قد يصطلح البعض على تسمية عام 2010 بعام التناقضات بامتياز، نظرًا لاحتوائه على العديد من المفارقات الثقافية التي حدثت خلاله، حيث توفى الناقد فاروق عبد القادر بعد فوزه بجائزة الدولة في التفوق بيوم واحد، ولم يكن قد تقدم إليها، حيث كان في حالة غيبوبة تامة، بعد تدهور ألم بحالته الصحية إثر إصابته بجلطة في المخ، مما أثار لغطًا في الوسط الثقافي حول كواليس منحه الجائزة، ففي حين أن رأى البعض لجنة الجائزة قد منحتها لفاروق عبد القادر حتى تُساعد قيمتها المالية في علاجه، اتهم البعض الأخر وزارة الثقافة بالانتقاص من قدره، وقالوا أن الجائزة لا تناسب مشواره الأدبي وكان أحرى بهم أن يمنحوه جائزة الدولة التقديرية، وأكدوا أنهم حتى لو كانوا قد فعلوا ذلك ومنحوه الجائزة التقديرية في حياته لكان رفضها مثلما فعل من قبله صنع الله إبراهيم عندما رفض جائزة الرواية التي يمنحها المجلس الأعلى ثقافة عام 2003، وقال لهم "إنه ليسعدني أن تم اختياري لتلك الجائزة، ولكني أعتذر عن عدم تمكني من قبولها إذ تأتي من حكومة لا مصداقية لها". فقد ، فقد عُرف –رحمه الله- عمره على يسار المؤسسة الثقافية ولم يكن ليقبل بأي جائزة منها. ولم ترد تلك الدورة من جوائز الدولة المرور دون أن تترك بصمة في عدد الجوائز الممنوحة لمتوفين حيث منحت جائزة الدولة التشجيعية في أدب الطفل إلى الأديب الراحل فريد معوض بعد وفاته بشهور، كما منحت جائزة الدولة التقديرية للناقد عبده الراجحي بعد وفاته أيضا. كما سُحبت جائزة الدولة التشجيعية من الروائي طارق إمام بعد أن فاز بها بأربع وعشرين ساعة، فقط، لأن شروط لائحة التقدم للجائزة تنص بأنه لا يجوز منحها لأي عمل فاز بجائزة سابقة علي جائزة الدولة التشجيعية، وقد اكتشف أحد الصحفيين –حسبما صرح أمين المجلس الأعلى للثقافة عماد أبوغازي وقتها- أثناء إعداده لملف صحفي عن الفائزين بجائزة الدولة التشجيعية، حيث وجد أن طارق إمام قد حصل علي المركز الثاني بجائزة ساويرس للآداب فرع الرواية عام 2008، كذلك اتهم أبو غازي لجنة الجائزة بالجهل قائلًا: للأسف أعضاء اللجنة التي تحتوي علي عدد من النقاد والأدباء لم يكونوا علي علم جيد بحركة الجوائز الأدبية في الفترة السابقة. وأشار أيضا أن هذه ليست المرة الأولي التي يحدث فيها مثل هذه الخطأ، حيث حدث من قبل أن تم ترشيح أحد المترجمين للجائزة، لكنها حجبت قبل إعلانها، وكانت الجائزة تمنح لترجمة عن لغة أسيوية أصلية، وقام أحد الأعضاء أثناء جلسة التصويت بالتشكيك في أحقية فوزه بالجائزة لأنه وجد من خلال بعض الإشارات داخل الرواية المترجمة تشير إلي أنها مترجمة عن لغة وسيطة، وبالفعل تم حجب الجائزة لكنهم اكتشفوا بعد ذلك أن الرواية مترجمة عن اللغة الصينية وليس عن لغة وسيطة وحتى الآن يبحث المستشار القانوني للمجلس إمكانية منح المترجمة الجائزة! كما أكد الروائي فؤاد قنديل أحد أعضاء اللجنة التحكيمية للجائزة، أنه سبق وأشار علي اللجنة عند بدأ جلساتهم التحكيمية أن رواية "هدوء القتلة" لطارق إمام قد حصلت علي مركز في جائزة ساويرس للآداب، " لكن معظم الأعضاء الزملاء أكدوا أن رواية أخرى هي من فازت بالعمل وليس هدوء القتلة، فأذعنت لرأيهم اعتقادًا مني بأن الأمر قد اختلط عليّ، ومن ثم يمكن أن يكونوا متذكرين أكثر مني". وفي استمرار لمسلسل الحجر على حرية التعبير، طالب مجموعة من المحامين لقبوا أنفسهم ب"محامون بلا قيود" النائب العام بمصادرة الطبعة التي أصدرتها الهيئة العامة لقصور الثقافة من كتاب "ألف ليلة وليلة"، واتهموه بأنه يحمل كمًا هائلًا من العبارات الجنسية الخادشة