نودع رمضان بحزن على فراقه وفرحة لاستقبال العيد.. ففي آخر أيام رمضان فرض زكاة رمضان الذي أوصانا بها رسول الله وما قاله الرسول عن جزاء من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا من العتق من النار والعفو والمغفرة من الله.. فكتب عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة - صدقة الفطر - فإنّ صدقة الفطر طهرة للصائم من اللّغو والرفث، والاستغفار يرقع ما تخرق من الصيام باللّغو والرفث، ولهذا قال بعض المتقدمين: "إن صدقة الفطر للصائم كسجدتي السهو للصلاة ". وقال عمر بن عبدالعزيز في كتابه: "قولوا كما قال أبوكم آدم {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23]. وقولوا كما قال نوح عليه السلام {وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ} [هود :47]، وقولوا كما قال إبراهيم عليه السلام {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء:82]، وقولو كما قال موسى عليه السلام {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [القصص: 16]، وقولوا كما قال ذو النون عليه السلام {لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء : 87] ". (اللطائف 387). نودع رمضان بأجوائِه الرُّوحيَّة وتنوُّع عباداته التي أسعدتْنا، وأسعدتْ كلَّ مسلِم وشرحتْ صدورنا؛ فكانت دورة تدريبيَّة لكلِّ مسلم القصدُ منها إعدادُ النفس والجسد للعمل الصالح المستمر؛ إذ هي وسيلةُ إصلاح وتهذيب، فعلينا أن نستفيدَ مِن دروس شهر رمضان، وأن نضع نُصبَ أعيننا عظاتها وخبراتها التجريبيَّة. فعَلى العبد أن يلازمَ طاعة الله، ويعوِّد نفْسه على فِعل الخير، فإنَّ الله تعالى مطَّلع على السرائر علاَّم الغيوب. واستقامة المسلِم بعدَ رمضان وصلاح أقواله وأفعاله دليلٌ على استفادته مِن رمضان ورغبته في الطاعة، وهذا عنوان القَبول وعلامة الفَلاح. والأهم مِن ذلك هو أن يتقبَّل الله منَّا صيامنا وسائِر أعمالنا في شهر رمضان المبارَك، وورد عن السَّلف أنَّهم كانوا يدْعون الله تعالى ستةَ أشهر أن يبلِّغهم رمضان، فإذا جاء رمضان وصاموه دعوا الله تعالى ستةَ أشهر الأخرى أن يتقبَّل صيامَهم. وأُثر عن علي - رضي الله عنه - أنَّه قال: "كونوا لقَبول العمل أشدَّ اهتمامًا منكم بالعمل؛ ألم تسمعوا الله - عزَّ وجلَّ - يقول: ﴿إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: 27]". المصدر: طريق الإسلام - شبكة الألوكة .