شيخ الأزهر لطلاب غزة: علّمتم العالم الصمود والمثابرة    مصدر حكومي: حلف اليمين الدستورية للحكومة الجديدة مقرر له بعد العودة من إجازة عيد الأضحى المبارك    الأعلى للإعلام يكشف تفاصيل حجب جميع المنصات العاملة بدون ترخيص خلال 3 أشهر    انقطاع المياه عن عدة مناطق في أسيوط للصيانة غدا.. المواعيد والأماكن    توقعات بانكماش اقتصاد الضفة الغربية وقطاع غزة بنسبة 9.4% خلال 2024    مياه أسيوط: انقطاع المياه عن قرية المعابدة بمركز أبنوب لمدة 15 ساعة    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل«قصواء الخلالي»: مصر سندنا الأول    البيت الأبيض: سنتخذ خطوات جريئة في قمة السبع لإظهار ضعف بوتين    العراق يفوز على فيتنام 1/3 ... منتخب السعودية يسقط أمام الأردن ... التعادل السلبي يُخيم على مواجهة إيران وأوزبكستان ... منتخب الكويت يخطف بطاقة التأهل الأخيرة فى تصفيات وقطر يتخطى الهند    ريال مدريد ينافس تشيلسي على موهبة برازيلية جديدة    السر في «الكيس الأبيض».. سفاح التجمع يكشف تفاصيل مثيرة حول طريقة التخلص من ضحاياه    العثور على خراف نافقة بالبحر الأحمر.. البيئة: نتعقب السفينة المسئولة وسنلاحقها قضائيا    وزارة الأوقاف تشكل لجنة متابعة الإعداد لصلاة العيد بالساحات والمساجد    خالد النبوي يشكر صناع عمل فيلم أهل الكهف: تعيش السينما بمواهبها الحقيقية    سحلها في الفرح أمام المعازيم.. أول تعليق لأسرة عريس الشرقية: كان سوء تفاهم ورجعوا لبعض    محمد نور يضع اللمسات الأخيرة لأحدث أعماله لطرحها قريبًا    فضل صيام يوم عرفة 2024.. وأبرز الأدعية المأثورة    علي جمعة يوضح أعمال الحج: يوم التروية الثامن من ذي الحجة    قبل عيد الأضحى.. 7 أمور يستحب فعلها قبل التضحية    ماذا يحدث لجسمك عند النوم أقل من 7 ساعات يوميا؟.. مخاطر تعرضك للوفاة    أفضل طريقة لفك اللحوم بعد تجميدها.. عادة خاطئة تفقدها القيمة الغذائية    عالم أزهرى يكشف لقناة الناس لماذا لا يصوم الحجاج يوم عرفة.. فيديو    الإسماعيلي يحدد سعر بيع عبد الرحمن مجدي (خاص)    دي بروين يوجه صدمة مدوية لجماهير الاتحاد    كاتبة أردنية: كلمة الرئيس السيسي في قمة اليوم مكاشفة وكلها مدعومة بالحقائق والوثائق    رسالة جديدة من «الهجرة» للمصريين في دول النزاعات بشأن مبادرة استيراد السيارات    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    نقابة الصيادلة: الدواء المصري هو الأرخص على مستوى العالم.. لازم نخلص من عقدة الخواجة    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    مفاجأة.. بيراميدز مهدد بعدم المشاركة في البطولات الإفريقية    مصدر بمكافحة المنشطات: إمكانية رفع الإيقاف عن رمضان صبحى لحين عقد جلسة استماع ثانية    «ناسا» تكشف عن المكان الأكثر حرارة على الأرض.. لن تصدق كم بلغت؟    عبدالقادر علام: التفرد والتميز ضمن معايير اختيار الأعمال فى المعرض العام 44    «بابا قالي رحمة اتجننت».. ابن سفاح التجمع يكشف تفاصيل خطيرة أمام جهات التحقيق    يورو 2024 - الإصابة تحرم ليفاندوفسكي من مواجهة هولندا    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    حقوق إنسان الشيوخ تتفقد مركز الإدمان والتعاطى بإمبابة    مصرع 39 شخصا في غرق مركب تقل مهاجرين قبالة سواحل اليمن    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    تطوير مستشفى مطروح العام بتكلفة مليار جنيه وإنشاء أخرى للصحة النفسية    تأجيل محاكمة المتهم بإصابة شاب بشلل نصفى لتجاوزه السرعة ل30 يوليو المقبل    رئيس جامعة بني سويف يرأس عددا من الاجتماعات    عيار 24 الآن.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 11-6-2024 في محافظة المنيا    رئيس جامعة الأقصر يشارك في الاجتماع الدوري للمجلس الأعلى لشئون التعليم والطلاب    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    خبير سياسات دولية: زيارة بلينكن للقاهرة نقطة تحول لوقف إطلاق النار بغزة    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. إبراهيم فايق يوجه رسالة ل حسام حسن    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكري النكبة.. إسرائيل كما سرقت الأرض سرقت التاريخ
نشر في الأهرام المسائي يوم 21 - 05 - 2014

لم ننس البداية، لا مفاتيح بيوتنا، ولا مصابيح الطريق التي أضاءها دمنا، لا الشهداء الذين أخصبوا وحدة الأرض والشعب والتاريخ، ولا الأحياء الذين ولدوا على قارعة الطريق، الذي لا يؤدي إلا إلى الوطن الروح، ما دامت روح الوطن حية فينا.
لن ننسى أمس، ولا الغد، والغد يبدأ الآن، من الإصرار على مواصلة السير على هذا الطريق.. طريق الحرية، طريق المقاومة حتى التقاء التوءمين الخالدين: الحرية والسلام...هكذا يعبر الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش عن حال وطنه الذى عاش طوال تاريخه محاربا الاستعمار من الصليبي إلى الانجليزي وأخيرا الصهيوني ومع ذلك لم يفقد الأمل لحظة فى أنه سينجح فى استرداد أرضه والعيش بكرامة داخل وطنه مهما طال الزمن وكما نجح صلاح الدين الأيوبي قبل ذلك في حماية هذا الوطن بقوة الإيمان سيحقق هذا الشعب النصر يوما ما.
