عبدالله عبدالسلام يتهم الغرب العرب دائما بالعيش فى جلباب نظرية المؤامرة. العالم يتآمر عليهم ويسلبهم حقوقهم ويسخر منهم لدرجة أن هناك من يتندر بأن أى خلاف أسرى يرجعه العرب لمؤامرة غربية. الآن، كورونا جعل الجميع فى الهم شرق. الإيمان بنظرية المؤامرة يلف الأرض. الغرب، الذى يدعى العقلانية والتنوير، أصبح مرتعا لحركات مناهضة غير مقتنعة بأن هناك كورونا من الأساس، لنصل حاليا إلى التشكيك والرفض لكل اللقاحات. الأمر ليس مقتصرا على اليمين المتطرف بل اليسار أيضا. مواقع التواصل تبث سيلا من المعلومات المضللة. أحدث الاستطلاعات، أشارت إلى أن ثلث البالغين البريطانيين يتلقون معلومات تحذر من اللقاحات وتدعو لعدم تناولها. ترهات وأكاذيب على شاكلة: اللقاحات تحتوى على مواد سامة. الحكومات أخفت علاجات كثيرة لكورونا لتجنى أرباحا ضخمة مع الشركات المنتجة للقاحات. الناس ستصاب بالعقم. ترامب نفسه وصفها بأنها انتصار، لكنه قال قبل ذلك إنها تسبب مرض التوحد. بيل جيتس سيستخدم اللقاح لزرع رقائق دقيقة فى البشر لتحويلهم إلى حيوانات تجارب. بعض المتدينين قالوا: لا نحتاج لقاحات لأن الله خلقنا على أكمل صورة. المحافطون اتهموا الحكومات بممارسة الطغيان لأنها تصر على تناول اللقاحات. معتنقو نظرية المؤامرة قلة، لكن عددهم فى تزايد وتأثيرهم على الآخرين يتصاعد بشدة. أصل الداء انعدام الثقة. بشر كثيرون فقدوا الثقة بالحكومات. ليس هناك نقص فى الحقائق بل تخمة، لكن الناس خاصة الشباب، من فرط المشاكل التى تعانيها، تميل إلى تصديق معلومات خاطئة وغير عقلانية بل وتروج لها. الثقة التى تجعل المواطنين يشاركون فى العمل العام، بأضعف حالاتها. للأسف، وقعت اللقاحات، وهى من أعظم الاكتشافات العلمية على مدى القرنين الماضيين، ضحية للمؤامرة وقلة الثقة بالسياسيين. ليس معنى ذلك أن يتراجع البحث العلمى بل على الحكومات بذل أقصى الجهود لاستعادة ما فقدته وتبديد شعور البسطاء بأن السياسة قرينة الكذب والمبالغة وعدم الانجاز. النهضة تقوم على الثقة، بل إن الحضارة تبنيها الثقة بين الحكام والمحكومين. إذا حضرت الثقة يصبح كل شىء ممكنا، وإذا غابت لا شىء ممكن.