, ووصل الأمر إلي حد قول الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إن أيام الأسد باتت معدودة, لكن قوات الأسد, وبفضل دعم حلفائه لا سيما روسيا منذ2015, تمكنت من استعادة السيطرة علي نحو ثلثي مساحة البلاد.
وشكلت دعوة الأكراد دمشق إلي نشر قواتها في منطقة منبج شمالا لمواجهة التهديدات التركية بعد قرار واشنطن المفاجئ سحب قواتها من سوريا, مؤشرا علي تعاون مقبل بين الطرفين, ويرجح محللون أن ينسحب لاحقا علي كل مناطق الأكراد وحلفائهم التي تقدر مساحتها بنحو ثلث مساحة سوريا.
واستأنفت كل من الإمارات والبحرين العمل في سفارتيهما لدي دمشق المغلقتين منذ2012, في خطوة يتوقع أن تقدم عليها دول أخري تباعا.
ويقول الباحث في الشئون الكردية موتلو جيفير أوجلو لوكالة فرانس برس: إن الأسد يعمل علي تعزيز سلطته يوما بعد يوم علي المستويين الدبلوماسي والعسكري.
ومع دعوتها من الأكراد, المكون الرئيسي لقوات سوريا الديموقراطية المدعومة أمريكيا, إلي منبج, تقترب دمشق من توسيع نفوذها ميدانيا, وهي التي طالما كررت عزمها علي استعادة كل الأراضي الخارجة عن سيطرتها بالقوة أو عبر التفاوض. ولا يستبعد جيفير أن تشكل تطورات منبج مقدمة لتعاون بين دمشق والأكراد الذين بدأوا قبل أشهر التفاوض معها حول مستقبل مناطقهم, ويوضح: عوضا عن قتال الأكراد, تلقت الحكومة دعوة من الأكراد أنفسهم للدخول إلي هذه المناطق, لا يمكن أن يكون هناك ما هو أفضل من ذلك للأسد.
وتشكل تركيا الهاجس الأكبر للمقاتلين الأكراد الذين يخشون بعد انسحاب القوات الأمريكية من تكرار سيناريو منطقة عفرين, التي سيطرت القوات التركية مع فصائل سورية موالية لها عليها في مارس إثر هجوم عنيف.
عقبتان أمام دمشق
إلي جانب مناطق الأكراد, تبقي أمام دمشق عقبتان, الأولي محافظة إدلب, آخر معقل للفصائل المقاتلة والجهادية, وتسري فيها تهدئة بموجب اتفاق روسي تركي.
ويشكل تنظيم داعش الإرهابي التحدي الثاني مع انتشاره في البادية السورية الممتدة من الحدود العراقية حتي وسط البلاد, وتصديه لهجمات تخوضها قوات سوريا الديمقراطية ضده في آخر جيب له في شرق البلاد.
وبرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره بسحب قواته من سوريا بأنها حققت هدفها لناحية إلحاق الهزيمة بالتنظيم, وهو ما تم التشكيك فيه حتي داخل فريقه, ولم تتضح بعد آلية وكيفية تطبيق قرار ترامب الذي يدفع أطرافا داخل سوريا وخارجها إلي إعادة حساباتها.
ويقول الباحث في مركز الأمن الأمريكي الجديد نيكولاس هيراس لفرانس برس: إن هذا القرار أرسل إشارة إلي الدول العربية بأن عليها أن تتعامل مع الأسد وفق معاييرها الخاصة. ويقول دبلوماسي عربي في بيروت, رفض كشف هويته, لفرانس برس نشهد اليوم انفتاحا عربيا علي دمشق أكبر من أي وقت مضي.
دور أكبر للعراق بعد سحب القوات الأمريكية
كشف رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي النقاب عن أن مسئولين أمنيين رفيعي المستوي من بغداد التقوا الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق ملمحا إلي دور عراقي كبير في محاربة تنظيم داعش الإرهابي مع استعداد القوات الأمريكية للانسحاب من سوريا.
وقال عبد المهدي للصحفيين في إشارة إلي الإعلان المفاجئ لترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا إن هذا الأمر فيه الكثير من التعقيدات. وأضاف أنه إذا حدثت أي تطورات سلبية في سوريا فإن ذلك سيؤثر علينا مشيرا إلي أن هناك حدودا بين الدولتين تمتد بطول006 كيلومتر. وأضاف أن داعش لا يزال موجودا هناك.