عن مصالح الدول الكبرى من قيام الكيان الصهيوني يؤكد د.عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ وعميد كلية الآداب جامعة حلوان سابقا أن هناك أكثر من بعد منها سياسي وأقتصادى و دينى فكانت البداية فى وجود كراهية بين المسيحيين الكاثوليك والأرثوذكس قبل نشأة البروتستانت للاعتقاد السائد أن اليهود قد صلبوا السيد المسيح ،وهذا المعتقد قائمة عليه المسيحية ولكن حدث تحول مع نشأة البروتستانت والتى قام بها مارتن لوثر فى مطلع القرن السادس عشر فترجم الكتاب المقدس إلى اللهجة الألمانية فبدأ الناس يعرفون أن الدين أكبر من هذه الطقوس.
واعترف مارتن لوثر بالعهد القديم فأدخل اليهودية مع المسيحية فزالت الكراهية ونتج عنها مذهب ديني سياسي مثلما نقول نحن الإسلام السياسي أطلق عليها المسيحية اليهودية هذه الجماعة وضعت مذهبا اعتقدوا به أن السيد المسيح سيعود ليحكم العالم لنشر العدل ولكن بشروط منها تدمير بابل (العراق) عقابا لملكها الذى هجم على فلسطين وأباد اليهود وإقامة الهيكل ،ومع مرور الوقت أخذت شكلا تنفيذيا أكثر على يد البروتستانت وليس عند الكاثوليك أو الأرثوذكس ومعروف بالطبع أن البروتستانت انتشرت فى الشمال الاروربى والجنوب الاروربى بقى كما هو كاثوليك وشرق أوروبا أرثوذكس، والمصادفة التاريخية أنه مع ظهور البروتستانت اكتشفت أمريكا.
وعندما حدث اضطهاد من الكاثوليك للمذهب البروتستانت فهربوا إلى أمريكا وأصبحت الغالبية العظمى بأمريكا بروتستانت وقلة قليلة كاثوليك ،فحدث تغير فى الخريطة السكانية فى العالم بمعنى الأقلية البروتستانت فى وسط غالبية كاثوليك لابد لها أن ترحل والعكس فحدث اضطهاد ولا يوجد تسامح ولا اعتراف ولهذا البروتستانت اقرب إلى اليهودية من المسيحية وهذا الربط الموجود فى الجزء الديني ،وللعلم أي رئيس أمريكي لابد أن يكون بروتستانتي الاستثناء الوحيد الذي حدث هو جون كنيدي ولهذا تم التخلص منه عندما بدأ التفاهم مع جمال عبد الناصر فى قضية فلسطين ولذلك اغتيل ومنذ ذلك التاريخ لم يأت رئيس كاثوليكي مرة أخرى رغم أن الدستور الامريكى يخلو من نص الديانة ،ووضح تماما فى بوش الابن لأنه بدأ فى تنفيذ أول الثلاثية وهى تدمير العراق ثم إعادة بناء الهيكل المزعوم والاعتراف بفتح قنصلية أمريكية فى مدينة القدس وهذا جانب دينى.
وعندما يدخل الجانب الديني فى السياسة يكون خطيرا ولا يقبل التسامح ويكون هناك تصفية ،لكن الجزء الأخر فى المصلحة السياسية هو وعد بلفور لكن السؤال لماذا صدر الخطاب من انجلترا لانها إنجيلية ولم يصدر من فرنسا أو ايطاليا ،ورحب الغرب الكاثوليكي بالوعد ليتخلصوا من اليهود الموجودين والذين سيطروا على الحالة الاقتصادية والاقتصاد هو عصب الحياة لديهم.
ونأتي فى تطور الجانب الديني ونرصده من واقع مذاكرات تيودور هرتزل حينما ذهب إلى المانيا وعمل بالصحافة وتقدم للحصول على عضوية أحد النوادي فرفض طلبه والسبب أنه يهودي وليس المانيا فأصدر كتابا عام 1896بعنوان دولة اليهود ،وفى عام 1897أقيم المؤتمر الصهيوني الأول والذى تحدثوا فيه عن إقامة دولة لليهود وطرحت العديد من الدول منها الأرجنتين وأوغندا وكندا واستراليا وأيضا سيناء والذي وقف ضد هذا الاقتراح الإدارة البريطانية فى مصر ،واستقروا على فلسطين لان طرح الأفكار الأخرى لم يلق قبولا ،ولاقت الفكرة قبولا حيث كانت هناك إسرائيل ومملكة داوود وأرض الميعاد، وصدر وعد بلفور عام 1917وبدأ تنفيذ الانتداب البريطاني الفرنسي على المنطقة العربية وبدأ يتأكد يوما بعد يوم التقسيم ،ثم جاءت فكرة إنشاء جامعة الدول العربية وعقد بريطانيا معها اتفاقيات وكأنها عقدتها مع الدول العربية ،وبرغم غياب الوثائق لكن هذه الفكرة بدأت عام 1941 أثناء هزيمة انجلترا أمام الألمان فى أوائل الحرب العالمية الثانية حينما أعلن أيدن وزير خارجية بريطانيا أمام البرلمان أن بريطانيا تؤيد أنشاء منظمة إقليمية تضم البلدان العربية ،ثم جدد أيدن التصريح فى مايو من عام 43فى خطاب أمام مجلس العموم وقال لابد أن تأتى الخطوة الأولى من العرب،وبدأ مصطفى النحاس رئيس حزب الوفد والذي صعد به الانجليز للحكم عام 1942 الدعوة لإنشاء الجامعة وبالفعل فى عام 1945اعلن عن قيام جامعة الدول العربية ،ولكن لماذا الجامعة ضعيفة ؟لان الانجليز أرادوها شكلية وليس وحدة حقيقية ،وهذا ما جعل جمال عبد الناصر يفكر فى مؤتمرات القمة العربية ويلزم الحكام والرؤساء أمام شعوبهم علنا فى قرارات تصدر من الجامعة ،أما عن مصلحة القوى الكبرى في أنشاء إسرائيل فهي استمرار التجزئة وقاعدة للسوق العالمية وتحول دون أى التحام عربي ،ويعتبر إنشاء دولة اليهود أكبر سرقة تاريخية كبرى ولم يحدث فى التاريخ حتى الان،وبدأت بخطوة خطوة فى غفلة من الزمن،فهذه سرقة دولية معروفة لصالح الدول الكبرى وأخذت شكلا قانونيا والدول الكبرى ترعاها وهناك اتفاق بين أمريكا وإسرائيل وقع عام(1951)أى قبل قيام ثورة 23يوليو بضمان أمن وحماية إسرائيل .
