استطاع معرض الكتاب، على مدار نصف، أن يفرض نفسه كواحد من أبرز الأحداث الثقافية في الشرق الوسط والعالم، لكن دورته هذا العام، لا تستمد أهميتها فقط، من بلوغه خمسين عامًا، وإنما لمواكبتها كثيرًا من التغيرات الجوهرية، أبرزها انتقال مقر انعقاده من أرض المعارض بمدينة نصر، إلي التجمع الخامس، حيث سيحتفل بيوبيله الذهبي. انطلقت الدورة الأولى لمعرض الكتاب في القاهرة، عام 1969 بقرار من وزير الثقافة أنذاك ثروت عكاشة، الذي عهد تنظيمه إلى الكاتبة سهير القلماوي، رئيس المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، والتي تغير اسمها فيما بعد إل الهيئة المصرية العامة للكتاب، انبثقت فكرة معرض الكتاب، كأحد التظاهرات الثقافية للاحتفال ببلوغ مدينة القاهرة عامها الألف، وكان يهدف إنشاءه إلى إبراز الأدب المصري وإنعاش أسواق الكتب. عُقدت الدورة الأولى بأرض المعارض بالجزيرة (المكان الحالي لدار الأوبرا المصرية)، بمشاركة 5 دول أجنبية وحوالي 100 ناشر علي مساحة 2000، و قام الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر بافتتاح الدورة الأولى للمعرض، ليصبح الحدث الثقافي الأهم والأقدم عربيا. ملتقى ثقافي واكتفى المعرض خلال دوراته التسع الأولى، بأن يكون منفذًا لبيع الكتب، ليتحول بعد ذلك في العام عام 1978، لملتقى أدبي حيث عقدت في دورة تلك العام، حلقات دراسية على هامش المعرض وتميزت بنقاشات موضوعية وعميقة تخص موضوعات الأطفال والأهالي، بتنظيم من مركز تنمية الكتاب بالهيئة العامة للكتاب بمساعدة اليونسكو، وفي عام 1982 بدأت الملتقيات الثقافية بشكل رسمي للمرة الأولي، وواصل المعرض انعقاده بشكل دوري في مقره بأرض معارض الجزيرة حتي تم نقله إلى أرض المعارض بمدينة نصر. وزير الثقافة محمد عبدالحميد رضوان فى احدى الحفلات رحلة إلى مدينة نصر في عام 1971 تعرضت دار الأوبرا الخديوية، بمقرها بحي الأزبكية إلى حريق كبير أدى لتدميرها بالكامل بعد أن بلغ عمرها 102 عاماً، وتقرر فيما بعد بناءها من جديد لكن في مكان آخر، وعليه تم نقلها إلي مقر أرض المعارض بالجزيرة، لذلك انتقلت أرض المعارض لمقرها في مدينة نصر، عام 1980، ونقل إليها معرض الكتاب، لتنعقد أولى دوراته في المقر الجديد عام 1983، وهي الدورة التي حملت رقم ال16، ليظل ينعقد دوريا هناك على مدار 35 عامًا، حتى الدورة الماضية، عام 2018. وخلال تلك الأعوام، أصبح معرض الكتاب حدثاً بارزاً في الوسط الثقافي العربي، يستوعب الكثير من الندوات والملتقيات بين الكتاب والشعراء ومتابعيهم وغيرها. محمد حسنى مبارك فى معرض القاهرة الدولى للكتاب مشاركة إسرائيل لكن هناك أحداثا بعينها ظلت محفورة في مسيرة المعرض منها الدورة التي شاركت فيها دولة اسرائيل بعد اتفاقية السلام بأمر من الرئيس الأسبق أنور السادات، عام 1981 لكنها لاقت اعتراضات ضخمة ومظاهرات اجتاحت الجناح الإسرائيلي بالرغم من حمايته من قوات الأمن، وكانت مشاركة فاشلة، تكررت بعدها بأربعة أعوام، في العام 1985، عبر جناح أصغر في سرايا العرض فقط، ولكنها منعت تمامًا من المشاركة في عام 1987. وزاد نشاط الندوات والأنشطة الثقافية