وذكر عبد المهدي أن العراق سعي إلي اتخاذ خطوة أخري أوسع في إطار ترتيباته الحالية مع سوريا والتي شنت بموجبها ضربات جوية علي التنظيم هناك, ولم يذكر رئيس الوزراء تفاصيل في هذا الشأن.
إعادة الإعمار
بعدما قدمت دول خليجية عدة أبرزها السعودية وقطر, دعما كبيرا للمعارضة السياسية منها والمقاتلة بعد اندلاع النزاع, تتطلع غالبيتها اليوم للعودة إلي دمشق, وفق محللين, وربما يكون إعادة الإعمار وبناء ما دمرته المواجهات هو عنوان المرحلة المقبلة.
ويتوقع أن يسعي الأسد إلي إبرام صفقات مع الدول العربية وخصوصا الخليج لبدء عملية إعادة إعمار سوريا التي تعد أولويته في المرحلة المقبلة, وقدرت الأمم المتحدة كلفة الدمار جراء الحرب ب400 مليار دولار.
وسبق لموسكو حليفة دمشق أن دعت المجتمع الدولي للمساهمة في تمويل إعادة الإعمار, وتنقل رويترز عن دبلوماسي عربي مواكب لقنوات الاتصال العربية مع سوريا أن الأمر في انتظار تفاهمات إضافية لكسر عزلة سوريا, حيث تضطلع بغداد من جهتها بوساطة غير معلنة.
ويوضح مسئول عراقي رفيع المستوي لوكالة الصحافة الفرنسية, طلب عدم كشف هويته, أن بلاده تلعب دور الوسيط لتقريب وجهات النظر بين دمشق والدوحة بعد انقطاع العلاقات بينهما.
وتشكل القمة العربية في تونس نهاية مارس محطة رئيسية لإعادة تطبيع العلاقة مع نظام الرئيس بشار الأسد.
ويشير مصدر دبلوماسي لبناني إلي أنه وفقا للاتصالات التي ترد إلي الخارجية اللبنانية, فإن ثمة توجه لإعداد مشروع يعيد تفعيل عضوية سوريا في الجامعة العربية.
دفعة دبلوماسية كبيرة
جاء إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة فتح سفارتها في دمشق ليمثل دفعة دبلوماسية كبيرة للرئيس الأسد من دولة عربية حليفة للولايات المتحدة كانت ذات يوم تقدم الدعم لمعارضيه. وقالت الإمارات إن الخطوة تهدف إلي إعادة العلاقات بين البلدين الشقيقين إلي مسارها الطبيعي... ودرء مخاطر التدخلات الإقليمية في الشأن العربي السوري, في إشارة فيما يبدو إلي إيران التي كان دعمها للأسد حاسما في الحرب.
وقال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية علي تويتر: قرار دولة الإمارات العربية المتحدة بعودة عملها السياسي والدبلوماسي في دمشق يأتي بعد قراءة متأنية للتطورات ووليد قناعة أن المرحلة المقبلة تتطلب الحضور والتواصل العربي مع الملف السوري حرصا علي سوريا وشعبها وسيادتها ووحدة أراضيها.
إعادة النظر في تعليق العضوية
قرقاش قال أيضا: إن قرار عودة سوريا للجامعة العربية يحتاج إلي توافق عربي, بينما نقلت رويترز عن دبلوماسي عربي طلب عدم نشر اسمه أنه يعتقد أن الغالبية تريد إعادة سوريا لمقعدها في الجامعة, مشيرا إلي أنه لا يتوقع معارضة سوي ثلاث أو أربع دول.
وأشار الأمين العام المساعد للجامعة حسام زكي إلي أن الأمر بانتظار توافق عربي حول مسألة إعادة النظر بشأن قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية.
وكانت الجامعة العربية اتخذت في12 نوفمبر2011, أي بعد نحو ثمانية أشهر من بدء الاضطرابات في سوريا, قرارا بتعليق عضوية دمشق مع فرض عقوبات سياسية واقتصادية عليها, مطالبة الجيش السوري بعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين المناهضين للنظام.
وتسبب النزاع منذ اندلاعه في مقتل أكثر من360 ألف شخص وفي دمار هائل في البني التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
علاقات لم تنقطع
وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة, قال في حسابه علي تويتر: إن بلاده لم تقطع علاقاتها مع سوريا رغم الظروف الصعبة في إشارة إلي الحرب الأهلية السورية التي استمرت نحو ثماني سنوات.
