حاولت قدر جهدي أن أجد في سطور البيان الذي أصدره البرلمان الأوروبي بشأن حقوق الإنسان في مصر أي مرتكز سياسي وقانوني يعكس الفهم والإدراك لحقيقة الأوضاع في مصر وحجم التحديات والمخاطر التي تواجهها الدولة المصرية فلم أجد في البيان سوى الرغبة في التشكيك مع عدم الإدراك بأن زمن الوصاية الأوروبية على شعوب المنطقة قد ذهب وولى إلى غير رجعة، وأن السيادة الوطنية والشئون الداخلية لأي شعب باتت تمثل خطًا أحمر لا يجوز تخطيه ولو بمجرد الكلام! إن ما صدر عن البرلمان الأوروبي ليس فقط خطأ جسيمًا في الحساب السياسي والإستراتيجي مع دولة ترتبط بشراكة إستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي، وإنما هو خطأ في التاريخ وخطأ في الجغرافيا؛ حيث يجمعنا مع أوروبا تاريخ مشترك ممتد ومتصل عبر مياه البحر الأبيض المتوسط الذي كان ومازال وسيظل عنوانًا للتواصل الجغرافي والتفاعل الثقافي.
إن هذا ليس بيانًا برلمانيًا، وإنما هو أشبه بعريضة اتهام لا تخدم للأسف الشديد سوى تيارات التطرف والإرهاب التى يتعالى صراخ الأوروبيين فيها ولا يستنجدون بأحد لحمايتهم من هذا الخطر اللعين سوى بالخبرة المصرية التي يعترفون بأنها كان لها الدور الأكبر في تأمين أوروبا ولو نسبيًا من لعنة الإرهاب الأسود!
لقد غاب عن أعضاء البرلمان الأوروبي أن الدنيا قد تغيرت وأن متطلبات توحيد الجهد الدولي المشترك لمحاربة الإرهاب تستوجب أن تنتهي تلك السياسات القائمة على الاستعلاء وتوهم القدرة على فرض المشيئة على الآخرين، خصوصًا أننا وبشهادتهم؛ مثل غيرهم من شعوب الدنيا فعلنا كل ما نقدر عليه ليس فقط لحماية أنفسنا من لعنة الإرهاب الأسود، وإنما أيضًا لحمايتهم وتأمين حدودهم وتأكيد الوجود المصري الفاعل في الجهد الدولي المشترك لمحاربة الإرهاب.
إن الناس في مصر سئموا من هذا النفاق السياسي المفضوح الذي بات يشكل علينا عبئًا مرهقًا معنويًا وماديًا، وكان على أعضاء البرلمان الأوروبي أن يدركوا أن أهل مصر من حقهم أن يعيشوا مثل أهل أوروبا في أمان ودون خوف أو هلع من أن يستيقظوا في الليل على هدير الرصاص وانفجارات القنابل لتتناثر جثث الضحايا وتتعالى آهات الجرحى، بينما هناك من يزايد عليهم بشماعة حقوق الإنسان!
بصراحة زهقنا وقرفنا من هذا النفاق السياسي يا أهل أوروبا!