للحياء، وأن به دعوة سافرة للفجور والفسق وإشاعة الفاحشة وازدراء الأديان، ورغم تلك الضجة التي صاحبت البلاغ فإن هيئة قصور الثقافة قامت بتقديم طبعة ثانية من الكتاب مصحوبة بحكم محكمة شمال القاهرة الصادر في 13 يناير من العام 1986، ببراءة مؤلف "ألف ليلة وليلة" من تهمة خدش الحياء، وبراءة موزع الكتاب من تهمة اتجار وتوزيع مطبوعات منافية للآداب، وبعدها أمر النائب العام بحفظ البلاغ لعدم توافر أركان جرائم استغلال الدين في الترويج للأفكار المتطرفة وازدراء الأديان السماوية وإثارة الفتن. هذا وقد قام وزير التربية والتعليم بحذف رواية "الأيام" لعميد الأدب العربي طه حسين، والتي تسرد جزء من سيرته الذاتية، وكانت مقررة دراسيًا على طلاب الثانوية العامة لسنوات عديدة، إلا أن الوزير "أحمد زكي بدر" قرر حذفها من مناهج التعليم الثانوي لاعتراض بعض شيوخ الأزهر عليها، بحجة أن طه حسين "يتهكّم" على شيوخ الأزهر فيها. ثم يأتي الحادث الجلل الذي هز الوسط الثقافي المصري في العام المنصرم، وهو سرقة لوحة "زهرة الخشخاش" للفنان العالمي فان جوخ للمرة الثالثة، التي سبق أن سرقت قبل ذلك مرتين في أعوام 1978، 1987، وأعيدت خلالهما أيضًا بطرق غامضة، مما دعا البعض للقول بأن اللوحة التي كانت موجودة مزيفة وأن الحقيقية قد بيعت منذ زمن في الخارج، وهذا ما أكده بالفعل الكاتب يوسف إدريس في مقال له بجريدة الأهرام عام 1988،لكن يبدو أن أحد اللصوص لم يصدق ما قاله إدريس، فقام بسرقة اللوحة للمرة الثالثة ليثبت أنها لوحة أصلية وليست مزيفة، لكنها محاولة من جانب السارق أوقعت الحكومة المصرية الحالية في حرج أكبر بعد الارتباك والتضارب الذي ظهر عليه مسئولوها في شأن حقيقة السرقة وموقف اللوحة المسروقة، حيث سارع -في البدء- مسئولون بوزارة الثقافة إلى "الإدعاء" بأنه تم استعادة اللوحة بعد العثور عليها مع شاب وفتاة إيطاليين، إلا أن الوزير فاروق حسني، نفى تلك الإدعاءات، وأكد استمرار البحث عن اللوحة المسروقة. ثم ظهر الوزير بعد ذلك ليكشف في محادثة تليفزيونية لبرنامج القاهرة اليوم إنه اكتشف أن أفراد الأمن بالمتحف جميعهم قد تركوا مكانهم وذهبوا لأداء صلاة الظهر، ثم كشف التحقيق الأولي للنيابة عن قصور شديد في الأمن حيث كانت 36 من بين 43 كاميرا للمراقبة في المتحف معطلة. وأحيل محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية السابق، الذي عدّ اللوحة "زبالة" لا قيمة لها مقارنةً بلوحات فان غوغ الأخرى، إلى التحقيق بتهمة الإهمالب، وتم حبسه ثم الحكم عليه بثلاث سنوات مع إيقاف التنفيذ هو وأربعة آخرين -هم مدير الإدارة الهندسية في المتحف محمود بسيوني ومدير عام الأمن في قطاع الفن التشكيلي صبحي إبراهيم ومدير أمن المتحف عادل محمد إبراهيم ومديرة المتحف ريم أحمد ونائبتها ماريا القس بيشاي. ولم تكد تمر ساعات على سرقة زهرة الخشخاش حتى يقع حادث آخر يمثل صدمة كبيرة لا تقل أهمية عن صدمة سرقة اللوحة حيث تحطم تمثال "كيوبيد" الموجود بحديقة المتحف وهو التمثال الذي يقدره بعض الخبراء بقيم مالية كبيرة، لأنه لا يوجد منه غير نسختين فقط واحدة بمتحف لندن والأخرى التي تهدمت بمتحف محمود سعيد. وانتهى هذا العام كسابقه، حاصدًا العديد من المبدعين أدباء ومفكرين، الذين أثروا المكتبة العالمية بأدب رفيع وكتب فكرية في غاية الأهمية وهم حسب الترتيب الأبجدي: الروائي إدريس علي، المفكر الإسلامي عبد الصبور شاهين، الناقد فاروق عبد القادر، الروائي محمد عبد السلام العمري، الشاعر محمد عفيفي مطر، الفنان محي الدين اللباد، المفكر نصر حامد أبوزيد.