وعن القضية الفلسطينية والأمن القومي العربي يؤكد د. عبد الحليم المحجوب الخبير بالشئون العربية أنه بدأ المشروع الصهيوني في فلسطين كجزء من مشروع غربي شامل يستهدف فرض الهيمنة الاستعمارية علي هذه المنطقة الحيوية وصاحبة التأثير الأقوى في الصراعات الدولية الكبرى بحكم موقعها الحاكم لطرق المواصلات بين الشرق والغرب وثرواتها وأسواقها ومخزونها الحضاري والثقافي الذي يجعل منها قوة عائقة لمشروعات الهيمنة الخارجية عامة، ولم يكن تشرشل مبالغا عندما وصفها بأنها "بطن أوروبا الضعيف "فمن يسيطر علي البطن يمكنه أن يسيطر علي الجسد كله، وقد التقط آباء الدعوة الصهيونية هذه الحقيقة مبكرا واتخذوا منها مدخلا لإقناع ساسة الغرب بمشروعهم؛ ففي عام 1840 كتب البارون اليهودي روتشيلد خطابا لرئيس الوزراء البريطاني بالمر ستون أوضح فيه أن مصر تمثل نقطة ارتكاز جغرافي في المنطقة وأن هزيمة محمد علي وحصر نفوذه داخل مصر لا يكفيان لاحتواء خطورتها فهي تمثل محور جذب بين العرب الذين يسعون لاستعادة مجدهم القديم، وعليه فإن وجود قوة مختلفة في فلسطين من شأنها أن تشكل حاجزا يضمن عزل نقطة الارتكاز عن القلب العربي الأسيوي ومانعا للاتصال الجغرافي الطبيعي بين البلدان العربية،إذن كان المشروع يحمل أبعادا أمنية في الأساس ويقدر منذ البداية حيوية الدور الذي يمكن أن تلعبه مصر في إفشاله، وبعد مرور حوالي قرن من هذا التاريخ قامت الدولة العبرية في فلسطين برعاية غربية كاملة تأكيدا لتلازم المشروعين الصهيوني والغربي من جانب واعتماد مجموعة من الخطوط الإستراتيجية البعيدة المدى التي يمكن أن تضمن استمرارية وجود هذه الدولة ونجاح مشروعها من جانب آخر، ومنها دعم التفوق العسكري الإسرائيلي علي كل الأصعدة والتدخل كلما لزم الأمر سواء بالعمل العسكري المباشر كما حدث في حروب 1948 ،و1956،و1967 أو بترتيب البيئة الإستراتيجية المناسبة للتخلص من أي قوة صاعدة ،ولم تكن حرب السنوات الثماني بين العراق وإيران بعيدة عن ذلك ،وأخيرا تنفيذ الغزو المباشر كما حدث في العراق 2003 ثم المسارعة بالتدخل واختراق ثورات كل من ليبيا وسوريا منذ 2011 وعسكرتهما ،وكانت المحصلة النهائية متمثلة في إخراج هذه الأطراف من معادلة القوة العربية في مواجهة إسرائيل وإدخالها في مرحلة طويلة من الاضطراب الذي يصل إلي حد الحروب الأهلية،والتصدي لأية محاولة لبلورة مشروع قومي طويل المدى سواء علي صعيد التنمية الداخلية إما بمحاصرته وإفشاله في المهد أو بالتحكم في مساره وإخراجه عن هدفه وكان أبرز الأمثلة علي ذلك التآمر علي التجربة الوحدوية بين مصر وسوريا وإحباطها بالفعل عام 1961 ثم التدخل المباشر في حرب اليمن بإرسال الطائرات الإسرائيلية لضرب معسكرات الجمهوريين في منتصف الستينيات من القرن الماضي ووصل المخطط إلي ذروته بعدوان 1967 الذي كرر نفس السيناريو الذي اتبع مع محمد علي من قبل،ثم بدأت مرحلة جديدة بعد حرب 1967 كان من أهم معالمها وجود خطين متوازيين للمواجهة أولهما تحرير الأراضي التي احتلتها إسرائيل من ثلاث دول عربية ( مصر والأردن وسوريا )والثاني هو خط القضية الفلسطينية وقد حاول عبد الناصر قدر طاقته ألا يفصل بين الخطين، ففي الوقت الذي كان يعد العدة لإزالة آثار العدوان قام بتقديم قائد المقاومة الفلسطينية ياسر عرفات للقادة السوفييت عام 1969 ساعيا لتوفير كل أشكال الدعم للمقاومة والتصدي لما تعرضت له من ضغوط ومؤامرات،جاءت حرب أكتوبر1973 كأول انتصار عربي في المواجهات العسكرية مع إسرائيل لكن المفاوض الأمريكي الإسرائيلي أبي إلا أن يصفيها من مكاسبها السياسية والاقتصادية فقد سعي للتحكم في التحولات الاقتصادية في مصر بعد 1974 وحتي اليوم ،والتوظيف المغرض لعائدات الطفرة النفطية بعد حرب أكتوبر وظهور طبقات ونخب سياسية وثقافية هي أبعد ما تكون عن الفكرة القومية الجامعة وتعمل فقط من أجل أن تقدم حيثيات اعتمادها لدي القوة المهيمنة في واشنطن وتوسيع دوائر الارتباط بها بغض النظر عما يشهده العالم من تغيرات تكنولوجية وثقافية كبري ،وتقديري أن هذه الطبقات والنخب هي المعوق الرئيسي أمام اكتمال الربيع العربي حتي الآن حيث فرحت بما استحوذت عليه من مواقع جديدة كالإخوان ومجتمع رجال الأعمال مثلا وتجاهلوا مصالح الشعوب التي جاءت بهم لهذه المواقع، العمل علي توظيف العداء العربي للمشروع الصهيوني وإعادة توجيهه ضد قوي إقليمية ودولية أخري، وعلي سبيل المثال كانت جولة وزير الخارجية الأمريكي جون فوستر دالاس في المنطقة في مايو 1953 بهدف الدعاية لحلف بغداد و الضغط علي الدول العربية للالتحاق به لمواجهة الخطر الشيوعي وقتها، كاشفة لخطة التوظيف المشار إليها عندما قارن في لقاءاته مع القيادة المصرية وقتها بين ما أسماه بدفاع العالم الحر ضد الخطر الشيوعي وأن تزعم مصر للحلف المقترح يساعد علي استكمال الحصار المضروب علي الاتحاد السوفيتي،وكان رد جمال عبدا لناصر وقتها "أنه يسلم بضرورة الدفاع عن الشرق الأوسط لكنه أيضا مقتنع بأن أهل المنطقة هم الذين يستطيعون الدفاع عنها ويحق لهم بعد أن يحددوا ضرورات أمنهم أن يستعينوا بمن يشاءون".
