مع رفع الولاياتالمتحدةالأمريكية للعقوبات الاقتصادية والتجارية المفروضة علي السودان منذ20 عاما ودخول القرار حيز التنفيذ غدا الخميس, ينتعش الاقتصاد السوداني بإجماع الخبراء والمتخصصين ويعاد دمجه في النظام المالي العالمي فهذا القرار سيرفع من قيمة عملة البلاد المحلية أمام الدولار وسيصعد بمؤشرات بورصتها وستتمكن من استرداد الأصول المالية المجمدة بالولاياتالمتحدة ومن المتوقع تنامي العلاقات الثنائية بين الخرطوموواشنطن. يبقي القرار الأمريكي, كما ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية, علي العقوبات المفروضة علي عدد من الشخصيات الصادر بحقهم أوامر اعتقال ومن بينهم الرئيس عمر البشير علي خلفية الجرائم التي ارتكبوها خلال النزاع في إقليم دارفور كما لم يتضمن القرار رفع السودان من قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للدول الراعية للإرهاب المدرج عليها منذ1993 مما يعني استمرار قيود حظر تلقي المساعدات الأجنبية أو بيع السلاح. أما صحيفة الإيكونومست فذكرت أن العقوبات أدت إلي انحدار الاقتصاد السوداني لتصل معدلات الفقر والبطالة لمستويات قياسية, لأن البنوك الدولية كانت تقاطع البنوك السودانية ولم يكن هناك تواصل بين القطاع المصرفي السوداني ونظيره الدولي حتي البنوك الأوروبية كانت تخشي إبرام أي تعاملات مالية مع الخرطوم حتي لا تتعرض لعقوبات من البنك المركزي الأمريكي, فأحد البنوك الفرنسية تحمل ما يزيد علي10 مليارات دولار لتعامله مع البنوك السودانية. وبحسب الصحيفة فإن وزارة العدل الأمريكية قد تجبر البنك علي دفع غرامة تصل إلي عشرة مليارات دولار. وبحسب بيانات الأممالمتحدة فإن50% من السودانيين أي15 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر ويبلغ معدل البطالة20% ويجد70% من السودانيين صعوبة في الحصول علي الماء والغذاء والتعليم والخدمات الصحية. وتسبب حرمان البلاد من توريد قطع الغيار والآلات والمعدات فقد قطاع السكك الحديدية83% من بنيته التحتية وتضرر أكثر من1000 مصنع. وتوقعت الإيكونومست أن يحدث ارتفاع في أسعار البترول في السوق السوداني وبالتالي ارتفاع سعره علي المستوي الدولي, إذ كانت أمريكا تجمد التعامل التجاري النفطي السوداني في النظام العالمي وبالتالي كانت تبيعه بأسعار أقل بكثير من الأسعار العالمية بالإضافة إلي توسع المعاملات المالية بين البنوك الأمريكية ويمكن للمواطنين والشركات الأمريكية إجراء تحويلات مالية مع نظرائهم في السودان والتصدير والاستيراد من وإلي السودان. وأكدت الصحيفة أن السودان تراهن علي الصمغ العربي لكونها واحدة من أكبر الدول إنتاجا بمعدل لا يقل عن80% من الناتج العالمي ولا تستغني عنه أوروبا وتستورد أمريكا18% من إجمالي إنتاجه بتسع ملايين دولار لأهميته الإستراتيجية في الصناعات الأمريكية ولديها إستراتيجية لزيادة إنتاجه وتسويقه دوليا تسعي لتنفيذها علي رأسها إعادة تأهيل حزام الصمغ العربي ووقف القطع الجائر للأشجار وهي بصدد توسيع استخداماته لتشمل الصيدلة والطب والصناعات الغذائية. السؤال هنا هل ثمن رفع العقوبات هو فتح المجال أمام الاستثمار الأمريكي في مجال الزراعة والبترول والذهب والصمغ العربي في السودان؟ جدير بالذكر أن الخرطوم طلبت من ترامب حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب حتي تتمكن المؤسسات الدولية المالية إعفاء السودان من ديونها المتراكمة منذ انفصال جنوب السودان في العام2011 والتي تقدر ب48 مليار دولار. وكانت العقوبات قد فرضت علي الخرطوم للمرة الأولي في عام1997 وعام2006 ردا علي العمليات العسكرية السودانية في منطقة دارفور وفي الشهر الماضي رفعت الولاياتالمتحدة قيودا كانت قد فرضتها في وقت سابق علي سفر المواطنين السودانيين إلي أراضيها.