« أفلام الكريسماس» أحد المصطلحات التسويقية التى ابتدعتها السينما الأمريكية، وانتقلت منها إلى العالم. ويشير المصطلح إلى فئة الأفلام التى تتناول حبكتها فترة عيد الميلاد وبدايات العام الجديد، وتعرض فى الوقت نفسه زمنيا من كل عام . أما حبكتها، وإن تخللها شيء من تصاعد التوتر فى الأحداث، فإنه يحقق لها الانفراج ولو بعد حين لمصلحة أبطال العمل. ويأتى ذلك فى رسالة واضحة بتجدد فرص الحياة، وأن الأمل قائم دوما. ومن أشهر ما بات يعرف بكلاسيكيات «أفلام الكريسماس»، فيلم It is a Wonderful Life أو «إنها حقا حياة رائعة» و Bridget Jones Diary أو «يوميات بردجيت جونز». فهذه الأعمال باتت هدفا سنويا لمشاهدى «كلاسيكيات الكريسماس»، ولا يمل محبوها من البحث فى كواليسها التاريخية. فإذا ما ذكر «إنها حقا حياة رائعة» (1946)، يذكر المشهد الاستثنائى للنجم الكبير جيمس ستيوارت، بينما كان يؤدى شخصية جورج بايلى، ويناجى ربه متأثرا ومتسائلا إن كان « حقا يسمعه؟». سبق أن وصفت النجمة كارول بيرنت هذا المشهد، بأنه: «أحد أفضل مقاطع التمثيل على الشاشة فى المطلق». ولبراعة ستيوارت فى هذا المشهد سبب يتجاوز تفوق مهارته التمثيلية. فوفقا إلى تقرير نشره موقع «سى. إن.إن» الإخبارى الأمريكى، أن ستيوارت (1908-1997) كان عائدا لتوه من موقعه كقائد طيران فى معارك الحرب العالمية الثانية. ولذلك، أبدع ستيوارت فى أداء شخصية بايلى العاجز عن تطوير حياته أو إنقاذ أعمال والده الراحل، حتى إنه يصل إلى اعتقاد بأن رحيله عن الدنيا قد يكون أكثر فائدة. والعجيب أن الفيلم لم يكن يقصد له أن يصبح من فئة «أفلام الكريسماس»، كما أنه لم يحقق مكاسب كبرى عند عرضه قبل 70 عاما. فهو يستعرض مرحلة ما بعد الكساد العظيم والحرب العالمية الثانية، فما كان أحد يتوقع له أن يصبح مرادفا للأعياد. ولكنها شبكات التليفزيون التى أوجدت له لاحقا ذلك المجد. حسب روبرت ماتزين، كاتب السيرة الذاتية لستيوارت، فإن الفيلم جاء للنجم الأمريكى بعد خمسة أعوام كاملة من غيابه عن هوليوود، وقد تردد فى قبوله، ولكنه كان العرض الوحيد إلى جانب عمل يتناول تجربته العسكرية. ويحكى ماتزين فى تقرير «سى. إن.إن» أن بكاء شخصية بايلى خلال مشهد مناجاة ربه، لم يكن منصوصا عليه فى سيناريو الفيلم، ولكنه لمسة ستيوارت، التى جعلت المشهد يتم اعتماده من مرة تصوير واحدة، دون إعادة. وفى مقابلة تليفزيونية عام 1982، قال ستيوارت حول هذا المشهد: « شعرت بحالة الوحدة و غياب الأمل بالنسبة لهؤلاء الذين لا يملكون أحدًا يتوجهون إليه، فترقرقت عيناى بالدموع» تكليف ستيوارت بالعمل العسكرى جاءه بعد فيلمه الأيقونى «قصة فيلادلفيا» وذلك عام 1941، وتم إرساله لاحقا للخدمة فى إنجلترا وقد سقط بعض زملائه أمام عينيه. ومثل تحفة ستيوارت، فإن شخصية «بريدجيت جونز» التى يمر هذا الشهر 25 عاما بالتمام على ظهورها ضمن العمود الصحفى للكاتبة البريطانية هيلين فيلدينج، ما كان مقدرًا لها أن تصبح بطلة لأفلام الكريسماس. ففيلدينج ما كانت تدرى أن شخصية «بريدجيت» الشابة البريطانية التى تخشى تقدمها فى العمر وزيادة وزنها دون تحقيق أحلامها فى الزواج أو التحقق المهنى، سوف تكون تجسيدا دراميا ناجحا لجيل الشباب بداية الألفية فى بريطانيا والعالم. تشير الصحفية ريبيكا نيكولسون فى تقرير نشرته صحيفة «ذا جارديان» البريطانية أن محطة « بى.بى.سى 2» تذيع هذه الأيام فيلما وثائقيا خاصا بمناسبة مرور ربع قرن على أول ظهور لشخصية «بريدجيت جونز». وأن الفيلم يكشف عن الكثير من نقاط التماس فى شخصية «بريدجيت» ومسيرة كاتبتها فيلدينج. فمثل «بريدجيت» فى أفلامها الثلاثة التى بدأ عرض الجزء الأول منها عام 2001، تحولت فيلدينج من العمل مراسلة لواحدة من المحطات التليفزيونية إلى العمل بالصحافة والكتابة، ولم تخف تفاصيل تجربتها الفاشلة الأولى فى كتابة الروايات. وتتحدث فيلدينج خلال الفيلم الوثائقى عن سر إضافى جعل «بريدجيت» بطباعها وأزماتها قريبة من الكثيرين، ويكمن فى أنها ابنة «الطبقة المتوسطة» التى تسعى بجهد جهيد إلى إثبات الذات. ومن أهم شهادات الفيلم، ما أوردته النجمة رينيه زيلويجر حول أن إبداع « بريدجيت» فى أنها شخصية ذات نواقص ما جعلها قريبة من الجميع.