كيف يتصرف الآباء حين يلمسون وجود مخاوف عديدة لدى الأبناء، لاسيما حين تكون مخاوف نفسية عميقة تحد من القدرات السلوكية والمهارات المختلفة لهم ومن ثم تعرقل نجاحهم وإندماجهم فى المجتمع، أو ما يطلق عليه (فوبيا). يقول دكتور أشرف جودة استشارى العلاقات الأسرية والسلوكية: إن فوبيا الأبناء قضية تستحق الاهتمام الشديد، فعندما نستعرض صورًا من هذه المخاوف عند الأبناء سنجد أن العلاج يأتى دائمًا مع الترابط الأسري، ويدخل فى إطار ذلك الروابط النفسية والروحية والفكرية، فمن المهم أن نجد الأسرة كوحدة متماسكة متجانسة. ويقول د. أشرف جودة من أنواع الخوف المرضى الحوف من ركوب المصعد، وكذلك الخوف من النوم فى الظلام، والحزن من التواجد فى المنزل وحيدًا، والخوف من الأماكن العالية والخوف من الأماكن المغلقة وكذلك الأماكن المفتوحة، و من الصوت العالي، ومن صوت أبواق السيارات رنين الهاتف والخوف من قيادة السيارات ومن صعود الكبارى بالسيارة وكذلك نزول الأنفاق أو من العقاب و من المستقبل ومن المجهول و من المفاجآت ومن الموت ومن القبر وغيرها وهذه المخاوف ليست مخاوف طبيعية، بل مرضية ونتيجتها تقل مقاومة الإنسان إن استسلم لذلك ولم يجد الدعمين النفسى والمعنوى له من أسرته ستتضاعف عنده المخاوف ويصبح لقمة سائغة لينتقل من صورة من المخازن إلى صورة ثانية وثالثة. ويلفت إلى إن كل صورة من صور هذه المخاوف لها سبب راسخ وذكرى سيئة فى حياة الإنسان وهذه الذكرى دائمًا ما تكون فى مرحلة الطفولة، التى هى أهم مراحل تكوين شخصية الإنسان، فمثلًا من يخاف من الصوت العالى كأن الصوت العالى يمثل ذكرى تؤرقه وتزعجه لأن الأب والأم كانا دائمًا يتحدثان معه بعصبية وصوت عالى ونقد لاذع، أوبالعقاب الجسدي، وهنا يظهر عنده الخوف من العنف الجسدى سواء بمجرد أن يحاول شخص أن يتعدى عليه بالضرب، أو يرى أشخاص تتشاجر فإنه فى هذه اللحظة يفقد أعصابه، ولا يستطيع السيطرة على نفسه، ويمكن أن يحس بضيق فى التنفس، وإحساس أنه يموت، كذلك من يخاف من قيادة السيارة فإن ذلك من المؤكد أنه يرتبط عنده بذكرى سيئة مثلًا كان يركب مع والده ووالدته فى السيارة وصدم الأب بالسيارة رجلًا أو امرأة كانت تمر بالشارع وأصيب أو مات هذا الرجل وسالت منه الدماء. هذا الموقف يمكن أن يحدث عند الإنسان مجموعة من المخاوف المركبة منها الخوف من قيادة السيارات وكذلك الخوف من منظر الدم والخوف من المرور فى الشارع على الأقدام خشية أن تصدمه سيارة قادمة. وييتابع دكتور أشرف جودة حديثه قائلا : وكان من الممكن أن تيمر من هذه الحادثة من دون تأثير يُذكر، بشرط وجود يعض المعايير المهمة وفى مقدمتها قوة مقاومة الإنسان الداخلية، وكذلك قوة الدعم التى يتلقاها الإنسان من أقرب الناس إليه فى أسرته لتظهر أهمية الترابط الأسرى وخاصة مع أبنائنا للخروج من دائرة هذه المخاوف والوصول لبر الأمان، والآن سنستعرض أهم الخطوات التى نقوم بها مع أبنائنا أو مع الشخص الذى يعانى من هذه المخاوف. 1 ضرورة الاقتراب من أبنائنا بشكل عام، ونتناقش معهم ونسمعهم ونحاورهم، وبشكل خاص مع أبنائنا الذى يعانون من مثل هذه المخاوف لنصل لدرجة الصداقة معهم ونجعلهم يحبون الحوار والنقاش معنا. 2 لا نوجه لهم اللوم والنقد اللاذع الجارح لاستسلامهم لهذه المخاوف. 3 نسير معهم وفق مخاوفهم فمثلًا، لو أن ابنى يخاف من ركوب المصعد أذهب معه مثلًا لزيارة أقارب، ولا نستخدم المصعد ولا أعرضه للحرج، وأكرر ذلك معه عدة مرات. 4 بعد ما يثق فى تمامًا أعرض عليه ركوب المصعد، ولكنى سأكون معه ولن أتركه وأطمئنه وأقول له إننى المسئول، فى أول مرة وفى أكثر من مرة تظهر التوترات الداخلية عليه، وضيق التنفس وفى هذه اللحظات أدعمه نفسيًا ومعنويًا وأطمئنه. 5 : أكرر ذلك الأمر العديد من المرات وخلال ثلاثة أسابيع ستكون النتيجة إيجابية. وأظل بجانبه كداعم له كأب أو أم حتى يتعافى من تلك المخاوف. ولا مانع فى حالة عدم الاستجابة من جانب الأبناء استشارة طبيب متخصص.