والمعارض الفنية بدءا من عام 1986 علي إثر مشاركة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك في المعرض للمرة الأولي، وعقده لقاءا مع المثقفين استمر لمدة ساعتين، وواظب بعدها علي المشاركة في معرض الكتاب وافتتاحه بشكل دوري. مبارك يفتتح معرض القاهرة الدولى للكتاب مناظرة الاغتيالات وفي عام 1992 عُقدت أشهر المناظرات في تاريخ المعرض حيث ترتب عليها عملتي اغتيال وقعتا بالفعل، حيث أعلنت الهيئة المصرية العامة للكتاب في الأول من يونيو عام 1992 أن هذا العام سيشهد مناظرات حول موضوعات شائكة في معرض الكتاب، تحت عنوان مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية، وكان أطراف المناظرة الشيخ محمد الغزالي، والمستشار محمد مأمون الهضيبي، والدكتور محمد عمارة، وفي مواجهتهم فرج فودة، رئيس حزب المستقبل آنذاك، والدكتور محمد أحمد خلف الله، العضو البارز بحزب التجمع وانتهت المناظرة التي أدارها سمير سرحان، وحضرها ما يقرب من 30 ألف شخص بتفوق فرج فوده علي الغزالي بشكل واضح، ويقال أن يومها تقرر اغتيال كل من فرج فودة الذي توفي بالفعل والأديب نجيب محفوظ. وشهد المعرض كذلك عدد من الأزمات في دوراته مثل الاحتجاجات الشديدة من قبل الجماعات المتشددة عام 2000 علي بعض المنشورات والكتب الصادرة عن دور نشر حكومية وخاصة والتي تحولت إلى تظاهرات نادرة الحدوث وقتها كما تعرض بعض الناشرين وباعة الكتب إلي التضييق على كتبهم ومنع بعضها من قبل الدولة عام 2005. أول ضيف شرف.. وتصنيف عالمي وبدءا من العام 2006 بدأت إدارة المعرض باختيار دولة لتكون ضيف شرف المعرض وكانت الدولة الأولي هي ألمانيا وبدأت للمرة الأولي كذلك فعاليات الدائرة المستديرة، وتم تصنيف معرض القاهرة الدولي للكتاب ثاني المعارض الأهم علي مستوي العالم بعد معرض فرانكفورت. رواد معرض الكتاب معرض الخيام وفي عام 2010 اتخذ الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك قرارا بهدم الجميع مباني أرض المعارض الكتاب تمهيدا لبيع الأرض إلى جهات استثمارية، ومن ذلك الحين وصالات عرض الكتب عبارة عن خيم و قاعات عرض مكشوف. وطوال سنوات المعرض لم يتوقف أو يتم تأجيل أي من دورات المعرض، سوى في دورة واحدة فقط عام 2011، بسبب قيام ثورة 25 يناير، التي اندلعت في ال25 من يناير واستمرت حتي 11 فبراير، وعادت الدورات في الانتظام، بدءًا من العام التالي. محمد حسنى مبارك أثناء زيارته لمعرض القاهرة الدولى للكتاب رقم قياسي وفي دورته الماضية، الدورة ال49، وصل عدد زوار المعرض إلى 4.5 مليون زائر، علي مساحة بلغت 100 فدان وهي المساحة الأكبر علي مستوي العالم لمعارض الكتب. يفتح المعرض أبوابه هذا العام للزوار في يوم 24 يناير، ومن المقرر أن يقوم الرئيس عبد الفتاح السيسي بافتتاحه يوم 22 يناير وتقوم وزيرة الثقافة كذلك بافتتاح معارضه و فعالياته في يوم23 يناير، وذلك في مقره الجديد بمركز المعارض بالتجمع الخامس، وقد تم اختيار شخصيتين للمعرض لهذا العام في يوبيله الذهبي وهما ثروت عكاشة وسهير القلماوي المؤسسان الأوائل لمعرض الكتاب. زحام أثناء افتتاح معرض القاهرة الدولى للكتاب