حدث فى الأسابيع الأخيرة ما كان متوقعا أن يحدث حسبما عودتنا التجارب السابقة فى مساحات المد والجزر التى تحكم العلاقات العربية العربية وعادت مجددا أحاديث المصالحة الخليجية لتفرض نفسها على الشارع الخليجى عشية الذهاب إلى اجتماعات القمة رقم 41 لقادة دول مجلس التعاون الخليجى ولكن يظل السؤال الحائر هو: على أى أساس ستتم المصالحة وهل زالت بالفعل أسباب الخصام والقطيعة ومن ثم باتت الأجواء السياسية والإعلامية مهيأة لمثل هذه الخطوة التى لا تهم دول الخليج فقط وإنما تهم الأمة العربية بأكملها؟ إن هذا السؤال فى اعتقادى يمثل أفضل مقدمة صريحة ومختصرة للتعاطى مع مثل هذا الحدث الهام المرتقب – لو صحت تلك التقارير المتفائلة بشأنه وأظن وفق مؤشرات عديدة أنها تقارير صحيحة – لأن الإجابة على السؤال دون لف أو دوران هى المطلوب وهى المبتغى لإزالة كل العقبات والعراقيل والألغام والفخاخ المنصوبة حتى لا تكون المصالحة مجرد عناق وقبلات وتبويس للحى ومن ثم تظل الجروح غائرة وقابلة للطفح والتورم من جديد! أتحدث عن الحاجة إلى إجابة صريحة وموضوعية ومحددة على السؤال المطروح الذى لا يمكن الاكتفاء بالإجابة عليه بأشعار بليغة وخطب حماسية وإنما إجابته تستلزم وضع النقاط على الحروف لكى تنجلى الحقيقة مجردة من أى تزويق يحمل الشكل الظاهرى ويترك المضمون على نفس الحال الذى كانت عليه الأمور سابقا وأدت إلى قرارات المقاطعة مع قطر. وفى ظنى أن أول خطوة لضمان الذهاب إلى مصالحة حقيقية تعيد روح التعاون إلى مجلس التعاون الخليجى أن تظهر إشارات واضحة - خصوصا من جانب الدوحة وأذرعها الإعلامية - تؤكد أن من أخطأ قد إتعظ وذلك يكفى لفتح صفحة جديدة لا تتطلب اعتذار من أحد وإنما فقط تتطلب إظهارا للفهم وإدراكا للحقيقة! إن فتح صفحة جديدة للمصالحة الخليجية ينبغى أن يكون نابعا من إرادة عربية خليجية محضة بعيدا عن أية وساطات أو تدخلات دولية أو إقليمية لا تخفى أطرافها عدم ارتياحها لميثاق التعاون الخليجى ولكافة أشكال التعاون العربى تحت رايات جامعة الدول العربية خصوصا من جانب تلك القوى الإقليمية المحاذية للجوار العربى والتى أيضا فى القلب منه لأن جزءا كبيرا من أسباب الأزمة الخليجية كان من صنع وتدبير ودسائس بعض أو كل هذه القوى الإقليمية وإن اختلفت آليات التفكير ووسائل التدبير من كل دولة إقليمية على حدة ولكن لا يمكن لأحد أن يجادل فى أن القاسم المشترك – بغير اتفاق – بين تركيا وإيران وإسرائيل - كان ومازال وسيظل - هو الحيلولة دون صفاء الأجواء العربية عامة والأجواء داخل منطقة الخليج بصفة خاصة. وما بين الآمال والمخاوف يترقب العرب جهود المصالحة التى طال شوق الخليجيين لها! خير الكلام: سامح صديقك إن زلت به قدم.. فلا يسلم إنسان من الزلل!