د. أحمد عاطف دره التمسك بأى شيء يشبه حبس أنفاسك. مما يجعلك تختنق. أما الطريقة الوحيدة للحصول على أى شيء فى الكون المادى فهو التخلى عنه. اتركها وستكون لك إلى الأبد. هكذا يقول ديباك شوبرا، الطبيب الهندى الشهير الذى تحول إلى مبشر من أجل الصحوة الروحية وخبير فى مجال علاج العقل والجسم ومتحدث عالمى ومؤلف فى موضوع الطب البديل.
وعلى الرغم من أن جذوره الفلسفية مرتبطة بحركة الفكر الجديد، بما فى ذلك المجموعة النموذجية من صفاته مثل التفكير الإيجابى وقانون الجذب، يشير شوبرا بلا كلل إلى التأمل كوسيلة للوصول إلى النتيجة الواضحة وهي: الوعى كأساس تجربتنا للواقع. ومثل واين داير، يغذى شوبرا بلطف جمهوره الغربى بالتأمل كأداة لاكتشاف الوحدانية أو الطبيعة العالمية غير الشخصية للوعي.
وقد ولد شوبرا فى نيودلهى عام 1947. ثم قرر ابن طبيب القلب البارز فى بداياته ممارسة العمل الصحفي. لكن سرعان ما أصبح مفتونًا بموضوع الطب والتحق بمعهد All India للعلوم الطبية في مدينته الأم. وبعد أن خاب أمله من الطب الغربي، تحول شوبرا إلى الطب البديل. قرأ شوبرا كتابًا عن الطب التجاوزى غير حياته، وفى النهاية غير مساره المهني. تعمق اهتمامه بالطب البديل بعد اجتماع مع علامة التأمل التجاوزي مهاريشي ما هيش يوجى وشاركه فيما بعد. ثم استقال من كل أعماله فى الهند وانفصل عن مهاريشي. وبحلول أوائل التسعينيات انتقل إلى كاليفورنيا، حيث أصبح المدير التنفيذى لمعهد شارب للإمكانات البشرية والعقل / طب الجسم.. وفى عام 1995، أنشأ مركز شوبرا للرفاهية. بحلول هذا الوقت، كان شوبرا قد حقق نجاحًا دوليًا. من خلال كتابه الأول، شفاء الكم: استكشاف حدود العقل / طب الجسم، الذى نُشر فى عام 1989 وحقق مبيعات كبيرة. ولكن إصداره عام 1993 Ageless Body ، Timeless Mind، هو الذى وضع شوبرا فى مرتبة المشاهير، حيث باع أكثر من مليون نسخة مطبوعة فضلا عن مئات الآلاف من النسخ الالكترونية. وفى الوقت الذى بدأت فيه صناعة المساعدة الذاتية فى الظهور، أصبح شوبرا أحد وجوهها الرائدة. وأصبحت رسالته الأساسية تتمحور حول فكرة أن الاعتماد على عالم مادى يعقد إيجاد السلام والسعادة. ولشوبرا تقنياته في التأمل.. ولا يتعلق الأمر فى طريقته بالجلوس فى وضع اللوتس مع إغماض العين وعدم التفكير فى شىء. لكنه يركز على التنفس العميق وعلى العين الثالثة، وهى تلك المسافة بين الحاجبين. وبعض تقنياته تركز على مركز القلب وبعضها يسترشد بصوت تستمع إليه.
وهناك تقنيات تستخدم فيها مانترا ترددها كوسيلة لهدوء العقل. فى اللغة السنسكريتية ، كلمة مانترا هى المكان الذى تستمد منه كلمتين فى اللغة الإنجليزية: عقل بشرى وعربة نقل. لذا فإن المانترا أو السكون هى مركبات العقل التى تساعد على انتقال العقل من حالة التفكير النشط إلى حالات أكثر هدوءًا. والتكرار اللطيف لهذا الصوت له تأثير مهدئ للغاية على العقل. وتُعرف بعض هذه الأساليب بالتأمل التجاوزي وتقنية الصوت البدائية.
يشرح ديباك شوبرا بالتفصيل كيفية استخدام المانترا للتأمل. ويقول انه يمكنك تعلم كيفية التأمل باستخدام النقر مثلا. فى التأمل، تمر بحالة من الوعى المريح حيث يستريح جسدك بعمق بينما يكون عقلك مستيقظًا على الرغم من الهدوء. وقد تزايد الاهتمام العالمى بالتأمل مع تزايد الوعى بفوائده العديدة، بما فى ذلك خفض ضغط الدم وعلاج أمراض القلب والقلق والاكتئاب والأرق والسلوكيات التى تسبب الإدمان. واكتشف العلماء مؤخرًا أن التأمل لا يساعد الناس على الشعور بالهدوء والتوازن فحسب، بل إنه يغير الدماغ أيضًا ويقوى المناطق المرتبطة بالذاكرة والتعلم والوعى الذاتى والرحمة وتنظيم الإجهاد.
ويعد تراجع إغواء الروح فرصة للانغماس الممتد فى التأمل، وممارسة، اليوجا، التى ستأخذك إلى مستويات أعمق من السكون والوعى والاتصال الداخلي. وبالممارسة ستكتشف المزيد من الوضوح والفرح حيث يتم تنظيف وفتح نوافذ الإدراك من خلال ممارسة التأمل واليوجا والأدوات الأخرى لزيادة الوعى بما يمكنك يوما بعد آخر من استكشاف القوانين الروحية الأكثر عمقا..
ومن المواضيع المهمة لشوبرا موضوع مسمى إلهام حياتك، ويقول فى ذلك: خذ الأمور ببساطة، هذا هو المبدأ الأساسى للتأمل والحياة. عندما تراقب الطبيعة وهى تعمل، ستلاحظ أنها تتبع قانون الجهد الأقل. العشب لا يحاول النمو. إنها تنمو فقط. الطيور لا تحاول الطيران. هم فقط يطيرون. الزهور لا تحاول أن تتفتح. هم فقط يزهرون. نحن جزء من ذكاء الطبيعة اللامتناهي، وعندما نتخلى عن الكفاح والدفع، سنتمكن بشكل طبيعى من تحقيق أحلامنا وأهدافنا.