الاعتكاف فرصة ذهبية للخلوة بالله تعالى والتفرغ لعبادته والخروج من جو الدنيا بمتطلباتها ومسئوليتها إلى رحاب الله تعالى وهو فرصة تتيح للمسلم أن يلتقى بنفسه فيتأمل فيها مفتشًا فى خباياها وزواياها عن جوانب النقص والخلل ليكملها ويصلحها قال ابنُ القيم -رحمه الله- مبينًا المقصود من الاعتكاف: «وشرع لهم الاعتكافُ الذى مقصوده وروحهُ عكوف القلبِ على الله تعالى، وجَمْعِيَّتُهُ عليه، والخلوة به عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده سبحانه؛ بحيث يصير ذكره، وحبه، والإقبال عليه فى محل هموم القلب وخطراته؛ فيستولى عليه بدلَها، ويصير الهم كله به، والخطرات كلها بذكره، والتفكر فى تحصيل مراضيه، وما يقرب منه؛ فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق؛ فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة فى القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه؛ فهذا مقصود الاعتكافِ الأعظم ويتحقق الاعتكاف بالمكث فى المسجد مع نية الاعتكاف طال الوقت أم قصر حتى ولو لحظة؛ ويثاب ما بقى فى المسجد، فإذا خرج منه ثم عاد إليه جدد النية إن قصد الاعتكاف، فعن يعلى بن أمية قال: إنى لأمكث فى المسجد ساعة ما أمكث إلا لأعتكف.