لكن الخطة الأمريكية الإسرائيلية تواصلت بالعمل أولا علي إفشال المشروع القومي ثم توظيف كل من تركيا وإيران وإثيوبيا في خدمة مشروعهم الخاص في إطار رسم خريطة مختلفة للتوازن في الشرق الأوسط تكون امتدادا لجدول الأعمال الذي يوضع في واشنطن وعلي سبيل المثال كانت أدوار كل من تركيا وإيران مجندة لصالح إستراتيجية الهيمنة الأمريكية وكان التحالف بين الدولتين إيران وتركيا مع إسرائيل لا يحتاج لأدلة علي مدي عقدي الخمسينيات والستينيات ثم أعلن شاه إيران نفسه كشرطي الخليج والمتحكم في مصيره بعد استقلال دوله في بداية السبعينيات، وسعت إسرائيل من جانبها أن تخلق لنفسها نقاط تمركز في القرن الإفريقي وخاصة إثيوبيا ثم اريتريا بعد استقلالها، ومثلما سعت واشنطن إلي توجيه الحشد العربي إلي عدو تختاره هي متمثلا في الاتحاد السوفيتي اتجهت للعمل المكثف خلال السنوات الأخيرة لتحويل العداء كله في مواجهة إيران ومن ثم يتراجع تماما مركز الصراع العربي الإسرائيلي ضمن خرائط الصراع في الشرق الأوسط سعيا لصياغة منظومة أمنية جديدة قد لا تختلف كثيرا عما كان مطروحا في الخمسينيات مع اختلاف الأطراف.
واليوم نجد ملامح خريطة جديدة أنتجتها تداعيات الربيع العربي والذي أظهر نقصا خطيرا في كفاءة ونضج النخب السياسية وتخلفها عن طموحات شعوبها ومقتضيات العصر حتي إن إسرائيل تسعي حاليا لأن تضع نفسها كطرف مباشر في المعركة ضد الإرهاب بادعاء تغاضيها عن المعركة المحتدمة في سيناء وتعميق نزعات التفتيت والتقسيم الطائفي والعرقي في عديد من الدول العربية وكلها تشكل ضربات قوية للأمن القومي في مفهومه الجماعي وتوفر الفرصة الكاملة لجني ثمرات المشروع الصهيوني كاملة ليس في فلسطين وحدها وإنما في العالمين العربي والإسلامي ،وهذا ما يجب أن تتنبه له النخب الجديدة باعتبار أن مصر هي المرتكز لنجاح أي محاولة لاستعادة زمام المبادأة من جديد،وأن التضامن العربي هو المدخل الوحيد للفوز في المعركة ضد استكمال أركان المشروع الصهيوني في المنطقة.
لقد تسببت سنوات الاستبداد والهيمنة علي القرار العربي في وقوع الكثير من الخسائر كان في مقدمتها خسارة العمق الإفريقي الذي نجد لإسرائيل موطئ قدم في كل ركن فيه، ويجري توظيف العمق الإسلامي أيضا ضد المصالح القومية العربية لإحداث المزيد من الخلل في توازنات القوي وبخاصة في المجال النووي لكن الأمل يبقي معلقا أولا في الصمود الفلسطيني ،وثانيا في قدرة الشعوب العربية علي إدراك لغة العصر والتجمع من جديد لاحتلال الموقع الذي يليق بها في عالم القرن الواحد والعشرين.
وحول المقاومة الفلسطينية يؤكد د. سمير غطاس رئيس مركز منتدى الشرق الأوسط للدراسات بأن الفلسطينيين بدوا المقاومة منذ وقت مبكر من عام(1917) وحتى عام(1928) وكانت سياسية وغير مسلحة وانعقدت سلسة مؤتمرات سنوية باسم المؤتمر الاسلامى المسيحي لمدة سبع سنوات ،وكان يعبر تعبير ناضج عن وحدة النسيج الوطني الفلسطيني فى ذلك الوقت ضد الاحتلال البريطاني والهجمة الصهيونية والتي بدأت فى غزو فلسطين ،ولكن فى عام(1928)حدث أول صدام شعبي بدون سلاح بين الفلسطينيين والعصابات الصهيونية فيما يسمى(حائط البراق)وتدخل البريطانيين إلى جانب العصابات الصهيونية ،وفى عام1936 قدم الانجليز مشروعا لتقسيم فلسطين رفضه والفلسطينيين والحركة الصهيونية ،واستشعر الفلسطينيين بخطورة المستوطنات لان الحركة الاستيطانية قد ذات وحدثت مصادمات واسعة فى مدينة القدس ونفي القائد الشعبي أمين الحسيني إلى لبنان ،وفى ذلك الوقت بدأت ألمانيا فى التنكيل باليهود بمحرقة الهولكست مما أدى إلى زيادة هجرة اليهود إلى فلسطين مما أدى لشعور الفلسطينيين بخطورة الموقف نتيجة زيادة أعداد المستوطنين والمهاجرين ،وعند اندلاع الحرب العلمية الثانية دخل اليهود تحت لواء الفيلق اليهودي بينما رفض العرب دخول الحرب إلا بإعداد صغيرة مما أعطى ميزة لليهود بأن يكون لديهم قوات مسلحة متدربة ولها جسم عسكري وأصروا على عدم الاندماج مع القوات البريطانية، وفى نفس الوقت سافر أمين الحسيني إلى ألمانيا وأعلن تأييده لهتلر مما أثار رد فعل كبير لدى الاتحاد السوفيتي،وفى عام 1946 عقد بالقاهرة مؤتمرا راسة وزير خارجية بريطانيا وأجتمع معه جميع الوفود العربية واشتكوا له للنفوذ الصهيوني المتزايد وتحالفهم مع أمريكا، وفى نهاية المؤتمر أعلنت انجلترا بأنها ستحيل الأمر كله إلى الأمم المتحدة وأنها لم تعد معنية بأمر الانتداب،وفى29من شهر نوفمبر عام(1947)صدر قرار التقسيم والتصويت جاء لصدور القرار، وقدم العرب قرار مضاد للحفاظ على وحدة فلسطين ولكن