د. عمرو عبدالسميع يكتب: حالة حوار على أننى لم أك يوما محبا أو حتى متعاطفا مع ما يقوله هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، (مع إقرارى بالطبع بوزنه وأهميته وموهبته) فإن ما كتبه مؤخرا في وول ستريت جورنال يستحق كل اهتمام وتركيز، فهو يرى (أن العالم سيتغير بلا رجعة بسبب كورونا) و(أن انهيار الدول ناتج من غياب قدرتها على توقع الأزمات ووضع التصورات والحلول لها)، كما أكد الحاجة الآن (لإطلاق مشروع الانتقال إلى نظام ما بعد الفيروس التاجى) وقال: (من الخطأ تعامل الدول مع أزمة كورونا باعتبارها شأنا داخليا وطنيا.. فالكارثة عالمية التأثير)، وأن (على أمريكا التحرك لدعم جهود إنتاج اللقاح وتضميد جراح الاقتصاد وحماية النظام العالمى الليبرالى).. وأهمية رؤية هنرى كيسنجر أنها لم تغرقنا في مستنقع تنظيرات العلاقات الدولية أو الصراع الاستراتيجى مع الصين الشعبية، رغم أن كيسنجر هو أفضل من يقدم رؤى مبتكرة وخلاقة في هذا الإطار ولكنه كان واقعيا فعلا، حين اقتصر على (حماية النظام الليبرالى العالمى) ففى هذه العبارة اعتراف ينحنى أمام منطق أن هناك أزمة فعلا في النظام الليبرالي العالمي، ورؤية كيسنجر تحاول علاج الموقف وحماية ذلك النظام الذي يبدو أنه يتراجع أمام تقدم العملاق الصينى، كما أن كيسنجر أشاد بوضوح إلى أن انهيار الدول ناتج من غياب قدرتها على توقع الأزمات ووضع التصورات والحلول لها، يعنى اتهم بعض النظم الوطنية بتقصير وقصور واضحين، الموضوع ليس انحيازا أبله إلى شكل من النظم على طريقة (أهلاوى وزملكاوي) ولكنه إقرار بالواقع الذي ربما تغير أو هو بصدد التغير عن ذلك الشكل الذي نعرفه عن الدنيا، والذي سيسمح بتأسيس عالم جديد على أسس مختلفة، ولا معنى بعد ذلك أن ينحاز بعض المستثقفين والمتسيسين المصريين إلى شكل النظام الدولي الذي كان سائدا، فهذا أشبه بتشجيع فريق من عصر بائد يلعب الكرة (بطوبة) في أحد المعابد القديمة فيما نعيش زمن ما بعد الكورونا وربما ما بعد بعدها.