سار مخطط ضرب هيبة رموز الدولة وقياداتها, جنبا إلي جنب مع إفقاد المواطن الثقة في مؤسساته, وما تعلنه من بيانات وأرقام. بات المجتمع لا يثق إلا في معلومات الفيس بوك , وصارت الدولة, خاصة في العامين الأخيرين, في حالة صراع دائم علي مدي24 ساعة لمحاربة هذا الكم من الدعاية المضادة, والتزييف, والتدليس علي وعي قطاع كبير من المواطنين البسطاء, وقطاع من المتعلمين, وقطاع من خريجي كليات ما يطلق عليها كليات القمة, صار الجميع عبدة لما يتم بثه علي مواقع التواصل الإجتماعي, وصارت أسماء بعينها يكون ما تقوله أكثر مصداقية من البيانات الرسمية للدولة, صاروا عبدة لعباقرة الفيس بوك, ونشطاء السبوبة. تلك التي ثبت مؤخرا عبر الكشف عن شبكة الجاسوسية أنها تدار وتوظف للنيل من الدولة المصرية وإفشالها. راجعوا معي.. بدأ الأمر بالتوك شو الرياضي, الذي حول المصريين الذين لم تكن السياسة من نطاق اهتماماتهم قبل25 يناير إلي80 مليون خبير رياضي, ومحلل, وواضع للخطط, ووصلنا إلي التوك شو السياسي, الذي حول المصريين بدون وعي لكي يكونوا اليوم100 مليون خبير سياسي, واستراتيجي, وأمني, واقتصادي, واجتماعي. ولم لا, وهم يشاهدون علي مدي6 أعوام ضيوفا دائمين علي برامج التوك شو, قد لا يكونون متخصصين في مجالهم, يتحدثون ويفتون في كل شيء, وأي شيء, المهم أن يكون ما تتحدث عنه ينتج فرقعة إعلامية, يتم توظيفها عبر خطة محكمة لمصلحة إخفاء الحقائق, والقبول بفكرة أن للجميع الحق في أن يتحدثوا في كل أمر, ويحللوه, ويبدو رأيهم فيه. أصبح لدينا مجتمع من الفتائين, ينتقلون بأطروحاتهم من العالم الافتراضي إلي برامج التوك شو, ويستغلون ما ينشرونه بدون علم أو معلومات حقيقية نشطاء السبوبة, ويعيدون تدوير ما ينتجونه, لكي يخدعوا المزيد من قطاعات المجتمع, ويوقعوهم في شرك أكبر حرب نفسية, وأكبر عملية تنميط عقلي تدار علي الدولة المصرية, لينطلق القطاع المغرر به ليتحدث ويفتي هو الآخر, بعد أن تكون أفكاره قد سممت, ولم يعد يقبل غير بالاستماع لمن هم علي رأيه فقط دون غيرهم, ويكون علي استعداد في هذا الإطار لتكذيب أي بيانات رسمية, والسخرية, والاستهانة بقادة دولته. تابعوا معي عملية التنميط العقلي عبر الفيس بوك, والتي أنتجت لنا قطاعا, هذه هي أبرز سماته: 1 السخرية الدائمة من البلد وقادته, واختفاء القدرة علي تمييز الحقيقة المجردة لكي يحكموا علي الصواب صوابا, والخطأ خطأ. 2 الخبرة, والفتي, والهري في أي أمر, فهو خبير اقتصادي, وخبير أمني, وخبير سياسي, وخبير في كل أمر, فالمهم ألا تدع حدثا يمر دون أن تنقد بلدك, لأنك أنت الوحيد الفاهم والواعي, والمطلع علي كل الأسرار. 3 مصر ليست في حساباتهم, فالأهم أن يكون هو علي صواب, حتي لو علي حساب نشر أفكار, أو أرقام, أو معلومات قد تمثل ضررا أكثر ما تعود بالفائدة علي المصلحة الوطنية والقومية للبلاد. 4 مخالفة التعاليم السماوية التي تدعو إلي إعلاء قيم التفاؤل والأمل في النفوس, فالأفضل بالنسبة لهم قتل الأمل بداخلهم, وداخل متابعيهم. فالإحباط واليأس بالنسبة لهم عقيدة. 5 قلب الآية. فبدلا من الحث علي العمل, وإعلاء قيم البناء, لا بد من إشاعة المعلومات المغلوطة للهدم, وعدم الانتماء, واستغلال الأحداث للسخرية, وتحطيم بلد ذكره الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم ووعد بحفظه. إنهم لا يسخرون من الدولة فقط, ولكن يقدمون علي ممارسة خدعة أكبر علي الوعي العام الجمعي للمصريين بتكرار استخدام منطوقات داعش الإخوانية في تغريداتهم الافتراضية, والتي سينقلها عنهم مريدوهم, وذلك بعد أن أحكمت الدولة أدلتها التي تدين التنظيم الإرهابي والدول التي ترعاه, والتي تعمل لخدمته بناء علي التوجيهات الصادرة لهم من مدبري أكبر مؤامرة علي مصر من25 يناير وحتي الآن. باختصار, يبقي القطاع الصلب من الشعب المصري هو الحامي للدولة المصرية, وهو الظهير الشعبي لها لمواجهة كل هذا الكم من التزييف والتضليل. صلابة هذا الظهير بعد كل جريمة إرهابية, تؤكد أنه لن يتمكن أحد من تفتيت قيمه الأصيلة, ولن ينجح في التفرقة بينهم علي أساس الدين, ولا علي أساس المذهب. فقط علي الدولة بمؤسساتها وهيئاتها المختلفة أن تسارع بإصدار قانون الإعلام الموحد, الذي يمكن أن تكون البداية لإعادة إصلاح ما تم تخريبه, كما أنها مطالبة اليوم وأكثر من أي وقت مضي أن تضرب بقوة كل من يهدد الأمن القومي المصري فكريا أو عملياتيا, فرفاهية الوقت لم تعد تسمح إلا باستخدام القوة الغاشمة.