هزم قرارهم لصالح قرار التقسيم،والذي كان يقضي بتشكيل دولة يهودية وأخري عربية بنسبة مساحة لليهود(56.4%)والعرب (48.1)،(1%)للقدس ومينائها فى حيفا تخضع للتدويل،ورفض الفلسطينيين قرار التقسيم وقبلته الحركة الصهيونية ، الفلسطينيين لم يكتفوا برفض القرار ولكن أعلنوا الجهاد ضد قرار التقسيم وطالبوا ببسط سيطرتهم وسيادتهم مع الكيان الفلسطيني،فقام الشيخ القسام بتكوين خلايا مسلحة وتمركزت فى جنين وتقاوم البريطانيين واستشهد فى بداية المعارك وأكمل بعدة مجموعات عديدة فلسطينية،وللعلم الكفاح المسلح لم يكن موجها إلا ضد الاستعمار البريطاني ،وفى 1947بدأ الشيخ الحسيني حركة لتجنيد أعداد كبيرة من الفلسطينيين وإنشاء ما يسمى بجيش الجهاد الفلسطيني وخاضوا معارك عنيفة من 47حتى48، وكانت هناك مناطق شهدت عمليات واسعة مثل نسف فندق داود ومعارك حول القدس وجبل المكبر ضد الحركة الصهيونية،وفى نهاية شهر إبريل اتخذت الجامعة العربية قرارا بتحرير فلسطين وحشدت ست جيوش عربية،وكان هناك اعتقاد سائد فى ذلك الوقت بأنه مجرد حشد الجيوش فأن العصابات ستفر هاربة من أمامهم،وأستبق بن جورين الموقف وأعلن أقامة دولة إسرائيل فى 14 من شهر مايو عام(1948)مما دفع القوات العربية إلى دخول الحرب، الغريب فى الأمر بأن أغلب الدول العربية كانت واقعة تحت الاحتلال وقائد الجيش الاردنى كان بريطاني الجنسية(جلوب باشا)،وكان جيش الجهاد بحاجة ماسة إلى سلاح ورفع صوته إلى جامعة الدول العربية بإمدادهم ولكن الجامعة رفضت،وشهد الشهر الأول تقدم للجيوش العربية وطلبت إسرائيل هدنة ووافق عليها،وشهدت هذه الحرب أربع هدن ونظمت الحركة الصهيونية نفسها وأعادت تعبئتها،ولابد من ذكر حقيقة وهى أسطورة الأسلحة الفاسدة حيث ليس صحيحا على الإطلاق وجود أسلحة فاسدة ولكن للتغطية على الهزيمة،فكل ما حدث بأن هذه الجيوش كانت غير منظمة ولا توجد قيادة عليا لها وأسلحتهم رديئة،إلى جانب أن الحركة الصهيونية كان يفوق الجيوش الستة عددا وعدة وتنظيما وخبرة قتالية،لكن فى النهاية حدثت النكبة وتم اقتلاع(800الف)فلسطيني من منازلهم جزء كبير لجا إلى الدول العربية والجزء الأخر ذهب إلى غزة والضفة،وأضافت إسرائيل إلى قرار التقسيم(14الف كيلو متر)وأصبحت نسبتها الكلية(78%)من مساحة فلسطين والباقي لقطاعي غزة والضفة ،وبعد 48مباشرة حدثت عمليات محدودة وفردية خاصة من غزة ،وبعد قيام ثورة1952لم يكن يراود عبد الناصر فى البداية تحرير فلسطين أو تفعيل المقاومة،وبمبادرات من بعض الخلايا والتى قامت بعمليات ضد الدولة الإسرائيلية ومن أشهرها تفجير سد أمام منزل بن جورين مما دعى القوات الإسرائيلية للرد على الحامية المصرية العسكرية المتواجدة بخان يونس فقتلت 34ضابط وجندي،ونشأت فى أخر الخمسينات رغبة فلسطينية محمومة من الطلبة المقيمين والدراسيين بالقاهرة بإنشاء مقاومة مسلحة وأقاموا حركة فتح ،فى عام 1963تم فتح أول مكتب لها بالجزائر،وفى عام 1964 وأثناء انعقاد مؤتمر قمة عربية قررعبد الناصر أنشاء منظمة التحرير الفلسطينية ،وفجرت حركة فتح كفاحها المسلح فى أول يناير عام 1965فى عملية نسف جسر عيلبون وصدر البيان الأول عن قوات العاصفة الجناح العسكري لحركة فتح ،وبدأت العمليات المسلحة ضد الكيان الصهيوني مما أزعج الكثير من قادتها حتى جاءت نكسة 1967 وذات المقاومة بشكل عنيف مما أزعج موشى ديان وزير الدفاع حيث خرج وقتها وقال بان المقاومة الفلسطينية(الإرهابيين)سوف أحطمهم كما أحطم البيضة فى يدي وكون كتيبة مسلحة وذهب على قرية الكرامة ورفضت جميع الفصائل الفلسطينية المشاركة إلا حركة فتح بقيادة ياسرعرفات وتمكنت الحركة من تدمير عدد من الدبابات وإيقاع خسائر كبيرة فى الصفوف الإسرائيلية واعترفت بها إسرائيل وأصبحت الكرامة ملحمة وردا على هزيمة عام 67،وكبرت المقاومة وبدأت فى ضرب إسرائيل بالصواريخ مما أزعج إسرائيل بشدة وكانت ترد بعمليات عنيفة ضد القرويين وكبار السن،حتى جاءت مجزرة صبر وشتيلا والتي أودت بحياة(3000)فلسطيني في واحدة من كبرى المذابح،وفى عام 87 حدثت الانتفاضة الأولى وهى انتفاضة حجارة ولكن هناك مقاومة أخرى وتكون مسلحة واهم عملياتها الهجوم على مفاعل ديمونه وهى أول مرة فى تاريخ الصراع الإسرائيلي أن يجرؤ أحد لمهاجمة المفاعل، وطوال تاريخ المقاومة الفلسطينية رفضت القوى الإسلامية(الإسلام السياسي) المشاركة فى أى عملية ضد الاحتلال الإسرائيلي،وأيضا حدث اتفاق بين إسرائيل(عيزرا وايزمان) وبين قيادة المجمع الإسلامي) والذي كان يمثل الإخوان المسلمين بان تعتمدهم كأداة محلية فى مواجهة صعود المقاومة .