وأضاف: سوريا بلد عربي رئيسي في المنطقة, لم ننقطع عنه ولم ينقطع عنا... نقف معه في حماية سيادته وأراضيه من أي انتهاك, كما قالت وزارة الخارجية البحرينية: إنها تؤكد أهمية تعزيز الدور العربي وتفعيله من أجل الحفاظ علي استقلال سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها ومنع مخاطر التدخلات الإقليمية في شئونها الداخلية.
وأشارت إلي أن الرحلات الجوية بين البلدين قائمة دون انقطاع, وبخلاف دول الخليج العربية الأخري أبقت سلطنة عمان علي العلاقات مع دمشق, وعارضت الكويت تسليح المعارضة وقادت حملة لجمع التبرعات لأعمال الإغاثة الإنسانية في سوريا من خلال الأمم المتحدة.
كيف تغير الموقف الأمريكي؟
كشف المبعوث الأمريكي إلي سوريا جيمس جيفري النقاب عن أن بلاده لا تسعي إلي التخلص من الرئيس بشار الأسد لكنها بالمقابل لن تمول إعادة إعمار هذا البلد إذا لم يتغير نظامه جوهريا.
وقال جيفري: إن نظام الأسد يجب أن يوافق علي تسوية إذ إنه لم يحقق انتصارا تاما بعد ثماني سنوات من الحرب في ظل وجود مائة ألف مسلح مناهض لنظامه علي الأراضي السورية. وأضاف خلال مؤتمر في مركز أتلانتيك كاونسل للأبحاث في واشنطن: نريد أن نري نظاما مختلفا جوهريا, وأنا لا أتحدث عن تغيير النظام, نحن لا نحاول التخلص من الأسد.
وإذ لفت المسئول الأمريكي إلي أن كلفة إعادة إعمار سوريا تتراوح بحسب تقديراته بين300 و400 مليار دولار, جدد التحذير الغربي المعتاد لدمشق ومفاده أن الدول الغربية لن تساهم في تمويل إعادة الإعمار إذا لم يتم التوصل إلي حل سياسي يقبله الجميع ويترافق مع تغيير في سلوك النظام.
وأكد جيفري أن الدول الغربية مصممة علي عدم دفع أي أموال لهذه الكارثة طالما ليس لدينا شعور بأن الحكومة مستعدة لتسوية, لتجنب فتح الباب أمام أهوال جديدة في السنوات المقبلة.
وفي السنوات الأولي للحرب في سوريا دأبت إدارة الرئيس الديموقراطي السابق باراك أوباما علي مطالبة الرئيس السوري بشار الأسد بالرحيل عن السلطة, لكن مع مرور الوقت واشتداد الحرب تغير هذا الموقف بعض الشيء, أقله في الشكل, إذ بدا أن واشنطن وضعت هذه الأولوية جانبا.
ولكن التغير في الموقف الأمريكي بدا جليا مع تولي الرئيس الجمهوري دونالد ترامب السلطة في مطلع2017 إذ لم يعد رحيل الرئيس السوري أولوية لواشنطن التي باتت تقول إن مصير الأسد يجب أن يقرره الشعب السوري.
غير أن واشنطن لم تخف يوما, ولا سيما في الأشهر الأخيرة, أنها تفضل رحيل الرئيس السوري, ملمحة إلي أن تنظيم انتخابات رئاسية حرة حقا, يشارك فيها كل ناخبي الشتات السوري, ستكون نتيجتها حتما رحيل الأسد إذا ما جرت في نهاية عملية سلام ترعاها الأمم المتحدة, ولإدارة ترامب مطلب رئيسي آخر في سوريا هو رحيل الإيرانيين الذين يدعمون الرئيس الأسد
خطأ فادح
دعا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف جامعة الدول العربية إلي إعادة العضوية لسوريا, مشيرا إلي أن سحب مقعدها من الجامعة يعتبر خطأ فادحا, وقال الوزير الروسي: إن جامعة الدول العربية يمكن أن تلعب دورا مهما جدا في دعم جهود التسوية السورية, مضيفا: أعتقد أن سحب تلك المنظمة لعضوية سوريا كان خطأ كبيرا, ويبدو أن العالم العربي بات يعي الآن أهمية إعادة سوريا إلي أسرة الدول العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.