حول القطيعة مع مصر وهل قدمت البديل المناسب يوكد د.مصطفى علوي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة القاهرة بأنه لا يمكن على الإطلاق القطيعة مع مصر لأنها أكبر وأهم وأقوى دولة عربية استراتيجيا ، وبالتأكيد حقوق الشعب الفلسطيني هى الأساس فى القضية ،وبالتالي لا يمكن انجاز هذه الحقوق من خلال الشعب الفلسطيني نفسه ونضاله حيث أن نضاله مهم وأساسي ويحتاج إلى شيئين مهمين أولا وحدة الشعب الفلسطيني فى نضاله لاسترداد حقوقه وهو أمر لم يتحقق عبر عقود من الزمن وبالأخص منذ ثمانيات القرن الماضي ،والدرس الأساسي لحركات التحرر الوطني هو وحدة الشعب ومن أمثلته حالة الجزائر واليمن وفيتنام خارج الوطن العربي وبعض الدول الأفريقية ،ومعظمها كان ينطلق من القاهرة وكلها مستندة إلى وحدة أرادة الشعب الذى يسعى إلى التحرر وأهم مؤشر هنا على الإطلاق هى وجود حركة وطنية واحدة على الإطلاق فى كل بلد لكن المشكلة فى الحالة الفلسطينية تعدد الحركات والقوى إلى حد التفتت والانقسام أهمهم حركتي فتح وحماس،وحتى الآن لم تتعلم من دورس الحركات حركات التحرر الوطني ،وفى ظل حالة التعدد والانقسام لا أظن أن ينجح الفلسطينيين فى مسعاهم نحو التحرر،وهناك خلل فى توازن القوى المادية الاقتصادية منها والعسكرية حتى الأداء الاساسى فى النضال العسكري والتى تتمثل فى مقاومة مسلحة شعبية تتبع أسلوب وتكتيك للحرب الغير نظامية ليست قائمة فى الحالة الفلسطينية حاليا،وهذه هى الأداة الوحيدة التى يمكن أن ترهق الطرف الاسرائيلى فى الصراع،وأن المسار الفلسطيني لا يمكن أن يحل منفردا عن بقية المسارات الاخرى،وذلك لان حل القضية الفلسطينية سيعنى تغيير كبير وجوهري فى خريطة الشرق الأوسط، وبالتالي إذا بقيت مشكلة الجولان ولبنان فلا أتصور أنه من الممكن أن يكون هناك حل على المسار الفلسطيني الاسرائيلى،لان هذا الحل لا يمكن أن يتحقق إلا عندما تغيب المشاكل الإستراتيجية فيما بين إسرائيل وكافة الإطراف العربية المعنية مباشرة بالقضية،حيث أن العناصر والإطراف الخاصة بالصراع العربي الاسرائيلى متشابكة مع بعضها البعض، ومن المعروف بأن الحالة الوحيدة التى تمت فيها تسوية مع الكيان الاسرائيلى كانت مع مصر وذلك لعدة أسباب أهمها حرب أكتوبر 1973 ونصر مصر فى المعركة وكان خارج توقعات الإسرائيليين والأمريكان أيضا،مما أجبر إسرائيل للدخول فى مفاوضات تسوية حقيقية مع مصر،ولكن بالنسبة لسوريا ولبنان فلم يحدث ،ولم يحدث مع الأردن إلا بعد اتفاق أوسلو عام(1993)،وبالنسبة لحالة سوريا ولبنان حيث أن كل منهما حالة مركبة ومعقدة حيث ذكر كلمة سوريا تستدعى ايران على الفور حيث أن هناك تحالف غير معلن(رسمي) بين الدولتين وايضا هناك علاقة وثيقة بين العراق وسوريا، وللعلم حالة الانقسام الفلسطيني مازالت قائمة حتى الان وليست بين حركتي فتح وحماس وكنها تشمل جميع الحركات الأخرى(13حركة) والدليل على ذلك بأن المصالحة بين حركتى فتح وحماس ليست الاولى حيث كانت قبل ذلك اتفاقية مصالحة أولى وتعرف باتفاقية مكة برعاية السعودية وكنها ظلت حبر على ورق ،والرباعية الدولية كانت حقيقا أحاديا تحركها أو توقفها أمريكا فقط أنما الأطراف الأخرى كالاتحاد الاوربى وروسيا والأمم المتحدة كانت لتجميل الصورة .
حول انفراد أمريكا بإدارة الصراع يوكد د. طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية ومساعد رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الاوسط أن المطالب الأمريكية اصطدمت بالمطالب الفلسطينية والمطالب الإسرائيلية فأبو مازن كانت وجهة نظره المحددة أن نستمر فى عملية المفاوضات لكنها انتهت يوم 29 ابريل الماضى نتيجة لمجموعة من الأسباب المرتبطة بتداخل المطالب الإسرائيلية الفلسطينية ،والصفقة ستتم حيث سيتم الإفراج عن المرحلة الرابعة من الأسرى وسيتم خروجهم من السجون والمعتقلات وسيتم الاتفاق على تمديد مرحلة أخرى للمفاوضات ، وأبو مازن سوف يمدد المفاوضات لمدة 9 أشهر أخرى شريطة أن يتوقف الاستيطان وأن تتم المفاوضات على الحدود وصفقة أخرى جديدة للإفراج عن 1200 أسير خارج الدفعات الأربع السابقة، والأمريكان خطفوا المفاوضات حتى لا يسمحوا لأى طرف بالدخول، ولم يعد هناك حديث الآن للجنة الرباعية والتى كانت وضعت أربعة شروط للتفاوض منها نبذ العنف من قبل حماس، واستيعاب حماس وفق قرارات أوسلو والاتفاق على الاعتراف بإسرائيل والإقرار بيهودية الدولة، وهل ستقبل الفصائل الفلسطينية بهذا،أعتقد أن الأمر مؤجل إلى حينه ولم يتم هذا بصورة أو بأخرى ،كما أن هناك تصريحات لموسي أبو مرزوق أكد فيها أنه لا يتنازل عن خيار برنامج المقاومة والمفاوضات ستمدد، وأمريكا لن تترك الدور لأطراف أخرى وأنا فى تقديرى أنها تريد أن تخفى الدور المصري على حساب أدوار أخرى، وهناك دور واضح جدا للأردنيين فى المفاوضات خوفا من تسوية ما على حساب الأردنيين والدور القطرى سيتصاعد فى المرحلة المقبلة،كما أن لقاء خالد مشعل ومحمود عباس يحمل رسالة مهمة أن الاتصالات مهمة وأمامنا خمسة أسابيع مر منها أسبوعان على الحكم على الحكومة الفلسطينية، فالذي تريده الإدارة الأمريكية الآن أولا حكومة فلسطينية تعترف بإسرائيل بصورة مباشرة أو غير مباشرة لم يعد مهما، وهنا اعتراف صادر من فتح وفق أوسلو بهذا الأمر، ثانيا أن الحكومة الإسرائيلية لن تتفكك أو يختلف ائتلافها ، لأن نتنياهو إن قدر أن يستمر فى التسوية فسوف يقوم باستفتاء شعبي فى إسرائيل وهو الذى يقرر ذلك، ومخاوف العرب من المفاوضات تجرى فى بيئة غير متوازنة، وإسرائيل وضعت شروطها مع العلم أن الفلسطينيين كانوا يمتلكون الكثير من أوراق الضغط في موضوع المعاهدات، وكان من المفترض أن يكون هناك دعم عربى وظهير عربي وهو غير موجود حاليا ولابد من وجود مفاوضين مصريين وعرب فى المفاوضات لكى يقوى الصف الفلسطيني ،وبالطبع هو حصل على دعم جامعة الدول العربية وهو دعم معنوي قبل ذهابه إلى الامم المتحدة للحصول على عضوية ال15 منظمة دولية،وللعلم إسرائيل الآن في حاجة إلى تسوية، لأنها تخشى من نزع شرعيتها من المحافل الدولية وهذا ما يقوم به الجانب الفلسطيني اليوم بصورة كبيرة، وهناك قوى داخل إسرائيل تريد التسوية والخروج من الضفة وإجراء تسوية سريعة، وهذا صوت مقبول في إسرائيل وللعلم الحكومة غير قادرة على اتخاذ هذا القرار لأنها تخاف من خيارات الفوضى وهى إن حدثت بحل السلطة الفلسطينية ووضع الاستحقاقات، وهناك خطوتان يكون لهما انعكاس على هذا وهما إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وأبومازن لن يكون وحده وربما يكون محمد دحلان أحد المرشحين والأمريكان من مصلحتهم أن يختفي أبو مازن إذا صعد محمد دحلان أو خرج مروان البرغوثى من سجنه هذه بدائل مطروحة ولها دور فى الشارع الفلسطيني.
وحول رؤية الشعب اليهودي للفلسطينيين يوضح د. سمير غطاس مدير منتدى الشرق الاوسط للدراسات أن الحركة الصهيونية بنيت على أسطورة كاذبة شعب بلا أرض لأرض بلا شعب، فهناك أفكار استطاعت الحركة الصهيونية أن تزرعها فى العالم كله بأن اليهود شعب بلا أرض ذهب إلى أرض بلا شعب فلا يوجد شعب اسمه فلسطين وجولدا مائير هى أكثر من رددت هذا الشعار وكانت أجهزة الدعاية الصهيونية المعروفة بنفوذها الواسع فى العالم كله تثير هذه المسألة وتُظهر صور أراض خالية فى فلسطين وأن اليهود ذهبوا إلى فلسطين لكى يعمروها وللأسف الفلسطينيون لم يستطيعوا الرد على هذه المقولة ،وكان يجب على جامعة الدول العربية أن تضع إستراتيجية لمخاطبة الرأى العام العالمي بهويتها العربية ، حيث أنكرت الحركة الصهيونية وجود الشعب الفلسطيني مع العلم بأنه موجود وحولته إلى قضية لاجئين، حيث بدأ التعامل مع الفلسطينيين من عام 1948 حتى 65 باعتبارها قضية لاجئين وأسست لذلك الأمم المتحدة مؤسسة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، حيث تقيم لهم مدارس بالإضافة إلى إمدادهم بالمواد الغذائية وتحوّل الفلسطينيون إلى مشكلة لاجئين، ومع بدايتها فرضت المقاومة على العالم الاعتراف بالفلسطينيين كشعب وأصبح حق تقرير المصير واجبا وفى الأمم المتحدة انتزع ياسر عرفات اعتراف العالم بوجود شعب اسمه الشعب الفلسطينى.
وفى البداية الأمريكان والإسرائيليون رفضوا تماما الحديث عن وجود شعب فلسطيني وأثناء انعقاد اتفاقية كامب ديفيد التى وقعها السادات مع بيجن اعترف بيجن بوجود فلسطين ويحق لهم حكم ذاتى لتسيير أمورهم الداخلية ، ورفض الفلسطينيون هذا الحكم ولكن إسرائيل اعترفت بحق الفلسطينيين وحاولوا دمج الفلسطينيين داخل إسرائيل باسم عرب إسرائيل وهؤلاء استردوا هويتهم الفلسطينية بعد إلغاء الحكم العسكري عام 1964 وبدأوا دخول الكنيست والتعبير عن هويتهم الفلسطينية والدفاع عن قضيتهم وأدرك الإسرائيليون أن المقيمين معهم هم الفلسطينيون، بعدها بدأت فى إسرائيل ظاهرة جديدة تسمى المؤرخين الجدد الذين أعادوا كتابة التاريخ مرة أخرى وأكدوا أن ما أحدثوه بالفلسطينيين هو جرائم ترقى إلى جرائم حرب، فهذه إحدى الظواهر المهمة،ويوجد الآن حركة السلام الآن التى أنشئت فى أعقاب الغزو الاسرائيلى للبنان وعصيان عدد من ضباط الجيش الاسرائيلى للمشاركة فى هذا الغزو حيث خرجت اكبر مظاهرة فى تاريخ إسرائيل تقدر بأربعمائة الف متظاهر من عدد سكان لا يزيد عن خمسة ملايين نسمة احتجاجا على الحرب وهذه الحركة متعاطفة مع الفلسطينيين ، وبدأ هناك تغيير فى الوعي الإسرائيلى وجاء عام 1993 باعتراف رسمى بوجود الفلسطينيين عندما جرى تبادل الاعتراف بين الإسرائيليين والفلسطينيين،فانتقلت المسألة من تجاهل أو إنكار وجود شعب إلى اعتراف رسمي بوجود الشعب الفلسطيني وحقه فى إقامة دولة وهذا لا يستطيع أحد إنكاره حتى ليبرمان (زعيم حزب إسرائيل بيتنا)والذي اتحد مع الليكود فى الانتخابات الماضية،و قبل وجود دولة فلسطينية تحدث نتنياهو فى مؤتمر بجامعة باريان واعترف بضرورة وجود دولة فلسطينية، وشيمون بيريز كان أذكى من الجميع وطالب بإقامة دولة فلسطينية لأنه يخشى من تدهور الأمور وقيام دولة ثنائية القومية وهذا ما قاله كيرى منذ الأسبوع الماضي (دولة فصل عنصري)،كما أن الصراع الآن هو على الدولة حاليا هل تقام أم لا تقام، والإسرائيليون فى فترة استثنائية أواخر تسعينيات القرن الماضي كانت توجد وزيرة تعليم حكومة ايهود باراك (شولبيت ألونى )زعيمة حركة ميرس وهى حركة يسارية ومحبة للسلام فرضت فى المقرر الدراسي على طلبة المدارس قصائد للشاعر الفلسطيني محمود درويش تتضمن بعض أحداث النكبة على فلسطين وتم تدريسه لمدة عامين، ويعتبر هذا نقلة نوعية مهمة، ثم تم إلغاء هذا المقرر بعد ذلك،ومن المعلوم أن القدس تشكل مفتاح وجدان الحياة للشعبين حيث يزعم الإسرائيليون أن القدس هى هويتهم وبدونها لا يملكون الهوية، فالإسرائيليون يحاولون أن يصبغوا الطابع اليهودي على القدس وسبب ذلك أن نتنياهو خلال فترة حكمه من عام 1996 حتى 1999 قام بعمل حفريات تحت المسجد الأقصى ووجد نفقا وزعم أن اليهود كانوا يوجدون هناك وهناك بعثات أثرية كثيرة تنقب تحت المسجد الأقصى للكشف عن الهيكل المزعوم، حتى أن أكبر خبير أثرى يهودى أخذ التوراة وبحث عن أى شيء يتحدث عن الهيكل ثم أصدر تقريرا قال فيه لاكنا فى مصر ولا القدس ولا سيناء ولا يوجد هيكل مزعوم، وطرح سؤالا خطيرا في آخر التقرير(إذ لم نكن نحن فمن نحن، وأغلب الظن أننا قبائل جاءت من السهل الساحلى وصعدت واستوطنت القدس)،فإسرائيل تحاول بأقصى ما يمكن تهويد القدس، والأخطر من ذلك أن يعيدوا إنتاج وبناء أماكن تتطابق مع روايتهم التاريخية حول القدس، وعلى العرب أن ينتبهوا لهذه المسألة الخطيرة جدا لأنه خلال العشرين سنة القادمة ستتحول القدس إلى متحف للرواية التاريخية اليهودية، ولا يزال الفلسطينيون ينظرون إلى الإسرائيليين كمغتصبين لأراضيهم وجزء صغير حسب استطلاعات الرأى يقول إمكانية التعايش كدولتين صعب.
وعن الوضع العربي وقت النكبة يؤكد السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية أنه لا يوجد تاريخ يهودى يتحدث عن دولة إسرائيلية من أجل العبادة والديانة، وكان هذا الأمر بالنسبة لليهود فى المنطقة العربية فقد عاشوا بكامل المواطنة والتسامح كالمسلمين والمسيحيين ، وكان الحديث عن دولة تجمع اليهود وهم ليس لديهم مانع من أن تقوم هذه الدولة فى أى دولة، لكن الحركة الصهيونية الموجهة والمتعاونة غربيا توجهت إلى قيام هذه الدولة فى فلسطين لفصل عرب المشرق عن عرب المغرب، والغرض من ذلك هدف استعماري، وأقول إن التحضير بدأ من هناك وااستعانوا بما قام به (هرتزل( والمؤتمرالصهيوني الأول ولكن أقول إنهم وضعوا إستراتيجية متكاملة حتى لا نحصر أنفسنا فى 15 مايو 1947 فعلى سبيل المثال كان هناك فيلق يسمى الفيلق اليهودي الذى تم تدريبه داخل الجيش البريطاني ومارس القتال ضد القوات النازية فى الحرب العالمية الثانية وكان أبرزهم عيزرا وايزمان ورابين و ديان وغيرهم وتدربوا تدريبا أعلى من الجيوش العربية التي كانت تحت الاستعمار واستغل الاستعمار الغربي في أوروبا ما أرتكبه النازي من حماقات وجرائم يندى لها الجبين ضد اليهود وارتكاب المحرقة وكانت هذه المحرقة نكبة على اليهود والعرب.
إن هذه الدول بدأت بقناصلها وإمكانياتها وضعف الدولة التركية بتهجير مجموعات مسيسة إلى فلسطين وبدأوا بإقامة مستوطنات تصرف عليها الأموال والتدريب العقائدي وترتيب الحماية لهم خاصة بعد معاهدة (سايكس بيكو(عام 1916 المعنية بتفتيت الوطن العربى وهو ما نراه الآن من محاولات تتكرر، حيث صدر وعد بلفور عام 1917 وفي نفس العام دخلت بريطانيا واحتلت فلسطين وفى عام 1922 وضعت فلسطين تحت سك الانتداب البريطانى وعصبة الأمم وكلفت بريطانيا بتجهيز فلسطين للاستقلال صاحبة وعد بلفور الذى يريد أن يقيم وطنا قوميا لليهود بفلسطين، فعملت بريطانيا التى احتلت فلسطين ب100 ألف عسكري لحماية قناة السويس التى يوجد عليها 100ألف عسكري لتسليمها للصهاينة، لذلك وضعت قوانين عجيبة منها على سبيل المثال الفلسطيني الذى يمتلك سلاحا أبيض كان يأخذ أحكاما قاسية بينما التجمعات اليهودية تأتيها الأسلحة من الدولة المحتلة بريطانيا مع تسليم أراض واسعة جدا من فلسطين إلى الحركة الصهيونية، كما أصدرت بريطانيا عدة قرارات بعدم امتلاك أى عائلة أو شخص غير فلسطيني أي أراض، مما اضطر العائلات السورية واللبنانية إلى بيع أراضيها،ورغم كل الثورات الفلسطينية التي قامت منذ عام 1919 حتى 36 إلى بدء الكفاح ضد تقسيم فلسطين عام 46 و47 ووقوف العرب ضد التقسيم وفشل الموقف العربي فى أن يمنع التقسيم، علما بأن العرب حاولوا تأجيل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة وأن يعرض فى محكمة العدل الدولية بلاهاي أنه لا يجوز تقسيم دولة بناء علي غير رغبة شعبها وبالتالي لا توجد فتوى قانونية فأسقطوا هذا الطلب ، كما حاول العرب أن يطرحوا قيام اتحاد كونفيدرالى ولا يتم تقسيم البلد، فالغالبية فلسطينيون 66٪ والباقي يهود والفلسطينيون يمتلكون 94٪ من الأرض منذ عام 1948،الغريب فى الأمر أن الجيوش العربية عندما دخلت فلسطين طلبت جمع السلاح من الشعب الفلسطيني والشعب الفلسطيني منذ ثورة 1936 حتى 1948 كان الفلاح يبيع غنمه أو ما يمتلكه لشراء بندقية للدفاع عن الأرض والعرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.